كعادته الأسبوعية، يخرج الحاج إبراهيم من المسجد، عقب صلاة الجمعة، ويتوجه إلى المنزل رقم 36 بشارع علي رمضان في الحي السادس بمدينة نصر، حيث تعيش والدته التي تبلغ 88 سنة، فيطمئن على صحتها، ثم يعود إلى منزله الملاصق لها، ليجلس في شرفته بالطابق الثاني ويقرأ الجريدة، قبل أن يطلب منه أحد الجيران النزول للحديث معه في أمرٍ لا يحتمل التأخير.
"هيمشونا من بيوتنا"، كانت تلك العبارة التي قالها الجار في وجه إبراهيم عبد الستار، الذي يبلغ من العمر 66 سنة، ويسكن الحي منذ ولادته، ليظن في البداية أن جاره يمازحه، لكنه يكتشف أن الأمر حقيقي، فهناك بالفعل مشروع لإزالة المنطقة.
قبل أيام، أعلنت محافظة القاهرة عزمها إزالة وهدم الحي السادس، وعقد نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية، إبراهيم صابر، اجتماعًا مع عدد من الأهالي من أجل شرح الأمر لهم وتعريفهم بالبدائل المتاحة والخيارات الموجودة، الأمر الذي أثار حفيظة عدد منهم، اعتبروا ما يتم بأنه "تهجير"، مثلما حدث في مناطق عدة.
الإزالة والهدم بحسب التصريحات الحكومية تأتي لتنفيذ مخطط تطويري للمنطقة "لا رجعه فيه"، بحسب تأكيد مصدر بمحافظة القاهرة لموقع مصراوي، ومن المنتظر أن يُصدر رئيس الوزراء قرارًا بنزع ملكية هذه العقارات من أجل المنفعة العامة.
تلقى الحاج إبراهيم النبأ بعدما أصبح واقعًا يسعى الأهالي للتعامل معه "أنا عشت عمري هنا واشتغلت هنا، واتجوزت وخلفت، شغلي كان في المقاولين العرب، والدتي ساكنة جنبي، إزاي حد فجأة ممكن يجي يشيلني من المكان اللي عشت واتربيت فيه ويوديني حتة تانية، حتى لو كانت أحسن؟ ده مش معقول ولا منطقي".
في منزل بسيط، يسكن إبراهيم مع زوجته وأبناءه الأربعة، بمجرد أن يفتح باب الشقة لاستقبالك تجد غرفة معيشة متواضعة، مكتظة بأجهزة كهربائية مغلَّفة هي من بين "جهاز" ابنته الكبرى، التي سيعقد قرانها قريبًا، وفي مقابل تلك الغرفة يقع مطبخ صغير يفصل بينه وبين الغرفة ستارة رقيقة، يقف وراءها ابنه عمرو الذي تخرج في الجامعة يساعد والدته، وبجانبه غرفتي النوم، بهما شقيقتيه الصغيرتين، إحداهما في المرحلة الإعدادية، والصغرى في المرحلة الابتدائية.
بساطة الحياة تبدو واضحة أيضًا على وجه العم إبراهيم، الذي لا يرغب سوى في العيش بهدوء مع أسرته وإلى جوار والدته التي أخبرت ابنها برفض المغادرة "مش هسيب شقتي.. هموت فيها".
ولد إبراهيم وعاش حياته بأكملها في الحي السادس، ويرتبط معه بذكريات عدة مثل أعياد ميلاده التي كانت يحتفل بها مع أصدقائه من المنطقة، وحفل صغير أقاموه له بعد خروجه على المعاش، وذكريات مع أبنائه وزوجته، التي ولدت أيضًا في العقار نفسه الذي تزوجت فيه فيما بعد.
خيارات ثلاثة
يرى إبراهيم أنه من الممكن صيانة العمارات بوضعها الحالي، بدلًا من هدمها، وهو الخيار الذي يتفق عليه كثير من الأهالي، ولكن الحلول التي تطرحها الدولة لا تعتبر به، حيث تطرح الحكومة خيار الحصول على شقة بديلة في المنطقة نفسها ولكن بعد الانتهاء من عملية التطوير، وتأجير مسكن من المحافظة خلال فترة العمل بالمشروع، أو الحصول على تعويض مالي يحدده المُقيِّم العقاري الذي تعيّنه المحافظة، أو الحصول على شقق بديلة في المدن الجديدة مثل السلام، والنهضة.
