ينعزل زهران عبد الفتاح في حجرته عن العالم الخارجي، يقضي وقته في التنقل بين عشرات المراجع والمواد، في محاولة لاسترجاع كل ما درسه خلال أربع سنوات في كلية الطب في أوكرانيا، حتى يتمكن من اجتياز الاختبارات التي أعلنت عنها وزارة التعليم العالي، كشرط للتقديم في الجامعات المصرية، وتقام بداية من غد الموافق 28 مارس/ آذار الجاري، عله يُنقذ مستقبله الدراسي الذي عصفت به حرب، وما زالت ذكرياتها تلاحقه رغم نجاته منها وعودته إلى وطنه.
يتذكر الطالب في كلية الطب بجامعة بوالتافا كيف تبدلت الأحوال به وبزملائه من الطلاب المصريين في أوكرانيا، من هدوء قبل الغزو وسيرورة طبيعية للحياة، ساعدهم عليها تعامل "المواطن الأوكراني مع أنباء الغزو المحتمل بأعصاب هادئة"، إلى مشهد آخر مع إلقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطاب إعلان الغزو.
يقول زهران للمنصة، إن "القلق كان ينتابنا أكثر من الأوكرانيين"، موضحًا أن المجتمع الأوكراني "لا يشغله كثيرًا التفكير في المستقبل، حين كنا نسألهم عن أنباء الحروب يردون بعبارة واحدة we don’t care (لا يهمنا)". لكن حين بدأ القصف الروسي، تملك زهران ورفاقه الرعب، حيث انقطعت الحياة فجأة، وتوقف كل شيء، وبات همهم الوحيد العودة إلى مصر.
قطع الشاب ورفاقه سبيلًا طويلًا تغلفه الأهوال، عبر طرق وعرة، وتحليق للمقاتلات الروسية فوق رأسه، حتى وصلوا إلى الحدود البولندية، حيث تم تأمين عودتهم إلى مصر. يقول "على الرغم من أن مدينة بوالتافا التي نسكنها مدينة صغيرة وبعيدة عن الأحداث، إلا أنه بمجرد أن وردت إلينا أنباء القصف عشنا لحظات صعبة من الخوف والتوتر والقلق، وكنا نردد الشهادة باستمرار " .
يتابع "أجرينا اتصالات عديدة مع السفارة المصرية في أوكرانيا، ولمسنا منذ اللحظة جهود مكثفة من السفارة لجمع بياناتنا تمهيدًا لإجلائنا إلى مصر، وبالفعل خلال ساعات قليلة جهزنا أنفسنا للسفر، وتحركنا مع مجموعة تتكون من حوالي 50 شخصًا، وركبنا أحد القطارات في اتجاه العاصمة كييف، ولكن الرحلة لم تكن سهلة".
"كنا نشاهد الطائرات الروسية عبر نافذة القطار تحلق فوق رؤوسنا، كنا على مقربة من الموت في أي لحظة" يقول زهران، مستعيدًا تلك اللحظات "الطائرات مرت في سلام، حتى توقف القطار فجأة، وعرفنا بعدها أن تلك الطائرات إلى حلقت منذ قليل قصفت مواقع على خط السكة الحديد على بعد 10 كيلو مترات".
توقفت حركة القطارات قرابة ثماني ساعات، نتيجة للقصف الذي نجا منه الـ50 طالبًا، ومن بينهم زهران"عشنا لحظات عصيبة، مرت تلك الساعات، وتحرك القطار مرة أخري في اتجاه كييف، ومنها إلى مدينة لفيف القريبة من الحدود الأوكرانية البولندية تمهيدًا لخروجنا من أوكرانيا، وبمجرد وصولنا للحدود اعتقدنا أن اللحظات الصعبة انتهت، ولكننا تفاجئنا بعدد الوافدين الكبير، ما تطلب مكوثنا 30 ساعة أخرى، كما واجهنا بعض الممارسات العنصرية من السلطات الأوكرانية في عملية الإجلاء، وقتها أيقنا أن فرص خروجنا عبر هذا المعبر تكاد تكون مستحيلة، وقد نضطر للانتظار طويلاً حتى يتحدد مصيرنا".
