في ديسمبر/ كانون الأول 2016، عقدت لجنة عليا برئاسة وزير البترول المصري اجتماعها الأول، بعد أن وكلت لها وضع خطة تحويل مصر لمركز إقليمي لتداول وتجارة الطاقة في منطقة شرق المتوسط.
وقعت اللجنة اتفاقية لاستيراد الغاز من إسرائيل في فبراير/ شباط 2018، وقتها، اعتبر الرئيس عبد الفتاح السيسي في أحد أكثر تصريحاته شهرة، أن "مصر جابت جون". مضيفًا أن الدولة وضعت قدمها على الطريق الصحيح كي تُصبح مركزًا إقليميًا للطاقة في منطقة شرق المتوسط.
في سبتمبر/ أيلول الماضي وقعت مصر اتفاقية لإنشاء خط غاز مع قبرص يُتيح نقل غاز حقل أفروديت البالغ 4,5 تريليون قدم مكعب إلى مصانع الإسالة في دمياط وإدكو، لكن لم يتوفر له أي تمويل حتى الآن. في نفس الوقت قطعت إسرائيل خطوة أكبر لإنشاء خط أنابيب بحري يربطها بأسواق الغاز في أوروبا، سيُعرف اختصارًا باسم "EastMed".
سيمتد إيست ميد من حقول إسرائيل مرورًا بقبرص ثم اليونان وينتهي في جنوب إيطاليا، ومن المتوقع أن يدخل حيز التشغيل في 2025.
كشفت إسرائيل عن هذا الخط للمرة الأولى، في نوفمبر /تشرين الثاني الماضي، ووصفته القناة الثانية الإسرائيلية بـ "الاتفاق التاريخي" الذي جاء بعد عامين من المفاوضات، وستُوقع عليه دول قبرص واليونان وإيطاليا وإسرائيل.
بذلك الاتفاق قطعت إسرائيل الطريق على مصر لتحويلها إلى مركز إقليمي لتصدير الغاز إلى أوروبا التي تسعى لتعدد مصادرها من الطاقة بدلًا من اعتمادها على روسيا، غير أن صندوق الطاقة الروسية يتوقع عدم تنفيذ المشروع بسبب التكلفة المالية، وأنه مجرد "لعبة سياسية".
وزارة البترول المصرية من جانبها لم تُعلق على هذا المشروع، على الرغم من تأكيد وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز على توقيع اتفاقيات المشروع، أثناء انعقاد جلسات منتدى شرق المتوسط للغاز بالقاهرة، مطلع العام الجاري.
تكشف المنصة في هذا التحقيق تفاصيل استثمار الاتحاد الأوروبي ودولة الإمارات العربية المتحدة بنحو 4,5 مليار دولارًا في خط إيست ميد. حيث وضعه الاتحاد الأوروبي ضمن "المشروعات المشتركة" الممولة من جانب صندوق البنية التحتية الأوروبي.
تصدير إسرائيل للغاز.. الحلم يتحقق
القاهرة، 14 يناير/كانون الثاني 2019. وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، يقول "نسعى لتوقيع اتفاقًا لبناء خط أنابيب شرق المتوسط خلال أسابيع قليلة".
خط أنابيب شرق المتوسط الذي سيعرف اختصارًا باسم إيست ميد، سيكون أطول خط غاز بحري في العالم، بطول يقترب من 1900 كم. ويتضمن المشروع بناء خط أنابيب رئيسي تحت سطح البحر بطول 1300 كم، في حين سيمتد في اليابسة نحو 600 كم.
تمتد الإنشاءات البحرية في إيست ميد من حقلي ليفاثيان وتمار وحتى جزيرة قبرص بطول 200 كم، يعقبها خط أخر يربط بين جزيرتي قبرص وكريت بطول 700 كم. ثم أنبوب يصل جزيرة كريت بشواطئ اليونان بطول 400 كم. وأخيرًا خط أنابيب بري من اليونان وحتى إيطاليا.
