في 13 أبريل/ نيسان 2020، أُجبر حامد حمدي على ترك منزله في منطقة حوض البركة بالوراق في محافظة الجيزة، حين هدمت الجرافات عمارته المِلْك المكونة من سبعة أدوار، لتوسيع الطريق تسهيلًا لمرور كوبري الضبعة.
25 عمارة أخرى دخلت ضمن أعمال المنفعة العامة في المنطقة بموجب قرار رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، رقم (1139) لسنة 2019، بنزع ملكية العقارات والأراضي والمنشآت كافة، التي تعترض طريق محور "روض الفرج".
لم يُخطر حامد ولا المُلاك الآخرين في المنطقة بموعد تنفيذ قرار نزع الملكية ولم يتواصل معهم أحد، وهو ما يخالف قانون نزع الملكية للمنفعة العامة، الذي ينص على إخطار ذوي الشأن بخطاب محدد بعلم الوصول قبل دخول العقار.
يقول حامد "في ذلك اليوم فوجئت باللوردات الآتية من حي الوراق لهدم العمارة وعدد من العمارات الأخرى، لكونها تعترض طريق محور الضبعة وأنه سيتم تعويض الملاك كافة بديلًا عن أملاكهم".
حامد هو أحد متضرري مشروعات الطرق والكباري التوسعية التي نفذتها الحكومة المصرية خلال السنوات الأخيرة، وكانت سببًا في زيادة حالات الإخلاء القسري لملاك عقارات وأراض، مقابل تعويضات هزيلة أو سكن غير ملائم في مشروعات سكنية بلا خدمات، بما يخالف قانون نزع الملكية للمنفعة العامة ومواد الدستور.
ومحور روض الفرج أو الضبعة، هو أحد مشاريع الطرق الجديدة أعلى جزيرة الوراق، وسيتكلف 5 مليارات جنيه، إذ يبدأ من ترعة الإسماعيلية مرورًا بمنطقة شبرا المظلات وحتى غرب الطريق الدائري في اتجاه الاسكندرية الصحراوي كيلو 39 مرورًا بنهر النيل، ويشمل 6 منازل ومطالع بالمظلات و8 مطالع ومنازل بالدائري، وكوبري النيل الغربي يبلغ طوله حوالى 400 متر وعرضه 50 مترًا، وبارتفاع 14 مترًا.
نزع ملكية بلا تعويض
مرّ عام وشهر من دون أن يحصل حامد على تعويضه المادي عن عمارته التي دفع مع شقيقه ووالده خمسة ملايين جنيه لأجل بنائها بالشراكة، بينما ينص قانون نزع الملكية على أن يتم التعويض خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر.
نُزعت ملكية العقار الذي بناه حامد في العام 2017، رغم امتلاكه عقد ملكية الأرض والعقار داخل الحيز العمراني مسجلًا في الشهر العقاري دون أي مخالفة، ومختومًا من هيئة المساحة ومسجل في الشهر العقاري، ويدفع شهريًا المرافق بإيصالات موثقة.
لجأ حامد للخيارات القانونية المتاحة لعل وعسى أن يُنصف، فحرر شكوى في منظومة الشكاوى الحكومية ولم يتلقَّ ردًا. وتقدم بشكوى أخرى لهيئة المساحة، وردت بأنها لم تخطر بتعويض هؤلاء الملاك، وما زال الفحص للأمر جاريًا على الرغم من أن قرار نزع الملكية طُبق بالفعل، وهُدم العقار منذ أكثر من عام.
حياة حامد وأسرته انقلبت رأسًا على عقب، فبعد أن كان مالكًا لعقار بالكامل أصبح مستأجرَ شقة تضمه هو وشقيقه ووالدهم مقابل 2650 جنيهًا شهريًا. لم يقتصر الأمر على المعاناة المالية، بل الضغوط النفسية التي يعيشها مع أسرته. فقد كانت رحلة بناء العقار شاقة كما يصفها حامد، إذ خسر فيها كل ما يملك هو وشقيقه ووالده "شفت تحويشة العمر بتنهار قدامي بدون مقابل".
ارتفاع عدد قرارات نزع الملكية
يستند التحقيق إلى بيانات منشورة في 200 عدد من الجريدة الرسمية المصرية منذ كانون الثاني/ يناير 2014 حتى آذار/ مارس 2021.
