في صبيحة أحد أيام شتاء القاهرة البارد، تجمعت بعض السيدات أمام باب مدرسة الطلائع الإسلامية للغات في حي المهندسين بالقاهرة، وأخذن يرددن هتافات ضد مدير المدرسة الجديد، خلف تلميذة صغيرة ذات وجه دائري وعينين سوداوين بريئتين، وجدت نفسها تقود مظاهرة ربما لأول مرة في حياتها.
انتهت تَظاهرة أولياء الأمور الصغيرة إجمالاً بالهتاف ضد إدارة لجنة 30 يونيو، وهي اللجنة التي شُكَلت لإدارة المدارس التي تحفظت عليها الحكومة بعد الأحداث التي وقعت في 30 يونيو/ حزيران 2013، بدون أن تصل إلى نتيجة سواء سلبًا أو إيجابًا.
كان هذا في ديسمبر/ كانون الأول من العام 2016، عقب أشهر قليلة من صدور قرار لجنة حصر أموال الإخوان بالتحفظ على المدرسة، بداعي أنها مملوكة لجماعة الإخوان المسلمين، مُستَندين إلى حكم محكمة عابدين الأمور المستعجلة بحظر جماعة الإخوان والتحفظ على أملاكها بحسب الدعوى رقم 2315 الصادرة في سبتمبر/ أيلول من عام 2013.
الطلائع الإسلامية واحدة من 22 مدرسة أخرى تَظلّمت من قرار التحفظ المذكور سواء برفع أمام مجلس الدولة المصري أو أمام مسؤولي وزارة التربية والتعليم؛ استطاعت أربع منها الحصول على أحكام من مجلس الدولة تقضي برفع التحفظ وإعادتها لأصحابها؛ لكن أيًا من أصحاب من هذه المدارس لم يستطع تنفيذ الحكم القضائي.
في هذا التحقيق، نكشف عن عدم دستورية قرارات لجنة التحفظ على هذه المدارس، وتعطيل الحكومة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عن مجلس الدولة، ومحاولة الحكومة دَسَترة قرارات لجنة التحفظ على أموال جماعة الإخوان "المُدانة بالإرهاب بحكم قضائي".
تعود ملكية مدرسة الطلائع الإسلامية لجمعية أنصار مرضى الروماتيزم المُشهرة تحت رقم 1533 بوزارة التضامن الاجتماعي، كإحدى أقدم الجمعيات الخيرية في مصر إذ يعود تأسيسها إلى عام 1957 بأمر مباشر من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بحسب على الصياد، رئيس مجلس إدارة جمعية أنصار مرضى الروماتيزم، والمدير العام لمدرسة الطلائع الإسلامية.
يقول الصياد حديثه المُسجل لـ المنصة، إن أيًا من أعضاء مجلس إدارة الجمعية المالكة للمدرسة "لا يرتبط بالإخوان ولم يوجد أي عضو مُنتم للجماعة في أي وقت"، متابعًا أن الجمعية ضمت شخصيات عامة وحكومية أبرزهم فؤاد سعد الدين وكيل المخابرات العامة ومحافظ الإسماعيلية الأسبق، والمستشار محمود أبو الليل وزير العدل الأسبق، وكريمة الجنزوري حرم الدكتور كمال الجنزوري رئيس وزراء مصر الأسبق، والمهندس حسب الله الكفراوي وزير الإسكان الأسبق، والمهندس الراحل عثمان أحمد عثمان.
المفارقة هنا أن الحكومة لم تتحفظ على جمعية أنصار مرضى الروماتيزم، باعتبارها الجهة المالكة وفاعل أصلي في القضية، ولا على المدرسة الأخرى التي تحمل نفس الاسم "الطلائع الإسلامية" الموجودة في حي مصر الجديدة، "رغم أننا الجهة المالكة والإدارة معًا"، يضيف على الصياد، ساخرًا، من قرار التحفظ.
ويُتابع، أن وزارة التضامن أكدت صدقية جمعيته وأنها لا تخالف القانون، وذلك في خطاب رسمي حصل عليه، وأن "سبب التحفظ مجهول"، مضيفًا "رفعنا قضية أمام القضاء الإداري.. بس رفع التحفظ محتاج قرار سياسي".
