قال المحامي ياسر سيد أحمد إنه انسحب من هيئة دفاع الصحفي هشام علام، بسبب ما وصفه بـ"خلاف عادي بين محامٍ وموكله"، وأضاف للمنصة "أخلاقيات المهنة تمنعني من ذكر أي تفاصيل تخص الموكل أو قضيته، وما حدث نتيجة لأسباب خاصة جعلتني أتراجع عن الاستمرار في الدفاع".
كان هشام علام تقدّم ببلاغ رسمي إلى إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات بوزارة الداخلية، رقم 21 بتاريخ 18 أغسطس/ آب 2020، ضد مدونة دفتر حكايات والقائمين عليها، بعد نشر لشهادات من ناجيات يزعمن فيها تعرضهن للاعتداء الجنسي من صحفي استقصائي يُدعى هـ. ع.
بالتزامن مع استمرار نشر المدونة لشهادات الناجيات، والتي وصلت لست شهادات، بالإضافة لما نشره آخرون عبر فيسبوك وتويتر، من شهادات تتهم هـ. ع. بالتعدي الجنسي على أخريات. ووثقت الصحفية السورية زينة أرحيم ثلاثة شهادات، نشرتها على حسابها الخاص الموثق على فيسبوك، قبل أن يعلن المحامي ياسر سيد أحمد، عبر صفحته انسحابه من الدفاع عن علام، مما عرضه لهجوم شديد من المتابعين، خاصة وأنه لم يفصح عن أي معلومات تخص قراره المفاجئ.
وصرح أحمد في مداخلة تليفونية، مع أحد البرامج التلفزيونية، أنه عقب نشر الشهادة الأولى للمدونة وإعلان علام أنه المقصود بها، تواصل معه علام وطلب منه نشر بيان لدعمه بعد أن أعطاه رقم البلاغ المقدم ضد المدونة بصفته محاميه دون عمل توكيل رسمي له، على وعد أن يقدم علام البلاغ اليوم التالي، وبالفعل نشر أحمد البيان على صفحته، يوم 21 أغسطس، قبل أن يعلن انسحابه من الدفاع عن الصحفي هشام علام.
ونفى أحمد في حديثه للمنصة وجود أي علاقة تربطه بعلام، قائلًا "علاقتي به مجرد استشارات قانونية عادية، لو حد يعرفه عاوز يستفسر قانونًا عن حاجة أو هو، زي أي حد يعرف محامي، إنما مافيش علاقة عمل تربطني به، ودي أول قضية يعرضها علي كموكل".
مؤسسة درج الصحفية اللبنانية كانت أول متعامل مع علّام يأخد خطوات جادة لفتح تحقيق داخلي مع تعليق عمل الصحفي هشام علام بها لحين الانتهاء من التحقيق، وذلك بعد نشره بيانًا على صفحته يؤكد أنه المقصود من الشهادة و ينفي صلته بالحادث. لحق درج عدد من المؤسسات التي يتعامل معها علّام من بينها مؤسسة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج) التي علّقت تعاملها معه، بعد عدة مطالبات بتحديد موقف واضح من الشهادات، أما عن شبكة خريجي أكاديمية دويتش فيلله، وهي مؤسسة إعلامية كان يرأسها علام، فجاء في بيان صادر عنها أن علام استقال منها يوم 17 أغسطس/ آب بعد نشر الاتهامات ضده، تلاها بيان من النقابة العامة للصحفيين لدعوة كافة الناجيات بالتوجه لتقديم بلاغات ضد أي متحرش يسيئ للمهنة.
كان المحامي ياسر السيد أحمد نشر على صفحته قبل إعلانه الانسحاب، بوست يشير فيه إلى مسؤولية مشتركة بين الجاني والضحية، في حالة استغلال الأول لسلطته في إجبار الثاني على أفعال مشينة بسبب مصلحة بينهما، وهو ما استدعى هجومًا شديدًا عليه. يقول أحمد للمنصة " البوست الأخير الناس ترجمته إني بتكلم عن قضية هشام، ده رأيهم، إنما أنا محامي وباتكلم في المطلق، الضحية اللي بتنفذ أفعال مشينة عشان مصلحتها مع المجرم اللي بيستغل سلطته في إجبارها على القيام بالأفعال دي، هم الأتنين يستحقوا العقاب، لأنهم بيستغلوا بعض".