بدأ مشروع إيست ميد في العام 2015، بدعم من حكومات دول قبرص واليونان وإيطاليا كجزء من مشروعات "المصالح المشتركة" للمفوضية الأوروبية في قطاع الغاز PCI، حيث يسعى إلى دعم وتنويع قطاع الغاز في بلدان الاتحاد الأوروبي التي تتجه لإنشاء سوق أوروبي واحد للغاز، بحسب الموقع الإلكتروني للمفوضية الأوروبية.
تولّي مدير مشروع البنية التحتية للطاقة في الاتحاد الأوروبي، أندويلا جرجي، هذا الخط أهمية كبرى "لأنه سيُسهم في تنويع مصادر إمدادات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي". وتُضيف في ردها عبر إيميل المنصة "سيعمل الخط على إنهاء عزلة دولتي قبرص وكريت"، متوقعة الانتهاء من المشروع بحلول عام 2025.
شبكة خطوط إيست ميد
أرسلت لنا أندويلا مجموعة من المشروعات المرتبطة بخط إيست ميد، ويُشارك صندوق البنية التحتية بالاتحاد الأوروبي بتمويلها.
أولاً؛ مشروع لإجراء دراسات حول إنشاء خط أنابيب من البحر القبرصي إلى اليابسة باليونان، عبر كريت، يُطلق عليه "بوسيدون" نسبة لإله البحار عند اليونانين القدماء.
يدخل بوسيدون – Poseidon ضمن مشروعات خط إيست ميد، وصُمم لنقل 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا، من وإلى شرق البحر المتوسط، سواء من خلال إسرائيل ومنطقة شرق المتوسط، أو من قزوين.
تكَلفت الدراسات الخاصة بمشروع خط أنابيب بوسيدون 400 ألف يورو، ساهم صندوق البنية التحتية بـ200 ألف يورو منها، واستمرت الدراسات 3 سنوات من 2015 إلى 2018، نفذت شركة "أي جي أي بوسيدون"، وهي شراكة بين مجموعة DEPA S.A اليونانية وإديسون الإيطالية صاحبتا الاستثمار الأكبر في إنشاءات خط غاز إيست ميد.
يتكون التصميم الحالي لخط بوسيدون من خط أنابيب بحري بطول 207 كم يبدأ من محطة الاستقبال على ساحل مدينة ثيسبروتيا، حيث سيتم توصيله بنظام الغاز اليوناني، ثم يجتاز منطقة الجرف اليوناني عبر مضيق أوترانتو صاعدًا عبر المنحدر الإيطالي ببلدة أوترانتو، حيث سيتم توصيلها بشبكة الغاز الإيطالية.
ثانيًا؛ مشروع ربط بلغاريا واليونان بخط أنابيب سيُعرف اختصارًا باسم IGB. ووقُعت اتفاقية المشروع بين الوكالة التنفيذية للابتكار والشبكات بالاتحاد الأوروبي، وشركة "ICGB AD ". وتمتلكها مناصفة شركة إديسون الإيطالية، وشركة DEPA S.A اليونانية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وحصلت الشركتان بموجب الاتفاق المُوقع على 39 مليون يورو. وسيربط خط الأنابيب بين أنظمة نقل الغاز "دوفا - تاب" في اليونان مع نظام نقل الغاز في بلغاريا، بطول 182 كم. وصُمم الخط لنقل نحو 3 مليارات متر مكعب سنويًا من الغاز الطبيعي، ينتهي بحلول العام 2021. وتبلغ كُلفة المشروع إلى 240 مليون يورو.
سيتم تمويلها بمليون يورو من صندوق البنية التحتية للطاقة بمبلغ 46 مليون يورو، منها 45 مليون يورو من برنامج الطاقة الأوروبي، وقرض من بنك الاستثمار الأوروبي بقيمة 110 مليون يورو، و39 مليون يورو من الوكالة التنفيذية للابتكار والشبكات.
