قضت محكمة النقض، اليوم الأحد، بقبول الطعن المقدم من دفاع الروائى أحمد ناجى، وأوقفت حكمًا بحبسه عامين بتهمة خدش الحياء العام.
وحددت المحكمة جلسة 1 يناير/كانون الثاني المقبل لنظر "موضوع" الطعن المقدم من ناجي.
وقال مصدر مسؤول بمصلحة السجون بوزارة الداخلية، إن المصلحة في انتظار ورود مذكرة صحة الإفراج تمهيداً لإطلاق سراحه من داخل سجن طرة.
وأوضح المصدر الذي رفض ذكر اسمه، أنه سيتم إخلاء سبيل "ناجي" من القسم التابع له، على أن تستلمه مأمورية أمنية من مديرية الأمن، لإطلاق سراحه من القسم التابع له، بعد إجراء فحص روتيني للكشف عليه، والتأكد من كونه غير مطلوب على ذمة قضايا أخرى، وسيتم ذلك خلال 48 ساعة، من ورود مذكرة صحة الإفراج.
وبدأت القضية عندما تقدم مواطن يدعي هاني صلاح ببلاغ ضد ناجي بعدما نشرت صحيفة "أخبار الأدب" جزءًا من روايته "استخدام الحياة". واتهم صلاح الروائي الشاب بـ"خدش الحياء".
وأحالت النيابة العامة في أكتوبر/ تشرين الأول ناجي ورئيس تحرير أخبار الأدب طارق الطاهر للجنايات. وذكرت التحقيقات أن "ناجي كتب مقالًا يحتوي على ألفاظ خادشة، وأن المتهم الثاني طارق الطاهر، رئيس تحرير الجريدة، أخل بواجبات الإشراف على الإصدار، الذي يترأسه، لعدم قيامه بمراجعة المقال كاملًا".
مطلع العام الحالي، برأت محكمة جنح بولاق أبوالعلا ناجي من تهمة "خدش الحياء"، لكنّ النيابة العامة قدمت وقتها استئنافاً على البراءة. وفي 20 فبراير/شباط قررت جنايات شمال القاهرةحبس أحمد ناجى سنتين، وتغريم طارق طاهر 10 آلاف جنيه.
وتضامن أدباء وناشطون داخل مصر وخارجها مع ناجي خلال حبسه، ودشنوا حملة "ضد محاكمة الخيال" لرفض خضوعه وغيره من الكتاب للمحاكمة بسبب أعمالهم الأدبية.
وأعاد مشهد المحاكمة تاريخًا طويلًا من حالات مشابهة لمحاكمة الكتاب في المشهد الثقافي المصري.
"في الشعر الجاهلي"
في 30 مايو \ أيار سنة 1926 تقدم الشيخ حسنين الطالب بالقسم العالي بالأزهر ببلاغ إلى النائب العام المصري يتهم فيه الدكتور طه حسين كاتب "في الشعر الجاهلي" بطعن في صريح القرآن في كتابه، وفي الخامس من يونيو\ حزيران أرسل شيخ الأزهر تقريرا للنائب العام رفعه علماء الأزهر عن الكتاب، وورد في التقرير أن الكاتب كذّب القرآن صراحة وطعن فيه على النبي ونسبه الشريف.وطالب شيخ الأزهر باتخاذ الوسائل القانونية الفعالة ضد هذا الطعن على الدين الرسمي للدولة، وتقديمه للمحاكمة. وبدأ التحقيق مع طه حسين في19 أكتوبر \ تشرين ثان عام 1926، وانتهى الأمر بحفظ البلاغ إداريا، حيث صدر القرار في مارس \ آذار عام 1927 بأن غرض المؤلف لم يكن الطعن والتعدي على الدين وتم حفظ البلاغ إداريا.
أزمة الروايات الثلاث
في العام 2001 اشتعل الجدل في الأوساط الثقافية المصرية، بعد الاتهامات التي وجهها عضو في جماعة الإخوان المسلمين لثلاث روايات صدرت عن سلاسل نشر تابعة لوزارة الثقافة واشتهرت الواقعة وقتها بـ أزمة الروايات الثلاث، وهي""أحلام محرمة " لمحمود حامد، و"أبناء الخطأ الرومانسي" لياسر شعبان، و "قبل وبعد" لتوفيق عبدالرحمن، إذ رأى العضو أنها تنتهك الآداب العامة بمشاهد وألفاظ خادشة، وقدم استجواباً في مجلس الشعب حينها لوزير الثقافة المصري، فاروق حسني، وبناء عليـه تمـت المصـادرة، من دون أن يحرك الوزير المنوط به الدفاع عن المبدعين، وحرية التعبير، ساكناً. بل و حمّل وزير الثقافة المصري فاروق حسني في حديث خاص لوكالة الصحافة الفرنسية وقتها، حمّل مجموعة من "اليساريين" مسؤولية إثارة ازمة الروايات الثلاث التي صادرتها وزارته باعتبارها مسيئة للقيم الاجتماعية..