لا يختلف حال مدرسة الطلائع الإسلامية عن وضع المدارس الأربع الأخرى وهي الواحة للغات، ومنارة القاهرة الخاصة، ومدارس المنار الإسلامية الخاصة إضافة إلى مدرسة طلائع المستقبل، والذين تحَصلّوا على أحكام قضائية برفع التحفظ عنهم. وتمتلك المنصة نسخًا من الأحكام الأربعة الصادرة من القضاء الإداري الخاصة بهم.
مدرسة الواحة للغات حصلت على حكم في الدعوى رقم 24386 لسنة 68 ق، في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني لعام 2014، برفع التحفظ وإعادتها لأصحابها، وكذا مدرسة منارة القاهرة الخاصة في الدعوى رقم70582 لسنة 68 ق الصادر في 20 يناير/كانون الثاني 2015، ومدرسة طلائع المستقبل الخاصة في الدعوى رقم 30567 لسنة 68 ق الصادر في 24 يونيو/حزيران 2014، وأخيرًا مدارس المنار الإسلامية الخاصة في الدعوى رقم 70413 لسنة 68 ق الصادر في 16 ديسمبر/كانون الأول 2014.
انتهت المحكمة في الدعاوى الأربع إلى حكم واحد قالت فيه إن "القرار المطعون فيه الصادر بالتحفظ على أموال هذه المدارس المنقولة والسائلة ومنعها من التصرف فيها صدر مخالفًا للقانون وانطوى على اغتصاب سلطة القضاء، ويتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأخصها: رفع التحفظ على أموال المدارس المشار إليها العقارية والمنقولة والسائلة، وإنهاء المنع من التصرف فيها، وتسليمها إلى المدعي كاملة غير منقوصة".
إهمال تربوي
مابين أعوام 2013 و2014 و2015، أصدرت اللجنة قرارات بالتحفظ على عدد من المدارس تراوح بين 87 إلى 120 مدرسة، حيث وصل عدد قرارات التحفظ على المدارس في عهد المستشار عزت خميس أول رئيس للجنة حصر الأموال إلى 112 مدرسة، بلغ رصيدها 283 مليون جنيه. كما تم التقييم المالي للمدارس بنحو 3 مليارات و505 مليون جنيه، بحسب تقارير منشورة.
عدد كبير من أولياء الأمور في هذه المدارس واجه صعوبات في التعامل مع اللجان الحكومية التي مُنحت حق إدراتها من قبل لجنة 30 يونيو.
داليا.م، ولية أمر ثلاثة طلاب بالمرحلة الابتدائية بمدرسة الطلائع الإسلامية تقول "مستوى المدرسة انحدر بعد التحفظ عليها"، مدللةً على ذلك برحيل عدد من الأساتذة الأكفاء، تبعهم بعض أولياء الأمور الذين قرروا نقل أبناءهم من المدرسة أيضًا.
وتابعت بأن المناهج الدراسية لم تتغير، رغم الاعتقاد بأن ذلك سيحدث بعد تولي إدارة 30 يونيو، وحدثت بعض المشاكل في اختيار الزي المدرسي خلال السنة الدراسية الماضية، إذ كانت اللجنة تعاقدت مع مصنع لاختيار الزي، والذي رفضه أولياء الأمور ثم تم الاتفاق على مصنع أخر.
"الخلاصة كده كل المدارس اللي تديرها لجنة 30 يونيو فشلت"، تضيف داليا.
مروة أحمد، ولية أمر أحد الطلاب بمدرسة الطلائع الإسلامية، تقول إن لديها مخاوف من عدم قبول أبنائها في كليات الشرطة أو الحربية نظرًا لأنهم خريجي هذه المدارس، لافتةً إلى انعدام الإشراف المدرسي على الطلاب أثناء الحصص أو في الفسحة.
مبني على مجهول
يعاود علي الصياد حديثه قائلًا إن محاولاته لمعرفة سبب التحفظ على مدرسة الطلائع باءت بالفشل، سواء في وزارة التربية والتعليم أو لجنة التحفظ، لكن مسؤولًا في أحد الأجهزة الأمنية ذكر له بأن هناك اعتراضًا على خمسة أسماء من العاملين بالمدرسة وأنهم يشكّون في انتمائهم لجماعة الإخوان، ويجب عليه التخلص منهم.