تشير البيانات إلى ارتفاع عدد قرارات نزع ملكية عقارات وأراضي مواطنين إلى أن وصلت في عام 2020 وحده إلى 23 قرارًا. هذه القرارات التي يعتبرها المتضررون مجحفة بحقهم، اضطرتهم للجوء لمقاضاة الجهات الحكومية. في الفترة 2014 - 2021، جرى تسجيل 224 قضية نزع ملكية في محكمة النقص.
تشير البيانات إلى أن تلك القرارات أسفرت عن انتزاع ملكبة منازل وممتلكات تعود إلى 34 ألف مواطن، وفي بعض الحالات كان يتضمن القرار الواحد مئات/ عشرات المواطنين.
استخدام قانون نزع الملكية في مصر ليس جديدًا، لكن اتضح من خلال تحليل البيانات أنه خلال الفترة من 2014 إلى 2018 ارتفع عدد هذه قرارات. وصل عدد القرارات التي وقع عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي أو من ينوبه إلى 15% من تلك القرارات في هذه الفترة. وتنوعت القضايا التي رفعها متضررون ضد الجهات التي نزعت الملكية، لكن 70% من القضايا كانت للطعن في قيمة التعويضات، حيث لم تنفذ الجهات النازعة إجراءات نزع الملكية كما نص عليها القانون.
المصدر: أرشيف محكمة النقض المصرية
ومن خلال تحليل بيانات القضايا، اتضح أن هناك فروقًا ضخمة في تقدير التعويض المادي بين الجهة النازعة والمحكمة، وصلت نسبته إلى 100%، تحديدًا في القضايا التي رفعت ضد رئيس الوزراء، ثم وزارة الزراعة.
نزع الملكية.. قانون لـ "لقهر المجتمعي"
يقول محمد عبد العال، المحامي بالنقض والدستورية العليا والخبير الحقوقي في تشريعات الإسكان، إن "المنفعة العامة تعد مسألة مقررة في الدستور وهي الحالة الوحيدة التي يجوز فيها نزع الملكية الخاصة للمواطن، ولكن الملكية الخاصة مصونة طبقًا للدستور وتجب حمايتها".
ويرى أن هناك إشكالية ما بين الملكية الخاصة والمنفعة العامة، وتم حلّها من خلال قانون نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة، ولكن في الآونة الأخيرة زادت المشاريع الاستثمارية وتوسيع الطرق والمحاور وإقامتها، ما أدى إلى "الجور" على العديد من الملكيات الخاصة للمواطنين.
ويشدد على أن الأمر أصبح مسألة اجتماعية تؤثر على الاستقرار الاجتماعي والحق القانوني في التملك للعديد من الفئات، موضحًا أنه كان يجب دراسة الأمر من قبل الدولة بشكل أعمق لمعرفة الآثار المترتبة على مثل تلك الإجراءات التي تؤثر على استقرار أصحاب الأملاك.
يذهب المفكر وأستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب بجامعة القاهرة، الدكتور سعيد إبراهيم، مع الرأي ذاته، مؤكدًا أن قانون نزع الملكية يجيب أن يوازن بين حق الفرد في الملكية الخاصة وحق المجتمع في الانتفاع بطريق أو مرفق عام يستفيد منه مواطني ذلك المجتمع حتى لا يتضرر الفرد بالأثر الاجتماعي.
ويوضح أن مشروعات المنفعة العامة في كل المجتمعات والدول حتى المتقدمة من المفروض أن تريد الصالح العام، ويكون لدى مواطنيها مبدأ إعلاء المصلحة العامة التي يستفيد منها أكبر قدر من الناس عن المصلحة الخاصة الفردية بحيث تعلو ويكون لها الأولوية، مشددًا أن ذلك لا يعني التجاوز على حقوق الملكية الخاصة.
يقول المفكر الاجتماعي إن "الأزمة التي تواجه المواطنين حال نزع ملكيتهم لا سيما في نطاق القاهرة والمحافظات الحضرية، هو الحب الجارف للاستقرار وعدم التغيير وكذلك ترتيب الحياة على العيش في بقعة واحدة مدى العمر".
ويشير إبراهيم إلى أن "نزع الملكية بشكل مفاجئ يُحدث صدمة لمن انتزعت ملكيته بسبب اضطراره إلى تغيير نمط حياته بالكامل"، مضيفًا "ممكن أن يرضى المواطن بالحراك السكني إذا كان لأعلى أي العيش في مكان أفضل، ولكن يزداد سخطه الاجتماعي في حال الحراك إلى أسفل أو نفس المستوى".
