تظل علاقة الموسيقار الراحل محمد فوزي بكل من أم كلثوم والرئيس الراحل جمال عبد الناصر محل التباس وتأويل، خاصة فيما يتعلق بدوافع وملابسات تأميم شركة مصرفون لصاحبها محمد فوزي وشركاه، وموقف مؤسسة الرئاسة في ذلك الوقت من ملف علاج فوزي بعدما أصيب بالمرض الخبيث، ونفاد ما تبقى له من أموال بعد قرار التأميم، ودور أم كلثوم في الحصول على موافقة عبد الناصر شخصيًا على تحمل الدولة لنفقات علاج الموسيقار الراحل.
قبل أشهر مضت اتخذ هذا الملف الشائك منحى آخر حين دخل عبد الحكيم عبد الناصر نجل الرئيس الراحل على الخط في معرض حديثه مع اليوم السابع، عن علاقة والده بالفن والثقافة، حيث قال إن كوكب الشرق أم كلثوم كانت صديقة للأسرة، وأنهم كانوا ينادونها بـ "طنط ثومة" وأن والده لم يضطهد الموسيقار محمد فوزي أو يتعمد تأميم شركته، مؤكدًا أن أم كلثوم كانت شريكة بالمناصفة لمحمد فوزي في شركة مصرفون، فكيف يقوم عبد الناصر بتعمد تأميم الشركة بينما كانت لأم كلثوم تلك المكانة الخاصة في نفس الزعيم وأسرته؟
وأضاف عبد الحكيم عبد الناصر أن هذا الكلام كله "خزعبلات إخوانية وشائعات وأكاذيب باطلة من الألف إلى الياء"، يقف وراءها جماعة الإخوان و"مجموعة العهد الملكي"، فهل كانت أم كلثوم حقًا شريكة لمحمد فوزي في مصرفون؟ وهل كان ذلك، في حالة صحته، عاصمًا للشركة من قرار التأميم؟ وهل معنى هذا أن التأميم كان يتم وفق الميول والأهواء على النحو الذي أشيع عن غض الطرف عن شركة صوت الفن، على خلفية علاقة كل من عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ صاحبي الشركة مع مؤسسة الرئاسة في ذلك الوقت؟
على أية حال، ما يعنينا هنا هو الحديث عن علاقة أم كلثوم بشركة الموسيقار محمد فوزي المولود في التاسع عشر من أغسطس/ آب 1918، وهل كانت حقًا شريكة فيها مثلما ذكر ابن الزعيم الراحل؟ وقبل التعليق على هذا الأمر بالحقائق والمستندات أود أن أقول للسيد عبد الحكيم عبد الناصر إنني لم أكن يومًا، ولن أكون، من أعضاء جماعة الإخوان ولا المتعاطفين معها، ولا من مجموعة العهد الملكي ولا أنصارها، بل إنني من الذين استفادوا من مكتسبات ثورة الثالث والعشرين من يوليو 1952، وعلى رأسها مجانية التعليم، ولهذا فشهادتي خالصة ومنزَّهة عن أي هوى سياسي أو ميل نحو شخص بذاته أو مرحلة بعينها.
من منطلق هذا كله أقول للسيد عبد الحكيم عبد الناصر إن كلامه في هذا الشأن غير صحيح بالمرة، وكونه ابن الزعيم الراحل لا يعني بالضرورة معرفته بالحقائق، فكم من الأمور كانت تتم خارج نطاق أسرة الرئيس، لا سيما وأنه كان صغير السن وقت صدور قرارات التأميم بداية من عام 1961، وأن ما يعرفه هو مجرد روايات منقولة، شأنه في ذلك شأننا جميعًا، ومن هنا يجب أن ننحي جانبًا كل ما يستند إلى الحكي والهوى والميل العاطفي، ونحتكم سويًا إلى الوثائق والأدلة الملموسة.