"تهمة الانتماء لجماعة الإخوان" كانت سببًا مباشرًا للتحفظ أوضحته حيثيات حكم محكمة عابدين القاهرة للأمور المستعجلة في الدعوى رقم 2315 لسنة 2013، والذي قضى بحظر جماعة الإخوان المسلمين، والتحفظ على جميع الممتلكات والأموال لها وللمُنتمين إليها.
المحامي خالد المصري يتولى عددًا من قضايا الدفاع عن أفراد الجماعات الإسلامية، يقول لـ المنصة إن "محكمة النقض المصرية فَندت في حيثيات حكمها في الدعوى رقم 29658 لسنة 68 ق والصادرة في جلسة 6 يوليو/تمّوز 2017 تهمة الانتماء لجماعة الإخوان واعتبرت أنها (تهمة مطاطة وهلامية، ولا يمكن الاعتداد بها إلا من خلال دلائل مادية ملموسة)".
تحريات دون أدلة
تستند لجنة حصر أموال الإخوان في قراراتها بالتحفظ على هذه المدارس، على تحريات جهاز الأمن الوطني فقط، بحسب مصدر من النيابة العامة، تحفظ على ذكر هويته لأسباب وظيفية في حديثه لـ المنصة، متابعًا أن تحريات الأمن الوطني حول المدارس دائمًا "سرية" وتكون اعتمادًا على مصادرهم فقط، أو بناء على معلومات تتعلق بتمويلات المدارس أو أصحابها، أو بسلوك العاملين فيها من الإداريين والمدرسين، سواء من حيث ميولهم السياسية أو العقائدية، وخاصة موقفهم من جماعة الإخوان.
كما يؤكد ضابط شرطة بأحد أقسام الشرطة، تحفظ أيضًا على ذكر اسمه لأسباب وظيفية في حديثه لـ المنصة، أن هذا النوع من التحريات لا يجريه أفراد الأمن العاديين، ولكن ضباط الأمن الوطني هم المُكلفين بها، لافتًا إلى أنهم لا يعلمون أي شيء عنها.
خالد المصري، محام وناشط سياسي يقول إن "محكمة النقض المصرية – وهي أعلى سلطة قضائية بالبلاد- لا تعتد بتحريات الأجهزة الأمنية (كدليل ثبوت) في أحكامها"، لافتًا إلى إنها ذكرت في حكمها رقم 29658 لسنة 86 ق الصادر في عام 2017 والذي ورد فيه أن "محضر التحريات مجرد كلمات لا تعبر إلا عن وجهة نظر صاحبها، لأنها تحتمل الصواب والخطأ، ولا يمكن الأخذ بها كدليل من أدلة الثبوت، ولكن يتم الأخذ بها كقرينة ويستلزم وجود دليل آخر يسندها".
لجنة 30 يونيو
بعد حكم الأمور المستعجلة دعوى رقم 2315 وقرار رئيس الوزراء حينها حازم الببلاوي بتشكيل لجنة حصر أموال الإخوان رقم 1141، بدا أن هناك "وضع قانوني" جديد تم تشكيله، إذ أصبحت وزارة التربية والتعليم مُطالبة بإدارة أكثر من 100 مدرسة تم التحفظ عليها من قبل لجنة حصر أموال الإخوان، وعليه أصدر وزير التربية والتعليم وقتذاك الدكتور محمود أبو النصر القرار رقم 33 لسنة 2014، بتشكيل مجلس إدارة لمجموعة المدارس المُتحَفظ عليها، عُرفت لاحقًا باسم "لجنة 30 يونيو".
وفي يونيو/ حزيران من العام التالي، واستكمالاً للإجراءات أصدر وزير التعليم في ذلك الوقت، محب الرافعي، قراره رقم 203، والذي نظم فيه طبيعة العمل داخل هذه اللجان، حيث تم إصدار لائحة تنفيذية للجنة تتكون من عشرة بنود.