اختبار ما بعد الكابوس
قلق زهران لم ينتهِ بعد نجاته من آتون الحرب في أوكرانيا عند عودته إلى مصر، ولكنه اتخذ شكلًا مغايرًا. فبينما يمكث الشاب بين تلال من الكتب، ما زال ينتظر تحديد مصيره الدراسي، حيث تفصله أيام فقط عن أداء اختبار سيتحدد بناء عليه إمكانية استكمال دراسته في جامعة مصرية، وحتى حال نجح، فإن مصيره ليس مأمونًا تمامًا في ظل الكثير من العراقيل.
ورغم إبداء الحكومة المصرية مرونة ظاهرية في في تسكين الطلاب العائدين من أوكرانيا داخل الجامعات، إلا أن تلك المرونة تتعقد عمليًا بعدة شروط، بعضها يكاد يكون مستحيل، كأن يتحصل الطلاب على أوراق تفيد دراستهم من الجامعات الأوكرانية تحت القصف.
وقال وزير التعليم العالي خالد عبد الغفار، إن الوزارة لديها قاعدة بيانات للطلاب المصريين في أوكرانيا الذين يبلغ عددهم 3220 طالبًا وطالبةً، مضيفًا في تصريحات أطلقها يوم 6 مارس/ آذار الجاري "لدينا تعليمات من الرئيس بالوقوف معهم بما لا يضر مستقبلهم، جراء هذه الحرب المفاجئة، طبقًا للوائح والقوانين". وزاد أن الوزارة على معرفة "بتفاصيل الدراسة لكل طالب، فهناك 2400 يدرسون بالقطاع الطبي، منهم 1584 بطب بشري بواقع 66%، و7% يدرسون صيدلة، و27% يدرسون طب أسنان، بالإضافة لبعض الطلاب الذين يدرسون الهندسة".
وبعد أربعة أيام فقط، وافق مجلس الوزراء رسميًا على قبول تحويل الطلاب المصريين الدارسين بالجامعات الأوكرانية، إلى الجامعات الخاصة والأهلية في مصر، وفقًا للتخصص المُناظر الدارس به الطالب في الخارج. ولم ينجح الحديث والقرارات الرسمية في استيعاب الطلاب، بل زادت في قلقهم.
شروط أم عراقيل؟
لكن القرار الوزاري تضمن عدة شروط منها "ألا تقل مدة الدراسة في الجامعة المُحول إليها الطالب في مصر ، عن عام دراسي كامل"، وهذا الشرط يعني عمليًا أن العام الدراسي الجاري ضاع على الطلاب، نصفه قبل الحرب في أوكرانيا، ونصفه الآخر في محاولة توفيق الأوضاع في مصر.
ويُشترط أيضًا لقبول تحويل الطلاب إلى التخصصات العملية بالجامعات الخاصة والأهلية، اجتيازهم للمقررات الدراسية المؤهلة لهذه التخصصات في شهادة الثانوية العامة، أو الشهادات المعادلة لها، وعلى الطالب تقديم شهادة الثانوية العامة أو الشهادة المعادلة التي تثبت ذلك.
كما تنص الشروط على أنه "سيتم إجراء اختبار للطالب في المُقررات التي درسها من خلال اختبار مركزي يجري لطلاب الطب البشري والصيدلة بكليتي الطب والصيدلة بجامعة القاهرة، ولطلاب طب الأسنان والهندسة بكليتي طب الأسنان، والهندسة بجامعة عين شمس، لتحديد المستوى الدراسي للطالب، أما عن التخصصات العلمية الأخرى فيتم اختبار الطالب بالجامعة التي يختار الطالب الالتحاق بها".
زهران ليس قلقًا من الامتحان "عن نفسي موافق على أي حل للأزمة يضمن استكمالنا لدراستنا وعدم ضياع مستقبلنا، وليس لدي أي مخاوف من إجراء اختبار ، ولكننا نصارع الزمن من أجل الاستعداد للاختبار، خاصة كونه اختبارًا شاملًا سيحدد مستوى الطالب، وبناء على نتيجته سيتم تحديد الفرقة الدراسية التي سنلتحق بها في الجامعات المصرية".
على عكس زهران، يبدي طالب آخر في الفرقة الخامسة بكلية الطب في جامعة إيفانو الأوكرانية هيثم عبد العاطي قلقه من صعوبة الاختبار قائلًا للمنصة"درست خلال السنوات الخمسة العديد من المقررات والمواد، ومن الصعب أن اجتاز اختبارًا شاملًا في كل ما درسته دون تحديد منهج محدد، دراسة الطب دراسة صعبة ومعقدة ومليئة بالتخصصات وتحتاج لفترة طويلة لتذكرها والإلمام بها".