وليمة لأعشاب البحر
في صيف 2009، أصدر فاروق حسني وزير الثقافة المصري أنذاك قرارا بسحب رواية "وليمة لأعشاب البحر" للكاتب السوري حيدر حيدر من الأسواق، على اعتبار أنها رواية مثيرة للجدل و مسيئة للإسلام، ولم يأت قرار سحب نسخ الرواية من فراغ، فقد تظاهر آلاف الطلّاب بالقرب من جامعة الأزهر ضد السماح بطبع و توزيع الرواية في مصر، وطالبوا وزارة الثقافة بسحبها من الأسواق، ونظمت صحيفة الشعب "ذات التوجه الإسلامي حملة على الوزير حسني، كما وصفت الكتاب بأنه "إهانة أسوأ من هزيمة العرب على يد إسرائيل عام 1967، وأن الإهانة عار لا يمحى إلا بعقاب المسؤولين عنها". وقد ارتفع ثمن هذه الرواية من 7 جنيهات مصرية إلى مائة جنيه مصري بسبب قرار السحب. واتهم اسلاميو مصر وقتها الرواية بـ"التجديف"، ووصفوا كاتبها بأنه "سلمان رشدي" جديد.
وتدور أحداث الرواية حول مثقفين عراقيين يساريين غادرا بلادهما هربا من بطش الرئيس العراقي صدام حسين أواخر السبعينيات إلى الجزائر ، ويحمّل هذان المثقفان الأنظمة الديكتاتورية والحركات المحافظة مسؤولية القهر السياسي الذي يعاني منه العالم العربي.
رواية "مترو"
في الثالث من فبراير \شباط 2010 أصدرت محكمة جنح مستأنف قصر النيل تأييد حكم لمحكمة جنح قصر النيل بتغريم كل من مجدي الشافعي مؤلف رواية "مترو" ومحمد الشرقاوى صاحب "دار ملامح للنشر "والتي قامت بنشر الرواية، بمبلغ وقدره 5 آلاف جنيها مصرياً ومصادرة النسخ المضبوطة من الرواية.
وبالفعل صادرت أجهزة الأمن المصرية جميع نسخ الرواية من دار «ملامح» التي نشرت العمل، بحجة أن «مترو» تضم ألفاظاً غير لائقة وعبارات ورسوماً تخدش الحياء، ورفض مثقفون مصريون مصادرة الرواية، وأدانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان مصادرة الرواية، معتبرة أن ذلك انتهاك لحرية التعبير لا يمكن قبوله بأي حال. وأكد الشافعي في حوار له مع موقع معهد "جوته" الثقافي بأنه لم يتعمد إيذاء مشاعر الناس، مضيفاً أن المؤذي حقاً لمشاعر الجماهير هو القمع والتسلط من جانب الأمن، حسب تعبيره. وأشار الناقد الدكتور جابر عصفور ، في عموده بجريدة الأهرام إلى أن رواية «مترو» تستحق التقدير لا المحاكمة.
وتدور احداث راوية «مترو» المصورة حول شاب يعمل بمجال البرمجيات، على شفا الافلاس بسبب المنافسة التي يسحق فيها اصحاب رؤوس الاموال الكبيرة الشركات الصغيرة الناشئة فيقرر هو وصديق له سرقة مصرف. وتتوالى أحداث الرواية وصولاً الى قيام البطل وصديقه بسرقة مبلغ كبير من بنك ويحفظانه في احدى محطات المترو في وسط المدينة. ويلقي المؤلف الضوء على مناحي الحي المختلفة في مصر، مستعرضاً فساد عدد من رجال الاعمال والبنوك وتسلط عدد من اصحاب الشركات الكبرى ونهبهم للبلاد، فيظهر الصراع الطبقي وتدمير وسحق الطبقات الصغيرة والمتوسطة من قبل كبار رجال الاعمال والفاسدين في أجهزة الدولة.