برلمان "الشيخ حسني" يعيد إلى الذهن برلمان "زكي بدر"
* تحذير: يحتوي هذا التقرير على مقطع فيديو يتضمن عبارات بذيئة أطلقها وزير الداخلية المصري السابق زكي بدر، ومقتبسات من كلامه.
بعد جلستين لمجلس النواب المصري شهدتا عددًا من المواقف الكوميدية، قرر رئيس المجلس علي عبد العال وقف بث الجلسات بثًا حيًا في 11 يناير/كانون الثاني، وصدر لاحقًا قرار آخر بمنع 20 صحافيًا من تغطية جلسات البرلمان.
وأثارت الجلستان خاصة الجلسة الأولى التي خصصت لإدلاء الأعضاء بالقسم الدستورية ثم انتخاب رئيس المجلس ووكيليه، انتقاد مراقبين ووسائل إعلام وتساؤلات حول جديّة أداء البرلمان الذي طال انتظاره بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير بعد حل مجلس الشعب الأول بعد الثورة بسبب عدم دستورية عددٍ من مواد القانون الذي جرت الانتخابات على أساسه.
وحدث أن استنكرت نقابة الصحافيين قرار مجلس النواب منع الصحافيين من ممارسة أعمالهم، واعتبرت أنه "اعتداءً على حق المواطنين" في المعرفة، وطالبت رئيس مجلس النواب بألا يكون طرفًا في أي إجراءات تعسفية تتخذ بحق حرية الصحافة.
رئيس مجلس النواب علي عبد العال قال إن قرار وقف بث الجلسات هو قرار مؤقت، حتى انتهاء المجلس من مراجعة القوانين التي صدرت عن رئاسة الجمهورية قبل تشكيله، والتي يلزمه الدستور بمراجعتها واعتمادها خلال 15 يومًا ولا اعتبرت لاغية وتلغى كل آثارها.
ولكن مراقبين يعزون سبب وقف البث، إلى التستر على الوقائع اللافتة التي قام بها عدد من النواب، وأثارت انتقادات شديدة خاصة في الصحافة ووسائل الإعلام، حتى تلك التي لا تخفي تأييدها لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحتى لا يتكرر ما جرى في عام 1989، والذي وقع فيه المشهد الأسوأ في تاريخ البرلمانات المصرية.
وعلى الرغم من أن سوء ما جرى في برلمان 2016 لا يقترب بأي حال من بذاءة وبلطجة وزير الداخلية الأسبق زكي بدر، الذي ضرب وسب أعضاء مجلس الشعب بحماية من رئيسه، ولكن تكرار مثل هذه المشاهد، حتى ولو بقدر أقل من السوء، ليس هو الأمر الذي يتوقعه المصريين بعد أن قاموا بثورة وأطاحوا برئيسين للجمهورية، في أقل من سنتين.
2016.. عام إهانة القسم
النائب مرتضى منصور، قرر في عام 2016، إهانة القسم الوارد في الدستور عندما أقسم على "احترام [مواد] الدستور والقانون"، على خلاف القسم الوارد في النص الدستوري والذي جاء فيه أن النائب عليه أن يقسم على "احترام الدستور والقانون".
وإلى جانب مشادة منصور الذي رضخ في النهاية وأدلى بالقسم الوارد في الدستور وهو يؤكد أن ما في نيّته القسم الأول الذي أدلى به، فإن نوابًا في هذه الجلسة لوّحوا للكاميرات وهم يبتسمون حتى أن أحد هؤلاء النواب لوّح للكاميرا خمس مرات متكررة، فيما سأل نائب زميله، دون أن يدرك أن الميكروفونات مفتوحة، إذا كان معه "كراميللا ولا أي حاجة".
وفي موقف يستعيد مشهد نهاية فيلم الكيت كات للمخرج داوود عبد السيد، عندما فضح الشيخ حسني (محمود عبد العزيز) أهل الحارة عقب عزاء، دون أن ينتبه إلى أن الميكروفونات مفتوحة، تبادل نائبان النميمة حول عدد من زملائهم النواب، دون أن يعيا أيضًا، أن الميكروفونات مفتوحة.
1989.. عام إهانة النواب
ولكن ذلك كله، لم يقترب من أسوأ مشاهد البرلمان المصري على الإطلاق، والذي تنفرد ببطولته بذاءات زكي بدر، الذي تمتع بحماية رئيس مجلس الشعب آنذاك رفعت المحجوب، ليكيل الشتائم لنواب الشعب، ويعتدي بالصفع على أحدهم.
بدأت القصة عندما قدم 4 من نواب حزب الوفد، استجوابًا للوزير البذئ، حول بعض التجاوزات بحق المعارضين السياسيين، والتعرض لحياتهم الخاصة، وفي مقدمتهم فؤاد سراج الدين زعيم حزب الوفد الجديد، وجرت مناقشة هذا الاستجواب، في 20 فبراير/شباط 1989.
لم ينفِ الوزير عن نفسه تهمة التجسس على حياة المواطنين، ولم يبررها بأي من اعتبارات المصلحة العليا، ولكنه رد على الاستجواب، بتأكيد التهمة على نفسه، إذ شرع يتلو ما قال إنه تفريغ لمقطع من مكالمة هاتفية جرت بين الصحفي في الوفد آنذاك أيمن نور، والصحفي مصطفى بكري، تتضمن كلامًا يمس رموزًا بحزب الوفد من بينهم رئيسه شخصيًا.
هنا بدأت المشادة بين النائب الوفدي علي سلامة والوزير، الذي قال له عندما اعترض على بث أسرار الناس "اقعد واسكت يا علي"، قبل أن يضيف "سيبوني أقول عشان الصحافة وباقي الحديث خطير ويمس رئيس الحزب شخصيًا وأسرته"، غير عابئ برئيس المجلس وهو يرجوه الاكتفاء بهذا القدر.
هنا قفز النائب الوفدي طلعت رسلان من مقعده نحو المنصة التي يعتليها البذئ، وأمسك بكتفه الأيسر قائلًا له "كفاية كده، إخرس يا كلب"، وجذب البذئ من كتفه، فما كان من الأخير إلا أن لطمه على وجهه، فيما صرخ رئيس المجلس أن يخرج طلعت رسلان خارج الجلسة، وأحاله إلى مجلس تأديب، قبل أن يعود بدر إلى وصلته المنتقاة بحق نواب الشعب، في شتائم تخللت آية قرآنية، عندما صرخ الوزير "يلعن أبوك ابن كلب.. اقعد يا وسخ يا ابن الشرموطة (...) شوية خولات ولاد كلب".