سياسة لوي الأذرع بين أوروبا وروسيا
سألنا نائب مدير الصندوق الوطني لأمن الطاقة الروسي، أليكسي جريفاتش، عبر الإيميل على إمكانية نجاح إيست إميد، يقلل من أهمية المشروع قائلاً إن "أسعار جملة الغاز في البلدان الأوروبية المستوردة من روسيا منخفضة التكلفة ولا يوجد من يستطع منافستنا"، يضيف "السيولة غير كافية لدفع الاستثمارات سواء لتطوير الإنتاج في شرق المتوسط أو إنشاء شبكة أنابيب بهذا الطول".
يفسر رده عبر البريد الإلكتروني بـ"تُستخدم غالبًا الأسباب السياسية عندما تكون هناك حاجة للحصول على إعانات أو منح لتشجيع المُستثمرين، في حين القصة التجارية ضعيفة، أو صعبة، كما هو الحال في مشروع خط إيست ميد". في إشارة لسياسة الاتحاد الأوروبي لجلب دولة الإمارات العربية كشريك.
ويُوضح "حسب فهمي، لا توجد ضمانات بأن احتياطات غاز شرق المتوسط كافية لسد احتياجات الأسواق هناك حتى تغذي خط غاز بعيد المدى مثل إيست ميد، فالاكتشافات في حوض شرق المتوسط هامة، لكن مع زيادة الطلب لن تكون الاحتياطات كافية، فمصر قبل عدة سنوات كانت مُصدرة للغاز، الآن أصبحت مستوردة.. نفس الشئ سيكون مع إسرائيل".
على نفس الرأي، يرى الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، أن خط إيست ميد، يحتاج من 6 إلى 7 سنوات لإتمام إنشائه، وهذا وقت طويل، وفاتورة تكلفة الإنشاء ضخمة، وبالتالي لن يكون "مُجدٍ تجاريًا".
ويُضيف في حديثه عبر الهاتف "هناك أمور فنية كثيرة يجب مراعاتها، على سبيل المثال، سيكون لازمًا عليهم تنفيذ عامل تعويم لخط الأنابيب، وإنشاء قواعد خرسانية ثابتة، وقياس مدى تأثير الأمواج والزلازل على الخط".
كما تذكر دراسة بعنوان "آفاق إنتاج غاز شرق المتوسط: مورد طاقة بديل للاتحاد الأوروبي"، أن خط الأنابيب بين الديموقراطيات الثلاث غير المُسلمة في شرق المتوسط، أي اليونان وقبرص وإسرائيل، لن يكون رخيصًا، إذ قد يتطلب استثمارات بنحو 17 مليار دولارًا، لنقل ما يتراوح بين 30 إلى 40 مليار متر مكعب سنويًا.
يعطينا المهندس يسري حسان استشاري قطاع الغاز الطبيعي بأحد شركات التنقيب اليونانية، معلومات أكثر انضباطًا، يُوضح أن إجمالي احتياطات الغاز الإسرائيلية المعروفة حتى الآن تتراوح بين 17 و20 تريليون قدم مكعب، يمثل احتياجات أوروبا خلال عامين على أقل تقدير، مع الوضع في الاعتبار، استخراجه في 20 إلى 25 سنة، وبالتالي لا تستحق مد خط بهذه الكُلفة.
ويُكمل "التقديرات المالية لحجم حقول الغاز الإسرائيلية تتراوح بين 80 إلى 100 مليار دولار، وهذا ليس مبلغًا في عمليات صناعة الغاز".
"كل الحكاية أوروبا عايزة الخط عشان تلويّ دراع الروس"، يُتابع حسان مضيفًا أن جملة احتياطات حوض شرق المتوسط، تُقدر بـ100 تريليون قدم مكعب، في حين تمتلك روسيا احتياطات قُدرت بـ "ألف و200 تريليون قدم مكعب.
تعترف أندويلا جرجي، مدير مشروع البنية التحتية للطاقة في الاتحاد الأوروبي، بواقعية تصريحات مدير الصندوق الوطني لأمن الطاقة الروسي. "دومًا كان توفير الأموال هو العائق لاستكمال هذه المشروعات بسبب انخفاض الجدوى التجارية منها، لذا صَممت المفوضية الأوروبية برنامج أطلقت عليه البنية التحتية للطاقة في الاتحاد الأوروبي، والمعروف اختصارًا بـ CEF".