أم كلثوم ومصرفون
في يوليو 1956، كان محمد فوزي صاحب شركة أسطوانات للإنتاج الغنائي، لكنه لم يكتف بأن يكون واحدًا من ثلاث جهات فقط في مصر تملك ستوديو تسجيل صوتي إلى جانب الإذاعة المصرية وستوديو مصر، وإنما قرر عام 1957 إنشاء مصنع لإنتاج الإسطوانات في مصر بدلًا من شحن التسجيلات للخارج عن طريق البحر كي يتم طبعها وضغطها الأمر الذي كان يكلِّف المنتج مصاريف الشحن والجمارك بالعملة الصعبة، فضلًا عن مخاطر تعرضها للتلف والوقت المستهلك في تلك العملية، غير أن الأمر كان يستلزم تكاليف طائلة لم يقو عليها فوزي بمفرده، رغم أنه باع كثيرًا من الأصول التي كان يملكها ونصيبه في ثروة والده، ورهن فيلته الخاصة، فقرر البحث عن شريك، وبالفعل وجد ضالته في جاره بالمنصورية في الهرم، الثري السعودي حسن سرور الصبان، الذي دخل معه في شراكة تم توثيقها بتاريخ الثالث والعشرين من يونيو/ حزيران 1957، بمكتب توكيل القاهرة تحت رقم 4889 بحسب العقد المبرم بينهما، ومشهر ملخصه بالقلم التجاري بمحكمة القاهرة الابتدائية، بتاريخ 5 أكتوبر/ تشرين الأول 1957، تحت رقم 650 على 1957 شركات، وجاء بالعقد الذي اطلعت عليه ما نصه:
تكونت شركة توصية بسيطة من السيد محمد فوزي الحو (شريكًا متضامنًا) والسيد حسن سرور الصبان (شريكًا موصيًا) تحت اسم وعنوان "مصنع الشرق للأسطوانات محمد فوزي وشركاه"، أغراضها صناعة الأسطوانات والقيام بالعمليات التي تتصل بالذات أو بالواسطة بأغراض هذه الشركة سواء لحسابها أو لحساب الغير، في الجمهورية العربية المتحدة أو في الخارج، ومركزها عمارة الإيموبيليا بالقاهرة، ومدتها عشر سنوات تبدأ في الأول من يوليو 1957 وتنتهى في آخر يونيو 1967 قابلة للتجديد لمدة مماثلة، برأس مال قدره 20000 (عشرون ألف جنيه) مصري يتحملها الشريكان مناصفة.
وهكذا يتبين للمرة الأولى أن اسم مصرفون كان سابقًا على مصنع الشرق، بعد أن رغب فوزي في توسعة نشاطه ليشمل إنتاج الاسطوانات نفسها بجانب الإنتاج الغنائي التقليدي الذي كانت تمارسه مصرفون، ويتبين للمرة الأولى أيضًا أنه لم ينشئ المصنع بمفرده، وأن المقصود بشركاه، حتى ذلك الوقت، هو حسن سرور الصبان، دون أي ذكر لاسم زوجته وقتها، الفنانة مديحة يسري التي دأبت طوال العقود الماضية وحتى رحيلها على ربط اسمها بهذا المشروع، وخاصة فيما يتعلق بالضرر الذى لحق بها بعد قرار التأميم، وأغلب الظن أنها ساهمت بنسبة ما في رأس مال الشركة وتكاليف إنشاء المصنع من داخل نصيب زوجها في ذلك الوقت محمد فوزي، دون أي ذكر رسمي لاسمها في عقد إنشاء الشركة.
والأهم من ذلك أنه لم يأت في العقد أي ذكر لاسم كوكب الشرق أم كلثوم، كما ذهب نجل الرئيس عبد الناصر، أما وصف شريك متضامن فكان يعني أن لمحمد فوزي دون شريكه الآخر حق الإدارة، بينما اختير مكتب عمارة الإيموبيليا بوسط البلد مقرًا للشركة، لأن فوزي لم يكن أسس بعد مصنعه في أرض العباسية، وفيما يخص مبلغ العشرين ألف جنيه فهو رأس المال الاسمي الخاص بالشركة وليس تكاليف إقامة المشروع.