ويتشارك ستيفين يوحنا مع هيثم التخوف نفسه، وهو طالب بالفرقة الثالثة بجامعة تاراس شفشينكو، قائلًا للمنصة "حاليًا أتنقل بين أكتر من 20 كتابًا وعندي صعوبة في تحصيل أي معلومة"، بل يذهب في تخوفه أبعد من الآخرين، بأن تكون "بعض الشروط التي أعلنها مجلس الوزراء تعجيزية لتحول دون وجود حل لأزمة الطلاب العائدين من أوكرانيا بشكل فعلي".
لماذا التمسك بالاختبار؟
وكان المتحدث باسم وزارة التعليم العالي الدكتور عادل عبد الغفار، قال إن الاختبار هدفه تحديد مستوى الطالب الحقيقي عبر لجان منعقدة برئاسة أساتذة من قصر العيني بالنسبة للطب البشري والأسنان والهندسة، وهناك تغاضٍ عن مجموع الثانوية العامة تمامًا. وحددت وزارة التعليم العالي موعد الامتحان في 28 مارس الجاري.
ولفهم سبب التمسك الرسمي بإجراء الاختبار والإعلان عن التغاضي عن نتيجة الثانوية، يجب العودة إلى ظروف دراسة الطب في أوكرانيا، والتي تعد إحدى الحيل التي يلجأ إليها البعض ممن لا يؤهلهم مجموعهم للالتحاق بكليات الطب في مصر.
يتذكر زهران أكتوبر/ تشرين الأول 2018، حينما خرج من مركز سمالوط التابع لمحافظة المنيا، ساعيًا وراء حلمه منذ الطفولة أن يصبح طبيبًا بشريًا مثل والده. يقول "حصلت على مجموع 88% في الثانوية العامة، وهذا المجموع لم يكن كافيًا للالتحاق بكلية الطب في أي من الجامعات الخاصة المصرية، وعلى الرغم من أن مجموعي كان يؤهلني للالتحاق بكليتي طب أسنان والصيدلة حسب تنسيق الجامعات الخاصة وقتها، إلا أني وبعد مشاورة عائلتي وأصدقائي اتخذت قرارًا باستكمال دراستي في الخارج".
في غضون ذلك، يؤكد المتحدث باسم وزارة التعليم العالي أن "إجراء الاختبار لتحديد المستوى أو الفرقة التي يلتحق بها الطالب وليس لرفضه".
أين الورق؟
بخلاف اختبار تحديد المستوى، ثمة شرط آخر أصعب، وهو الذي ينص على أن "يتقدم الطالب إلى الجامعة التي يرغب في التحويل إليها مباشرة، على أن يُقدم ما يُثبت صحة أنه مقيد بجامعة أوكرانية في العام الجامعي 2021/2022، وشهادة بالمقررات التي درسها ومُحتواها العلمي، وكذلك شهادة تحديد نتائج اختبار تحديد المستوى الدراسي من جامعة القاهرة، أو جامعة عين شمس، وفقًا للتخصص العلمي، وفي حالة تعذر تقديم شهادة المقررات خلال فترة ثلاثة شهور، يصبح قرار التحويل منعدمًا".
يقول زهران إن "جامعته رفضت في وقت سابق لعودته إلى مصر طلبه بالحصول على أي أوراق، بحجة أن لائحة الجامعة تنص على أنه لابد من مخاطبة وزارة الهجرة المصرية والسفارة المصرية في أوكرانيا لادراة الجامعة للحصول على تلك الأوراق"، أي أنه لا يمتلك "ملفه الدراسي". وتساءل الطالب "من سيتكفل بإحضار أوراقنا الموجودة في جامعات أوكرانيا؟".
وكان وزير التعليم نوه إلى علمهم بمشكلة الورق والثبوتية، لكنه لم يعلن عن الطريقة التي سيتم التعامل بها، بل ينص القرار على أن من لا يستوفي هذا الشرط يصبح طلبه "منعدمًا".