"لجنة 30 يونيو هي جزء من لجنة حصر أموال الإخوان، وهذه الأخيرة استندت في أعمالها على حكم الأمور المستعجلة فاقد الدستورية، لمخالفته المادة 35 من الدستور المصري الصادر في 2014 التي تنص بوضوح على أن الملكية الخاصة مصونة ولا يجاوز المساس بها إلا بإذن قضائي"، بحسب الدكتور فؤاد عبد النبي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، في حديثه عبر الهاتف لـ المنصة.
كما ذكر حكم مجلس الدولة المصري في دعواه رقم 70582 لسنة 68 ق أن "قرار لجنة حصر أموال الإخوان بالتحفظ هو صنيعة يديها وحدها، وإن حاولت سَتره خلف حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة على أنه عمل من أعمال تنفيذ الحكم على خلاف الحقيقة.. وأنها اعتدت على الملكية الخاصة وانتقصت من الحقوق الدستورية والقانونية المقررة للملكية دون سند من القانون، كما أنها اغتصبت اختصاص القضاء في هذا الشأن".
كما أكدت المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر في جلسة 5 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1996، في القضية رقم 26 لسنة 12 ق دستورية أن "الحراسة بالنظر إلى طبيعتها ومداها لا تعدو أن تكون إجراءً تحفظيًا لا تنفيذيًا، وتعتبر تسلطًا على الأموال المشمولة بها في مجال صونها وإدارتها، فلا يكفي لفرضها مجرد أمر على عريضة يُصَدر في غيبة الخصوم بل يكون توقيعها فصلًا في خصومة قضائية تقام وفقًا لإجراءاتها المعتادة، وتبَاشر علانية في مواجهة الخصوم جميعًا، وأن فرض قيود على بعض الأموال عن طريق حراستها لا يكون إلا من خلال الخصومة القضائية وإلا كان تحميل المال بها – في غيبة الخصومة القضائية – عملًا مخالفًا للدستور".
ويعاود المحامي خالد المصري موضحًا "هذا يعني أنه لإصدار أي قرار بالتحفظ على الأملاك الخاصة، يجب أن تكون صادرة بحكم قضائي، إضافة لضرورة أن تُنشر في الجريدة الرسمية، وأن دور اللجنة ينحصر فقط في الإشراف".
وخلال عامي 2014 و2015، تلقت لجنة التحفظ على أموال الإخوان 274 حكمًا من محكمة القضاء الإداري يقضي ببطلان قرارات التحفظ الصادرة عنها، بحسب تقارير منشورة.
دَستَرةْ قرارات التحفظ
يقول محامي مسؤول عن الدفاع في بعض قضايا التحفظ، رفض ذكر اسمه لأسباب شخصية "بعد صدور أحكام مجلس الدولة خلال أعوام 2014 و2015، أُسقِطت مشروعية اللجنة قانونيًا ودستوريًا، لأنه يستند لحكم الأمور المستعجلة رقم 2315 فاقد الشرعية".
ويُضيف في حديثه المسجل لـ المنصة، أنه بذلك بات وضع لجنة حصر أموال الإخوان واللجان المنبثقة عنها، في "مأزق قانوني" لذا اقترح أعضاؤها مشروع قانون ليكون أساس لعمل اللجنة في العام 2016، لكن بنود القانون المُقترح تضمنت عدم مراقبة مجلس الدولة على أعمال اللجنة، وبالتالي القانون كان سيُقابل بعدم دستورية، لأنه لا يجوز تحصين عمل اللجنة ضد جهة قضائية.
ويُتابع، أن الوضع القانوني مازال قلقًا، لذا تم تحويل قضايا التحفظ لتكتسب بعدًا جنائيًا لتكون أكثر قانونية، وعليه رفعت الحكومة دعوى حملت رقم 5 "كيانات إرهابية"، والدعوى رقم 653 لسنة 2014 "حصر أمن دولة عليا"، في محكمة جنايات شمال القاهرة ، التي أصدرت حكمها بإدراج 538 اسمًا على قوائم الإرهاب في 12 يناير/ كانون الثاني 2017، اعتمادًا على القانون رقم 8 المعروف باسم "الكيانات الإرهابية" والذي صدر عام 2015.