وأمام الأعباء المالية المتزايدة الخاصة بالشركة عرضت شركة فيليبس الهولندية الدخول في شراكة مع محمد فوزي، بشراء حصة السعودي حسن سرور الصبان، وهو ما تم بالفعل بموجب عقد جديد بتاريخ الثلاثين من يونيو 1959 وثابت التاريخ في 11 يوليو 1959، بمكتب توثيق القاهرة تحت رقم 3153 ومشهر ملخصه بالقلم التجاري بمحكمة القاهرة الابتدائية، بتاريخ 19 يوليو 1959 تحت رقم 448 شركات، وبموجب هذا الاتفاق تعدل عقد شركة مصنع الشرق للأسطوانات- محمد فوزي وشركاه، بإحلال شركة فيليبس أورينت شركة مساهمة هولندية، ومركز إدارتها فرعها بالقاهرة 26 شارع عدلي محل الشريك الموصي حسن سرور الصبان.
وفي السادس والعشرين من أكتوبر 1959 تم تعديل جديد على العقد بناء على طلب محمد فوزي، أصبح بمقتضاه الاسم التجاري للشركة هو "مصنع الشرق للأسطوانات– مصرفون".
وفي ظل هذه التواريخ والمعلومات الموثَّقة لم يثبت لي أى ذكر لتاريخ الثلاثين من يوليو 1958، الذي أشارت له بعض المصادر كتاريخ لافتتاح المشروع بحضور الدكتور عزيز صدقي وزير الصناعة في هذا الوقت، بما في ذلك الكتيب الذي أصدرته وزارة الاستثمار عام 2010 في محاولة منها لرد الاعتبار لاسم محمد فوزي كأحد رواد الاستثمار في مصر، كذلك لم يرد أي ذكر لاسم السيدة أم كلثوم في أى مرحلة من مراحل تأسيس الشركة أو تعديل عقودها، وهو ما يعني أنها لم تكن يومًا شريكة في مصرفون، لا بالنصف ولا بأي نصيب آخر، خلاف ما قاله السيد عبد الحكيم عبد الناصر.
على أية حال فبفضل جودة المنتج ورخص سعره والشروط التجارية الطيبة التي كانت تقدمها الشركة تحمس كثير من المطربين للتعاقد مع محمد فوزي لإنتاج أغنياتهم، كان من أوائلهم الفنان محمد قنديل الذى وقع على عقده مع فوزي بتاريخ الرابع عشر من أكتوبر 1959، ثم كانت النقلة الكبرى حينما نجح في التعاقد مع كوكب الشرق أم كلثوم بتاريخ العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني 1959 لمدة ثلاث سنوات تقدم خلالها تسع أغنيات، بواقع ثلاث في كل سنة، على ألا يقل زمنها عن 15 دقيقة وألا يزيد عن ثلاثين، لكن اللافت في عقد أم كلثوم مع شركة محمد فوزي هو الإقرار لها، على غير المعتاد مع المطربين، بنسبة 27.5% من إجمالى المبيعات بحد أدنى ألفي جنيه للأغنية الواحدة، دون النظر للمكسب أو الخسارة، وتُستثنى من ذلك الأغنيات الوطنية، التي يُكتفى فيها فقط بالنسبة المتفق عليها، في مقابل أن تتعهد أم كلثوم بعدم تقديم أعمال أخرى لأي شركة بخلاف مصرفون.
وكان لاتفاق أم كلثوم مع مصرفون مفعول السحر على سوق الأغنية في مصر، إذ تهافتت بقية الأسماء على التعاون مع الشركة بحيث احتكرت تقريبًا كل الأصوات الموجودة على الساحة، ووفق ما ذكرته صحيفة الأهرام في ذلك الوقت، عرض فوزي على عبد الحليم حافظ أن ينتج له ثلاثين أغنية خلال ثلاث سنوات مقابل 45 ألف جنيه مجتمعة أو 1500 جنيه للأغنية الواحدة، ووعده حليم بالتفكير في الأمر، وبدلًا من أن يرد عليه بالموافقة أدرك حليم قيمة مشروع كهذا، فقرر نهاية 1959 الشراكة مع عبد الوهاب في إنشاء شركة صوت الفن لتكون منافسًا لشركة مصرفون بداية من عام 1960، وهو ما حدث بالفعل، ثم قام في بدايات الستينيات بالتعاون مع شريك أجنبي بإنشاء مصنع مماثل للأسطوانات في قبرص، بعيدًا عن الأعين في مصر.
