شارفت الساعة على الرابعة عصرًا، عندما استقلت آية (اسم مستعار) الطالبة في الصف الأول الثانوي،حافلة من موقف سيارات الأجرة فى مدينة العريش، وقد احتضنت بين يديها مجموعة من الكتب و جهاز التابلت المدرسي، عائدة إلى منزلها فى حى المساعيد، الذي خرجت منه السادسة صباحًا للوصول إلى مدرستها فى مدينة الشيخ زويد، على بعد 35 كيلو. هى بالأساس طالبة من مدرسة ثانوية برفح، و لكنها ألحقت على مدارس الشيخ زويد لظروف النزوح.
فى نفس الوقت كانت نهلة (اسم مستعار) طالبة أيضا في الصف الأول الثانوي، تحمل مجموعة من الكتب، ولكنها كانت قد انتهت من يومها الدراسى وعادت لمنزلها، وتناولت الغذاء مع أسرتها ثم توجهت الى حيث تتلقى درسها الخصوصى اليومى، هناك دار بين الفتاتين حديث قالت فيه فتاة ثانوية رفح أنها لم تؤدى الامتحانات على جهاز التابلت فى مدرستها لانعدام وجود مصادر إنترنت، بينما أكدت لها الأخري أنها في العريش استطاعت الدخول على منصة الامتحانات فى اليوم الأول والثاني.
تعكس المحادثة السابقة مدى الفرق بين ظروف طلاب مدارس الشيخ زويد، و مدارس العريش، في حين لا تعترف النشرات الوزارية بالظروف التى يعيشها طلاب مدارس الشيخ زويد، أو رفح الملحقين أيضا على ذات المدارس.
فرحة التابلت.. التي لم تتم
توجد فى مدينة الشيخ زويد 3 مدارس ثانوية عامة تضم 165 طالبًا، هى.. مدرسة الشيخ زويد العسكرية بنين، ومدرسة الامام الغزالى للبنات، و مدرسة الفارابى المشتركة، وقد تم بالفعل تسليم طلاب الصف الأول الثانوي أجهزة التابلت و شرائح الانترنت ، ولكن البنية التحتية للإنترنت لم تكتمل، حيث تم توصيل كابلات الإنترنت الفايبر إلى المدارس، ولكنه لم يتم تركيب الأجهزة الموزعة للانترنت، كما تخلو المدينة من شبكات الهاتف المحمول منذ 3 سنوات تقريبا بسبب تعطل الأبراج، لعدم القيام بأي أعمال صيانة لها.
فيما يقوم بعض الاشخاص بالاشتراك فى خدمة إنترنت الهاتف الأرضى و لكن السرعات التى يتحدث عنها المستخدمين لا تكاد تفتح أي موقع للبطئ الشديد
فرحة الطلاب و الطالبات بتسلم جهاز التابلت فرحة منقوصة، فالجميع يعلم أن الجهاز لم يكن سوي قطعة معدنية غير متفاعلة، لا تحقق الهدف الذي تم تسليمها من أجله.
عندما يوجد إنترنت.. تنقطع الكهرباء
غياب مصادر الحصول على خدمة الإنترنت من خلال المدارس و شبكات المحمول، لم يكن العائق الوحيد أمام الطلاب فمن يمتلكون في بيوتهم راوتر الإنترنت الأرضي ليسوا أفضل حظًا من الآخرين فالجميع يتساوى عند انقطاع التيار الكهربائي المتكرر. وفي تلك الفترة تتوقف القدرة على تشغيل أجهزة الراوتر سواء في البيوت او محلات السايبر التي يحاول فيها الطلبة أن يجدوا بديلا للحصول على الخدمة.