ويؤكد أن كل عملية نزع ملكية للمنفعة العامة تتم يكون لها كلفة اقتصادية واجتماعية يتحملها المواطن، لأنه يأخذ وقتًا طويلًا للتكيف على الوضع الجديد، فضلًا عن ضرورة أن التعويضات التي تقدم للمواطنين لا بد أن تكون مجزية حتى تسبب لهم حالة من الرضا دون الطمع في المزيد.
ومن الناحية القانونية، يؤكد عبد العال أن التملك حق دستوري وحيازة مستقرة، تجب حمايتها طبقا للمواثيق الدولية، موضحًا أن التسوية القانونية للتعويضات لا تمثل مجازاة حقيقية تُمكِّن المواطن بموجب التعويض الحصول على سكن ملائم، وبالتالي يجب مراعاة تلك المسالة حفاظًا على حقوق المواطنين القانونية المكتسبة والبعد الاجتماعي للحق في السكن.
ويخلص عبد العال إلى ضرورة "المواءمة بين حق المنفعة العامة للدولة وحق الحيازة القانونية الخاصة بالمواطن، لأن السكن يعتبر حيازة قانونية، فلا بد من توفير سكن بديل ملائم لما كان يسكن به المواطن قبل عملية الإزالة، لأن الإجبار يمثل جزءا من القهر المجتمعي ويتحول القانون من أداة للضبط المجتمعي إلى القهر"، يقول عبد العال.
نزع ملكية مقابل تعويضات هزيلة
حالات كثيرة لم تحصل على تعويض بعد تجاوز المدة القانونية لتسليم التعويض المادي، وحالات أخرى عوضت بتعويضات لا تتناسب مع قيمة العقار المنزوع، وهو ما حدث مع كارم الجوهري.
الجوهري نُزعت ملكية شقته في شارع الملك سلمان، في يونيو/ حزيران 2021، بهدف توسعة الطريق لانطلاق المحور الذي يحمل الاسم نفسه.
شقته التي تطل على الشارع العمومي وتبعد 80 مترًا عن أعمال إنشاء المحور كانت تساوي قبل عشرة أعوام 250 ألف جنيه، لكنه عوض عنها بمبلغ 100 ألف جنيه "صُدمت حين أخذت تعويض 100 ألف فقط عن شقة كان سعرها منذ 10 سنوات 250 ألفا".
شقة الجوهري كانت مكونة من ثلاث غرف ومطبخ وحمام، وتم احتساب كل غرفة عند التعويض بـ 25 ألف جنيه فقط، بالإضافة إلى المطبخ.
النزع تم وفق قرار مجلس الوزراء رقم (2128) لسنة 2019، وجرى إبلاغهم بقرار الهدم قبل تنفيذه بيومين، حيث طُلب منهم الرحيل عن منازلهم لتأتي لوردات حي الجيزة في الصباح الباكر وتهدم خمس عمارات.
ويقول الجوهري "شقتي منذ سنوات كانت بـ 250 ألف جنيه وامتلك عقدًا مدون به المبلغ، وخاطبنا هيئة المساحة والتعويضات بأن ذلك ظلم وهدر لحقوقنا وأموالنا. تحولت من مالك شقة على مساحة 98 مترًا إلى مستأجر في شقة 50 مترا أدفع 1000 جنيه شهريًا ولا جديد إلى الآن".
محور الملك سلمان هو مشروع ضمن شبكة الطرق الجديدة يبلغ طوله 12 كيلومترًا، جرى تنفيذه على المسار المغطي لترعة الزمر جنوب الدائري بالقرب من ميدان المنيب، ويتقاطع مع شوارع مستشفى الصدر، والثلاثين، وخاتم المرسلين، والهرم، وفيصل، ومحور صفط اللبن، وشارعي جامعة الدولة العربية وناهيا، ومحور 26 يوليو، وشارع مطار إمبابة، بتكلفة 4.2 مليار جنيه.
ثغرات قانون نزع الملكية
ينص قانون نزع الملكية رقم (10) لسنة 1990 في المادة رقم (2) على أن "نزع ملكية أي عقار ترى الجهة القائمة على أعمال التنظيم أنها لازمة لتحقيق الغرض من المشروع، أو لأن بقاءها بحالتها من حيث الشكل أو المساحة لا يتفق مع التحسين المطلوب".
