مع دخول الحرب الأهلية السورية عامها الخامس، أصبح حصار القرى والمدن أسلوبا شائعا يلجأ إليه الجيش السوري، وفصائل المعارضة المسلحة على اختلاف أطيافها.
تداولت الأخبار في الأيام الماضية تفاصيل مأساة إنسانية يتعرض لها سكان بلدة "مضايا" بريف دمشق في سوريا، إذ أن الحصار الذي تفرضه القوات السورية وحزب الله اللبناني على البلدة يمنع دخول الطعام إليهم، هذا الذي أدى لمقتل أكثر من عشرين شخصا، إلى جانب المئات الذين يعانون من سوء التغذية، خاصة الأطفال وكبار السن. كان لتفاصيل هذه الأخبار صداها في مواقع التواصل الاجتماعي، التي شملت متعاطفين مع أهالي "مضايا"، أو مكذبّين للأخبار، أو حتى ساخرين منها.
بدأت عمليات الجيش السوري والميليشيات التابعة لحزب الله في ريف دمشق، التي تضم عناصر مسلحة معارضة للرئيس السوري بشار الأسد، في 29 أغسطس/آب من العام الماضي. ازداد عدد قاطني قرية مضايا ومجاورتها بقين ليصل إلى 40 ألف نسبة بسبب ازدياد أعداد النازحين من المعارك الدائرة في منطقة الزبداني بريف دمشق، ويتجاوز الحصار على المنطقة أكثر من خمسة شهور.
نشطت عدة هاشتاجات تتكلم عن الحصار على تويتر، منها "#مضايا_تموت_جوعا" و"#حزب_الله_يقتل_مضايا_جوعا"و"#حصار_مضايا".
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا تُظهر معاناة أهالي بلدة مضايا.
في السابع من يناير/ كانون الثاني، أعلن مسؤول بارز في اللجنة الدولية للصليب الأحمر عدم التأكد من حقيقة الأخبار المتداولة عن وجود "معاناة للسكان" في مدينة الزبداني وبلدة مضايا، ولكنه قال إن "اللجنة الدولية" تأخذ الأمر على محمل الجد مع ذلك.
مضايا التي تعاني من الحصار ومن القصف بالبراميل المتفجرة، كانت من ضمن المدن التي شملها اتفاق "إجلاء المحاصرين" في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، الاتفاق الذي تم بوساطة من الأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وتضمن الاتفاق إجلاء مسلحي المعارضة وعائلاتهم من مدينتي الزبداني ومضايا في ريف دمشق المحاصرتين من قبل قوات نظام الأسد وميليشيات تابعة لحزب الله، في مقابل إجلاء العائلات المحاصرة في بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب المحاصرتين من قبل جيش الفتح وأحرار الشام.
https://www.facebook.com/photosmadaya/posts/1008677145892813:0أصدرت الأمم المتحدة بيانًا يوم الخميس الماضي جاء فيه أن الحكومة السورية وافقت على دخول مساعدات لبلدة مضايا الخاضعة لسيطرة المعارضة قرب الحدود مع لبنان، بعد تزايد المخاوف من حدوث مجاعة.
وكان الهلال الأحمر السوري أعلن أن آخر المساعدات الإنسانية والغذائية التي وصلت إلى بلدة مضايا في أكتوبر الماضي تكفي لشهرين.
في المقابل نشر بعض أنصار النظام السوري في سوريا ولبنان صورا ساخرة على هاشتاج "#متضامن_مع_حصار_مضايا"، إذ أظهروا صورا لأطعمة متنوعة، متهكمين من الصور والمشاهد المفجعة المتداولة من مضايا، ولقت السخرية غضبا كبير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.
بعض الساخرين حذفوا الصور من على حساباتهم بعدما اهتمت الصحف العالمية بالإشارة إلى السخرية.
وأشار بعضهم إلى أن مسألة المجاعة وهمية ويستخدمها الإعلام لأسباب أخرى. يقول جهاد زهري على حسابه بفيسبوك: "للتوضيح: لما ننشر صور الاكل و نتمسخر ما منكون عم نتمسخر على اطفال مضايا، عم نتمسخر على المجاعة الوهمية الاعلامية، في صور...".
مع دخول الحرب الأهلية السورية عامها الخامس، صار حصار القرى والمدن أسلوبا شائعا يلجأ إليه الجيش السوري وفصائل المعارضة المسلحة على اختلاف أطيافها. منذ إعلان سيطرة "جيش الفتح" في مارس/ آذار من العام الماضي على مدينة إدلب السورية، بقيت بلدتا كفريا والفوعة في شمال شرقي المحافظة تحت سيطرة الجيش السوري والميليشيات التي تقاتل إلى جانبه.
ويفرض جيش الفتح المكون من حركة أحرار الشام الإسلامية، ومقاتلي جبهة النصرة، وتنظيم جند الاقصى، وفصائل إسلامية أخرى حصارًا على بلدتي كفريا والفوعة ونبل الزهراء ذات الأغلبية الشيعية بمحافظة إدلب، وأنشأت حسابات تابعة لجبهة النصرة عبر موقع التدوينات القصيرة تويتر هاشتاجا يحمل لهجة تهديد بعنوان "#إطعام_مضايا_أو_إبادة_الفوعة".
وكان لهذا التهديد أثره على الأرض، وفقا لما رصدته صفحات محلية لبلدتي الفوعة بمحافظة ريف إدلب على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تعرضت البلدتان للقصف.
في صباح السبت أعلنت الأمم المتحدة أن الحكومة السورية وافقت على دخول مساعدات لبلدة مضايا، وفي المقابل وردت تقارير تقول إنه تم التوصل إلى اتفاق لإدخال مساعدات إلى بلدتي كفريا والفوعة التي تحاصرهما المعارضة المسلحة، ومن المقرر أن يدخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ صباح غدا الإثنين.