التعويضات تقدرها الحكومة بستة آلاف جنيه للمتر للشقق السكنية، و14 ألفًا للمتر للمحال التجارية، وهو ما يراه الأهالي غير مُجدٍ، فبذلك تقدر قيمة شقق الحي السادس ما بين 600 إلى 650 ألف جنيه، بينما الحصول على شقة بالمساحة نفسها في مشروع جاردينيا الذي أقيم حديثًا في مدينة نصر بالقرب من المنطقة المقرر إزالتها، يكلف مليونًا و300 ألف جنيه، وفقًا لحديث نائب المحافظ مع الأهالي، فيما لم تتحدد قيمة الإيجارات المؤقتة حتى الآن.
تلك الخيارات غير مُرضية لإبراهيم ومن معه، الذين حضروا اجتماع نائب محافظ القاهرة، وأكد خلاله أنه من حق الدولة التحكم في الهدم والإزالة، وفقًا لقانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، موجهًا رسالته للمواطنين بالموافقة على أحد الحلول، التي جاءت مخيبة للآمال "شقتي 3 أوض وصالة، مساحتها 90 متر، في منطقة حيوية قريبة من جامعة الأزهر، ومستشفى جراحات اليوم والواحد، وعباس العقاد، تعتبر في قلب مدينة نصر، ومش حته عشوائية، وأنا مش ضامن أقول هاخد شقة في نفس المنطقة لحد عملية التطوير متخلص، وطالما في تطوير يبقى ميتطورش الشقق والعمارات بحالتها الحالية ليه"، يقول إبراهيم.
في المقابل يرى المحامي أحمد سعيد، أن نصوص القانون لا تسري على تلك العقارات، حيث إن قانون نزع ملكية العقارات الخاصة، ينص على أنه من أعمال المنفعة العامة إنشاء الطرق والميادين وعمليات التوسعة وغيرها، وتلك المنطقة لا تحتاج للتوسعة أو مزيد من الشوارع والميادين لأن شوارع المنطقة يصل عرضها إلى 15 مترًا، فلا تسبب اختناقات مرورية تجلعها بحاجة لإعادة تقسيمها أو تخطيطها، وهناك مساحات خضراء بين العمارات، كما أن القانون ينص على النزع عند حالات التطوير التي تتحدث عنها الدولة، عندما يكون بقاء العمارات بحالتها من حيث الشكل أو المساحة لا يتفق مع التحسين المطلوب، وهو ما لا يتحقق أيضًا في حالة بلوكات مدينة نصر، التي لا تصنف عشوائية، فهي مدرجة بمحافظة القاهرة، وتم بناءها بالمعايير المعتمدة هندسيًا.
منطقة بلوكات الحي السادس في مدينة نصر، أنشئت في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، والحد الأقصى لارتفاعها خمسة أدوار، ووفقًا لروايات الأهالي، جمعت تلك المباني العديد من الأسر التي هجرت من كل من الإسماعيلية وبورسعيد والسويس أثناء العدوان الثلاثي، واستمر الأهالي يتوارثون تلك الشقق السكنية، وأصبحت تجمع أيضًا عددًا من طلاب جامعة الأزهر، الذين يستأجرون الشقق من ملاكها لقربها من مقر دراستهم.
المنطقة المقرر هدمها، وفقًا للمهندسة ميرفت مطر، رئيسة حي غرب مدينة نصر بالقاهرة تضم 122 بلوكًا، بها 3500 شقة سكنية، تبدأ من خلف قسم شرطة مدينة نصر ثان، وصولًا لشارع الخليفة الظافر، بخلاف الأنشطة التجارية الجاري حصرها من محلات وورش وخلافه.
مصلحة المواطن
ترى مطر في حديثها للمنصة، أن مصلحة المواطن هي الأهم، وفتح الحوار معه والوصول لتوافق معه هو ما يتم حاليًا، وبالفعل بدأ الحي في تلقى رغبات المواطنين، ومنهم من وافق على التعويض المالي، لتصف من يعارِض الخيارات الثلاثة، بأنه "يحاول إثارة الشائعات والبلبلة"، لأن تلك البلوكات تهالكت ومرَّ عليها ما يقرب من 60 سنة، بجانب "العشش والورش"، التي تزعج المواطنين، والمقامة على أملاك الدولة.