ولكن في عام 2018، أجرى الرئيس السيسي تعديلات على أحكام القانون رقم (10) لسنة 1990، منحت رئيس الجمهورية حق تفويض مسؤولين بإصدار قرارات نزع الملكية، بعد أن كان ذلك حقًا له وحده. أدى ذلك إلى تضاعف متوسط أعداد قرارات النزع سنويًا قبل وبعد ذلك العام.
ويتضح أثر التعديلات أيضًا في ارتفاع أعداد قضايا نزع الملكية خلال العام 2018، الذي استحوذ على نحو ثلث إجمالي القضايا، كما تضاعف متوسط قضايا نزع الملكية الذي شهدته محكمة النقض في ذلك العام.
وبحسب المادة (6) من قانون نزع الملكية، فيتم تقدير تعويض للمواطنين المنزوع ملكيتهم طبقًا للأسعار السائدة وقت صدور قرار نزع الملكية، مضافًا إليه نسبة 20% من قيمة التقدير، وتودع الجهة طالبة نزع الملكية مبلغ التعويض المقدر خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر.
وتقدر الجهة النازعة سكنًا بديلًا للمواطنين الذين نزعت عقاراتهم، إذ يتم تخيّيرهم بين التعويض المادي أو السكن البديل في الأحياء السكنية الجديدة التي تم إنشاؤها مؤخرا، وهي: الأسمرات، وأهالينا، وبشائر الخير، والمحروسة، بحسب مجلس الوزراء.
نزع الملكية حق الدولة دون صيغ تجميلية
يرى خبير التنمية المحلية والتطوير الحضاري الحسين حسان، أن هناك ضرورة لقانون المنفعة العامة، لكن من دون صيغ تجميلية، موضحا أن هناك 25 ألف مشروع تقوم الدولة بتنفيذها في الوقت الحالي، وكانت تعاني من قبل تلك المشروعات من وجود مساحات عمرانية غير مخططة.
ويشير حسان إلى أن "المساحات غير المخططة سواء في القرى التي تبلغ 4677 قرية أو النجوع والعزب البالغة 31 ألفا غير مخططة، فهناك حيازات عمرانية متداخلة، الصناعية في السكنية في التجارية، إلى جانب وجود كم ضخم من المخالفات يقدر بنحو ثلاثة ملايين مخالفة، فلا بد من إعادة التخطيط العمراني".
ووفقًا له، فهناك أكثر من 600 كوبري تم بناؤها إلى جانب 21 محورًا من أجل السيولة المرورية، إذ كانت تعاني مصر من خلل في التوزيع السكاني لأن القاهرة بها 10 ملايين نسمة، بينما الجيزة 9 ملايين، أما الأقصر فمليون نسمة. وتلك الفروق ضخمة ولا بد من إعادة التوزيع.
ويوضح أن هذا القانون مُلزم لكل الأطراف، فإذا كانت تعمل الدولة على توسعة طريق يحدث به حوادث فإنها بذلك تنقذ آلاف المواطنين، مضيفًا "لا بد أن يكون هناك ردع للمخالفات وفي نفس الوقت تقدير المواطنين".
ويضيف أن "الشيء الذي تحتاجه الدولة يتم نزعه، ولكن لا بد من وجود بدائل عادلة، مثل السكن البديل المناسب أو التعويض المناسب، سواء للمخالفات أو العشوائيات، لا بد من وضع خيارات أمام المواطن".
ويقترح حسان أن يتم تشكيل لجان تكون مهمتها تحديد السعر المناسب للملاك سواء للأراضي أو العقارات وتشرف عليها الجهات المختصة حسب كل منطقة، ويتم انتداب اللجان المختصة لتسعير التمليك المنزوع.
"قوات الأمن لم تنتظر خروجنا الآمن من أملاكنا"
في 18 يناير/ كانون الثاني 2021، فوجئت شادية التي تقطن في شارع ترعة الزمر طريق البراجيل، وهي تنظر من نافذة غرفتها بقوات أمن أسفل العقار الذي تقطنه ويحمل رقم (3) بالمدينة المنورة التابعة لمحافظة الجيزة.
عندما استفسرت شادية وجيرانها عن هوياتهم، قيل لهم إن هناك عملية إزالة لا بد أن تتم الآن لتلك العقارات لتفسح المجال أمام محور الملك سلمان، الذي لا يزال العمل فيه جاريا إلى الآن.