وتُضيف جرجي، يُمكن الحصول على دعم مالي لخط أنابيب إيست ميد من خلال CEF، متابعةً، أن المفوضية الأوروبية، وفرت ميزانية بقيمة 5,3 مليار يورو، لمشروعات الطاقة خلال الفترة (2014- 2020)، منها 4,5 مليار يورو، على شكل منح تُديرها الوكالة التنفيذية الأوروبية للابتكار والشبكات، وتُعرف اختصارًا باسم INEA.
وعبر الموقع الإلكتروني للمفوضية الأوروبية، فإنه يُمكن أيضًا توفير تمويلات بقيمة 30 مليار يورو من خلال المنح والمساعدات، وصندوق الاتحاد الأوروبي لتعزيز الطاقة.
الإمارات شريك وممول
من العاصمة الإماراتية أبوظبي، 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2018. أي قبل 3 أشهر على قدومه للقاهرة، يعلن وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، استثمار إمارة أبوظبي مبلغ 100 مليون دولار، في مشروع خط الأنابيب الجديد "إيست ميد"، وفقًا تقرير مجلة PTJ- المتخصصة في أخبار النفط والغاز.
تقرير المجلة أوضح، أن الوزير الإسرائيلي تقدم بمقترح مشروع إنشاء الخط للحكومة الإماراتية، أثناء مؤتمر احتضنته أبو ظبي. واصفة الاتفاق على أنه تسارع في نسق العلاقات "العلنية" بين تل أبيب وبعض العواصم الخليجية.
يحكي المحلل السياسي وخبير العلاقات الدولية في شؤون الشرق الأوسط في معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدني، سيجورد نويبار، نمو العلاقات الإماراتية الإسرائيلية قائلاً "منذ العام 2006، عقب أزمة رفض إدارة جورج بوش الرئيس الأمريكي الأسبق، ترسية صفقة تُجارية لإدارة 6 موانئ أمريكية لشركة موانئ دبي العالمية، أنشأ الإماراتيون قناة اتصال دبلوماسية مع إسرائيل للاستعانة بهم كحليف لدعم علاقتهم مع واشنطن".
في العام 2008، استضافت الإمارات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "إيرينا"، بمساعدة يهود أمريكان، بعدما أكدت الإمارات أن جميع أعضاء الأمم المتحدة سيكونوا موضع ترحيب في إشارة لإسرائيل، بحسب نويبار.
كما كشف تقرير استقصائي لصحيفة هاآرتس الإسرائيلية، في ديسمبر/كانون الأول 2014، وجود رحلات جوية سرية بين إسرائيل والإمارات. حيث تُغادر طائرة خاصة مطار بن جوريون الإسرائيلي مرتين أسبوعيًا مُتجهة إلى مطار أبو ظبي.
أما عن حجم التعامل التُجاري بين إسرائيل والإمارات فيقول أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة تل أبيب، إسحاق جال، في صحيفة هاآرتس "لا أحد لديه أي إحصاءات لأن التجارة سرية، ولكني أقدّر أن هناك نحو مليار دولار سنويًا".
وبحسب المؤسسة التعاونية الأمريكية الإسرائيلية، فإن "العلاقات الدافئة" بين البلدين، شَجعت بعض اليهود المُغتربين في دبي، من العاملين في قطاعات الطاقة والماس والقانون، على شراء "فيلا" في أحد الأحياء السكنية الهادئة، وتحويله لمبنى به مكان للصلاة.
ونقلت المؤسسة عن روس كرييل، قائد الجالية اليهودية في دبي "إن موقف الحكومة تجاه مجتمعنا، هو أنهم يريدون منا أن نشعر بالراحة هنا، نصلي هنا، ونمارس الأعمال هنا".