في المقابل يرفض العم إبراهيم وصف المنطقة بالعشوائيات "في عمارة ولا 2 واجهتهم مش حلوة، لكن مفيش عشش ولا عشوائيات زي ما بيتقال، ولا في شائعات، الناس رافضة تمشي من بيوتها اللي عاشت فيها عمرها، وفي ناس مرتبطة بمدارس وشغل في المنطقة، يبقى إزاي حد فجأة يقرر يقلب حياة الناس، وبالنسبة للورش فمعظمها قفل من فترة، ومبقاش في المنطقة غير 2 أو 3 بالكتير ومش مضايقين الأهالي".
يتفق مع الحاج إبراهيم، نادر عيد، الذي اشترى محلًا مساحته 23 مترًا بقيمة 2 مليون جنيه، منذ ثلاثة أشهر، ليصبح الخيار المتاح أمامه حاليًا هو الحصول على تعويض 14 ألف جنيه للمتر "المحل لسه شاريه ومجهزة وعامله سوبر ماركت متفتحش، ولو افقت على كلام نائب المحافظ وأخذت في المتر 14 ألف، يبقى مش هيكمل ربع تمنه، طيب والخسارة دي مين يتحملها، وبعد لما خلاص قربت أفتح وأبدأ شغل، وهوظف ناس كل ده يقف من غير سبب؟".
الحاج إبراهيم ونادر، يظنان أن السبب الحقيقي وراء الإزالة هو بيع المنطقة لأحد المستثمرين، وهو ما نفته رئيس حي غرب، متمسكة بأن الهدف هو التطوير من أجل الصالح العام، ليرد نادر بأن مصلحته هو ومن معه في المنطقة تطويرها بأيديهم، وبمساعدة الدولة، وليس "طردهم" منها كمال قال.
اعتراضات الأهالي، انتقلت لمواقع التواصل الاجتماعي، وتحت وسم "#لا_لإزاله_الحي_السادس_والسابع" يتجمع الرافضون، وينشرون صور المنطقة ويؤكدون أنها ليست شعبية ولا عشوائية، يرحبون بالتطوير، ويرفضون ترك المنازل، ويبحثون عن سبل للاعتراض، حتى نشرت سميرة* واحدة من سكان الحي بصحبة ثلاثة من جيرانها مقطع فيديو يرددن خلاله أنهن لن يتركن منازلهن، ويطالن بتطوير المنطقة، ويستغيثن برئاسة الجمهورية.
وبعد ساعات من نشر المقطع، وجدت سميرة أحد رجال الأمن يطرق باب شقتها، ويطلب منها مسح المقطع "الساعة كانت 2 بليل، ولقيت حد معرفش هو من القسم ولا من أمن الدولة بيطلب مني أمسح الفيديو، أنا بصراحة خفت، وكلمت الاتنين اللي طلعوا معايا في الفيديو، احنا طلعنا نستنجد، بس من الخوف قررنا نسكت ومنتكلمش تاني".
الخوف الذي دفع سميرة وجيرانها لمسح الفيديو والصمت خوفًا من الملاحقة الأمنية، أصبح ملازمًا لهن ولأسرهن "بقينا خايفين ننام لنلاقي حد بيخبط علينا علشان نسيب شققنا، طيب نروح فين، ومدارس العيال، وشغل جوزي اللي في عباس العقاد؟ لو اتنقلنا لواحدة من الحتت الجديدة هيروح شغله كل يوم ازاي".
خسارة مزدوجة
ما يثير غضب الأهالي أيضًا، هو تركيب خطوط للمياه للعقارات العام الماضي بتكلفة وصلت لما يقرب من 10 مليون جنيه، تقسَّط على الشقق عبر فواتير المياه "لو كان مقرر المنطقة تتشال ليه كانوا بيدخلوا وصلات مياه، وفضلنا نسدد في أقساطها على كل شقة يجي 4 آلاف جنيه"، قالت سميرة، التي تتفق أن واجهات العمارات "مش أحسن حاجة"، ولكن يمكن دهانها، ورصف الطرق، وغيرها من أعمال الصيانة والتطوير.