يتحايل البعض على غياب الكهرباء بابتكارات بسيطة استطاعوا من خلالها تشغيل أجهزة الراوتر، و ذلك من خلال توصيل "باور بانك" لتشغيل الراوتر، كما استطاع البعض الحصول على مصدر إنارة من خلال تركيب مصابيح "لد/ Led" على أسلاك الهاتف الأرضي، واستطاعوا توفير إنارة من خلال حرارة التليفون.
سيستم لا يعمل.. وأتوبيسات لا تصل
يقول ابو أحمد، ولي أمر أحد الطلاب، اصطحبت ابني إلى مدينة العريش، ليتمكن من أداء الامتحان على جهاز التابلت، و لكننا أيضا لم نتمكن لأن سيستم الوزارة لم يستجب و قضينا الليلة عند أقارب لنا، على أمل أن يتم الامتحان ولكننا فشلنا و عدنا للشيخ زويد في اليوم التالي.
ويتابع ظروف التعليم في الشيخ زويد بالغة الصعوبة بالكاد يستطيع ابناءنا الانتظام في الدراسة لأن غالبية المعلمين يأتون بالأتوبيسات من العريش، و كثيرا ما تصل متأخرة فيضيع اليوم الدراسي، فما بالك و قد أضيف عبء التابلت الذي يفتقد بنية التشغيل التحتية.. و يستطرد لسنا ضد التطوير، ولكن يجب أن يتم توفير اساس لتلك العملية حتى لا يتأخر مستوى الطلاب عن زملاءهم
اعتبر البعض أن وقف الامتحانات عن طريق التابلت و الانترنت فائدة لهم فى الشيخ زويد بحيث لا يطالهم التخلف عن بقية زملائهم فى المحافظات الاخري ، و لكن هذا معيار وقتى لايحمل أملًا طويل المدى ، فعودة الامتحانات بالانترنت ستجمد طلاب الصف الاول الثانوى بالشيخ زويد عند النقطة الصفر.
معلمون.. لا نملك إلا الدعم النفسي
معلم ثانوى فى الشيخ زويد قال لـ المنصة نحاول أن نقدم الدعم الفني للطلاب بشان استفساراتهم عن كيفية استخدام التابلت، و تحقيق التوازن النفسى لهم من خلال النصح و الارشاد و تذكيرهم بأن الامتحانات لاتزال فى مراحلها التجريبية. و نستطيع القول أن دعم ابناءنا الطلاب نفسيا لمواجهة تلك الأزمة كان محور اهتمامنا كى لا تهبط حماستهم التعليمية، أو الشعور بالتهميش و عدم الاهتمام عن بقية طلاب الجمهورية.
هذا ما يفعله أيضا مدير عام ادارة الشيخ زويد التعليمية حسين عرادة، الذى زار المدارس لتذكير الطلاب على أن فرصتهم قوية بالهمة و المثابرة حتى حل الازمة
تضامن أهالي
يقول صاحب محل خدمات أجهزة الحاسب الالى و خدمات الانترنت فى الشيخ زويد لـ المنصة "لقد توافد للمحل عدد كبير من الطلاب و الطالبات للتمكن من آداء الامتحانات من خلال خدمة الإنترنت التى أوفرها، و نظرا لانقطاع الكهرباء، فقد قمت بتشغيل عدد 2 جهاز راوتر بالباور بانك و قمت بتخصيص المقاعد داخل المحل للطالبات، وخارج المحل للطلاب، مشيرًا إلى أن هناك طلاب يحضرون للمحل سيرًا على الأقدام من قرية الشلاق التى تبعد حوالى 5 كيلو مترات.
ويتابع.." يستمر العمل فى المحل حتى الساعة السادسة مساء وهى الفترة التى تسبق الموعد الذى حددته وزارة التربية و التعليم لانتهاء الامتحانات فى التاسعة مساء. و يشرح أن سبب إغلاقه المحل، هو خضوع الشيخ زويد لحظر التجوال اليومي، فلا يمكن فتح المحل بعد الساعة السادسة مساء حتى السادسة من صباح اليوم التالي".