في حلقة الإعلامي عمرو أديب في برنامج "كل يوم" مع زبيدة وزوجها ظهر عقد الزواج على الشاشة بوضوح، وظهرت معه معلومات شاهدي العقد، وكذلك زوجة سعيد الأولى، ومعهم جميعًا وكيل زبيدة: شقيقها أحمد.
بعد يومين من إذاعة حلقة زبيدة تخرج علينا والدتها من جديد، تلك المرة عبر مداخلة تليفونية مع قناة مكملين، تكرر ادعائاتها التي سبق وقالتها لقناة بي بي سي حول اختفاء ابنتها، وتضيف إنها تعرضت للتعذيب كي تكذّّب اختفائها، طاعنة في عقد الزواج.
على مدار 3 أيام بحثت المنصة عن زبيدة وزوجها وباقي أطراف عقد الزواج، الذي يوثق العنوان القديم المثبت في بطاقة الرقم القومي لزبيدة، والعنوان القديم لسعيد زوجها، وكذلك الشهود، بالإضافة إلى أخيها أحمد، الذي كان وكيلها في عقد الزواج طبقاً لصورة القسيمة.
البراجيل، حي يتبع محافظة الجيزة يتأرجح بين الريف والحضر. في شارع لا يتعدى عرضه 3 أمتار يقف أحمد وفارس شقيقا زبيدة إبراهيم يونس مع مجموعة من الأصدقاء محاصرين بين بيوت من الطوب الأحمر. ينكران هويتهما خوفا من الوشاية. يشجعهما واحد من الجيران على التحدث معنا. نصعد إلى الشقة مع أحمد حيث يعيش هو وفارس، ثم يغادرنا فارس إلى عربة زلابية يعمل عليها في الشارع الرئيسي.
لا يعرف أحمد مكان شقيقته وينكر وجوده وقت عقد القران "اسمي ظهر في القسيمة كوكيل لزبيدة. سعيد زوج أختي قال أننا نعرف بأمر الزواج، بس أنا ما حضرتش توقيع العقد، ولا أعرف موضوع الجواز". يضيف "ماينفعش حد فينا يسأل عن مكان أمي أو أختي. لو حد راح يسأل عليهم هيروح معاهم، واحنا مش عاوزين قلق". يقول أحمد أنه يخجل من أقاربهم في الصعيد الذين يتصلون به ليسألوه كيف تزوجت شقيقته في السر دون علمهم.
يقول أحمد أن والدته انتقلت مؤخرًا من البراجيل إلى شارع المنشية في منطقة فيصل، وهي نفس المنطقة التي قالت زبيدة إنها تعيش فيها مع زوجها، وأنه قطع علاقته بوالدته منذ فترة لأنها تتكلم في السياسة، مشككا في سلامة عقلها. "كنت أقول لها احنا مش هنغيّر حال البلد، وكل اللي بيتكلم بيروح السجن. إذا كان رئيس الجمهورية اتسجن (يقصد الرئيس الأسبق محمد مرسي)، احنا مين عشان نغيّر حاجة. حسبي الله ونعم الوكيل فيها" يقول أحمد.
تزوجت منى، أم زبيدة، في بداية التسعينات بمحافظة سوهاج، وعاشت مع زوجها حتى سافر إلى الكويت ولم يعد، تاركًا معها أربعة أطفال. انتقلت أم زبيدة عام 2003 مع أبنائها الأربعة محمد وزبيدة وأحمد وفارس إلى القاهرة واستقروا في حي البراجيل، امتهنت الأم مهنًا كثيرة في الحي.
"أمي كانت بتحب الكورة، وبتروح الإستاد تحضر مباريات الدوري وكانت بتاخدني معاها دايمًا لأني كمان كنت بحب الكورة"، يسترجع أحمد ذكرياته مع والدته. منذ 25 يناير 2011 صرف اهتمامها بالسياسة اهتمامها بالكرة، تحمست للمظاهرات وشاركت فيها وطالبت بإسقاط الرئيس مبارك، كانت تقول لأولادها "لازم نكون مع الناس طالما نازلين يطالبوا بحقهم وحقنا"، وكانت زبيدة ومحمد، الأخ الأكبر، أكثر حماسًا من أحمد وفارس.
"محمد هو اللي محافظ على علاقته بأمي"، يقول أحمد إنه لا يعرف مكانه، وأن محمد اختفى عقب انتشار مقطع فيديو قديم يقول فيه أن زبيدة وأمه منى مختطفتين من قبل قوات الشرطة، وأنهما تعرضتا لانتهاكات.
نخرج من البيت مغادرين الشارع الضيق باتجاه الشارع الرئيسي، وفجأة يظهر الأخ الأكبر محمد، الذي ادعى أحمد قبل دقائق اختفاؤه منذ يومين. يقول محمد إنه كان مختبئًا خوفًا من القبض عليه.
