في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 1896 شهدت بورصة طوسون بالأسكندرية أول عرض سينمائي في مصر للأخوين لوميير، وبعد أيام، تلا ذلك عرض ثان بحمام شنايدر بالقاهرة في 28 من الشهر ذاته. كانت مصر هي أول دولة غير أوروبية تشهد الاختراع الوليد الذي سيغزو العالم كله بعد سنوات؛ السينما.
اختص الأخوان لوميير، فرنسيا المولد والنشأة، أوروبا بسلسلة العروض الأولى. كان العرض الأول خاصًا، واقتصر حضوره على 200 مدعو في باريس في مارس/آذار 1895. أما العرض العام الأول بتذاكر مباعة لجمهور فكان أيضا في باريس في ديسمبر/كانون الأول 1895 وشمل 10 أفلام قصيرة.
بعدها أتى الأخوان لوميير إلى مصر مع مساعديهم وكاميراتهم، وكانت أوائل المشاهد التي صوراها في مصر مناظر من ميدان القناصل بالأسكندرية (ميدان المنشية حاليا)، وقام أحد مصوريهما بجولة في عدد من المدن المصرية وصور عددا كبيرا من المقاطع الفيلمية، منها أول مشهد مصور لأهرام الجيزة. ولكن الحدث الأهم كان عندما افتتحا أول سينماتوجرافي (دار عرض سينمائي) في الأسكندرية في يناير/كانون الثاني 1897.
في عام 1897 أيضا تأسست شركة التياترات المصرية على يد 12 شخصا، بعضهم من عائلات تجارية شهيرة جدا مثل منشا ورولو وسوارس، وبدأت الشركة في بناء دور العرض السينمائي في مصر.
في منتصف القرن العشرين وصلت صناعة السينما في مصر إلى مكانة عالية جدا، وكانت الأفلام المصرية تصدّر إلى معظم الدول العربية وأوروبا وأمريكا، حتى أن السينما كانت مصدرا هاما للدخل القومي بعد صناعة القطن.
ولكن سرعان ما تغير كل شيء، تدهورت صناعة الأفلام، وكسدت دور السينما لأسباب كثيرة منها اختراع التليفزيون ثم الفيديو، وتأميم صناعة السينما، وتشدد الرقابة، وتغير المناخ العام، وانتشار الأفكار الأصولية، وغيرها. معاول الهدم طالت الكثير من السينمات التاريخية، وتحول أغلب ما بقي منها إلى مبانٍ مهجورة يضع المقاولون أعينهم عليها في انتظار قنص فرصة هدمها.
تقول الأرقام إنه كان هناك 315 سينما عام 1952، وانخفض هذا العدد إلى 165 في نهاية القرن العشرين، رغم أن عدد سكان مصر تضاعف 3 مرات خلال هذه الفترة.
في شوارعنا، نمر على شواهد زمن الخيال. لنتأملها قبل أن نفقدها.
سينما وازيس
سينما وازيس الصيفية تقع في شارع الأهرام بحي بمصر الجديدة. يحكي كبار السن الذين عاصروا مجدها كيف أن إدارتها حرصت على تقليم الأشجار المحيطة ليتمكّن الجيران من متابعة العروض من شرفات منازلهم، كمراعاة لحق الجيرة. ظلت سينما وازيس مهجورة لفترة ثم تم تحويلها إلى ملاهٍ بإسم "ملاهي أدهم"، التي أغلقت بدورها بعد سنوات، فتحولت السينما إلى مجموعة من المحال التجارية، وقامت الإدارة الجديدة بقطع أشجار الكافور الباسقة التي كانت تميّز المكان.
سينما فريال
فريال، سينما صيفية تقع في شارع هارون الرشيد بمصر الجديدة. بعد ثورة 1952 تغير اسمها إلى سينما الجمهورية. حاليا فريال سينما مهجورة، يتم استخدامها كمخزن للبضائع، وهناك مساع لهدمها.
سينما كريستال بالاس
تقع سينما كريستال بالاس في شارع النزهة بمصر الجديدة، بالقرب من ميدان سانت فاتيما. في السبعينيات كان يشغل طابقها الثاني نادِ تابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبعد توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل قام أعضاء النادي بمظاهرة في المنطقة، تم بعدها إغلاق السينما. اليوم، تحولت سينما كريستال بالاس إلى جراج للسيارات.
