"انتخابات صورية" يخوضها السيسي أمام "المُتملّق"، من أجل فترة رئاسية ثانية "شبه محسومة"، على رأس شعب "غير راضٍ" عن أدائه. بتلك العبارات خرجت تقارير الإعلام الغربي عن الحدث السياسي الأبرز في مصر، انتخابات الرئاسة 2018.
وبدأت، اليوم الإثنين، الانتخابات الرئاسية التي يسعى من خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى مدّ أجل حُكمه ﻷربعة سنوات أخرى، بعد الفوز المُتوقع أمام منافس بلا شعبية هو رئيس حزب الغد موسى مُصطفى موسى.
بين استعراض ﻷربعة سنوات من حُكم الرئيس حفلت بقرارات سياسية واقتصادية لم تكن جميعها ذات شعبية بين المواطنين، وبين الحديث عن الاقتراع المحسوم، خرجت تغطية الإعلام الغربي عن الانتخابات، مع قليل من الحديث عن "مُنافس" للسيسي يعلم الجميع- بما فيهم هذه الوسائل الإعلامية غير المصرية- أنه من مُعجبي الرئيس ومؤيديه.
السيسي أمام "المُتمَلّق"
تحت عنوان "انتخابات مصر الصورية تطرح مُرشحين لكن لا خيارات"، كتبت صحيفة إيكونوميست البريطانية عن الانتخابات التي يخوضها السيسي أملاً في فترة رئاسية جديدة، قالت إنه "سيفوز بها". وإن أكدت أن الشعب "غاضب من حكمه".
"صورية" هي الصفة نفسها التي اعتمدتها مجلة فورين أفيرز الأمريكية لوصف الانتخابات الرئاسية المصرية، إذ قالت في تقريرها المنشور في 23 مارس الجاري، إن الانتخابات تأتي عقب حملات اعتقال ضد معارضين، وتقليم لأظافر الإعلام بين شراء بعضه ومعاقبة البعض الآخر. كما عرجت على ما يلعبه الجيش من دور في هذه الحقبة من عُمر مصر.
عودة لإيكونوميست، التي ترى أن السيسي سيفوز، لا سيما وأن مُنافسه "المُتمَلّق" وعد في وقت سابق بأنه لن يتحدى الرئيس. بل وذكرت الصحيفة ما كان خلال فترة الدعاية من اختفاء لافتات الدعاية لموسى في القاهرة، باستثناء 4 فقط.
اقرأ أيضًا: في صناديق الانتخاب.. "بصيرة" الشعوب تلاحق "عمى" السلطة
غياب المنافسة حدا بالصحيفة البريطانية إلى التركيز على نقطة أخرى هي الإقبال على اللجان، طارحة تساؤلات عن مدى تطابق ما ستشهده اللجان مع ما جرى خلال انتخابات الرئاسة 2014، حين شارك 47% فقط من المُسجّلين في الكشوف الانتخابية. منبهة أن الانتخابات تأتي في وقت دعا فيه معارضو السيسي إلى مقاطعة الانتخابات التي وصفتها إيكونوميست بأنها الاقتراع "الأشد إحباطًا" الذي تشهده البلاد منذ 25 يناير 2011. كما اعتبرت أن مصر تعود إلى عهد "الرجل القوي الواحد"، كعهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي وصفت الصحيفة الانتخابات في عهده بأنها كانت تُجرَى "للاستعراض".
انتخابات لا تعددية
في تناولها لمسألة الانتخابات الرئاسية، اعتبرت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي فوز الرئيس الحالي أمر شبه مؤكد، في ظل استبعاد أغلب المُرشحين باستثناء موسى مصطفى موسى "مؤيد السيسي".
واستعرضت بي بي سي مصير مَن أفصحوا عن نيتهم أو قرارهم بالترشح أمام السيسي، كما استعرضت رأي أنصاره في الفترة الرئاسية الأولى له، وكيف أنهم يرونها "جلبت الاستقرار الذي غاب عن البلاد منذ 2011". ولم تنس BBC الإشارة إلى السياق العام للانتخابات، خاصة الاضطرابات الأمنية التي تمثلّت في استهداف مُدير أمن الأسكندرية قبل الانتخابات بيومين، ومقتل "6 مُسلحين" على يد الشرطة بعد اتهامهم بالضلوع في محاولة الاغتيال.
الجيش يُراقب الإعلام
تحت عنوان "السيسي يسعى لفترة رئاسية ثانية والسُلطات تدعو للتصويت" قدّمت وكالة رويترز تغطية لعشية اليوم الأول للانتخابات، بما رصدته من مشاهد لسيارات تجوب شوارع القاهرة بمكبرات صوت، داعية المواطنين للمشاركة في استحقاق وصفته الوكالة بأنه بمثابة "استفتاء" على الرئيس، ونسبت لمُحللين سياسيين القول بإنه "يفتقر لوجود مُنافسين حقيقيين للسيسي".
ذكرت الوكالة أن الجيش لم يكتف بمهمة تأمين للانتخابات، بل أعلن أيضًا عن مُراقبته للتغطية الإعلامية المحلية والأجنبية لها، عبر غرفة عمليات خصصها لهذا الغرض، ستعمل على مدار 24 ساعة.
تناولت رويترز في تغطيتها، أيضًا، السياق العام للانتخابات التي تتم في ظل عمليات قبض على الصحفيين وتضييقات على مَن حاولوا منافسة الرئيس، ومن قبلهم منظمات المجتمع المدني.
استحقاق "الرهان الأساسي"
"نسبة المشاركة هي الرهان الأساسي في هذه الانتخابات التي يواجه فيها السيسي منافسًا وحيدًا.. هو سياسي غير معروف جماهيريًا ولا يتمتع بثقل حقيقي". هذا ما قالته وكالة فرانس برس في تغطيتها للانتخابات بتقرير حمل عنوان: المصريون يتوجهون للجان الانتخابية للاختيار بين السيسي و"مُنافس".
دللّت فرانس برس على انشغال بال النظام المصري بضرورة تحقيق نسبة المُشاركة العالية، بالإشارة لتكرار الرئيس نداءاته- خلال خطاباته التي سبقت الانتخابات- للناخبين بأن يشاركوا في الاقتراع، كما نقلت تصريحات رئيس وزرائه شريف إسماعيل- عقب إدلائه بصوته- التي قال فيها "إن شاء الله ستكون نسب المشاركة مُرتفعة".
لكن تبقى التصريحات الأصدق في التدليل على حرص النظام على جني ملايين الأصوات في الانتخابات- كما في 2014- هي التي خرجت عن محافظة البحيرة نادية عبده، التي قالت فيها إن المحافظة "ستُكافئ القرى والمراكز التي تشهد إقبالاً كبيرًا على اللجان الانتخابية بحل مشاكلها، في المياه والصرف الصحي".
برِهانٍ على إقبال يمنح الرئيس شرعية ﻷربعة سنوات أخرى، وعدم القلق من منافس بالكاد يعرفه الناخبون، بعد غياب آخرين كانوا أكثر جدّية في منافستهم، بالإضافة لمُشاركة من الجيش تتخطى التأمين إلى مراقبة الإعلام الذي شهد مع المجتمع المدني "تضييقات" على مدار الشهور السابقة، رسم الإعلام الغربي ملامح الانتخابات الرئاسية 2018، الثالثة بعد ثورة 25 يناير، والثانية بعد قيام 30 يونيو، تاريخ العودة لجمهورية "الرجل الواحد القوي".