مع إعلان وزير الآثار المصري ممدوح الدماطي عن اكتشاف غرفتين أخريين في مقبرة توت عنخ آمون، زادت التوقعات بأن تضم إحدى الغرفتين مومياء الملكة المصرية نفرتيتي، هذا الذي يشير إلى كشف معلومات ومعارف جديدة عن الحضارة المصرية القديمة.
تكتب الآثارية الإنجليزية كيمبرلي وات عن أبعاد هذا الاكتشاف
ترجمة عن الإندبندنت
لماذا نطرح السؤال الآن؟
صارت مقبرة توت عنخ آمون، الذي صار شهيرًا بعدما اكتشف هوارد كارتر مقبرته كاملة تقريبًا، موضوعًا ساخنًا مجددًا.
والسبب في ذلك يعود إلى نشر دكتور نيكولاس ريفز، عالم المصريات البارز والمدير السابق لمشروع "مقابر العمارنة الملكية"، لورقة بحثية كشف فيها أن هناك وراء جدران هذه المقبرة الصغيرة، غرف أخرى تظهرها الشقوق الرفيعة الموجودة بين الرسوم المزخرفة. وفي رأيه يمكن أن تحتوي هذه الغرف على رفات الملكة نفرتيتي.
تم فحص الجدران في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015، ولكن لم تظهر النتائج حتى يوم 17 مارس/آذار عام 2016، وذلك بعدما أعلن عن ذلك دكتور ممدوح الدماطي، وزير الآثار المصري منذ عام 2014.
ما الذي وُجد؟
باستخدام رادار مخترق للأرض (ذبذبات إلكترومغناطيسية مشعة تخترق السطح ثم تحلل نوع الاستجابة)، أجرى فريق مكون من وزير الآثار والعديد من المتخصصين فحصًا على جدران غرفة الدفن وكنوز مقبرة توت عنخ آمون. تشير هذه الفحوص إلى أن هناك فتحات خلف الجدارين الغربي والشرقي لغرفة الدفن.
وأشار الفحص الأكبر للبيانات الناتجة إلى أن هناك بقايا عضوية ومعدنية خلف كل فراغ من هؤلاء. هذا يعني أنهم صنعوا الشقوق عن قصد وأخفوها بحرص، بتغطية أماكن الدخول إليها ثم تزيينها. وتم الإخفاء بحرص شديد حتى أنها لما تُكتشف لحوالي قرن، وذلك منذ فتح المقبرة لأول مرة.
من هو توت عنخ آمون؟
اكتشف هوارد كارتر ودوجلاس بيري مقبرته عام 1922، وكان من المفاجيء أن أحدًا من سارقي المقابر لم يكتشفها قبل ذلك. كان القناع الذهبي الشهير الموجود بالمتحف المصري بالقاهرة من أكثر القطع المدهشة بين المحتويات الجنائزية، ولكن الألواح والتماثيل الخشبية كانت فريدة في تصميمها بالقدر نفسه.
كان توت عنخ آمون الملك الحادي عشر للأسرة الثامنة عشر (ما بين القرنين السادس عشر والثالث عشر قبل الميلاد) والذي حكم لتسعة أعوام وتوفى عندما كان في الثامنة عشرة من عمره تقريبًا. تحليلات الدي إن إيه تشير إلى أنه كان ابن الملك السابق إخناتون من شقيقته؛ المحظية الملكية. توفى بدون ورثة، هذا الذي أتاح لاثنين من قادة الجيش أن يخلفوه على العرش، آي ثم حورمحب.
بعد التخلي عن عقيدة فترة العمارنة، استعاد توت عنخ آمون وخلفاؤه الشكل القديم للدين وبدأوا في بناء معبد كبير في البلاد.
ما الذي نريد أن نعرفه أكثر؟
مقبرة توت عنخ آمون فريدة من نوعها، ليس فقط لأنها واحدة من المقابر القليلة التي لم تصل لها يد اللصوص، ولكن أيضا لأن تخطيطها يختلف بشكل كبير عن المقابر الأخرى العائدة إلى تلك الفترة.
نقَب وحفر الطريق إلى المقابر مجموعة من العمال بداخل جبل طيبة (القرنة) (على الضفة المواجهة للأقصر الحديثة)، والتي كانت تخفي الرفات الملكية والأثاث الجنائزي في مكان عميق بالجبل.
