رجّح مصدر مقرب من إدارة النادي الأهلي عدم تجاوب المجلس مع الخطاب الذي أرسلته الحملة الشعبية المصرية لمقاطعة إسرائيل/BDS Egypt، تدعو فيه إلى فسخ التعاقد مع الراعي الجديد لفريق كرة القدم، بنك أبو ظبي، بسبب تورطه في مشاريع تطبيعية مع الاحتلال.
كانت الحملة نشرت في الثاني من الشهر الجاري عبر صفحتها على فيسبوك، نص خطاب قالت إنها أرسلته إلى إدارة النادي الأهلي قبل نشره بأسبوع، توضح فيه تفاصيل تورط بنك أبو ظبي في علاقات استراتيجية مع بنكي هبوعليم ولئومي الإسرائيليين، وارتباط استثماراته ببنوك متهمة بتمويل عمليات سرقة الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات عليها، ولكن دون أن تتلقى أيَّ ردٍ.
ووجهت BDS Egypt دعوة لجماهير الأهلي للاحتجاج على رعاية كيانات متهمة بالتطبيع لفريق الكرة بالنادي.
تواصلت المنصة مع مصدر مقرب من مجلس إدارة النادي الأهلي، قال إن آخر اجتماع عقده المجلس يوم الخميس الماضي، في غياب رئيسه محمود الخطيب الذي يتواجد خارج مصر في رحلة علاجية، لم يناقش الخطاب. وتابع "أستبعد أن يتبنى مجلس الإدارة ردًا عليه".
ويرى المصدر، الذي يشغل وظيفتين مؤثرتين داخل المركز الإعلامي للنادي الأهلي وقناة النادي الفضائية، أن مجلس الإدارة لن يرد على تلك المناشدة، خاصة وأن النادي "وقّع بالفعل عقد الرعاية والموضوع انتهى" بحد وصفه.
معللا ذلك بعدم رغبة مجلس الإدارة الزج بالنادي "في أزمات من هذا النوع"، مضيفًا "بنك أبو ظبي الأول هو بنك إماراتي، وتابع لدولة الإمارات التي تحتفظ معها مصر بعلاقات طيبة، لا سيما وأن النادي الأهلي غير معني بتتبع استثمارات كل شركة ترغب في الحصول على رعايته".
وتتألف حملة BDS Egypt من أحزاب سياسية واتحادات وحركات طلابية ونقابات ومنظمات غير حكومية وشخصيات عامة، كما أنها تعد جزءًا من الحملة العالمية/BDS التي تطالب بمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، وفرض العقوبات الدولية عليها لحين إنهاء الاحتلال الصهيوني وتحرير فلسطين.
مسؤولية مشتركة
ومنذ أغسطس/ آب الماضي، تتولى الشركة المتحدة للتسويق الرياضي حق تسويق رعاية قطاع الكرة في النادي الأهلي. وفي 21 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلن بنك أبو ظبي حصوله على حقوق الرعاية للنادي الأهلي لمدة 4 سنوات بعد اتفاق مع المتحدة.
وأوضح المصدر أن الشركة المتحدة هي التي تولت عملية استقدام عروض الرعاة، كما تولت مهمة التفاوض بين المُعلن من جهة والنادي الأهلي من جهة أخرى، وبناء عليه مسؤولية النادي مشتركة هنا في استقدام العروض والموافقة عليها.
وأضاف المصدر أن الشركة المتحدة أوجدت نفسها كوسيط في عملية تسويق الحقوق مقابل 20% من قيمة أي عقد يبرمه النادي مع الرعاة.
شراكة تمول "سرقة فلسطين"
في مطلع سبتمبر/ أيلول 2020 وعقب توقيع مذكرة تفاهم بين مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أعلن بنك أبو ظبي الأول أنه سيبدأ مناقشاته مع مجموعة من المؤسسات المالية الرائدة في إسرائيل، وبالتحديد بنكي هبوعليم ولئومي، بهدف تأسيس علاقات مصرفية تعزز التعاون المالي والاقتصادي بين البلدين، مع التركيز على تأسيس العلاقات بين البنوك والتجارة الثنائية والتكنولوجيا والابتكار.
ومع إعلان النادي الأهلي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، توقيع عقد مع بنك أبو ظبي الأول، لرعاية النادي لمدة 4 مواسم، ظهرت إعلانات البنك على صدر الزي الرسمي للاعبين بدءًا من مباراة الفريق أمام فريق نادي أسوان في الدوري الممتاز، في خطوة وصفها النادي بـ "الناجحة" باعتبارها تأتي ضمن أولويات الاستراتيجية الجديدة للنادي في تسويق حقوق الرعاية وتحقيق أكبر عائد مالي من خلال الشراكة مع الكيانات الكبرى.
هنا، وجّهت الحملة الشعبية الدعوة لمجلس إدارة النادي الأهلي للتراجع عن ذلك التعاقد بالنظر للخارطة التشاركية لتعاقدات ذلك البنك، التي تدعم سرقة الأراضي الفلسطينية لصالح بناء المستوطنات الإسرائيلية.
ومع الخطاب، أرفقت الحملة تقريرًا صادرًا عن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، يتضمن قائمة المؤسسات المالية المتورطة في دعم عمليات الاحتلال والاستيطان وتنتهك القانون الدولي.