في مقابل هذا الرأي من المحامي؛ فإن القانون المصري يعاقب على استغلال السلطة لطلب منفعة مالية أو جنسية، في المواد 103 و104 و 105 من قانون العقوبات، وصدرت من خلال هذه المواد أحكام سابقة بخصوص قضايا رشاوى جنسية.
مقدرش آخد صف حد
المنصة سألت أحمد عن موقفه إذا لجأت له إحدى الناجيات اللاتي يتهمن علام بالاعتداء الجنسي عليها، فرد "مهنيًا ماينفعش أكون محامي للخصم، وأسيبه وابقا محامي للطرف التاني، أنا محترم حقهم القانوني في رفع دعوى واتهام أي شخص، لكني مقدرش آخد صف حد".
أغلب الناجيات يفضلن اخفاء هوياتهن بسبب مخاوفهن من الوصم المجتمعي، أو ملاحقة الجاني لهن مرة أخرى، أو لما يتعرضن له من تهديدات. وتختلف الأسباب من ضحية لأخرى، خاصة وأن أغلب الجرائم الجنسية تتم في الخفاء، دون توافر شهود أو أدلة يمكن أن تثبت حق الضحية، لكن أحمد يقول إن "كل البنات بتقدر تحكي أنها اتعرضت للاعتداء، مع التطور اللي حصل والتكنولوجيا مبقاش في حدود، وبقى في جرأة أكبر لفضح الجناة، وكمان في بوادر للتحرش، تقدر الضحية تعرف منها نية الجاني، مثلًا لو لوحدهم في المكتب وحاول يقرب لها، في حيل دفاعية كتير، زي إنها تصرخ وتلم عليه المكان عشان يتوافر شهود، لو في مكان لوحدهم تمامًا تضربه وتخربشه وتطلع تعمل محضر في ساعتها، ماينفعش نتحجج بالخوف لأن كده حقها هيضيع".
ترجع الحادثة المذكورة في أول شهادة للمدونة منذ 9 سنوات مضت، والتي زعمت صاحبتها أن هـ. ع استدرجها لمكان مهجور وضربها وحاول اغتصابها، والثانية تقع في المدة بين عامي 2012-2013، وعلى الرغم من تقدم علام ببلاغ ضد المدونة، واتهام القائمين عليها بتنفيذ مؤامرة ضده، لم تتقدم صاحبات الشهادات ببلاغات رسمية، حتى الآن.
يوضح أحمد الموقف القانوني هنا قائلًا "التحرش يعتبر جريمة جنح، يعني يسقط بالتقادم زي أي جنحة بعد 3 سنوات، إيه يخلي الضحية تسكت كل السنين دي وتتكلم دلوقتي، هل هي افتكرت مثلًا؟ ولأن مافيش دليل واضح لحد لوقتي يتم اتهامه على أساسه، فهو له الحق القانوني في رفع دعوى بالتشهير على المدونة، ومن حقه يطالب بتعويض، أما في حالة تحرير محضر ضده بالاعتداء الجنسي هنا الفصل هيكون للنيابة، والمحكمة تقرر إذا تسقط بالتقادم أو لًا".
في مقابل ذلك؛ فإن النيابة العامة تفتح تحقيقات في قضايا مرّ عليها عدة سنوات بعد توجيه اتهامات بالاعتداء الجنسي كما حدث في قضية فيرمونت التي مر عليها أكثر من 6 سنوات وأمرت بضبط وإحضار المتهمين، بينما يشرح أطباء نفسيون الأسباب العلمية التي تدفع الضحايا للصمت لسنوات قبل الإفصاح عن الجريمة.