صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، على القانون رقم 164 لسنة 2025 بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن وإعادة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والمعروف بتعديلات قانون "الإيجار القديم"، وذلك بعد نحو شهر من الغموض الذي أحاط مصير القانون، الذي كان من المفترض إصداره قبل انتهاء دور الانعقاد الماضي لمجلس النواب في 9 يوليو/تموز الماضي، وفقًا للحكم الصادر من المحكمة الدستورية بعدم دستورية ثبات الأجرة، فيما قال رئيس ائتلاف مستأجري مصر شريف الجعار إنهم "سيتخذون جميع الإجراءات القانونية لصد هذا الانحراف التشريعي".
وجاء القانون الجديد، الذي نشرته الجريدة الرسمية بتاريخ اليوم، ليسدل الستار رسميًا على ملف "الإيجار القديم"، الذي امتد لعقود وأثار جدلًا واسعًا خلال الشهور الأخيرة تحديدًا بين الملاك من جهة والمستأجرين من جهة أخرى، إذ يضع القانون جدولًا زمنيًا لإنهاء كافة عقود الإيجار القديم السكنية وغير السكنية.
وينص القانون الجديد، الذي يبدأ العمل به اعتبارًا من الغد، على منح المستأجرين مهلة انتقالية قبل الإخلاء النهائي، مع فرض زيادات فورية على القيمة الإيجارية، وتوفير بدائل سكنية من الدولة لمن يرغب في بديل.
مهلة أخيرة للإخلاء
وحددت المادة الثانية من القانون مهلة لإنهاء عقود الإيجار القديم، بواقع سبع سنوات للوحدات السكنية، وخمس سنوات للوحدات المؤجرة لغير أغراض السكن، من تاريخ العمل بالقانون.
وتضمن القانون حالات أخرى لإنهاء العلاقة الإيجارية خارج تلك المهلة، منها ثبوت ترك المستأجر للعين مغلقة لمدة تزيد عن عام دون مبرر، أو امتلاكه لوحدة أخرى صالحة للاستخدام لنفس الغرض، أو تراضي الطرفين على إنهاء العلاقة الإيجارية قبل انتهاء المهلة القانونية.
وبموجب المادة الرابعة والخامسة، ستشهد الإيجارات القديمة زيادات فورية بدءًا من الشهر المقبل، إذ ستتم مضاعفة القيمة الإيجارية الحالية الوحدات السكنية بناءً على تصنيف المناطق الذي ستحدده لجان خاصة في كل محافظة ينص القانون على تشكيلها، وتصل تلك الزيادة إلى 20 ضعفًا في المناطق المتميزة (بحد أدنى 1000 جنيه)، و10 أضعاف في المناطق المتوسطة والاقتصادية (بحد أدنى 400 و250 جنيهًا على التوالي).
أما الوحدات غير السكنية، فستتم مضاعفة القيمة الإيجارية الحالية لها بواقع 5 أضعاف.
وفضلًا عن تلك الزيادة الفورية، ينص القانون على زيادة سنوية دورية بنسبة 15% على القيمة الإيجارية الجديدة.
بدائل سكنية
ولمواجهة التداعيات الاجتماعية المتوقعة، منح القانون المستأجرين حق التقدم بطلب للحصول على وحدة بديلة (سكنية أو غير سكنية) من الوحدات المتاحة لدى الدولة، سواء بنظام الإيجار أو التمليك، بشرط تقديم إقرار بإخلاء الوحدة القديمة فور استلام الجديدة.
وفي سياق متصل، نشرت الجريدة الرسمية وبالتزامن مع صدور ذلك القانون، تشريعًا آخرً برقم 165 لسنة 2025، يضيف مادة جديدة إلى القانون رقم 4 لسنة 1996 الخاص بسريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها والأماكن التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها.
وتمنح تلك المادة للمالك حق طرد المستأجر الممتنع عن الإخلاء بعد انتهاء مدة العقد عبر أمر مباشر وسريع من قاضي الأمور الوقتية، دون الحاجة إلى خوض نزاع قضائي طويل، مع احتفاظ المالك بحقه في طلب التعويض، وكفالة حق المستأجر في إقامة الطعن على قرار الطرد أمام المحكمة المختصة، دون أن يترتب على مجرد إقامة الدعوى وقف سريان قرار الطرد.
انحراف تشريعي
من جانبه، عبّر رئيس ائتلاف مستأجري مصر وأحد ممثلي المستأجرين في الجلسات النقاشية التي عقدها مجلس النواب شريف الجعار عن "خيبة أمله" في إصدار الرئيس للقانون بالشكل الذي أقره مجلس النواب، قائلًا "سنتخذ جميع الإجراءات القانونية لصد هذا الانحراف التشريعي".
وأضاف الجعار لـ المنصة أن تلك الإجراءات ستتضمن كل ما يكفله الدستور من احتجاجات على هذا القانون "المنحرف تشريعيًا"، موضحًا أن القانون تعدى على حق المستأجرين في البقاء لمدة جيل واحد من ورثة المستأجر الأصلي، وتعدى أيضًا على الأحكام الدستورية الصادرة لهم بالامتداد لجيل واحد بوضعه فترة انتقالية للإخلاء مدتها 7 سنوات "وده ظلم لأن الامتداد حق أصيل للمستأجر".
ويعوّل الجعار وخلفه عدد من المستأجرين على مخالفة القانون الجديد لتلك الأحكام الدستورية، ومخالفته للحكم الدستوري الأخير الذي صدر بعدم دستورية تثبيت القيمة الإيجارية فقط دون أن ينص على إخلاء الأماكن المؤجرة، في الطعن للحصول على حكم جديد من المحكمة الدستورية ببطلان القانون الجديد، باعتبار أن ما تضمنه يمثل عقبة تنفيذ أمام كافة الأحكام الدستورية السابقة.
ومطلع يوليو/تموز الماضي، وافق مجلس النواب بشكل نهائي على مشروع القانون الذي أثار جدلًا كبيرًا أثناء مناقشته واعتراضات على إقراره فترة انتقالية لإنهاء العلاقة الإيجارية.