كما تنص الشروط على أنه "لا يجوز للطالب التحويل من الجامعة الخاصة أو الأهلية التي تم قبول تحويله بها إلى جامعة أخرى"، وعلى الطلاب الراغبين في التحويل (ابتداءً) "تقديم ما يُثبت الإقامة الفعلية -أثناء الدراسة- في دولة أوكرانيا قبل 24/2/2022 بكافة طرق الإثبات، ويسري هذا القرار فقط على الطلاب المصريين الدارسين بالجامعات الأوكرانية خلال العام الجامعي 2021/2022، نظرا للظروف الاستثنائية التي تمر بها دولة أوكرانيا حاليًا". وهي أمور كلها معقدة في ظل ظروف النزوح التي تعرض لها هولاء الطلاب حتى العودة إلى مصر في رحلة طويلة.
وقبل أيام من بدء الاختبارات، أعلنت السفارة المصرية في كييف، عبر صفحتها على فيسبوك، رابط، يقوم من خلاله الطلاب الذين يجدوا صعوبة في الحصول على أوراقهم من الجامعات الأوكرانية التسجيل عليه، دون توضيح أي من التفاصيل الأخرى.
لماذا تجذب أوكرانيا الطلاب المصريين؟
يعد لافتًا العدد الكبير الذي يشكله الطلاب المصريين في أوكرانيا، ما يفتح تساؤلًا حول الأسباب التي جعلت الدراسة في أوكرانيا جاذبة للمصريين. بدأت قصة زهران مع أوكرانيا بمصادفة، فالمجلس الأعلى للجامعات يعترف بالشهادات الجامعية في أوكرانيا، وهو ما جذب آلاف المصريين لاستكمال دراستهم الجامعية هناك، إذ أنه "بعد معادلة الشهادة الأجنبية في مصر والحصول على سنة الامتياز ، يحق للخريجين العمل في المستشفيات المصرية، بشرط اجتياز اختبار وزارة الصحة المصرية لمزاولة المهنة"، يقول زهران.
لكن في عام 2019، وضع المجلس ضوابط جديدة للطلاب لمعادلة شهاداتهم الأجنبية، حيث أعلن عن قائمة بالجامعات التي يتم النظر في معادلة الدرجات العلمية الممنوحة منها، في كل من أوكرانيا وجورجيا وأرمينيا وكازاخستان وروسيا، ولن يتم معادلة أي شهادة جامعية أجنبية يحصل عليها الطالب من خارج هذة القائمة.
ويتذكر الطالب ظروف سفره قبل سنوات "وقتها تواصلت مع أحد أصدقائي الذين سبقوني والتحقوا بإحدى كليات الطب في أوكرانيا، وبدأت في تجميع أوراقي، والتواصل مع وسطاء ومكاتب متمرسة في إنهاء إجراءات التقديم والالتحاق بالجامعات هناك، وفي أكتوبر غادرت مع ثلاثة من أصدقائي".
وصل زهران إلى مدينة بوالتافا الأوكرانية "وهي مدينة هادئة وصغيرة نسبيًا، استطعنا سريعًا أن نتجاوز الصدمة الثقافية، واختلاف العادات والتقاليد، وسرعان ما اندمجنا في أجواء الدراسة".
وتعد مصاريف الدراسة في أوكرانيا من عوامل الجذب الأخرى، يقول زهران "مصاريف الدراسة هناك مقارنة بباقي الدول الأوربية معقولة". وتجاوزت أحلام زهران ورفاقه العودة إلى مصر عقب الحصول على الشهادة، فغالبًا ما تتجه الأنظار إلى المعادلة الأمريكية أو البريطانية وأمل استكمال حياتهم العملية في الخارج، ولكن "أتت الحرب لتغير وجهتنا جميعًا، وأصبح كل ما يشغلنا الآن هو انتظامنا في الجامعات المصرية واجتيازنا لاختبارات تحديد المستوى " يضيف زهران.
وفيما تتركز أحلام زهران حاليًا على الانتظام في مدرج محاضرات بجامعة مصرية، يستبعد إمكانية تفكيره في العودة مجددًا حال انتهت الحرب في أوكرانيا وهدأت الأوضاع، في ظل الظروف القاسية التي عاشها هناك.
من جامعات أوكرانيا إلى الملك سلمان
فجأة، ودون مقدمات، فرضت ظروف الحرب أوضاعًا مختلفة على آلاف الطلاب، من التحصيل في جامعة أوربية على نهج معين من التحصيل، إلى الخيارات المتاحة من قبل الحكومة، بين الجامعات الأهلية أو الخاصة، وهو خيار ليس سهلًا. وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، دارت نقاشات عديدة داخل أحدى جروبات الطلاب العائدين من أوكرانيا ويسمى طلاب مصر العائدون، استطلعت المنصة آراء عدد منهم ممن قالوا إن الاختيار سيتحدد بناء على القدرة المادية لكل أسرة.
