تصميم سيف الدين أحمد، المنصة، 2025
التيكتوكرز والقانون

الرقص على حافة القانون.. الدولة والتيكتوكرز وتطهير الهامش المتمرد

منشور الاثنين 18 أغسطس 2025

أثارت الحملة الأمنية على التيكتوكرز عاصفةً من ردود الفعل التي وَعَتْ في جزءٍ منها أن تزامنها مع التصديق على قانون الإيجار القديم وانتخابات مجلس الشيوخ ربما يكون محاولةً لخلق ترند يشتت الانتباه عمَّا سواه، لكنها تكشف أيضًا عن سياسة تتبعها الحكومة في التعامل مع المهمشين من النساء وأبناء الطبقات الدنيا ومع حضورهم في الفضاء الإلكتروني. 

بدأت الحملة بشائعةٍ أطلقتها تيكتوكر تطلق على نفسها اسم مروة بنت الرئيس مبارك عن تورط التيكتوكر "أم سجدة"، التي ذاع صيتها مؤخرًا، في جرائم تجارة الأعضاء، ونسجت الحكايات التي تربطها بالممثلة وفاء عامر. 

انتشرت الشائعة وصارت ترندًا، ليأتي إلقاء القبض على أم سجدة كأنه تحرك أمني من وزارة الداخلية للتحقق من الشائعة لقي بالطبع ترحيبًا من الجماهير العريضة.

لكن بعد القبض على سوزي الأردنية ومن بعدها شاكر محظور دلوقتي اتضح أن الحملة موجهةٌ ضد التيكتوكرز، وتدور في فلك التهمة الأم وهي "التعدي على قيم الأسرة المصرية" و"خدش الحياء"، وصولًا إلى تهم غسل الأموال بأرقام بدأت بـ 15 مليونًا وانتهت بـ300 مليون.

استمرت وزارة الداخلية في إصدار بياناتها، التي يبدو أنها لن تتوقف في الأمد القريب؛ كل يوم تيكتوكر جديد في قبضة الأمن بالتهم ذاتها. حتى بات "تطهير الفضاء الإلكتروني" هدفًا في حد ذاته، وارتفعت بعض الأصوات مطالبة بغلق التطبيق في مصر أسوة بدول سبقتها.

اللافت في الحملة كان طبقة المُستهدفين الذين جاء أغلبهم من الشرائح المهمشة ممن وجدوا في الإنترنت مساحةً للتعبير أولًا، ومصدرًا للدخل يحمل وعودًا بالترقي الطبقي في ظل واقعٍ اقتصادي خانق تتضاءل فيه الفرص، فتحولوا من بسطاء يظهرون أمام جدران مهترئة البياض، إلى "نجوم سيما" بملابس ماركات وخلفيات لمنازل نظيفة أو فنادق فاخرة. 

في هذا الملف تحاول المنصة قراءةَ الحملة الأمنية ضد التيكتوكرز ضمن السياق الأوسع، إذ بدت الحملة كأنها رغبة من الدولة في عرقلة محاولات نساء مهمشات القفز على أسباب فقرهن التي تتحمل الجزء الأكبر السياسات الاقتصادية التي زادت الفقراء فقرًا، وحرمتهم في الوقت نفسه من أدوات التمكين الاقتصادي بتقليصها الإنفاق على التعليم، وتجاهلها برامجَ تطوير المهارات لدى الشباب والشابات، ما يدفعهم للعمل ضمن ظروف غير آمنة تؤدي بهم إلى الموت كما في حادثة كفر السنابسة.

كما تمعن الدولة في إحكام قبضتها على المجال العام وتقليل مساحات التعبير عن الرأي عن طريق تفعيل قانون الجريمة الإلكترونية، الذي يتضمن مادةً تقطع الطريق أمام سيل الفيديوهات. فما لا يمكن منع الجمهور من الوصول إليه يمكن القبض على صانعه، لتبقى هي المانح لجوازات المرور لمن له الحق في الظهور في الفضاء الإلكتروني.

