في الخريف الماضي، ألقت الشرطة القبض على ثلاثة من قياديي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بينهم مديرها التنفيذي جاسر عبد الرازق، على خلفية زيارة أجراها سفراء دول أوروبية لمقر المبادرة لمناقشة سبل دعم أوضاع حقوق الإنسان في مصر، ثم ظهروا تباعًا أمام نيابة أمن الدولة التي قررت حبسهم على ذمة اتهامات "الانضمام لجماعة إرهابية" و"إذاعة البيانات الكاذبة".
أثار هذا التصعيد المفاجئ في حينه موجة انتقادات محلية ودولية واسعة ونددت به دول ومنظمات على رأسها الأمم المتحدة، لتدخل وزارة الخارجية على الخط ببيان ذكرت فيه أن "حرية العمل الأهلي مكفولة في مصر بموجب الدستور والقوانين المصرية، وأن العمل في أي من المجالات يجب أن يكون على النحو الذي تُنظمه القوانين المطبقة ذات الصلة ومُحاسبة من يخالفه".
ولكن بعيدًا عن الانتقادات المتصاعدة والبيانات المتبادلة، كان رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات يفكر في كيفية فتح آلية للتواصل بين الدولة من جهة والكيانات الحقوقية والمعارضة من جهة أخرى، لتهدئة المناخ التصعيدي والمساعدة في الإفراج عن آلاف المحبوسين خلال السنوات الماضية ما سيساعد على تخفيف حدة الانتقادات الدولية لمصر، فيما يتعلق بملف الحقوق والحريات.
بحسب السادات، الذي أجرت المنصة معه حوارًا مطولًا، فإن الهدف الأساسي لهذه الآلية هو التخفيف عن عن المحبوسين وأسرهم "حتى نستطيع حينها نتحرك في الخارج أو نتحدث، يكون لدينا المادة التي نستطيع من خلالها التأكيد على التطور والتحسن في ملف الحقوق والحريات".
لعب البرلماني السابق دورًا للوساطة في الإفراج عن مديري المبادرة الثلاثة، ومع انتهاء الأزمة في 3 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بدأت فكرة تشكيل مجموعة الحوار الدولي تتبلور أكثر في ذهنه، لتصبح جماعة ضغط (لوبي)، وتؤسس آليةً مستمرة للتواصل مع مؤسسات الدولة، بعد نجاحها الأول في حل أزمة المبادرة.
أتى أعضاء المجموعة من خلفيات مختلفة وتيارات متنوعة، ولكن تجمعهم وفقًا للسادات نفس الروح والآراء "عقدنا لقاءات ومناقشات بيننا لنسير على خطى واحدة وتقريب الأفكار، وبالفعل أتت تلك اللقاءات بثمار، فمنهم من كان متحفظًا على التدخل في الإفراج عن بعض الأسماء، وترديد عبارات الأجندات الخارجية ونظرية المؤامرة التي كانت تردد من قبل، ولكن تلك اللقاءات قربت وجهت النظر بين أعضاء المجموعة، فنحن بحاجة لمساعدة البلد".
تضم المبادرة كلًا من السفيرة مشيرة خطاب التي شغلت منصبين وزاريين فضلًا عن عملها الدبلوماسي، والإعلامي يوسف الحسيني، وعضو الهيئة العليا لحزب النور أشرف ثابت وكليهما من أعضاء مجلس الشيوخ، وإيهاب رمزي عضو اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، والنائبتين في مجلس النواب فضية سالم وسحر البزار وهي عضوة في حزب مستقبل وطن، ووكيلة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب ورئيسة منتدى البرلمانيين الشباب التابع للاتحاد البرلماني الدولي.
تبلورت الاتصالات والاجتماعات عن تأسيس مجموعة الحوار الدولي في مارس/ آذار الماضي، وعلى مدار ما يقرب من سبعة أشهر منذ إعلانها، استطاعت المجموعة التوسط للإفراج عن عشرات المحبوسين على ذمة قضايا سياسية، في أرقام اعتبرها السادات "معتبرة" بالنسبة للبسطاء غير المعروفين، و"معدودة" من المشاهير.