وهناك دليل آخر على أن أم كلثوم لم تكن يومًا شريكة لمحمد فوزي في شركة الأسطوانات، وهو أنه عند تجديد عقد أم كلثوم مع الشركة في الأول من فبراير/ شباط 1964، قبل ثلاثة أيام فقط من توقيع محمد فوزي على عقد التخارج مع شركة صوت القاهرة بعد التأميم، لم يأت أي ذكر في عقد كوكب الشرق على أنها شريك في هذه الشركة سواء قبل التأميم أو بعده.
ثومة وفوزي والحلم الضائع
أما عن علاقة أم كلثوم بمحمد فوزي فكانت شديدة الصفاء وممتلئة بالمواقف الإنسانية المتبادلة، لكن ليست هناك معلومة يمكن الاطمئنان لها عن بداية التعارف الشخصى بين أم كلثوم ومحمد فوزي وإن كانت هناك رواية مصدرها الفنانة الراحلة وداد حمدي التي قالت لي في حوار صحفي نشرته مجلة الكواكب عام 1989، إنها كانت تشاهد أم كلثوم ومحمد فوزي معًا في حضور المخرج أحمد بدرخان أثناء تصوير فيلم قبلنى يا أبي سنة 1947، وأن التفاهم كان واضحًا بينهما بشأن تنسيق مواعيد تصوير فيلمي فاطمة لأم كلثوم، وقبلني يا أبي لمحمد فوزي، على اعتبار أن بدرخان هو مخرج الفيلمين، وهذا معناه أن علاقة طيبة كانت تجمع بين فوزي والست على الأقل منذ عام 1947.
وتشير الدلائل إلى أن العلاقة بين الطرفين ظلت على تميزها في السنوات التالية حتى إذا ما أنشأ محمد فوزي شركة مصرفون للأسطوانات كانت أم كلثوم من أوائل الأصوات التي تعاقدت معها الشركة الوليدة، الأمر الذى زاد من ثقة السوق المصري في اسم مصرفون، فتوالت الأصوات الغنائية التي اقتدت بسيدة الغناء العربي، وتحمست للتعاون مع مصرفون، وربما زاد هذا التعاون التجاري، إذا جاز التعبير، من أواصر العلاقة الإنسانية بين الطرفين لدرجة أن أم كلثوم كانت شاهدة على مراحل تطور علاقة فوزي بالسيدة كريمة التي أصبحت زوجته بعد ذلك، حيث كانت مقابلاتهما تتم في حفلات سيدة الغناء العربي أو في كواليسها، كما كانت أم كلثوم عنصرًا مهدئًا بين فوزي وكريمة حينما تثور الخلافات الزوجية المعتادة، وكثيرًا ما كانت تكبح جماح رغبة كريمة في العودة للحياة الفنية من جديد، حسبما روت فاتنة المعادي التي أكدت متانة الصداقة بين فوزي وأم كلثوم، وأنها دائمًا ما كانت تستشيره في أمورها الفنية والشخصية.
لقاء إذاعي قديم مع فوزي وزوجته كريمة
في هذه الأثناء لعب محمد فوزي دوره التاريخي في تقديم الموسيقار الشاب، في ذلك الوقت، بليغ حمدي إلى أم كلثوم، الذي أثمر تعاونهما الفني الأول في أغنية حب إيه، من كلمات الشاعر عبد الوهاب محمد، التي تغنت بها للمرة الأولى في ديسمبر/ كانون الأول 1960، ومن إنتاج شركة مصرفون، ثم تكرر الأمر في أغنية أنساك، التي كان من المفترض أن يلحنها فوزي لكوكب الشرق لكنه فضَّل بليغ حمدي على نفسه.