هذه القبضة الأمنية، التي صاحبها احتفاءٌ إعلاميٌّ من وسائل الأمنعلام لاقت فرحةً وتشجيعًا من جمهور مأزوم اقتصاديًا، لتتحول سهام الغضب المتراكم بسبب الفقر وارتفاع الأسعار من الحكومة إلى الناجين من براثن الفقر عبر لايفات التيك توك، كأنها لعبة صناعة أعداء داخليين تُلقى عليهم تبعات الواقع الضاغط.

صارت تهم مثل "إفساد الذوق العام" و"الانحطاط الأخلاقي" و"الإساءة لسمعة المرأة المصرية" تُعامل باعتبارها جرائم قانونية بفضل عبارات فضفاضة تمنح الدولة سلطة مطلقة، لتذوب الحدود بين نسبية الأخلاق، وعمومية وتجرّد القواعد القانونية التي تحدد لنا الجرائم وعقوباتها.

بهذا، تصبح معركة الدولة ضد التيكتوكرز مرآة لصراع أوسع مع الفقر والتعبير الحر. أما الخاسر الحقيقي فهو الهامش الذي يُطارد مرتين؛ مرة من سياسات السلطة، ومرة من قبضتها الأمنية.

من كفر السنابسة إلى تيك توك.. هيبة الدولة على أجساد الفقيرات

من الممكن دومًا تجنب المحتوى الذي لا يوافق أذواقنا أو قيمنا، لكن لا يمكن تجاهل أننا جميعًا ضحايا محتملون لقوانين غامضة ومطاطة تجرّم الفقر والأنوثة والتعبير بدلًا من أن تحمي الحقوق.

أميمة عماد_ 5-8-2025

من كفر السنابسة إلى تيك توك.. هيبة الدولة على أجساد الفقيرات

اضرب التيكتوكر يخاف المشاهد.. دروس في ترويض الجماهير

لأن الحديث عن الفساد أو القمع السياسي "خط أحمر"، توجّب صنع أعداء آخرين؛ فتاة ترقص أو تتحدث بلغة بيئتها، شاب يصنع ثروة من تيك توك، حساب ساخر يتحدث بلهجة "شعبية".

يوسف عقيل _ 12-8-2025

اضرب التيكتوكر يخاف المشاهد.. دروس في ترويض الجماهير

المثقفون والتيكتوكرز.. من يسائل السلطة؟

المثقف الحقيقي يفقد دوره وتأثيره عندما يختار أن يساير السائد لا أن يسائله. وما بين المسايرة والمساءلة تكمن الحكاية. 

عمرو بدر_ 12-8-2025

المثقفون والتيكتوكرز.. من يسائل السلطة؟

الحملة ضد التيكتوكرز.. كيلا يعلو صوت الهامش

هذه ليست حملة أمنية فقط ضد تيكتوكرز، بل صراع أعمق على الظهور، والتمثيل، والحق في النجاة داخل فضاء رقمي غير عادل. لم تعد المسألة من يُقبَض عليه فقط، بل من يُسمَح له بالظهور أصلًا.

محمد الطاهر_ 11-8-2025

الحملة ضد التيكتوكرز.. كيلا يعلو صوت الهامش

تيك توك بين الخطيئة والجريمة.. الأخلاق أداةً لضبط المجتمع

في بلدٍ يعاني من عدم الاستقرار الاقتصادي والقمع السياسي، يُحوّل انتباه الرأي العام نحو "الفساد الأخلاقي" باعتباره عدوًا مناسبًا، ويُصبح التيكتوكرز تجسيدًا للانحلال الأخلاقي.

بدار سالم_ 14-8-2025

تيك توك بين الخطيئة والجريمة.. الأخلاق أداةً لضبط المجتمع