نظام لا يمكن تجاهله
عندما انتقل السادات للحديث عن الواقع الذي تعمل في ظله مبادرته، خفتت الابتسامة التي علت وجهه عند الحديث عن البسطاء الذين أخلي سبيلهم، وقال بكثير من الجدية "هناك واقع سياسي في مصر، ودولة ونظام قوي، ومستقر، وأجهزة بتتحكم في العمل العام والسياسي والصحفي والإعلامي، لازم نتعامل معاهم، فهم يشبهون مصلحة الأحوال المدنية لا يمكن أن تتم الأمور دون التعامل معها"، ثم تابع بسخرية "بيتقال علينا الناس اللي بتتعامل مع الأجهزة، أمال هنتعامل مع مين، دا كلام بيطلع من عواجيز الفرح، من ناس مش عاجبها حاجة".
ولفت السادات هنا إلى أنه وخلال سنوات ماضية كان في "معسكر المعارضة"، حتى اكتشف أن المواجهة المباشرة مع نظام "قوى زي القطر بيهرس أي حد" لن تفلح، ومن هنا جاءت الحاجة إلى طريقة مغايرة للتفكير "لسنوات طويلة ظلت الحركات المدنية في خانة إصدار البيانات والشجب والتنديد، وهو ما لم يثمر عن فائدة، بالعكس كانت الأمور تزيد سوءًا، فالاشتباك مع الواقع بطريقة مختلفة هو الحل لمساعدة الآخرين، والوصول لفتح قنوات اتصال حقيقية بين الطرفين".
وبالتوازي مع قوة النظام فإن الحياة الحزبية في مصر ضعيفة كما يراها السادات، لأسباب تتحمل بعضها الدولة "وأسباب أيضًا تتحملها الأحزاب التي حصرت نفسها في مكان واحد وأصبحت تتحدث بطريقة واحدة، وأصبحت الأحزاب وقياداتها تبحث عن لافتات ووجاهة اجتماعية، فالجميع مشترك فيما وصلت إليه الحياة الحزبية، ومن هنا لابد أن يكون التفكير خارج الصندوق".
ووسط رنين أجراس هاتفيه التي لم يستجب لها لاستكمال الحوار، أكد أنه لا يخشى وضعه في معكسر المعارضة مرة أخرى، لأنه أعلن تشكيل المجموعة ولم تكن سرًا، وأعلن سعيه لفتح قنوات اتصال لفحص ملفات محبوسين لحالات إنسانية وقانونية وغيرها "اللي يخاف هو المرشدين اللي بيشتغلوا مع الأجهزة، وبيكتبوا تقارير في زمايلهم، لكن إحنا شغلنا واضح وفي العلن، مفيش حد بيبلغ عن نفسه"، متابعًا "وبالرغم من هذا لأن الدولة عارفة دماغنا وعارفة إننا بنلعب سياسة فعلينا قيود ومحاذير، فلسة مثلًا في الإعلام محطوطين على البلاك ليست، لا يتم استضافتي إلا لما يكونوا هم عاوزين حاجة أقولها في حياة كريمة مثلًا، لكن غير كده لأ، وهي مناورة، والعبرة في النهاية للي يقدر يحقق نجاح".
انفراجة أدنى من الطموح
وبحماس حذر، وصف السادات استجابة النظام بالإفراج عن عشرات المحبوسين بأنها "جيدة، ولكنها لا تمثل طموح المجموعة" التي تسعى للمزيد من تلك الانفراجات عبر الألية الجديدة التي نجحت في صنعها، واستغلتها لعقد لقاءات مع سفراء أجانب من عدة دول، واشتبكت المجموعة أيضًا بموضوع سد النهضة، وجاري التخطيط لجولات خارجية، مع نهاية الشهر المقبل.
ومن اتصالاته التي يجريها منذ تأسيس المجموعة قبل سبعة أشهر، يلمس السادات "نية من داخل الدولة لانفراجة، لأن الدولة بالفعل على طريق الاستقرار، ولكن تلك المبادرة لن تشمل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أو من على خطاها، التي سعت المجموعة في بدايتها للتحدث عن أسماء من أعضائها، ولكن قوبلت بالرفض التام، والاتجاه للتيار المدني فقط، سواء في حبس احتياطي أو أشخاص صدرت ضدهم أحكام بالفعل".
وبينما لا يضع الأمن، وفقًا لشهادة السادات، أي قيود على المفرج عنهم "محدش اتقاله حاجة وده قدام عيني لما كنت باخدهم من الأمن الوطني، كل اللي بيطلب منهم إنهم يكتبوا اللي هما عاوزينه أو ممارسة دورهم أي كان سواء صحفي أو ناشط أو غيرهم بس بدون استخدام عبارات حادة أو تجاوز"، فإن "حساسية الأجهزة الأمنية بسبب ما حدث خلال السبع أو التمان سنين اللي فاتت" ما زال يؤدي إلى بطء اتخاذ القرار أو توزيع المفرج عنهم على دفعات أكثر.