استشهدت المؤسسة التعاونية بزيارة وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية، ميري ريجيف، الإمارات في أكتوبر/ تشرين الأول 2018 أثناء دورة الجودو الدولي، وقتها دخلت ريجيف مسجد الشيخ زايد الكبير في أبو ظبي، ثالث أكبر مسجد في العالم الإسلامي، وعُزف السلام الوطني لإسرائيل، بعد فوز اللاعب الإسرائيلي ساغي ميكي، بميدالية ذهبية في البطولة.
ماذا الذي سيعود على الإمارات
يرى يسري حسان، استشاري قطاع الغاز الطبيعي بأحد الشركات التنقيب اليونانية، أن دخول الإمارات كمستثمر في خط أنابيب إيست ميد، لا يعدو كونه صفقة تجارية، بغية الحصول على حصة في الخط، للحصول على عوائد مالية نظير نقل الغاز إلى أوروبا.
ويؤكد على استحالة وجود نية لدى الإماراتيين للحصول على الغاز من شرق المتوسط، على الرغم من اعتماد الإمارات على قطر في توفير احتياجاتها من الغاز الطبيعي. لافتًا إلى أن تدفق الغاز لم ينقطع حتى خلال أزمة المقاطعة الخليجية.
ويلفت حسان إلى أن الإمارات تمتلك حقولاً ضخمة من الغاز الطبيعي، لكنها لا تعتمد عليها، بسبب احتواء خامات الغاز على نسبة مرتفعة من الكبريت - مادة سامة، لذا يُحرق الغاز الطبيعي مع زيت البترول.
هل تتجه مصر لآسيا بعد بدلًا من أوروبا؟
عن تأثير هذه الخط على مصر وعلى استراتيجيتها الحكومية القاضية بكونها "مركزًا إقليميًا للطاقة"، يقول يسري حسان، إن الغاز المُستورد من إسرائيل أو من أي دولة أخرى، سيستهلك أكثر من نصف محليًا. موضحًا أن الشريك المؤسس في شركة دولفينوس المُستوردة للغاز الإسرائيلي، خالد أبو بكر، يمتلك واحدة من أكبر الشركات التي تمد المناطق الصناعية بالغاز الطبيعي.
يمتلك أبو بكر، شركة "سيتي جاز" وهي أول شركة قطاع خاص لتوصيل الغاز إلى المناطق الصناعية، وتخدم منطقة السويس الصناعية، وأسس شركة أخرى هي "جينيكو" التي انضوت تحت لواء شركة طاقة عربية Taqa وهي جزء من مجموعة شركات رجل الأعمال أحمد هيكل، صاحب مجموعة القلعة، وأصبح خالد أبوبكر، الرئيس التنفيذي لشركة طاقة عربية.
وتستورد مصر الغاز الطبيعي من إسرائيل، بموجب اتفاقية وقعتها شركة دولفينوس المصرية في شباط/فبراير الماضي، بإجمالي نحو 64 مليار قدم مكعب من الغاز على مدى 7 سنوات من حقلي ليفاثيان وتمارا.
لكن "الغاز الإسرائيلي إذا تم تصديره، فلن تكون وجهته أوروبا، لكن شرق أسيا فقط"، بحسب حسان.
ويُتابع مفسرًا، أنه طالما تم تسييل الغاز، فمن الصعب تصديره إلى أوروبا، بسبب فارق الأسعار، إذ أن أوروبا تستورد الغاز من روسيا أو الجزائر أو ليبيا عبر خطوط الأنابيب بأسعار تتراوح من 4 إلى 5,5 دولارات للقدم المكعب، بينما يبلغ سعر القدم المكعب من الغاز الإسرائيلي المستورد من 6,5 إلى 7,5 دولارًا، وإذا تم تسييله، سيصل سعره إلى 14 دولارًا للوحدة الحرارية البريطانية، وهذا نحو 3 أضعاف أسعار الغاز في أوروبا حاليًا.
ويلفت حسان إلى إمكانية تصدير الغاز المُسال إلى أوروبا عبر طريق واحد، وهي شركة "يونيون فينوسا" الشركة الإسبانية المالكة لمصنع إسالة الغاز بدمياط، في حال احتياج إسبانيا للغاز المُسال لتوليد الكهرباء.