ومع الاعتراض عبر صفحات التواصل الاجتماعي، هناك شكل آخر من التحرك على الأرض، بدأه المحامي أحمد سعيد، برفع دعوى أمام مجلس الدولة، حملت رقم 22557 لسنة 76 قضائية، طالب فيها بإيقاف تنفيذ القرار، وندب لجنة من الخبراء مشكلة من وزارتي العدل والإسكان وإحدى كليات الهندسة لتكون مهمتها وضع تقرير كامل للمنطقة حول السلامة الإنشائية للعقارات، على أن توضح إذا كانت آيلة للسقوط من عدمه، وكذلك مدى إمكانية تطويرها على وضعها الحالي بحيث يجري تعديل واجهات العقارات وترميمها بما يتناسب والوجه الحضاري والجمالي للمخطط العام للتطوير العام الذي تتبناه الدولة.
وطالب المحامي في دعواه التي اختصم فيها رئيس مجلس الوزراء ووزيري الإسكان والداخلية، ومحافظ القاهرة ومأمور قسم مدينة نصر ثان، واطلعت عليها المنصة، بوقف مخطط هدم العقارات والبدء في تطويرها جماليًا وإعادة صيانتها، حال خرج تقرير اللجنة بسلامة الإنشاءات.
ومن منصات القضاء إلى البرلمان، تقدمت النائبة مها عبد الناصر، بطلب إحاطة موجه إلى رئيس مجلس الوزراء، ووزير الإسكان، ومحافظ القاهرة، ورئيسة حي شرق القاهرة، فيما أكدت تضارب المعلومات بشأن الجهة المسؤولة عن الخطة.
وأوضحت عبد الناصر التي سبق وبادرت بتقديم طلب إحاطة من قبل لوقف مخطط محور الجزائر في المعادي، أن عددًا من السكان لجأوا لها، وأطلعوها على فيديوهات للقاء جمعهم بنائب المحافظ ورئيسة حي شرق والعروض التي تلقوها مقابل ترك منازلهم.
تعتبر عبد الناصر طلب الإحاطة "ورقة ضغط" للرجوع عن هذا النوع من المخططات"، وقالت للمنصة "الموضوع غريب، معناه إن أي سكان في أي مكان ممكن يتعرضوا لمخططات من هذا النوع، "الطلب ورقة لمحاولة وقف المخطط أو على الأقل يوصل لهم إن في ردود أفعال والمسألة مش سهلة".
وتساءلت عبد الناصر في طلب الإحاطة "هل انتقلنا من مرحلة بيع الأراضي في الصحراء إلى مرحلة بيع العمران الحي فى قلب المدينة، لاسيما وأن هذه المساكن لها ملكية شرعية وموثقة فى حى سليم منظم؟"، وما هي الأزمة التي تستدعي الوصول إلى هذه المرحلة من الإزالات؟ هل لدينا مشكلة أمنية في هذه المنطقة مثلًا؟".
وعلى الأرض أيضًا، بدأ عدد من الأهالي توزيع لافتات مدون عليها "لا لإزالة الحي السادس"، "تمسكوا بحقوقكم"، أمام الشقق والمحلات، ومنهم من فكر في كتابة العبارات نفسها على لافتات وتعليقها في شرفات المنازل، حتى تصل رسالتهم.
أمنية خليل الباحثة العمرانية، التي عملت من قبل على ما حدث في إخلاء جزيرة الوراق وعزبة أبو قرن بمصر القديمة، ترى الوضع مشابهًا، فما يتم تصفه بإخلاء قسري كما قالت في حديثها للمنصة "اللي بيحصل إن مش كل الناس بتتنقل وبيروحوا أماكن مؤمَّنة زي الأسمرات، ده غير إن الإخلاء القسري ده كله بيكون انتهاكات".
وترى خليل أنه مع تصاعد تجريم الانتهاكات أثناء عمليات الإخلاء القسري عالميًا وتوقيع الدولة المصرية على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكن عمليات الإخلاء القسري مستمرة، فيجبر السكان على ترك شققهم في مقابل شقق في مشروعات الإسكان الاجتماعي، تحددها الحكومة، دون فرصة اختيار من أصحاب الشقق أنفسهم، وتطلق الدولة على الأمر "إعادة التعمير"، وفي المقابل يواجه السكان ضغوظًا عند معارضتهم ترك أماكنهم، وهجر محالهم وحرفهم.