ويتطرق السادات إلى شرح آلية عمل مجموعة الحوار الدولي، التي تستقبل أسماء المحبوسين وتفاصيل قضاياهم من خلال اتصالات أصدقاء أو وساطات، فترسلها في خطابات إلى الجهات الأمنية، مع تصنيف الشخص هل صدر ضده حكم بالفعل فيبحث عن عفو رئاسي، أم ما زال تحت الحبس الاحتياطي، أو يحاكم أمام القضاء العسكري، والأمن هو من عليه الفحص، لأن هناك ملفات لأشخاص ارتكبوا جرائم عنف بالفعل ويأتي الرد عليها، بأنهم متورطون في عنف وليسوا كما يمكن أن يطلق عليهم قضايا الرأي "لسنا جهة فحص، نحن جهة توصيل أو همزة وصل إن أمكن تسميتها، بس موصلين جيدين، نسعى للتركيز على الظروف الإنسانية أو القانونية وغيرها، ويقابلنا رد من اثنين إما أنه قريبًا سيصدر القرار، أو أن الأمر يحتاج لمزيد من الفحص وقراءة الملف جيدًا".
هناك حالات يتحفظ عليها الأمن، وبعكس ما يتردد فلا يتم التعامل مع المشاهير أو الأسماء المعروفة بشكل أكبر، كما أوضح، فالعشرات والمجموعات من تم إخلاء سبيلهم في الأيام الماضية، كانوا من البسطاء ومن محافظات مختلفة "أحيانا المشاهير ما يؤخذ عليهم يكون أكثر من الآخرين، سواء من كانوا أعضاء في حركات أو مستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي وغيرهم، أحيانًا بيكونوا طرف في شيء ما سواء بحسن نية أو سوء نية" فبحسب وصفه "التحرك هنا ليس سهلًا، بعكس ما يشاع أن المشاهير هم أصحاب الفرص الأكبر".
الانفراجة التي يتحدث عنها السادات، والتي تتم برغبة من الداخل كما وصفها، ستشمل بعض الأسماء المعروفة على ذمة القضية 173 المعروفة إعلاميًا بقضية التمويل الأجنبي "القضية في طريقها للإغلاق، وستنتهي بمخالفات ضريبية وتسويتها، أما ما يخص عمل الجمعيات والمؤسسات، فهناك قانون صدر بالفعل، ليس الأفضل ولكنه شرعن عمل الجمعيات، ووضع إطارًا لعملها، وهو الذي سيحكم العلاقة بين المجتمع المدني والدولة في الفترة المقبلة من خلال اللائحة الداخلية له، فلن يسمح لأي شركات في هذا المجال العمل خارج إطار الدولة، فقط يمكنها العمل تحت نظر الدولة، لتصبح أي تحويلات بنكية من خلال البنوك المصرية، وتم عمل ورشة من فترة قريبة ودعوة عدد من الشركات التي تسعى لتوفيق أوضاعها ومنها المبادرة المصرية للاستماع من ممثلي الدولة، للعمل تحت مظلة القانون".
واُستدعي الشهر الماضي عدد من المتهمين في هذه القضية، من بينهم حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وجمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وعزة سليمان مديرة مؤسسة قضايا المرأة، ومزن حسن مديرة مؤسسة نظرة للدراسات النسوية، للتحقيق معهم بعد عشر سنوات من فتح القضية عام 2011، وهو ما يراه السادات "بداية طريق إغلاقها".
متاعب الأمل.. والألم من دومة
إحدى القضايا التي يتابع السادات مطالب الإفراج عن المتهمين فيها، مع إقراره بصعوبتها وتعقيدها، هي قضية الأمل التي يواجه فيها محامون وصحفيون قضوا أكثر من سنتين في الحبس الاحتياطي اتهامات "نشر أخبار كاذبة" حيث واجهتهم النيابة بمقالات نسبت إليهم أبدوا فيها آراءً معارضة تتعلق بملفات النوبة وقناة السويس الجديدة وغيرها.