وبناءً على هذا الحكم تم إعادة تشكيل لجنة التحفظ على أموال الإخوان واللجان المنبثقة عنها، وفي 11 سبتمبر/ أيلول الماضي، نشرت الجريدة الرسمية قرار بإعادة تشكيل لجنة حصر أموال الإخوان، بنفس أعضاءها القدامي الذي ترأسهم المستشار محمد ياسر أبو الفتوح، والذي كان عُين قبلها من قبِل رئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل في عام 2016 طبقًا للقرار رقم 1164.
ويُبَين الدكتور فؤاد عبدالنبي أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية تبعات حكم جنايات القاهرة، قائلًا إن "حكم جنايات القاهرة أسَس للجنة 30 يونيو وضعًا قانونيًا وأضفى عليها مشروعية غائبة"، متابعًا أنه رغم أن كل أحكام التحفظ الصادرة قبل هذا التوقيت "غير دستورية"، لكن سيتطلب من أصحاب المدارس التقدم لمحكمة النقض بطلب الطعن على حكم جنايا شمال القاهرة.
وعليه تقدم 1538 من المُتحفَظ على أموالهم، بطعون أمام محكمة النقض، التي قررت في الرابع من يوليو/ تموز الجاري قبول الطعون وإعادة القضايا لمحكمة الجنايات في القضية رقم 653 لعام 2014 "حصر أمن دولة عليا".
قانون 22
قبل صدور حكم محكمة النقض الأخير، كان مجلس النواب أقر قانونًا عُرف باسم "تنظيم إجراءات التحفظ على والحصر والإدارة والتَصرف في أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين" الذي حمل الرقم 22 وصدق عليه رئيس الجمهورية ونُشر بالجريدة الرسمية بعددها رقم 16 مكرر في 21 أبريل/ نيسان الماضي.
وبالتالي تم التأسيس لوضع قانوني جديد، حيث تم إعادة تشكيل لجان التحفظ والإدارة مرة أخرى، حيث أصدر رئيس الجمهورية قراره رقم 291 لسنة 2018 بإعادة تعيين المستشار الدكتور ياسر أبو الفتوح الرئيس بمحكمة الاستئناف رئيسًا للجنة التحفظ وإدارة الجماعات الإرهابية في يونيو/ حزيران الماضي.
"القانون محاولة لإضفاء الشرعية القانونية على لجنة التحفظ"، يقول الدكتور فؤاد عبد النبي. موضحًا أنه احتوى على عدد من المُخالفات الدستورية، على رأسها النص في المادة الخامسة منه على أن محكمة الأمور المستعجلة هي جهة التقاضي، لأنه بذلك سلب حقوق المُتقاضين والمؤسسة على ثلاث درجات، لكن هنا تم اختصارها لدرجة واحدة.
كما أنه تم تحصين قرارات اللجنة من أحكام مجلس الدولة، وهذا مخالف للمادة 97 من الدستور التي تنص على "أن حق التقاضي مصون ومكفول للكافة وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي، وتعمل على سرعة الفصل في القضايا ويُحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ولايُحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي، والمحاكم الاستثنائية محظورة"، وفقًا لأستاذ القانون الدستوري.
ويوضح، أن القوانين لا تسري بأثر رجعي عملاً بالمادة 255 من الدستور، حيث تسري بدءا من اليوم التالي لتاريخ نشرها بالجريدة الرسمية، لافتًا إلى إمكانية عمل القانون بالأثر الرجعي بعد موافقة ثلثي البرلمان، عدا القضايا الجنائية والضريبية.
وأنه بذلك فإن الأحكام الصادرة من مجلس الدولة بخصوص رفع التحفظ عن المدارس صحيحة ومطابقة للدستور، لأننا أمام قضايا جنائية، لا تسري عليها القوانين بأثر رجعي، وفقًا لأستاذ القانون الدستوري.
وتدعم المادة 95 من الدستور ذلك، لأنها تضمن أن العقوبة شخصية ولا جريمة إلا بناء على قانون ولا تُوقع عقوبة إلا بحكم قضائي ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون.
ويختم أستاذ القانون الدستوري تعليقه قائلًا "كان لازمًا على مجلس النواب المصري إصدار قانون العدالة الانتقالية والذي يؤطر للمصالحة الوطنية ويكفل كشف الحقيقة خلال الفصل التشريعي الأول له، عملاً بنص المادة 241 من الدستور"، واصفًا ذلك بمأسسة العدالة المجتمعية.