يفضل بعض الطلاب استكمال دراستهم في الجامعات الخاصة المصرية عن الجامعات الأهلية، وخاصة أن الأخيرة جامعات حديثة العهد لم يتجاوز عمرها العامين فقط، وتقع في محافظات بعيدة نسبيًا مقارنة بالجامعات الخاصة. والجامعات الأهلية أربع جامعات فقط هي جامعة الملك سلمان الدولية وتقع بمقراتها الثلاثة بمدن الطور، وشرم الشيخ، ورأس سدر في محافظة جنوب سيناء، وجامعة العلمين الدولية والتي تقع في مدينة العلمين الجديدة بمحافظة مطروح، وجامعة الجلالة بمحافظة السويس، وجامعة المنصورة الجديدة في محافظة الدقهلية.
لكن الدراسة في الجامعات الخاصة مكلفة يعجز البعض عن توفير نفقاتها التي قد تتجاوز 180 ألف جنيه مصري ومنها جامعة النهضة في محافظة بني سويف ، وقد تصل إلى 200 ألف في العام الدراسي الواحد، وهو ثلاثة أضعاف التكلفة التي كانوا يدفعونها أثناء دراستهم في أوكرانيا، والتي لا تتجاوز 4000 دولار أمريكي، بما يعادل ستون ألف جنيه مصري تقريبًا في العام الواحد (قبل ارتفاع سعر الصرف).
الفريق الثاني أقرب للالتحاق بالجامعات الأهلية والتي لا تتجاوز مصاريفها الدراسية 100 ألف جنيه في العام الواحد، وهو ما يعتبر نصف الرسوم المقررة في الجامعات الخاصة .
ورغم أن كلا الخيارين مرين للطلاب، إلا أن لحاقهم بأحدهم حلم هؤلاء الطلاب الآني في ظل العراقيل الموضوعة أمامهم.
هل نجحت الحكومة في اختبارها؟
ويختلف الطلاب في تقيم التعامل الحكومي معهم، فكما اختلفوا على القلق من الاختبار، أو الاطمئنان إلى إمكانية تجاوزه، وهي الخطوة التي تسبق التقديم للجامعات، فإنهم أيضًا رحلوا من أوكرانيا وفي وجدان كل منهم تقيم مختلف للتعامل الرسمي معهم خلال الأزمة، وجودة التحرك لإجلائهم من أوكرانيا.
يعتبر زهران أن التعامل الرسمي معهم خلال تواجدهم في أوكرانيا كان جيدًا وساعدهم على الثبات الانفعالي، لكن على عكسه، وصف هيثم وهو أحد الطلاب الذين تواصلت معهم المنصة تحركات السفارة المصرية في كييف بـ"البطيئة"، وهو ما اضطره وزملائه للاعتماد على الجهود الفردية.
يقول"قابلتنا مشكلة في إيجاد سيارات تنقلنا إلى الحدود الأوكرانية الرومانية، بعد أن صدر قرار من الحكومة الأوكرانية، بإلزم المواطنين الأوكرانيين من الرجال من سن 18 عامًا وحتى 60 عامًا بتسليم أنفسهم للجيش الأوكراني كمتطوعين، وهو القرار الذي تسبب في خوف السائقين، ورفضوا نقلنا إلى الحدود الأوكرانية الرومانية، خشية تعرضهم للتوقيف ومن ثم الحاقهم إجباريًا بقوات الجيش".
وبعد محاولات كثيرة، تمكن هيثم ورفاقه وبمساعدة أحد المصريين المقيمين في أوكرانيا، من توفير سيارات قامت بنقلهم بالقرب من الحدود الأوكرانية الرومانية، وواصلوا بعدها رحلتهم سيرًا على الأقدام لمسافة قصيرة إلى المعبر الروماني، وقضوا بعدها ليلة كاملة داخل الأراضي الرومانية، تمكنوا خلالها من حجز تذاكر السفر وإنهاء إجراءات العودة إلى مصر .
وبعد العودة، لم يجد هؤلاء الطلاب فرصة لمحاولة الاستشفاء أو التعافي من تلك التجربة، بل اُقحموا في أوراق مطلوبة، واختبارات، وقلق من أن يفشلوا في اللحاق بأي من الجامعات المصرية.