وقال السادات بعد أن اتكأ مجددًا على مقعده وأخذ نفسًا طويلًا، إن وضع المتهمين في قضية الأمل، ومن بينهم رامي شعث نجل وزير الخارجية الفلسطيني السابق نبيل شعث، مختلف قليلًا "لأن بعض الأطراف الموجودة في القضية، ربما تكون الدولة ممثلة في أجهزتها لها قراءات مختلفة بشأنهم فيما يخص مواقف قديمة وحديثة، ليصبح الموضوع معقدًا قليلًا، ولكن مطالبات الإفراج عنهم مستمرة، ولكنها ستأخذ بعض الوقت".
وإذا كان الحديث مع الأجهزة فيما يخص قضية الأمل يسير ببطء ويتطلب صبرًا، فإن الأمور تختلف فيما يخص قضية أحمد دومة الذي حكم عليه بالسجن المشدد 15 سنة وغرامة ستة ملايين جنيه، بعد إدانته بحرق المجمع العلمي أثناء اشتباكات مجلس الوزراء في ديسمبر 2011.
يشير البرلماني السابق إلى عدم وجود أي استجابة عند محاولة إثارة موضوع العفو عن دومة، متحدثًا عن أن هناك "ألمًا لدى مثقفي مصر وعلمائها وليس الأجهزة فقط، من حادث حريق المجمع العلمي. يتألموا من هذا الموضوع، وخصوصًا أن دومة كان يتباهى بهذا الأمر، وهو ما يشير لعدم وجود استجابة عند الحديث عنه، بسبب تلك الواقعة، ولكن النقاشات مستمرة حوله وحول معتقلي الأمل أيضًا".
كان دومة ذكر في في حوارات متلفزة أنه رد بالزجاجات الحارقة على اعتداءات مجموعة من الضباط، قال إنهم كانوا يطلقون الرصاص على المتظاهرين دون أن يستهدف المجمع أو غيره من المباني.
إجراءات أخرى غير الإفراج
أنشطة المجموعة أبعد من الوساطات للإفراج عن المحبوسين سواء في الحبس الاحتياطي أو المحكوم عليهم "هناك طرح لتنظيم قانون الحبس الاحتياطي، من خلال أوراق قانونية تقدم من خلال خبراء، وأيضًا عملية التدوير وإعادة حبس الأشخاص في قضايا جديدة، والإجراءات الاحترازية أيضًا عقب إخلاء السبيل، أو قرارات المنع من السفر، وتلك الأمور نتحرك بها من خلال ما يصلنا من شكاوى".
وتوسعت مصر منذ 2018 في قرارات الحبس الاحتياطي لمتهمين وضعوا على ذمة قضايا إرهابية لا تحال عادة إلى المحاكم، وتجاوز عدد القضايا التي فتحتها نيابة أمن الدولة العليا خلال السنوات الثلاث الماضية أكثر من 4700 قضية. وأعيد تدوير الآلاف ممن قضوا الحد الأقصى للحبس الاحتياطي، وهو سنتين، على ذمة قضايا جديدة حبسوا على ذمتها.
ملف آخر تحاول المجموعة الاقتراب منه بصورة أشمل من مطالب الإفراج عن محبوسين، وهو ضمان "عودة آمنة لشباب الدارسين المصريين في الخارج" وذلك بعد أن قُبض على اثنين من الباحثين المصريين الذين يدرسون في أوروبا وهما باتريك جورج المحبوس احتياطيًا منذ 18 شهرًا دون محاكمة، وأحمد سمير سنطاوي الذي قضت محكمة استثنائية بحبسه أربع سنوات، بينما احتجزت الباحثة علياء مسلم في مطار القاهرة لدى عودتها من برلين، وقررت نيابة أمن الدولة بعد التحقيق معها، الإفراج عنها بكفالة وتوجيه اتهامات لها بنشر أخبار كاذبة.
وأشار السادات إلى أن "كثيرًا من الباحثين والدارسين والإعلامين وغيرهم يرغبون في العودة لمصر، ويمنعهم التخوف بسبب الإدلاء برأيهم عبر فيسبوك مثلًا أو وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك من حُرم من رؤية أسرته لسنوات طويلة"، مشيرا إلى أنه سيتم الإعلان خلال الأيام المقبلة عن هذا المشروع لتشجيع الشباب المصريين الراغبين في العودة لديارهم دون خوف.