وأيا كانت الأمور، وبعد كل هذه الفرص الضائعة لإتمام التعاون بين فوزي وأم كلثوم كانت أكثر المحاولات جدية من خلال الأغنية التي صاغ كلماتها الشاعر عبد الفتاح مصطفي بعنوان صعبان عليَّ، التي كان فوزي انتهى قبل دوامة مرضه من وضع المقدمة الموسيقية وتلحين الكوبليه الأول منها، وهناك بعض الاختلافات في ظروف هذه الأغنية، فمثلًا ينقل الصحفي صلاح درويش في صحيفة الجمهورية بتاريخ الرابع من مارس/ أذار 1967 عن مؤلف الأغنية عبد الفتاح مصطفى، أنه كان أعطى الأغنية لأم كلثوم ظنًا منه أن رياض السنباطى هو الذى سيتولى تلحينها، لكنه فوجئ بمحمد فوزي يتصل به بعد عودته من أمريكا ويخبره بأن أول ألحانه لأم كلثوم ستكون من كلماته، وأسمعه بالفعل مطلع الأغنية ملحنًا، وبعد أربعة أيام ساءت حالة فوزي ودخل في غيبوبة الموت.
بينما يذكر حسين عثمان في تحقيقه لمجلة الكواكب بعد عشرة أيام من الموضوع المنشور بصحيفة الجمهورية، ويا للمصادفة، أن محمد فوزي اتصل به ذات يوم وقرأ عليه كلمات أغنية صعبان عليَّ، وأبلغه بأنه زار أم كلثوم وأسمعها المقدمة الموسيقية والكوبليه الذى كان انتهى من تلحينه، وأنها أبدت إعجابها باللحن والكلمات، وطلبت اختصار المقدمة الموسيقية وإجراء بعض التعديلات على كلمات الأغنية، ما يعني أنها لم تكن تعرف شيئًا عن تلك الكلمات، وأن فوزي هو الذي اقترح عليها الشاعر والكلمات وليس العكس، ووفقًا لما نسبه التحقيق للشاعر عبد الفتاح مصطفى نفسه، فإن فوزي اتصل به طالبًا منه إجراء التعديلات المطلوبة، لكنه كان يدرك خطورة مرض صديقه، فلم يستطع زيارته ورؤيته على هذه الحال، ففضل أن يترك كلمات الأغنية بعد التعديل لدى بواب عمارة محمد فوزي تفاديًا لمشاهدته على هذا الوضع.
وبصرف النظر عن هذا التعارض فإن الثابت من كل الروايات أن فوزي كان انتهى بالفعل من تلحين جانب من الأغنية، وطلب من زوجته كريمة تسجيلها بصوتها على شريط، وأن أم كلثوم كانت تتابع ما وصلت إليه الأغنية، ودائمًا ما كانت تحفزه في كل مرة تطمئن فيها على صحته بأنها في انتظار انتهائه من اللحن، وكان فوزي يعدها دائمًا بذلك، لكن القدر حرمه من أن يفي بالوعد ويحقق واحدة من أغلى أمنياته، وهي التلحين لكوكب الشرق، وبعد رحيل فوزي، ونشر هذين الموضوعين في توقيت متقارب جدًا أبدى الموسيقار محمد الموجي استعداده لاستكمال اللحن بروح محمد فوزي دون أي مقابل مادي كي تقدمه أم كلثوم، غير أن شيئًا من ذلك لم يحدث.
بقيت الإشارة في ملف علاقة أم كلثوم بمحمد فوزي إلى أنها كانت أحد الساعين إلى استصدار قرار علاجه على نفقة الدولة، وبعد مماطلة الجهات المعنية وموافقتها على تحمل نصف النفقات فقط، سعت أم كلثوم في مرحلة لاحقة لدى الرئيس عبد الناصر شخصيًا كى تتحمل الدولة كافة تكاليف علاجه، وهو ما نجحت فيه بالفعل، ولكن بعد فوات الأوان، ويقال إنها تحملت مصاريف جنازة محمد فوزي أو على الأقل ساهمت فيها، تقديرًا منها لتلك الصداقة القوية التي كانت تجمع بينها وبين الموسيقار الكبير.