بعدها طالبت شادية بسكن بديل وليس تعويضا ماديا، لا أن طلبها قوبل بالرفض.
تقول شادية وهي أم لأربعة "وافقنا على نزع الملكية في البداية بناءً على تعويض مادي يضمن لنا امتلاك عقارات في أماكن أخرى، ولكننا فوجئنا بأنه سيتم تعويضنا بمبلغ 25 ألف جنيه للغرفة الواحدة، وبناءً عليه كان تعويض شقتي 125 ألفًا فقط عن ثلاث غرف، بالرغم من أن التعويض الذي يناسب الشقة بالسعر السوقي الحالي لا يقل عن 650 ألفًا".
هدمت قوات الأمن منزل شادية وعدد من المنازل المجاورة، دون انتظار خروج المالكين بطريقة آمنة: "وضعت أغراض منزلي في جامع مجاور، واضطر زوجي للإمضاء على نزع الملكية حتى نستطيع الحصول على التعويض المجحف أو لا يكون هناك تعويض نهائي".
انتقلت شادية من شقة تملكها بمساحة 100 متر إلى شقة إيجار بمساحة 50 مترا تكلفته 1200 جنيه.
رئاسة الوزراء أكثر جهة نزعت ملكيات
يشير تحليل البيانات إلى أن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، تصدر قائمة الجهات التي التي أصدرت قرارات نزع ملكية خلال الفترة من 2014 - 2021، مستحوذا على أكثر من نصف القرارات، إذ بلغ عدد القضايا المرفوعة ضد رئيس الوزراء 100 قضية. يليه رئيس الجمهورية بحوالي 15% من تلك القرارات.
إلى جانب ذلك، لم تلتزم الجهات النازعة بإجراءات القانون من خلال استيلائها على الأرض من دون تعويض في 60 قضية، استحوذ رئيس الوزراء ووزارة الزراعة على نصف تلك القضايا، بينما رفضت المحكمة تقدير تعويض مادي للطاعن في 63 قضية.
تعويضات غير عادلة
يقول عضو مجلس النواب وعضو الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فريدي البياضي، إن "قانون نزع الملكية تم تنفيذه خلال دورة التشريع الماضية لمجلس النواب، ويعطي الحق للدولة في نزع ملكية الأراضي أو البيوت للمصلحة العامة، ولكن هناك مشكلة في أن التعويضات غير عادلة".
وسبق أن قدم طلب إحاطة بهذا الشأن، لكن وفقًا له لم يتم مناقشته بالرغم من تقديمه أكثر من مرة.
ويرى البياضي ضرورة مراعاة القيمة التجارية والسوقية للعقار وكذلك القيمة المعنوية، موضحا أن خروج المواطنين من منازلهم أمر قاس له مردود معنوي.
ويشدد البياضي على ضرورة عدم التوسع في استخدام ذلك القانون، حتى إن كان للدولة حق في استخدامه "لا بد من استخدامه عند الضرورة القصوى التي لا غنى عنها، لأن انتقال المواطنين من منازلهم ليس بالأمر الهين".
وعن الحلول، أوضح أن "دورنا التشريعي هو تقديم طلبات إحاطة وانتظار أي تحرك سواء من قبل الحكومة أو المواطنين من خلال القضايا التي يتم تحريكها، حتى يكون هناك طرق ودية وتعويضات عادلة أو بيوت سكن ملائمة".
لكنه أضاف أن "القانون لا يمكن إلغاؤه لأنه صدر وتم التصديق عليه من كل مؤسسات الدولة، لكن يمكن العمل على تسهيل عملية التطبيق، بحيث يكون هناك تعويض مناسب للقيمة السوقية وكذلك المعنوية للمواطنين".
وبين ثغرات قانونية في قانون نزع الملكية، وغياب إجراءات تنفيذية واضحة، لا يزال حامد يبحث عن تعويضه حتى لحظة نشر التحقيق، بينما تحلم شادية بالعيش في شقة تملكها هي وأولادها وزوجها، أما الجوهري، فينتظر من ينصفه ويعوضه تعويضًا مناسبًا عمّا خسره، ليتمكن من بالعيش بكرامة مع أولاده.
* جميع أسماء المواطنين المذكورة مستعارة حفاظًا على أمنهم.
* تنشر المنصة هذا التحقيق بالتزامن مع “إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية” (أريج) في إطار اتفاق شراكة.