"لن تكونوا في أمان على أرض مسلمة" هكذا صرح حساب منسوب إلى تنظيم الدولة الإسلامية على تويتر بعد مقتل مواطن إيطالي في بنجلاديش في سبتمبر/أيلول الماضي، وأعلن التنظيم مسؤوليته عن الحادث.
أدت جدية التنظيم في تنفيذ تهديداته إلى تضاعف النصائح التقليدية التي كانت تنصح بها دول العالم رعاياها عند السفر، وتحولت النصائح إلى تحذيرات هستيرية، تصل أحيانا إلى تحذير بعض الدول لرعاياها من السفر إلى عشرات الدول في وقت واحد.
استهدف التنظيم كل الأديان والأجناس في المناطق التي يسيطر عليها، وبينما يسيطر على أراض في العراق وسوريا، انتسبت إليه العديد من التنظيمات المتطرفة في الكثير من دول العالم، ليغيّر اسمه في يونيو/حزيران 2014 من "الدولة الإسلامية في العراق والشام" حيث كان يسيطر على الأراضي ويؤسس دولته، إلى "الدولة الإسلامية" فحسب، ما يشير إلى حلم الخلافة الذي يستهدف العالم بأسره، وينعكس على أرض الواقع بقيام التنظيم بعمليات قد تصل إلى سيدني وباريس بخلاف الشرق الأوسط.
في أعقاب تفجيرات باريس في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حذرت الولايات المتحدة مواطنيها في كافة أنحاء العالم من إمكانية وجود استهداف لهم، هذا التحذير الذي يمتد زمنيا إلى فبراير/شباط 2016، خاصة مع ميل الكثير من المواطنين للسفر بمناسبة أعياد الكريسماس ونهاية العام.
الكثير من الدول الكبرى الأخرى تبنت التحذيرات من الأماكن نفسها بلهجات مختلفة في العامين الماضيين، منها فرنسا وروسيا وأستراليا، وهي دول تشارك في العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، بالإضافة إلى بريطانيا التي قررت المشاركة في العمليات بعد أحداث باريس.
إسرائيل أيضا تشعر طوال الوقت أن رعاياها يتعرضون للخطر، ففي مارس الماضي حذرت رعاياها من السفر إلى أكثر من 40 دولة، منها مصر وتركيا، وفي أغسطس/آب، حذرت من زيارة 27 دولة، بالإضافة إلى سيناء.
تظل دول سوريا والعراق واليمن وليبيا هي أبرز الدول التي ترسل الحكومات تحذيرات قوية إلى مواطنيها بعدم السفر إليها، وإذا كانت وزارات الخارجية في دول العالم تضع اللون الأحمر على خرائط المناطق التي يهددها تنظيم الدولة الإسلامية، فيبدو أن منطقة الشرق الأوسط قد تحولت على خريطة العالم إلى لون أحمر كبير، خاصة مع تنامي سيطرة التنظيم في أكثر من مكان في المنطقة، ولكن "التنظيم" أيضا استطاع أن يصل إلى أماكن في آسيا كحالة بنجلاديش أو أفريقيا بعد مبايعة جماعة "بوكو حرام" للتنظيم.
يتكرر ذكر تونس ومصر أيضا عند إطلاق التحذيرات، رغم كون التحذيرات جزئية في الحالتين، تتركز التحذيرات في مصر على "شبه جزيرة سيناء"، سواء بسبب العمليات العسكرية المتبادلة بين "الدولة الإسلامية" والجيش المصري، أو مؤخرا بسبب سقوط طائرة روسية على سيناء، وإعلان تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته وكشف التحقيقات أن الحادث تسببت فيه قنبلة. أجلت روسيا وبريطانيا رعاياها من شرم الشيخ، وحذرت أكثر من دولة من زيارتها.
أبعاد أخرى
إلى جانب الرغبة في تأمين المواطنين، فهناك أبعاد أخرى من التحذيرات التي تطلقها الحكومات، فبعد أن أسقطت تركيا طائرة روسيا على الحدود مع سوريا، سارعت الدولتان بتحذير رعاياهما من السفر إلى البلد الآخر، ليبدو الأمر أشبه بورقة ضغط سياسية إلى جانب الرغبة في الحفاظ على سلامة المواطنين.
تحذيرات الدول الغربية أيضا لا تقتصر على تخوف تلك الدول على مواطنيها، بل تمتد إلى التخوف من انضمام مواطنيها إلى "تنظيم الدولة الإسلامية". قال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس في مارس/آذار الماضي أن عدد الأوروبيين الملتحقين بالنظيم قد يبلغ 10 آلاف مقاتل قبل نهاية العام.
لا يستطيع المصريون أيضا السفر إلى سوريا أو العراق أو تركيا إلا بعد موافقة أمنية، وحذرت الخارجية المصرية في بداية هذا العام من سفر المصريين إلى سوريا كجهة مرور إلى بلاد أخرى للبحث عن عمل.
التحذيرات تطال الجميع
التحذيرات المتكررة للمواطنين جعلت بلدا مثل الجزائر يشكو عبر صحفه من أن الدول الغربية تحذر مواطنيها من السفر إليها بسبب ما يحدث في البلاد من حولها، وتصوير الجزائر على أنها منطقة حرب، ولكن لم يمر شهر على شكوى الصحف الجزائرية حتى جاء خبر بقطع رأس رهينة فرنسي في الجزائر في سبتمبر/أيلول الماضي، نفذ الإعدام تنظيم "جند الخلافة" الموالي لتنظيم الدولة الإسلامية.
وفي الأسبوع الماضي اعتذرت العديد من الدول عن إرسال فرقها في لعبة الإسكواش إلى مصر للعب بطولة العالم، ورغم أن البطولة كانت ستقام في القاهرة، بعيدا عن شرم الشيخ وسيناء التي تركزت كل تحذيرات السفر إليها مؤخرا إلا أن الفرق شعرت بالتهديد خاصة بعد حادث تفجير ملهى ليلي بالعجوزة، رغم أن الحادث كان جنائيا وليس إرهابيا.
عندما تحذر مصر من السفر
بينما تحذر دول العالم، ومن ضمنها مصر، مواطنيها من السفر إلى سوريا، لا تذكر إرشادات السفر على موقع الخارجية المصرية مخاطر السفر إلى هناك، إنما تذكر فقط المعلومات العامة عن البلد كعاصمتها وعطلاتها ومواردها الطبيعية. عدم تحديث "إرشادات السفر" على موقع الخارجية ينطبق أيضا على ليبيا، التي حرصت الخارجية المصرية على أن تحذر المصريين من السفر إليها في العامين الماضيين، خاصة بعد مقتل أكثر من 20 مصري بيد تنظيم الدولة الإسلامية في فبراير الماضي.