أكتب في ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء، قبل ساعات من موعد اجتماع الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين في "يوم الكرامة"، المنتظر ان يصلوا فيه لقرار ردًا على قتحام مقر نقابتهم، التي كانت وستظل مقصدًا للباحثين عن الحرية والعدل.
لماذا أكتب؟ ليس لتسجيل إدانتي لغطرسة الشرطة المعتادة، ولا مساندة دعوات للإفراج عن زملائي المتهمين بجرائم منصوص عليها في قانون العقوبات والإرهاب بحسب بيان النائب العام، بعدما عبروا عن رأيهم، وقاموا بنشر تقارير ومقالات صحفية مخالفة لما تراه السلطة التنفيذية في الدولة.
إنما أكتب لتسجيل بعض النقاط التي توضح لك كيف يفكر النظام، ولبيان موقف النواب المسئولين عن سن التشريعات الإعلامية وقوانين تداول المعلومات.
الكلام المكتوب نقله مصدر شارك في لقاءات واتصالات متعددة لمحاولة احتواء الأزمة، لم تنته إلى نتيجة تذكر.
مبدئيا معركة الكرامة ليست سهلة، إذ تصر الحكومة على أن وزارة الداخلية لم ترتكب أي خطأ في عملية ضبط وإحضار الصحفيان عمرو بدر ومحمود السقا من داخل النقابة.
تعنُّت رئيس الحكومة وصل لحد رفضه لقاء نقيب الصحفيين، ووعد وسطاء بالتفكير في الأمر وعرضه على وزير الداخلية.
كل تصرف تعتبره تصعيد من الداخليه لديه مبرر عند الحكومة، على سبيل المثال إغلاق الشارع ووضع كردون أمني هدفه في نظر الحكومة: "منع دخول مندسين وحدوث أي عنف، ومنع دخول الإخوان اللي لهم سوابق في قتل الناس في ماسبيرو ومحمد محمود وأماكن أخرى".
أما منع دخول ممثلي النقابات المهنية الأخرى الذين حضروا للتضامن مع الصحفيين فسببه لديهم: "من يريد التضامن يتضامن من نقابته، ولا داعي للدخول لنقابة الصحفيين؟ ولماذا تدخل منى مينا ونحن نعرف أنها اشتراكيين ثوريين؟". لم يدرك المسؤول قائل العبارة أن صورة منى مينا خلف الكردون الأمني ربما باتت أكثر تأثيرا من الصورة التي كانت ستلتقط لها إذا دخلت لمقر النقابة.
نواب بالمجلس منهم علاء عابد رئيس كتلة المصريين الأحرار، تواصل مع قيادات أمنية وتقدم بطلب لرئيس المجلس لشكيل لجنة تقصي حقائق والاستماع لممثلي الداخلية والنقابة. علاء عابد يريد حل الأزمة على طريقة "كل واحد يُقبِّل رأس التاني ويا دار ما دخلك شر".
رئيس لجنة الإعلام أسامة هيكل يرفض اقتحام النقابة، لكنه ينتقد مجلسها الذي سمح بما أسماه "إيواء مطلوبين". واعتبر أن وزير الداخلية طبَّق القانون.
غادة صقر أمين سر لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس، دعت لمقاطعة الصحف تضامنا مع الداخلية!! نعم النائبة المطلوب في إطار عمل لجنتها مناقشة تشريعات الثقافة والإعلام والحريات، تتبنى مقاطعة الصحف.
تعنت الحكومة وصلفها، وتخاذل النواب؛ يقابله تمسك من شباب الصحفيين بموقفهم، واستمرار ضغطهم على نقيب الصحفيين لعدم التراجع، واسترداد كرامتهم في معركة ربما لن تكون قصيرة.