بعبارات حملت تضامن وتمنيات بالحرية أكثر مما حملته من تهنئة، شارك العشرات في الاحتفال بعيد ميلاد محمد القصاص، نائب رئيس حزب مصر القوية، وحبيس سجن طره شديد الحراسة "العقرب"، منذ عام مضى على ذمة القضية المعروفة إعلاميًا بـ"المحور الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين" و"مكملين 2"، التي يواجه فيها اتهامات من بينها "نشر أخبار كاذبة، والانضمام لجماعة أُنشئت على خلاف أحكام القانون".
وكان محمد القصّاص واحدًا من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، إلى أن صدر قرار بفصله في يونيو/ حزيران عام 2011 مع آخرين من شباب الجماعة، بسبب تأسيسهم حزب التيار المصري، بالمخالفة لقرار الجماعة بتأسيس حزب واحد فقط وهو حزب الحرية والعدالة. ولاحقًا انضم السياسي الشاب إلى حزب مصر القوية، الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، والمحبوس الآن بتهمة "نشر وإذاعة أخبار كاذبة".
القصّاص الذي أتم يوم أمس الأحد عامه الخامس واﻷربعين، ما يزال قيد الحبس الانفرادي، محاطًا بإجراءات مُشددة من قبيل منع الزيارة عنه منذ شهر تقريبًا، بجانب منعه من القراءة والتريّض، حسبما أفادت لـ المنصّة مصادر مقرّبة منه.
الحق في الزيارة
عبر فعالية عيد الميلاد المُنظمة على فيسبوك، طالب عدد من أصدقاء وأسرة القصّاص بتمكينه من حقوقه كمحبوس، فيما أشار منظمو الاحتفالية إلى أنه "يتعرض لأقصى محاولات التنكيل والتضييق والتكدير بعزله فى زنزانة للحبس الانفرادي، مع إبعاده عمدًا عن كافة وسائل الرعاية الصحية، بعيدًا عن أي إمكانية لمتابعة تدهور حالته الصحية ومراعاة أمراض السكر والضغط وغيرها مما يعانيه".
ويقول مصطفى عبد الرازق، أدمن صفحة الحرية لمحمد القصّاص المُنظّمة لفعالية الاحتفال بعيد الميلاد "كصديق لمحمد؛ اعتدت المشاركة في تنظيم وحضور حفلات عيد ميلاده، وبالطبع كان لغيابه في السجن أثر كبير على أصدقائه، خاصة وأنه ألقي القبض عليه قبل شهر واحد من عيد ميلاده؛ فقررنا للعام الثاني على التوالي الاحتفال به، وفي هذه المرّة كان للحدث زخم مقارنة بالعام الماضي".
وألقت الشرطة القبض على القصّاص من طريق صلاح سالم يوم 8 فبراير/ شباط 2018، أثناء توجهه لحضور حفل زفاف. وفي ذلك اليوم اقتادته الشرطة إلى مقرّ الأمن الوطني بالعباسية، ومنه إلى نيابة أمن الدولة، التي قررت حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات في القضية رقم 977 لسنة 2017، والمعروفة أيضًا باسم "مكملين 2".
وأشار عبد الرازق إلى أن القصّاص محروم من استقبال زيارات، باستثناء أقاربه من الدرجة اﻷولى فقط، رغم أن زوجته إيمان البديني أكدت لـ المنصّة أنها لم تتمكن من زيارته على مدار شهر كامل، وهو ما دعا عبد الرازق إلى أن "تُركّز احتفالية عيد الميلاد هذا العام على الحق في الزيارة".
وأضاف صديق القصّاص وزميله في حزب مصر القوية "من أكتر من سنة قصّاص في حبس انفرادي، ممنوع من التريض ومابيخرجش غير للجلسات بس".
ويُعدّ الحبس الانفرادي واحدة من العقوبات التأديبية للسجين، في حال ارتكابه جرائم أو مخالفات في السجن، لكنه وفقًا للدستور والمواثيق والاتفاقيات الدولية لابد وأن يخضع لضوابط، وهو ما لا يتوفر في حالة السجون المصرية، وفقًا لما ذكرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في أحد إصداراتها.
واختتم عبد الرازق بقوله "من أجل كل ما يعانيه؛ قررنا الاحتفال بعيد ميلاده، حتى لا يُنسى في السجن، ويستمر التدوين عنه من أجل تحسين أوضاعه داخل محبسه، أو حتى مجرد رفع معنوياته إذا ما علم بأن من في خارج السجن لم ينسوه".
تلغرافات ضد المنع
بينما كان الاحتفال بالقصاص جاريًا على فيسبوك، كانت أسرته تُفكّر في وسيلة جديدة لرؤيته، بعد أن حُرِمَت من زيارته لمدة شهر كامل، وفقًا لما كشفته زوجته إيمان، التي أعلنت أنها ستتقدم خلال الأيام المقبلة ببلاغ لمصلحة السجون ضد إدارة سجن طره شديد الحراسة، لتمكينها من زيارته.
وقالت البديني لـ المنصّة إن المرّة اﻷخيرة التي تمكنت من رؤية زوجها فيها كانت يوم 23 يناير/ كانون الثاني الماضي، وأن الأمر لم يتعد عشر دقائق فقط وكانت في حضور مخبر.
وأضافت الزوجة فيما يتعلق بالزيارة ومصاعبها "الظروف بتختلف من مرّة للتانية، لكن الطبيعي إننا بنكون في السجن من الساعة 9 صباحًا ﻷننا بنستهلك 3 ساعات تقريبًا قبل ما بنقدر نخلّص إجراءات الزيارة وندخل عند باب شديد الحراسة".
وأشارت البديني إلى ما يحيط بزيارة زوجها من ظروف "استثنائية" بقولها "الناس كلها بتزور في غرفة الزيارة، لكن احنا بنشوف محمد في ساحة السجن، في حضور مخبر وأحيانًا ضابط.. لا بنزور في وقت واحد مع بقية الزيارات ولا في أماكنهم".
بالإضافة إلى الحبس الانفرادي، فإن القصّاص واحد من الذين وضعتهم السلطات على قوائم "الشخصيات الأرهابية"؛ ما استتبع اتخاذ إجراءات قانونية ضده، من قبيل التحفظ على أمواله السائلة والمنقولة والعقارية والأسهم والسندات بالبورصة والبنوك والشركات، وإدراجه على قوائم الممنوعين من السفر.
وعلى مدار ثلاثة أيام، بين 26 و28 فبراير/ شباط الجاري، حاولت إيمان البديني زيارة زوجها لكن دونما طائل أو ذكر سبب للمنع، قائلة "الغريب إن آخر زيارة كانت طبيعية، ومفيش غير الشد والجذب العادي مع المخبرين في التفتيش؛ علشان كده مش مفهوم بالنسبة لي سبب منعنا من زيارته المرّة دي، خاصة وإني بتمنع من دخول البوابة الرئيسية للسجن من اﻷساس، ومش قادرة أوصل لبوابة السجن شديد الحراسة علشان أفهم السبب".
حاولت الزوجة أيضًا مقابلة مأمور السجن، لتقديم شكوى أو لمجرد الوقوف على أسباب منعها من الزيارة، إلاّ أن محاولاتها بائت بالفشل، وهو ما علّقت عليه بالقول "أنا دلوقتي مش عارفة السبب وهل التضييق ده علينا إحنا بس ولا كل اللي في العقرب؟ مع إن محمد محبوس احتياطي مش محكوم، يعني المفروض لينا أفضلية في عدد مرّات الزيارة، لكن حتى تصريح النيابة لم يمكننا من الزيارة".