كانت الأدوات الجنائزية المكتشفة غير مسبوقة لدى الملوك وفقًا لسجلاتنا. هذا يعني أن العديد منها بدا فريدًا. ومن الممكن أن يغيّر هذا الاكتشاف الجديد من رأينا، إذا بدا أن هناك عضوًا آخر من العائلة المالكة دُفِن في هذه الغرف السرية.
ما الذي يمكن أن نتوقعه؟
أقل ما يمكن اكتشافه هو بداية ممرات تجعل المقبرة أكبر من مساحتها التي نعرفها حاليًا، وأماكن كان يتم فيها تقديم العطايا. في حالة وجود اكتشافات أكبر، ستجعلنا نعرف أن الغرف تحتوي على أدوات جنائزية أكثر من التي اُكتشفت في المقبرة.
هناك افتراض يرى أنها تحتوي على قبر عضو آخر في العائلة. هذا ممكن ولكن علينا أن نكون حذرين حتى تتم اكتشافات أخرى، هذا الذي نأمله.
لِم يعتقد الجميع إنها مقبرة نفرتيتي؟
عام 2015، نشر نيكولاس ريفز نظريته عن احتمال وجود غرف في مدفن توت عنخ آمون، وذكر أنه من الأرجح أن يكون المكان الأخير لزوجة إخناتون نفرتيتي.
أثناء فترة حكمه، كان لنفرتيتي دورًا رئيسيًا في الدين الجديد وربما أيضا في حكم البلاد. عاشت من بعد زوجها وربما صارت الوصية على توت عنخ آمون في سنواته المبكرة، أو ربما كانت هي نفسها الحاكمة، باعتبارها الفرعونة نفرنفرواتين.
في المتحف المصري، تم فحص العديد من المومياوات ومعرفة أصولها أثناء مشروع المومياوات المصرية. وبين جميع المومياوات التي تم اكتشافها، فلا واحدة فيها تطابق عمر نفرتيتي أو مواصفاتها الجسدية.
إحدى المومياوات، التي أشار إليها دكتور جوان فليتشر، كانت في الحقيقة متطابقة مع أم توت عنخ آمون، المحظية الملكية. من المحتمل أن عدم وجود معلومات كافية متعلقة بمومياء أخناتون هو ما جعل التطابق معقدًا.
بالتالي فنفرتيتي هي المرشحة المرجحة للغرفة السرية خاصة وأنها ماتت قبل توت عنخ آمون. ربما أيضا تكون الغرفة المكان الآخير لأحد موظفي البلاط الذي "أستعيرت" مقبرته بسبب موت توت عنخ آمون المفاجيء.
لم علينا أن نهتم باكتشاف هذه المقبرة الآن؟
من الممكن أن يكون هذا اكتشاف مذهل: ليس فقط بسبب حقيقة أنه يحتوي على أدوات ذات قيمة، وأشياء لم تُر من قبل ونصوص طويلة، ولكن بسبب أكبر لأن هذه فرصة نادرة لفهم الطريقة التي استطاع المصريون بها التعامل مع موتهم. ولأن هذا لا يحدث سوى الآن، فسوف يتم تسجيل هذا الاكتشاف بآخر تقنية وسوف تتولى الأجيال القادمة هذه العملية بعد ذلك.
كيف يمكن أن يغير الاكتشاف من فهمنا للمصريين القدماء؟
في مصر، وبفضل المناخ الجاف، تظل الرفات الإنسانية والعضوية بحالة جيدة جداً. فهمنا للمفاهيم والتصميمات ولملابس الدفن لديهم يزودنا بالمعارف الخاصة بثقافاتهم وعاداتهم.
كما هو واضح فالأفراد المشابيهن لتوت عنخ آمون والذين دفنوا في وادي الملوك، ولدوا على الأرجح لعائلة ملكية أو لأفراد مقربين من الملوك. ولكن لأن المجتمع المصري القديم كان يتبنى الهيراركية (النظام الهرمي)، فيمكننا أن نتوقع أن الممارسات التي يقوم بها من في الطبقات الأعلى تنعكس على من كانوا في قاعدة الهرم الطبقي.
سوف نكون بحاجة أن نوفق البيانات قليلا لفهم الناس العاديين. ولكن الأدلة الأثرية المختبئة هنا سوف تضاف إلى فهمنا ومعرفتنا للحضارة كلها، تلك الحضارة التي نشأت منذ أكثر من خمسة آلاف عام.