تصل سعة مصنع إسالة دمياط إلى 5.5 مليون طن غاز طبيعي مُسال/ سنة، ويتبع شركة SEGAS LNG التي تملك الحكومة المصرية 20% منها والـ80% الباقية تملُكها "Union Fenosa Gas" وهي شركة مساهمة بين Unión Fenosa الإسبانية وEni الإيطالية.
يقول مايكل راتنر، المتخصص في سياسة الطاقة بالاتحاد الأوروبي، إن "واردات الاتحاد من الغاز المُسال شكلت 20% فقط من الإجمالي، والطلب عليه يكون خلال فصل الشتاء فقط".
لذلك، فإن الاحتمال الوحيد أن مصر ترغب في إسالة الغاز، لأجل الوفاء بتعهداتها للشركة الإسبانية فينوسا، بتشغيل مصنع إسالة دمياط، بعد التوقف لأكثر من 5 أعوام بسبب نقص الغاز الطبيعي. خاصة بعد لجوء الشركة الإسبانية للتحكيم الدولي ورفعها دعاوى قضائية ضد الحكومة المصرية، قضت بدفع مصر غرامة نحو ملياري دولار تتفاوض عليهم مصر.
هذا فيما يعرب الدكتور جمال القليوبي الخبير البترولي عن اعتقاده بأن إنشاء هذا الخط، لن يؤثر على مصر وخطتها كـ"مركز إقليمي للطاقة". مشيرًا إلى، ما وصفه، بـ"وعي الحكومة المصرية" بعد توقيعها اتفاق مبدئي مع دولة قبرص على إنشاء خط أنابيب بحري.
ويضيف أن إنشاء الخط لن يحتاج أكثر من سنة ونصف فقط، حيث أن المسافة بين قبرص ومصر 645 كم فقط، وبالتالي سيكون أقل من حيث التكلفة المالية من خط إيست ميد أو غيره.
ويُضيف أن الخط المصري القبرصي، لن يُفيد إلا قبرص وحدها، لأنها سيفتح أمامها المجال لبيع غاز حقل أفروديت، الذي عجزت عن بيعه منذ اكتشافه عام 2007. مع إمكانية الربط مع أوروبا من خلال مد هذا الخط حتى جزيرة كريت، ومنه إلى اليونان، أو يعبر بحر الأدرياتيك إلى الجنوب الإيطالي.
وبحسب تقرير لـ"بلومبرج"، فإنها بدأت في إعادة التفاوض على اتفاقية تقاسم العائدات مع "الكونسرتيوم" الذي يُدير حقل أفروديت، بعد طلب الشركاء عقد صفقة جديدة، بداعي أن الأسعار الحالية، ليست مرتفعة بما يكفي لجعل المشروع "قابلاً للتطبيق".
فضلاً عن أن الجدول الزمني لإنشاء الخط "غير واضح"، بحسب بلومبرج، وكان مسؤولون قبارصة، قالوا في وقت سابق، إن الرفض أو الجمود قد يكونا سببًا لتأجيل المشروع لمدة تصل إلى عقد من الزمان. وحتى الآن لم يتم الكشف عن تفاصيل حول تكلفة وجهات تمويل خط الأنابيب.
في النهاية، يلفت القليوبي إلى أن مصر هي "السوق الوحيد" في جنوب المتوسط الذي بإمكانه استيعاب الغاز الإسرائيلي، سواء بسبب امتلاكها مصانع إسالة، أو بغية إدخاله ضمن إنتاج البتروكيماويات والأسمدة.
مؤخرًا، أعلنت مصر أنها صدرت شحنة من الغاز الطبيعي المسال عبر مجمع إدكو للإسالة قدرت ب520 مليون قدم مكعب، مقارنة مع 300 مليون قدم مكعب يوميا في مطلع 2018.
اقرأ أيضًا: حقل ظهر: البنود الكاملة.. أو كيف منحت الحكومة كل شيء لـ "إيني"؟