منشور
الثلاثاء 11 يونيو 2024
- آخر تحديث
الثلاثاء 11 يونيو 2024
يخوض الفارون من الحروب رحلةً طويلةً، شاقةً ومكلفةً، وقد تكون مميتةً، بحثًا عن الأمان، يتحركون أفرادًا وجماعات، حاملين ما استطعوا من أبنائهم، فليست لهم رفاهية إنقاذ كل الصغار. وبينما تشتعل الحروب على الحدود الشمالية الشرقية، والجنوبية لمصر، إثر العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وصراع حميدتي والبرهان على السلطة في السودان، باتت مصر محطةً للمهاجرين واللاجئين، ووجهة في أغلب الأحيان.
خلق تزايد أعداد اللاجئين واقعًا مليئًا بالتحديات، لعل أشدها كان استهدافهم بقرارات حكومية ساهمت في إرباك حياتهم التي يحاولون إعادة ترتيبها في بلد اللجوء. ولم يسلموا من الملاحقة الأمنية والترحيل، التي طالت حتى مَن تمكنوا من تسوية أوضاعهم قانونيًا، بخلاف حملات الكراهية والعنصرية المتزايدة والمستمرة ضدهم منذ شهور.
وفي ظل كل هذا، يساهم في محاصرتهم بطء الإجراءات الخاصة بأوراق إقامتهم أو لجوئهم، فتتركهم مفوضية اللاجئين عرضةً لوقت أطول للاحتجاز والترحيل والحرمان من الخدمات.
يواجه اللاجئون كل الصعاب، وفي خلفية المشهد وحش يكاد يبتلع الجميع، هُم والمصريون؛ وضع اقتصادي متأزم يرفع أسعار المواد الغذائية وإيجارات السكن. وبدلًا من أن تمد لهم الأمم المتحدة العون، يتضاءل الدعم المقدم من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. أو يغيب تمامًا. حتى ذلك الذي يصب بالكاد في احتياجاتهم الأساسية، مثل الغذاء أو التعليم. فيبقى اللاجئون لا باب لهم يطرقونه غير العمل في القطاع غير الرسمي، في ظروف صعبة، بلا حماية، ولا أجور عادلة.
وبينما يصارع المصريون الوحش نفسه، يبقى اللاجئ أو المهاجر في وضع أكثر حرجًا، باعتباره غريبًا عن البلاد.
في هذا الملف، نحاول التمييز بين المهاجر واللاجئ والأجانب المقيمين في مصر، الذين تُطلق عليهم الحكومة اسم "الضيوف"، بينما تتركهم عرضة لخطابات الكراهية والتحريض في محطات تليفزيونية تابعة لها ومقربة منها.
في هذا الملف نحاول أيضًا توضيح ما هي الجهات المسؤولة عنهم، وما مدى مسؤوليتهم عن الأزمة الاقتصادية، وعلاقتهم بالاقتصاد المصري بشكل عام.
استمعنا لعدد من ملتمسي اللجوء واللاجئين، من جنسيات مختلفة، حكوا لنا عن معاناتهم مع السلطات والأمم المتحدة والمصريين؛ عن تعرضهم للعنصرية والعنف، وفي القلب منهم بالطبع استمعنا للاجئات والمهاجرات النساء، اللاتي يواجهن عنفًا تمييزيًا، لمجرد كونهن نساء.
استمعنا كذلك لقادة مجتمعيين وناشطين ومحامين وأكاديميين، ومسؤولين بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ونواب في البرلمان، أملًا في الوقوف على حقيقة وضع اللاجئين والمهاجرين في مصر، وسط الكثير من الحملات المعادية القائمة على معلومات خاطئة.
كنا نود أن نشارككم قصص نجاح عن بشر نجوا من الحروب وصنعوا حيوات جديدة سعيدة مع أهل وجيران جدد. ولكن صناع القرار لم يتخذوا بعد أي قرار، سواء بوقف الحروب التي تأكل المدنيين أحياء، أو بتوفير حياة كريمة للفارين منها.