وقالت الحملة إنها أرفقت كذلك تقريرًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش/HRW، يرصد تورط البنكين في سرقة وسلب الأراضي الفلسطينية من خلال دعم وتمويل بناء مستوطنات جديدة؛ بتقديم تمويل مباشر لمشروعات بناء وحدات سكنية على أراضٍ فلسطينية منهوبة مثل مشاريع غاني تمارا، إفرات هابتوها، ميشكانوت تراكلي، وميري نوف" بمستوطنات إفرات، وبيتار عيليت، وألفي منشيه.
كما يتورط البنكان في توفير القروض العقارية لمشتري المنازل في المستوطنات، وذلك من خلال مشاركتهما في برنامج صندوق الإسكان المعروف باسم المشكنتا، الذي أطلقته وزارة البناء والإسكان الإسرائيلية مطلع العام الجاري.
وبناءً على ما سبق اعتبرت الحملة شراكة بنك أبو ظبي الأول مع هذين البنكين واحدة من أسوأ الممارسات التطبيعية التي تورطت فيها المؤسسات العربية، مؤكدة أنها ترتقي لدرجة "التواطؤ على سرقة وسلب الأراضي الفلسطينية".
مع خطورة الاتهام الذي وجهته الحملة، أكد المصدر الذي تواصلت معه المنصة أن ما يشغل النادي بالنسبة للرعاة هي الشروط العامة التي ينبغي توافرها في أي مكان معروف واحترافي، بمعنى أن يكون الراعي جهة يمكن مخاطبتها رسميًا ومتعارفًا عليها، وتحظى بترحيب الجهات الرسمية بالدولة في التعامل معها وذلك بالنسبة للعلامات التجارية الخارجية، لافتًا إلى أن كل هذه الشروط متوفرة بالفعل بشأن بنك أبو ظبي الأول، وبناء عليه فلا يوجد رسميًا ما يمنع النادي الأهلي من التعاقد معه.
وأوضح المصدر أن "مبادئ النادي الأهلي لا تقبل على أي حال من الأحوال التعاون مع شركة أو بنك إسرائيليين أو من شأنها دعم الاحتلال الإسرائيلي للقدس"، ولكنه استدرك "هذا أمر غير متحقق في البنك المذكور، بحسب أن ما يثار حول امتلاك البنك لمشروعات واستثمارات تتم بالمشاركة مع شركات إسرائيلية هو أمر لا يعني النادي الأهلي، وليس من حقه التدخل فيه أو التعقيب عليه".
وطالب المصدر "عدم المزايدة على النادي الأهلي أو تحميله مسؤولية ما لا يحتمل في هذا الشأن"، لافتًا إلى أن الراعي الجديد أحد البنوك العاملة في السوق المصرفية المصرية ويباشر نشاطه داخل البلاد وفقًا للقوانين المقررة والقواعد الصادرة عن البنك المركزي المصري.
وقال المصدر "النادي الأهلي لم يستقطب البنك من الخارج للعمل في السوق المصرية؛ بل دشن أعماله في مصر بالفعل قبل التعاقد، وشأنه في ذلك شأن أي بنك استثماري عربي موجود في البلاد". منوهًا إلى أن البنك هو من سعى للحصول على رعاية النادي لتحقيق العامل التسويقي، وبناء عليه تقدم بأكبر عرض مالي من بين الشركات التي تقدمت للحصول على رعاية القلعة الحمراء.
ويرى المصدر أن النادي غير مطالب بالتحري عن كل الشركات المتقدمة لرعايته وتتبع استثماراتها في الخارج، وسأل مستنكرًا إن كان لدينا حصر رسمي بعدد الشركات العاملة بالسوق المصرية ولها استثمارات مع إسرائيل، وسرعان ما أجاب "بالقطع لا"، ومن ثم "فإن ما يهم النادي في هذا المقام هو توافر المعايير الرسمية التي سبق الإشارة إليها في الشركة المتقدمة لرعايته".
وشدد على أن الأهلي انتهى بالفعل من إبرام تعاقداته، ومن المستحيل اتخاذ قرار بالتراجع عما تضمنته من بنود، نظرًا للشروط الجزائية، رافضًا الإفصاح عن قيمتها.
الأهلي ليس الأول
ووفقًا للدعوات الصادرة عن حملة BDS Egypt ذاتها، ليس النادي الأهلي وحده الذي تورط في تعاقدات مع شركات تدعم الكيان الإسرائيلي.
ففي 2018 سبق لمسؤولي الحملة دعوة نادي الزمالك لفسخ تعاقده مع شركة Puma للملابس الرياضية، المتورطة في التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي من خلال دعم ورعاية الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم.
واعتبرت الحملة وقتها أن تعاقد الزمالك مع الشركة يمثل "تطبيعًا مع إحدى الجهات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي وتورطًا في الانتهاكات المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني".
وقالت الحملة في خطابها لنادي الزمالك "نتفهم أنكم ربما لم تكونوا على علم بحيثيّات تورط الشركة في دعم جرائم الإبادة الجماعية والتصفية العرقية التي يرتكبها الكيان الصهيوني، ونوجه الآن دعوتنا لأعضاء النادي وفي القلب منهم جمعيته العمومية ومجلس إدارته لاتخاذ موقف وطني وإنساني ينتصر لواحدة من أعدل القضايا الإنسانية بفسخ هذا التعاقد".
ومثلما تجاهل النادي اﻷهلي خطاب الحملة، لم يحرك نادي الزمالك ساكنًا تجاه فسخ التعاقد، واستمر الفريق يرتدي منتجات Puma طوال موسم 2018 -2019.