في مدخل مدينة ميت غمر، التابعة لها قرية بشالوش مسقط رأس مرتضى منصور، لم يكن ثمة لافتة تأييد للمرشح الخاسر، الذي سبق وأن حصد 82422 صوتًا انتخابيا عن الدائرة نفسها في انتخابات مجلس النواب في الدورة السابقة 2015، كثاني أكثر المرشحين حصدًا للأصوات بعد توفيق عكاشة، الذي حصل على 94354 صوتًا في الدورة نفسها.
بعد عدة أمتار داخل شارع البحر، القريب من مدخل المدينة، وبعد المرور على لافتات تأييد متعددة لمرشحي الدائرة المختلفين، سيجد السائر ملصقين فقط لمنصور واحد سليم واﻷخر ممزق، في مشهد جدير بتأطير الخسارة التي تكبدها رئيس مجلس إدارة نادي الزمالك المعزول، تبعًا لقرار اللجنة اﻷوليمبية، بعد حصوله على 21271 صوتا، وحلوله سادسًا في الدائرة التي يستكمل المنافسة للفوز بمقعديها كل من اللواء بدوى عبداللطيف، مرشح حزب الوفد الجديد (32488 صوتا)، وأحمد الألفي، مرشح حزب مستقبل وطن (31578 صوتا)، وعبدالفتاح البحراوي، مرشح حزب المؤتمر(27468 صوتا)، والدكتور محمود العزب (24791 صوتا).
في أرض النت، تظهر اللافتة الأولى لمنصور، فوق كومة من مواد وأحجار الرصف، كانت معدة لرصف المنطقة، بعد أن دفع النائب الخاسر خمسين ألف جنيه للمساهمة فيها، لكنها خطوة غير كافية فيما يبدو ﻹقناع اﻷهالي بانتخابه، يحكي محمد مراد، أحد التجار بمنطقة أرض النت، أنه تم الاتفاق مع مرتضى قبل الانتخابات بأيام على رصف المنطقة "وصلت أنا وشوية من التجار هنا لمرتضى، وقلنا له إن احنا محتاجين نرصف المنطقة علشان مكسرة جدا، ووافق وقالنا هيدفع 50 ألف دلوقتي، و100 بعد فوزه في الانتخابات، احنا خدنا الفلوس اللي دفعها وحطينا عليها من باقي التجار في المنطقة يمكن 4 أضعاف، وبرضه منتخبناش مرتضى، لأن محدش في ميت غمر شافه أصلا في الخمس سنين اللي فاتت، هو مبيعملش حاجة غير لبلده اللي عايش فيها، لكن ميعرفش أي شيء عن مشاكل باقي القرى ولا المدن، والفلوس اللي دفعها دي كانت زي رشوة انتخابية كده، واحنا قررنا ناخدها وبرضه مننتخبوش".
تحالفات لإسقاط مرتضى
جائت أصوات ميت غمر رافضة لمنصور بشكل كبير، وفقا للحاج مصطفى سلطان، أحد أكبر مستوردي الصاج بالمدينة، الذي دشن مع مجموعة من زملائه ما أطلقوا عليه "تحالف رجال الأعمال"، ومهمته إسقاط مرتضى منصور في الانتخاباب "احنا معندناش عداوة شخصية مع حد، ولا في مؤامرات بتتعمل على مرتضى زي مبيطلع يقول في الإعلام والنت، بس احنا يهمنا مصلحة البلد، اللي محتاجة يهتم بيها، واحنا لينا مجموعة على واتساب فيها تقريبا 20 واحد من كبار التجار في مجالات مختلفة، بنتكلم فيها بشكل يومي، وقررنا إننا مش هننتخب مرتضى، وهنوصل لقرايبنا وأهالينا واللي يستشرنا ده، لأنه مش الأصلح ولأنه مش عايش معانا واقع البلد".
أنشأ المستشفى المركزي بميت غمر، وحدة للعناية المركزة منذ ثلاثة أعوام، بالجهود الذاتية، وفي بداية العام الجاري وفرت الجهود الذاتية أيضا ماكينة للغسيل الكلوي، احتاجت أولا موافقة وزارة الصحة للبدء في تشغيلها، لكن مرتضى منصور بحسب سلطان لم يبد اهتمامًا بالمساعدة في ذلك اﻷمر "وصل سعر المكنة لأكتر من مليون جنيه، وفضلنا تقريبا 3 شهور بنحاول نجيب موافقة ليها من وزارة الصحة، وتواصلنا مع مرتضى بما إنه نائب الدائرة عشان يساعدنا، ومحصلش ولا رد علينا أصلا، لحد ما جيبنا الموافقة من مديرية الصحة بالدقهلية، وقبل الانتخابات بـ10 أيام لقينا لايف لصفحة من صفحات الفيسبوك، بتقول إن الوحدة دي كانت بجهود مرتضى، وده كدب وتضليل، هو بينسب لنفسه حاجات محصلتش، كل ده من أسباب خسارته".
يحرص مرشحو الدائرة على الالتقاء بسلطان ليأخذوا رأيه حول ما يحتاجه المواطنون والدائرة، حسبما يشير محمد عبد العزيز، أحد أعضاء التحالف "أنا واحد من ضمن مجموعة رجال الأعمال اللي قررنا نسقط مرتضى، والحقيقة إن النتيجة مكانتش مفاجأة لينا، احنا كنا متوقعين، لأن الناس مش هتنتخب حد مشافتوش ولا عمل لها حاجة، وبيشتم ليل نهار، ودورنا كان توعية أي حد بنشتغل معاه أو نعرفه بعدم انتخاب مرتضى، وكنا بنلاقي الناس من نفسها مقررة ده، ومقرره تنتخب حد يخدمها بجد".