وإلى جانب ذلك، اتفقت المجموعة مع رئيس مجلس النواب على عقد جلستين الأولى معنية بعودة الحياة السياسية والحزبية، ودعوة الأحزاب لها، لتشجيع المواطنين على الانضمام للأحزاب والانخراط في الحياة السياسية، والثانية خاصة بالمجتمع المدني وما يواجهه من مشاكل وما له وما عليه "نتحدث وفقًا للتصريحات الرسمية، فالدولة تؤكد دومًا على خطة التنمية المستدامة وأن المجتمع المدني ركن أساسي بها، فنأخذ من تلك التصريحات، لفتح أفق الحوار، لكن في المقابل لن تسعى الدولة في الوقت الحالي لفتح تلك القنوات مع الحركات الشبابية أو المبادرات، فقط ستتعامل مع كل من له إطار شرعي".
مخاطر استفزاز الأمن
في مارس/ آذار الماضي، أصدرت 31 دولة بيانًا مشتركًا أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أعربت فيه عن قلقها من انتهاك الحريات في مصر.
https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Falmanassanews%2Fposts%2F3890882537617508&show_text=true&width=500ومع الجهود التي تبذلها المجموعة لتحسين الصورة خارجيًا، فإن السادات مقتنع بأن الضغوط الدبلوماسية على مصر بشأن ملف حقوق الإنسان "لن تؤثر بهذا القدر، تؤخذ في الاعتبار، ولكنها ليست الدافع وراء الاستجابة للمطالب"، مشيرًا إلى حديث فرنسا المستمر عن رامي شعث، وإيطاليا عن باتريك جورج، والنمسا عن سنطاوي وغيرهم من سجناء الرأي، ومع ذلك لا يتم الاستجابة السريعة لتلك المطالب أو الضغوط "نقدم تلك المطالبات ولكن بصورة مختلفة، عبر ما ينشر وما يكتب وما يتم المطالبة به بالخارج".
يعتقد السادات أن استفزاز الجهات الأمنية يأتي بنتائج عكسية تؤدي إلى وقف ما يمكن تسميته بالمصالحة أو الانفراجة، ويحدث ذلك عندما يتحدث الناس عن "الظلم والتنكيل" بعد قرار الإفراج عن أحد المحبوسين، ما قد يجعل الأمن "يعدل عن تلك القرارات".
يرى السادات أن المجموعة بأعضائها نجحت، ليس فقط لأنها استطاعت المساعدة في إخلاء سبيل العشرات، سواء مشاهير أو بسطاء، إنما نجاحها الحقيقي في قدرتها على فتح قناة للتواصل بعد سنوات ظلت فيها كافة القنوات مغلقة، فخلق تلك الآلية ستكون نهجًا لمن يريد السير على هذا الطريق.
لا يملك السادات رقمًا محددًا لمن ساعد في إخلاء سبيلهم، ولكن يؤكد أنهم أعداد كبيرة من المغمورين، وأعداد صغيرة من المشاهير، ففي عيد الأضحى الماضي، أعلنت المجموعة إخلاء سبيل العشرات من محافظات مختلفة بقضايا مختلفة أيضًا، وكان آخر المشاهير من ساعدت المجموعة في إخلاء سبيلهم كما أوضح، المحامية ماهينور المصري، والناشطة السياسية إسراء عبد الفتاح.
ينتظر السادات المزيد من قرارات إخلاء السبيل لأسماء تقدمت بها المجموعة، ربما تتأخر قليلًا بسبب تغير القيادات مع حركة الداخلية، وتغيير مكاتب الأمن الوطني "لكنها أمور لن تؤثر على النهج الذي بدأ بالفعل، وليس قائمًا على شخص بمفرده، فما يتم من تغيرات خاصة بحركة الداخلية روتين من الممكن أن يطول الوقت معه قليلًا".
وهذا النهج مستمر ليس فقط فيما يتعلق بالمحبوسين، ولكنه ينعكس أيضًا على الأوضاع خارجه "فمطالبات إخلاء السبيل ترافقها مطالبات بوقف القبض على أشخاص جدد".
اختتم السادات حديثه بنبرة رضا وابتسامة بسبب التجربة التي ما زالت مستمرة وتؤتي ثمارها قائلًا "جميعنا عطشى للمزيد من القرارات والأسماء"، معربًا عن أمله أن يغلق هذا الملف قبل نهاية العام "ومع إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والتي يتم الترتيب لها لتصدر مع نهاية العام في حدث كبير، نتمنى أن يسبقه ويتزامن معه المزيد من القرارات، بطريقة لا تستفز الأمن، لأنه يرفض ذلك".