تباينت ردود أفعال ملاك الوحدات المؤجرة وفق قانون الإيجار القديم بشكل جذري في أعقاب فض دور انعقاد البرلمان دون التصديق على التعديلات التشريعية على القانون، التي وافق عليها مجلس النواب مطلع يوليو/تموز الجاري، وأحالها إلى رئيس الجمهورية للتصديق.
وكشفت المنصة في تقرير سابق أن صدور قرار رئيس الجمهورية بفض دور انعقاد مجلس النواب قبل التصديق على تعديلات قانون الإيجار القديم فتح الباب أمام "فوضى قضائية" وصراع محتمل بين الملاك والمستأجرين، إذ بات بإمكان الملاك الآن اللجوء لحكم المحكمة الدستورية لزيادة الإيجارات دون التقيد بأي ضوابط قانونية.
وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قضى بعدم دستورية ثبات القيمة الإيجارية في قانون الإيجار القديم، وحدد موعدًا لإعمال أثره المرتبط بوقف العمل بالمادة التي تقرر تثبيت الأجرة، ابتداءً من اليوم التالي لفض دور الانعقاد العادي الحالي لمجلس النواب، والذي يوافق 10 يوليو الجاري.
وبينما اعتبر محامون أن الوضع الحالي يفرض ضرورة التحرك الفوري عبر الإنذارات لضمان عدم ضياع الحقوق التي كفلها حكم "الدستورية"، رأى ممثلون آخرون للملاك، ومنهم من شارك في حوارات مجلس النواب، أن الأولوية هي الحفاظ على علاقة الثقة مع مؤسسات الدولة وانتظار الخطوة التالية، مؤكدين أن الإنذار هو "السلاح الأخير" وليس الأول.
سباق مع الزمن
يقود التيار الأول عدد من المحامين، ممن انتشرت على الجروبات الخاصة بالملاك صيغ قانونية لإنذارات تحمل أسماءهم، ومن بينهم المستشار القانوني لعدد من ملاك الإيجار القديم علي علوان، الذي أكد أن بعض الملاك بدأوا بالفعل في اتخاذ خطوات قانونية عبر توجيه إنذارات رسمية للمستأجرين للمطالبة بزيادة القيمة الإيجارية لتتماشى مع "القيمة السوقية".
وأوضح علوان لـ المنصة أن هذه الخطوة تأتي في إطار "سباق مع الزمن" قبل التصديق المحتمل على تعديلات القانون الجديدة، مضيفًا "الإنذار يجب أن يتم قبل نشر القانون في الجريدة الرسمية، إذا تم توجيه الإنذار خلال هذه الفترة بنجاح يصبح حكم المحكمة الدستورية ببطلان تثبيت الأجرة نافذًا في مواجهة المستأجر، أما إذا صدر القانون أولًا، فلن يكون للإنذار أي قيمة".
وكان رئيس اتحاد مستأجري مصر شريف الجعار قلل في تصريحات سابقة لـ المنصة من أثر هذه الإنذارات، مؤكدًا أن هذا المسار لا يدعو للقلق، وقال "إذا لجأوا للقضاء، وهو ما نتمناه، فالمحكمة إما سترجئ البت في القضية لحين صدور القانون، أو ستحيلها لخبير".
وقال الجعار إن "الخبراء لا يمكنهم تقدير الإيجارات الجديدة بناءً على أسعار السوق الحالية، لأن العقارات القديمة بُنيت بمواد مدعمة من الدولة وكانت معفاة من الضرائب، وهو ما لا ينطبق على العقارات الحديثة".
وردًا على ذلك، أكد علوان أن خطوة الإنذار ستأتي على الملاك بالفائدة في كل الأحوال "لأن الخبير سيقر القيمة الإيجارية العادلة بناءً على عقود فعلية لعقارات مماثلة في نفس المنطقة، فإذا كان متوسط الإيجار في المنطقة 3000 جنيه، فسيقرر الخبير قيمة مماثلة للمالك"، موضحًا أنهم يراعون ذلك الأمر في الإنذارات ولا يطالبون في مثل تلك الحالة بإيجار 5000 جنيه مثلًا.
ويرى علوان ضرورة التحرك الفوري من الملاك، مؤكدًا "من لم يقدم الإنذار في هذه الفترة لن يستفيد من الوضع الحالي"، لافتًا إلى تقديمه بالفعل "الكثير" من هذه الإنذارات نيابة عن موكليه، مما يشير إلى "تصعيد محتمل في الأزمة".
دعوات للتهدئة
على الجانب الآخر، يقف ممثلون آخرون للملاك موقفًا يدعو إلى التريث والثقة في الدولة، إذ دعا مدير مبادرة "ملاك بلا أملاك" محمد عثمان إلى التزام الهدوء وعدم الانسياق وراء دعوات التصعيد القضائي، واصفًا هذا الحراك بأنه "شغل محامين" لا مبرر له.
وأشار عثمان في تصريحات لـ المنصة إلى أن تأخر التصديق على القانون لا يثير القلق، مضيفًا "الرئيس أمامه مهلة دستورية للتوقيع، وحتى لو لم يوقع، يصبح القانون نافذًا وينتظر النشر في الجريدة الرسمية. نحن ننتظر بهدوء حتى نهاية الشهر".
وتتفق معه جوليا محمد، إحدى ممثلات الملاك في جلسات مجلس النواب، التي أكدت أن قطاعًا كبيرًا من الملاك يفضل الانتظار تعبيرًا عن ثقتهم الكاملة في أن الدولة ماضية في طريقها لحل الأزمة، وقالت لـ المنصة "أنا لآخر لحظة منتظرة، ولم أقدم أي إنذارات، كلنا وراء حكومتنا، والإنذارات تمثل السلاح الأخير وليس الخطوة الأولى".
ورفضت جوليا محمد تمامًا سيناريو عدم صدور القانون، معتبرةً أنه "لم ولن يحدث في عهد الرئيس السيسي"، مشيرة إلى أن نشر القانون هو "بداية رحلة جديدة وطويلة" للملاك لإثبات الشقق المغلقة أو وجود سكن بديل للمستأجرين، وهي المعركة الحقيقية التي ينتظرونها.
وأيدها في ذلك محمد عثمان أيضًا، الذي أشار إلى أن تأخر التصديق على القانون أمر لا يثير القلق، مستشهدًا بقانون "البكالوريا" الذي بدأت وزارة التعليم في تنفيذه قبل تصديق الرئيس عليه.
ومطلع يوليو الجاري، وافق مجلس النواب بشكل نهائي على مشروع القانون الذي أثار جدلًا كبيرًا خلال الأيام الماضية، بعد أن أقر فترة انتقالية لسبع سنوات، تنتهي بعدها العلاقة الإيجارية في الأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعيين لغرض السكن، وخمس سنوات لغرض غير السكن، مع إلزام المستأجر بإخلاء العين المؤجرة وردها إلى المالك بنهاية هذه الفترة.
ويلزم القانون الحكومة بتوفير بدائل سكنية للمستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار قبل عام على الأقل من تاريخ انتهاء الفترة الانتقالية المنصوص عليها في القانون.