بين عامي 2005 و2010 طرحت الحكومة المصرية سياستها للتنمية العمرانية في مصر في صورة أجندة عمرانية جديدة تحت مسمى "المخطط الاستراتيجي لإقليم القاهرة الكبرى 2050"، الذي يشار له بـ مخطط القاهرة 2050، وهدفت رؤية المخطط ومشروعاته المتعددة إلى تحويل القاهرة الكبرى لعاصمة سياحية وتجارية، وتبع ذلك إخلاء بعض المناطق قسريًا بدعوى إنقاذ حياة السكان، مثلما حدث عند إخلاء ساكني منشية ناصر ونقلهم إلى مدينة النهضة، ومساكن الأولى بالرعاية بمدينة السادس من أكتوبر.
وفي عام 2014 أصدرت الحكومة استراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030، التي تضمنت محاورها تنفيذ مخطط القاهرة 2050 بنفس تصوراته المُصممة قبل قرابة عشر سنوات، كما شهد عام 2019 تبني سياسات الإخلاء التفاوضي نفسها في مناطق مصر القديمة والشرابية، وغيرها من المناطق، وهي الممارسات ذاتها التي تتم حتى الآن. تقول خليل للمنصة.
وتشير خليل، إلى أن الخطط العمرانية تضمنت أشكالًا مختلفة من العنف ضد المواطنين، جعلتهم مدافعين عن العمران في مواجهة الدولة "قرر النظام بناء دولة جديدة بنظم تتبع رؤيته الخاصة، ودونما استشارة أي من المواطنين، كما تضمنت عدم المشاركة السياسية من أي من الأحزاب تجاه تلك الرؤى والتغييرات العمرانية، ولا لأي من الناشطين العمرانيين".
عمليات التطوير كما تصفها الدولة، ويطلق عليها الأهالي تهجير، تتكرر في مناطق عدة، منها ما حدث مع أهالي منطقة عزبة نادي الصيد في الإسكندرية، فبيعت المنطقة لأحد المستثمرين بزعم أنها عشوائية، ونُقل أهلها لمنطقة "بشاير الخير"، وحينها دارت مواجهات بين قوات الأمن والأهالي، انتهت بالقبض على أكثر من 20 منهم، وانتهى الأمر بنقلهم للمنطقة الجديدة.
وقبل الثورة المصرية في يناير/ كانون الثاني 2011، نُقلت 13500 أسرة من مناطقهم إلى المدن الجديدة في "النهضة" و"السلام"، ومساكن "الأولى بالرعاية" في مدينة السادس من أكتوبر، طبقًا لإحصائيات عام 2011 من محافظة القاهرة، و تضمنت عمليات النقل إخلاءً قسريًا، وعنفًا ضد السكان من قبل السلطات التنفيذية، وظهر ذلك في نقل السكان من منشية ناصر، والدويقة، ومصر القديمة، وفي عام 2013، قررت الحكومة اتباع العمليات نفسها في الإخلاء والنقل، التي تضمنت بناء عدد من العمارات السكنية في المدن الجديدة بهدف نقل السكان إليها.
مليارات الجنيهات صُرفت على عمليات تشييد تلك المشروعات، ولإعادة تسكين الأهالي، تُطرح عليهم خيارات، أولها التعويض المادي، وثانيها التعويض بوحدة سكنية، سواء في واحدٍ من مشاريع الإسكان الاجتماعي، أو في المنطقة بعد تطويرها، مثلما حدث في منطقة "مثلث ماسبيرو" بحي بولاق أبو العلا.
وبالعودة لسكان الحي السادس في مدينة نصر، لا يزال الوضع مرتبكًا، حيث ترفض كثير من الأسر الخيارات الثلاثة المتاحة أمامهم، ويعبرون عن اعتراضهم بوسائل مختلفة، بينما يسعى الحاج إبراهيم في لقاءاته بالجيران المحيطيين، للتأكيد على أنهم "إيد واحدة"، وعليهم الاتحاد للمطالبة بحقهم.
* اسم مستعار بناء على طلب المصدر