سينما الكورسال (1946 - 2017)
ما يظهر في الصورة هو بقايا سينما الكورسال بعد هدمها في يوليو/تموز الماضي من أجل مشروع مترو الأنفاق. كانت السينما في الجزء البولاقي من شارع 26 يوليو، وكانت فريدة من نوعها، فمصممها هو المعماري الشهير نعوم شبيب (1915 - 1985)، وقد بنى سقفها على شكل قبة ضخمة بلا عمدان، وهو الاختراع الذي سجله لاحقا بإسم "قبة شبيب". بنيت سينما الكورسال عام 1946 وهدمت في 2017. وعرفت أيضا أثناء حياتها بـ"سيما علي بابا"، وهو الإسم الذي اقتبسه الممثل أحمد مكي في أحد أفلامه.
سينما جرين بالاس
في 22 يوليو/تموز 1952 اصطحب أنور السادات زوجته جيهان وذهبا لمشاهدة فيلم في سينما جرين بالاس التي تقع في المنيل كنوع من التمويه عن الأحداث الجسيمة المخطط لوقوعها في اليوم التالي. بنيت سينما جرين بالاس نحو عام 1948، وتوقفت عن العمل منذ 1983، وحاليا تسكن فيها سيّدة تقوم بتربية الطيور في صالة العرض. أما ورثة السينما فصرح أحدهم أنهم أغلقوها لاعتقادهم بأن السينما حرام.
سينما الحرية
ولدت بإسم سينما فاروق، وافتتحها الملك فاروق بنفسه، وفي عهد عبد الناصر تغير اسمها إلى سينما الحرية، ثم بني مكانها "الحرية مول"، الذي شغل الطابق الأخير منه سينما الحرية. معماريا، من المرجح أن تكون تلك المرة الأولى في مصر التي يتم فيها إنشاء سينما في طابق علوي من مبنى. في 14 أغسطس/آب عام 1997 نشب حريق كبير في المول، ومنذ ذلك الحين والسينما مغلقة.
سينما الشرق الجديد
تقع سينما الشرق الجديد في 28 شارع الكومي بحي السيدة زينب، وهي سينما عريقة ولكنها مغلقة منذ فترة طويلة.
سينما وهبي
تقع سينما وهبي في شارع السيوفية بحي الحلمية، ويقول سكان المنطقة إنها كانت ملكًا للفنان يوسف وهبي.
سينما الحلمية الجديدة
عرفت سينما الحلمية الجديدة أيضا بسينما سكوب، وتقع في شارع سكة الحبانية بالحلمية.
سينما بالاس
تقع في شارع الأهرام بحي مصر الجديدة، في الجهة المقابلة لقصر الاتحادية الرئاسي، وهي مغلقة منذ سنوات طويلة جدا، أغلب الظن أن الإغلاق لأسباب أمنية.
سينما هونولولو
بدأت سينما هونولولو كمسرح في عام 1944 مملوكا للممثلة دولت أبيض، زوجة جورج أبيض، وبعد عامين تم تحويلها إلى سينما صيفية تطل عليها بلكونات الجيران الذين كانوا يشاهدون العروض مجانا كل ليلة. تطل سينما هونولولو على شارع علي باشا شعراوي في حي حدائق القبة، وعنوانها التفصيلي 6 حارة أبو الخير. أغلقت منذ أكثر من ثلاثين عاما، وتتبع حاليا شركة الصوت والضوء الحكومية.
سينما ريالتو
تقع ريالتو في شارع الظاهر بحي الظاهر، وهي من أعرق دور السينما في الحي، وحاليا تحولت إلى جراج للسيارات.
سينما فليري
تقع سينما فليري في ميدان الظاهر، ومثلها مثل ريالتو، تحولت هي أيضا إلى جراج للسيارات.
سينما شريف
احتلت سينما شريف مكانا مميزا في شارع الظاهر، إلى أن تم تقسيمها لمجموعة من المحال التجارية.
سينما قصر النيل
تقع سينما قصر النيل بشارع قصر النيل بوسط القاهرة. ويعود تاريخها إلى عام 1954 حين افتتحها الرئيس جمال عبد الناصر، وكانت حينها تحوي سينما ومسرح. اليوم لم يتبق من اسمها سوى "قصر"، أما باقي الحروف فقد سقطت.
سينما ستوديو مصر
عند تقاطع شارعيّ عماد الدين وقنطرة الدكة بوسط القاهرة، بدأت سينما ستوديو مصر عام 1926 باسم سينما تريومف، ثم استأجرتها شركة مصر للتمثيل والسينما وقامت بتعديلات على المبنى، وأعادت افتتاحه باسم سينما ستوديو مصر. وهي مغلقة منذ عام 1965.
سينما أوبرا
تقع سينما أوبرا في ميدان الأوبرا بشارع الجمهورية، وبناها الاقتصادي الشهير طلعت حرب عام 1940. السينما متوقفة منذ سنوات طويلة، ولكن يبدو أن هناك مشروعا لإحيائها، فمنذ أسابيع والسينما تحمل لافتة تقول إن هناك مشروعا لتطويرها.