مشهد اعتزاله اللعب الدولي عام 1987 ثم استدعائه لقيادة المنتخب عام 1992 في كأس العالم للكريكيت ثم الفوز بالبطولة على الغريم الإنجليزي؛ تتكرر مرة أخرى ولكن في عالم السياسة هذه المرة لنفس الشخص: لاعب الكريكيت الباكستاني عمران خان تم تنصيبه اليوم رئيسًا للوزراء، إثر أزمة اقتصادية متصاعدة تعاني منها البلاد.
يأتي حلف اليمين تتويجًا لمسيرة طويلة في العمل السياسي بدأها عمران خان عقب اعتزاله وتأسيس حزب "حركة إنصاف" تحت شعار القضاء على الفساد عام 1996، ولكن الحزب لم يفز بأية مقاعد في البرلمان في انتخابات 1999. لكنه استمر في دعم الحزب حتى جاء في المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية قبل الأخيرة. نهاية بالفوز بالأغلبية البرلمانية وبالتالي منصب رئيس الوزراء.
مسيرة تخللتها الكثير من المشاحنات والاتهامات، فتم اتهامه بالانتهازية عام 2002 عندما قام بالاعتراض على سياسات الجنرال برويز مشرف، الذي قام بالانقلاب على نواز شريف عام 1999، كما وصف باسم "طالبان خان" بعد دعمه للعلاقات الباكستانية الأفغانية، وهجومه على طريقة إدارة العلاقات الأمريكية الباكستانية، عندما أشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تعامل بلاده كخرقة بالية.
على الجانب الأخر من العالم، وصفت شبكة CNN الأمريكية اللاعب السابق بـ"ترامب باكستان" وكذلك فعل المذيع الكوميدي، تريفور نوح، كما طرحت الشبكة تساؤلات حول علاقته بالجيش الباكستاني، وطريقته الشعبوية في الخطابات السياسية واستغلال أسطورته الرياضية كلاعب، كما طرحت تساؤلات حول علاقته بحركة طالبان الأفغانية.
المهاجم الرئيس
من باكستان وانقلاباتها العسكرية إلى إفريقيا وحروبها الأهلية؛ جاء جورج وايا اللاعب التاريخي لمنتخب ليبيريا ورئيسها حاليًا، إلى سدة الحكم بعد مسيرة مختلفة عن عمران خان، حيث عمل على وقف الحرب الأهلية في بلاده بعد الاعتزال.
هذا النشاط تسبب في حرق منزله واغتصاب 2 من أقاربه. لكن بعد انتهاء الحرب؛ تصاعدت شعبيته بشدة، فاستغل ذلك للترشح لمنصب رئيس الجمهورية عام 2005. لكن الشعب الليبيري اختار رئيسًأ آخر بسبب عدم خبرة وايا السياسية آنذك.
وايا استمر في تطوير نفسه سياسيًا، وانضم لحزب "التغيير الديمقراطي"، وفاز بكرسي في البرلمان نائبا عن العاصمة. هذه الخبرة كانت كافية من وجهة نظر الشعب لاختباره رئيسًا للبلاد وأدائه اليمين الدستورية في أوائل عام 2018.
الحارس البديل
كان نصيب كاي ليو جونسون أن يكون رئيس وزراء جزر الفارو، الدولة التي لاتتجاوز مساحتها 2000 كيلو متر مربع، ليظل مجهولا في السياسة. مسيرته الرياضية أيضًا كانت محدودة، إذ لا يظهر اسمه ضمن أهم لاعبي المنتخب الضعيف كرويا، حيث كانت معظم مسيرته على قوائم اللاعبين البدلاء، كبديل لحارس المرمى جينس مارتن، الذي عرف بارتدائه قبعه لإصابة قوية في الرأس.
هذه المسيرة الكروية المحدودة، تبعتها مسيرة سياسية مشابهة، حيث بدأ كاي ليو حياته السياسية عضوًا لمجلس بلدية مدينة توشهافن، عاصمة جزر الفارو عام 1997 حتى 2000، ممثلا لحزب الاتحاد. وهو نفس الحزب الذي قاده للفوز بمقعد في البرلمان، ثم منصب رئيس الوزراء من عام 2008 حتى 2015، ليخلفه لاعب كرة أخر هو أكسل ف. جونسن على نفس المقعد حتى الآن.
المدمّر حاكمًا
وبقصة مختلفة عن قصص هؤلاء اللاعبين تأتي قصة أرنولد شوارزنيجر، لاعب كمال الأجسام النمساوي المهاجر الذي انتهى به الحال حاكمًا لكاليفورنيا. الولاية التي تمتلك الاقتصاد الأكبر في الولايات المتحدة، باقتصاد يجعلها في المركز الخامس عالميًا لو كانت دولة مستقلة.
هاجر أرنولد للولايات المتحدة الأمريكية عام 1968، ليشهد خطاب تنصيب نيكسون في العام الذي يليه، ويدفعه للانحياز للحزب الجمهوري قبل أن يكون مواطنا أمريكيًا بصفة قانونية. ورغم أن نيكسون ليس هو الرئيس الذي يفتخر به الأمريكيون عادة؛ إلا أنه أثار إعجاب المهاجر النمساوي القوي. وكانت هذه الخطوة الأولى في مسار أرنولد السياسي، حتى حصل على الجنسية الأمريكية عام 1983.
زواج أرنولد من الصحفية الأمريكية ماريا شرايفر، ابنة شقيقة الرئيس الأمريكي جون كينيدي عام 1986، وهي العائلة الكبيرة المعروفة بتأييدها للحزب الديمقراطي، لم تؤثر علي ميوله الجمهورية. وذلك عندما أعلن دعمه للرئيس رونالد ريجان ثم الرئيس جورج بوش الأب، والمشاركة في مسيرات التأييد له، ليختاره الأخير رئيسًا لمجلس رئاسي مسؤول عن اللياقة البدنية والرياضية من عام 1990 حتى 1993.
ركز أرنولد في مشواره الفني وأصبح وجهًا عالميًا، لكن بقيت السياسة حاضرة عندما أعلن دعمه للرئيس جورج بوش الأبن، وبعدها كلل مساعيه السياسية بالنجاح عندما ترشح وفاز بمنصب حاكم كاليفورنيا عام 2003، ومن الغريب إنه أعلن ترشحه من خلال برنامج الكوميدي جاي لينو "The Tonight Show" .
بجانب هذه الرياضات لا يفوتنا ذكر بطل الشطرنج جاري كاسباروف، الذي شارك في تأسيس الحزب الديمقراطي الروسي، كما لا ننسى المسيرات السياسية المتنوعة لرياضيين توقفت سريعًا، مثل أسطورة كرة القدم بيليه، الذي توقفت مسيرته السياسية عام 1999 في منصب وزير الرياضة.
يختلف الوضع في مصر، حيث لا تظهر أمثلة لرياضيين دخلوا عالم السياسة إلا مسيرة قصيرة لحارس المنتخب المصري سابقًا أحمد شوبير، الذي كان عضوًا في مجلس النواب المصري عام 2005، ولكنه سرعان ما أعلن اعتزال العمل السياسي بعد خسارته في انتخابات 2010 واعترافه فيما بعد بنجاحه سابقًا بالتزوير.