تابع سلطان وعبد العزيز وأصدقائهما، نتائج الانتخابات والفرز والمؤشرات الأولية منذ البداية "فضلنا صاحيين لحد 10 الصبح، لحد ما اللجان كلها خلصت فرز وتم إعلان النتيجة، ومن الفرحة منمناش فضلنا نبعت رسايل ونكتى على الجروب اللي بيجمعنا، ولقينا السوشيال ميديا كلها متابعة الانتخابات، وناس من برة مصر كمان بتكتب تعليقات على الانتخابات في ميت غمر".
رشوة انتخابية
وعلى عكس ضعف الدعاية الانتخابية في ميت غمر، انتشرت اللافتات المؤيدة لمرتضى منصور في بشالوش مسقط رأسه، التي تبعد نحو 30 دقيقة بالسيارة عن المدينة، ويخيم عليها حالة من الصمت والحزن لمؤيديه الذين رفضوا التصريح لوسائل الإعلام بأكثر من التحدث عن خدماته في القرية، أو السماح لها بالوصول لفيلا منصور.
مصطلح "الرشوة الانتخابية" كرره علاء منير، وهو ناشط سياسي من صهرجت الكبرى، إحدى القرى التابعة لمركز ميت غمر، الذي أكد أن منصور لا يهتم سوى بمسقط رأسه فقط، وهو السبب الأساسي لخسارته في الانتخابات "الفلوس اللي دفعها لرصف منطقة، أو الوعد بإصلاحات، دي رشاوي انتخابية كده، مرتضى محدش بيشوفه في ميت غمر، ده غير الفتنة اللي عملها بين الأهلاوية والزملكاوية، وخلى فيه عنف بين الطرفين، والشتايم اللي دايما بيقولها ليل نهار في التليفزيون، ومطلع صورة أهالي المركز ده كأنهم بلطجية، علشان كده سقط، هو نجح في 2015 علشان قعد يتكلم ويوعد، وفي الخمس سنين محدش شافه، فكان لازم يخسر، والمرة دي الشباب خرجوا أهلاوية وزملاكوية وقرروا يشاركوا في الانتخابات بسببه".
لا مكان للمؤامرة
أفاد عدد من اﻷهالي بأن الإعلاميين عبد الناصر زيدان، وأوبو المعاطي زكي رئيس تحرير برنامج "نجم الجماهير"، استأجرًا فيلا بزفتي لمتابعة الانتخابات، لمتابعة نتائجها في بث حي، بسبب الخصومة بينهما وبين مرتضى منصور فيما يخص وضع نادي الزمالك في الدوري المصري، لكن مصطفى الشحات، عضو سابق بأمانة حزب الدستور في ميت غمر، يرى أن سبب خسارة مرتضى هو بعده عن المواطنين، وليس التحالفات المضادة له "الموضوع كله إن الدواير كبرت والمرشحين نفسهم عددهم زاد، فالناس بقى عندها فرص أكبر إنها تختار ولما شافت إنه خلال الخمس سنين اللي فاتت مرتضى معملش حاجة ملموسة، بالعكس كان بيطلع على الشاشات والقنوات يشتم، ويتحدى رئيس الوزرا وغيره من المسؤولين، وبقى صاحب مشاكل كتير في الكورة والسياسة، قررت تشوف حد تاني، لكن مقيش تحالفات أو مؤامرات بتتعمل زي ما هو بيحاول يبين".
آخر تواجد لمرتضى بمدينة ميت غمر كان منذ ما يقرب من عامين، وفقا للشحات "رَكِب من سنتين بالضبط شاشة في نادي ميت غمر، تكلفتها زي مابيتقال 300 ألف جنيه، تقريبا من وقتها محدش شافه، غير قبل الانتخابات بأيام، ولما كان بيقرر يعمل مؤتمر أو أي قعدات في ميت غمر كان ممكن يتطرد، والقعدة متكملش لأنه بقى خلاص كارت اتحرق".
حماية الدولة
إبراهيم النجومي، أمين تنظيم حزب مستقبل وطن في ميت غمر، قال للمنصة إن الدولة لا تحمي أحد، لكن هناك كثيرون اعتقدوا أن مرتضى يحظي بحماية الدولة التي تتركه يفعل ما يشاء، لكنه أمر خاطئ بدليل خسارته في الانتخابات بقرار من المواطنين أنفسهم وليس من الدولة "مرتضى كان بياكل الناس بالكلام، ومفيش حد في مصر مشتموش أو معملش معاه عداوة، لكن على أرض الواقع هو معملش أي حاجة لميت غمر غير شوية حاجات يضحك بيهم على أهل قريته، مفيش ولا طلب إحالة قدمه في البرلمان يخص مشاكل قرى ميت غمر اللي بتعاني من أزمات في تعليم وصرف صحي وكهربا ومدارس محتاجة تتصلح وغيرها، هو عرف ياخد الكام ألف صوت في الدورة دي بشوية الفلوس اللي دفعها، لكن هو استهان بالناس وهي ردت على الاستهانة دي بإسقاطه".
في يومي السبت والأحد مرَّ مرتضى على عدد من لجان الانتخايات في قريته لمتابعة سير العملية الانتخابية، بينما يؤكد تصدره النتائج، ويدعمه أيضًا نجله أحمد، الذي رافقه في جولاته، ولعل ذلك ما فاقم إحساسه بالخسارة الذي تطور إلى أزمة صحية بحسب ما نشرته المصري اليوم، لكنه لم يسلم بعد بتلك الخسارة، فيما يبدو، حيث قام، أمس الثلاثاء، بالطعن على نتيجة انتخابات الدائرة بدعوى تزوير النتيجة، بحسب ورقة الطعن التي قدمها محاميه خالد البري للجنة العليا للانتخابات.