قالت ثلاث شركات صناعية إن الانخفاض القوي لقيمة الجنيه اضطرهم إلى تأجيل تشغيل مصانع جديدة كانوا يعتزمون افتتاحها خلال الأشهر الماضية، وإعادة دراسات الجدوى الخاصة بها بسبب ارتفاع تكاليف الإنشاءات وخطوط الإنتاج.
ويمثل إنتاج القطاع الخاص من الصناعات التحويلية نحو 10.3% من إجمالي الناتج المحلي، وفقًا لبيانات البنك المركزي عن العام المالي 2021- 2022.
وسمح البنك المركزي بتحريك سعر الجنيه مقابل العملات الأجنبية عدة مرات على مدار الأشهر الماضية ليرتفع من نحو 15.75 جنيهًا للدولار منتصف مارس/ آذار 2022 إلى نحو 30.31 جنيهًا حاليًا مع الانتقال إلى سعر صرف مرن، في خطوة من شأنها الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي.
وتعمل المصانع الثلاثة التي تحدثت إلى المنصة في مجالات صناعة مكوّنات إنتاج السيارات وقطاعيّ التعبئة والتغليف والأدوات الصحية، وتعكس هذه الوقائع الضغوط التي يعاني منها القطاع الإنتاجي بسبب عدم استقرار العملة المحلية.
وقال رئيس الشركة الإفريقية للمنتجات الورقية، عماد سلام، إن قيمة استثمارات المصنع الجديد الذي كانت الشركة تعتزم إنشائه بمدينة السادات ارتفعت من 70 إلى 100 مليون جنيه.
"أسعار الحديد المُستخدم في تصنيع الجمالونات ارتفعت بنسبة كبيرة على مدار العام الماضي، ما رفع من تكاليف الإنتاج وهو ما تطلب إعادة دراسة الجدوى الخاصة بإنشاء المصنع من جديد" كما أضاف سلام.
وتعتزم "الإفريقية للمنتجات الورقية" إنشاء 4 جمالونات، منشآت معدنية تستخدم في المواقع الصناعية، على نصف مساحة المصنع الجديد البالغة 22 ألف متر مربع.
وبفضل قرار الشراء المبكر لخطوط إنتاج المصنع الجديد، استطاعت "الإفريقية" أن توفر على نفسها مبالغ طائلة وقت أن كان سعر الدولار في حدود 18 جنيهًا "كان من المفترض تشغيل المصنع بنهاية الربع الأول من العام الجاري، إلا أن إعادة تقييم دراسة الجدوى لارتفاع التكاليف سوف تؤجل تلك الخطوة لفترة تمتد إلى نحو 6 أشهر" كما يضيف سلام.
ويقول مستثمر بقطاع الأدوات الصحية، إن استثمارات المصنع الجديد الذي يعتزم إنشائه ارتفعت بعد خلال الفترة الأخيرة بنحو 50% مقارنة بالدراسة الأولى للمشروع، بسبب ارتفاع تكاليف الإنشاءات وأسعار خطوط الإنتاج.
"التغيّرات التي ألمّت بالاقتصاد العالمي بجانب تحرير سعر الصرف في مصر ساهما في توجه الشركة نحو إعادة تقييم دراسة الجدوى التي أعدتها خلال العام الماضي" كما يوضح المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه.
ويضيف أنه على الرغم من التعاقد على شراء خطوط الإنتاج بسعر دولار يقارب 24 جنيهًا، فإن الشركة الصينية المُنتجة طلبت زيادة السعر لارتفاع الخامات لديها وبالتالي تكاليف الإنتاج "سندفع قيمة تلك الزيادة في سعر الماكينات بسعر الدولار الحالي الذي تخطّي 30 جنيهًا".
وتعتزم الشركة المُنتجة للأدوات الصحية تشغيل المصنع الجديد بنهاية العام الجاري على أقصى تقدير عقب الانتهاء من الإنشاءات واستيراد خطوط الإنتاج.
ويقول رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية، محمد المهندس، إن معظم خطوط الإنتاج الحديثة مستوردة من خارج مصر وبالتالي فإن تكلفتها تكون بالعملة الصعبة.
ويضيف أن معظم مستلزمات ومكوّنات الإنتاج مستوردة أيضًا من الخارج، وإذا توفّرت محليًا فغالبًا ما تكون الخامات الخاصة بها مستوردة، ولذلك ترتفع تكلفة استثمارات المشروعات الجديدة.
وواجه المستوردون والمُصنّعون في مصر صعوبات بالغة بشأن الاستيراد منذ أن قرر البنك المركزي العمل بنظام الاعتمادات المستندية منذ مطلع مارس/آذار الماضي، قبل أن تقرر الحكومة العودة للاستيراد بمستندات التحصيل بداية عام 2023.
ولا تقتصر الزيادة في تكاليف الإنتاج على المنتجات التي يدخل بها مكوّن دولاري فقط، بحسب المهندس "ارتفعت أيضًا بعض التكاليف المحلية مثل المرافق ومرتبات العمالة وغيرهما.. زيادة الدولار أثّرت على كل شيء".
وينصح المهندس الشركات الجديدة الراغبة في الاستثمار محليًا بتوجيه جزء كبير من طاقتها الإنتاجية إلى التصدير لتوفير سيولة دولارية تُمكنّها من شراء الخامات ومكوّنات الإنتاج لاحقًا.