التعرف على سعيد.. في السجن
يقول الإخوة الثلاثة انهم عرفوا سعيد في فترة السجن، كان يساعد والدتهم وأختهم في الزيارات ووكل محامٍ للدفاع عنهما. لكن الأشقاء الثلاثة جميعًا ينكرون زواج أختهم زبيدة منه دون علمهم، وينكر أحمد أنه كان وكيلًا لأخته وأنه شهد على عقد الزواج. يقاطعه محمد "أختنا اختفت من يوليو 2016، وطبقاً لعقد الزواج اللي كان في الحلقة فالزواج حصل في مارس 2017، طيب كانت فين أختي في الفترة دي؟".
نخرج من البراجيل بأسئلة أكثر مما كان في حوزتنا، لم يخبرنا أحمد بعنوان دقيق لوالدته في فيصل، يقول انها تعيش في مدينة النور، بالقرب من مسجد المدينة، أسفل الطريق الدائري مباشرة، أبحث معه في خريطة جوجل عن العنوان، هذا المكان قريب جدًا من شارع المنشية الذي قالت زبيدة خلال الحلقة انها تعيش فيه مع زوجها سعيد، هل كانت والدتها تعيش معها في الحي ولم تخبرها؟ يصمت أحمد ولا يجيب، يطلب إنهاء الحوار، كان هذا بعد إعلان القبض على الأم بساعات وتوجيه اتهامات خطيرة لها من قبل النائب العام.
محامون في "الثقب الأسود"
يوم الجمعة ينتشر خبر اختفاء المحامي عزت غنيم، كانت المنصة آخر من تواصل معه يوم الخميس قبل اختفائه بثلاثة ساعات حيث يرجح أن تكون الشرطة ألقت القبض عليه. في حواره معنا نفى عزت أن يكون هو محامي منى، أم زبيدة، وقال "لكنني متحمس لكشف ألغاز القضية". شرح لنا غنيم أنه يعمل على مسارين متوازيين لإثبات موقف الداخلية أو نفيه بشكل قاطع إذا استطاع، المسار الأول الرقم القومي لزبيدة، الذي قال انه سيكشف إن كانت متزوجة أم لا، والمسار الثاني مع النيابة العامة، ان كانت حققت في بلاغات اختفاء زبيدة أم لا.
https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2FAmnestyArabic%2Fposts%2F10156565308548455&width=500شرح غنيم أن بلاغات الاختفاء يستقبلها المكتب الفني للنائب العام، ووفقًا لما هو متعارف عليه من بلاغات تقدمت بها أسر المختفين فإن المكتب الفني يرسلها إلى النيابة المختصة في الدائرة السكنية للمختفي. يتسائل "هل تحركت النيابة المختصة للتحقيق في اختفاء زبيدة؟ هل أجروا تحرياتهم واستدعوا قسم الشرطة للتحقيق؟"، ثم أعطانا رقم هاتف محامي والدة زبيدة، اسمه عزوز. وبعدها اختفى عزت غنيم.
حاولت المنصة منذ الخميس إلى السبت الاتصال بعزوز تليفونيًا لكن هاتفه ظل دائمًا غير متاح، سنعرف بعد ذلك أن عزوز أيضًا اختفى وانقطعت أخباره.
لا نعرف إذا كان المكتب الفني للنائب العام تحرك للبحث عن زبيدة بعدما تقدمت والدتها بتلغرافات وبلاغات باختفاء ابنتها، لكننا نعرف أن النائب العام المستشار نبيل صادق، أصدر قرارًا يوم 28 فبراير/ شباط بتكليف المحامين العامين ورؤساء النيابة العامة بمتابعة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وضبط الجهات والأفراد "في حالة نشر أخبار من شأنها تكدير الأمن العام أو بث الرعب في نفوس أفراد المجتمع".
الهروب الكبير لـ "الشهود"
في الحلقة التليفزيونية مع زبيدة وزوجها سعيد ظهر عقد الزواج على الشاشة، بحثنا عن عناوين الشهود التي ظهرت في العقد. أخذنا ذلك إلى حي شبرا حيث يقطن الشاهد الأول، أحمد عبد النور. ترك أحمد منزله عقب إذاعة الحلقة. وصلنا إلى منزل شقيقه، علي عبد النور، الذي رفض الإفصاح عن مكان هروب أحمد. أما عنوان الشاهد الثاني فأخذنا إلى حي إمبابة، ولكن لم نستطع الاستدلال عليه.
الزوج: خرج ولم يعد
بقى عنوان الزوج، سعيد عبد العظيم، وفق قسيمة الزواج، يقع بيته الأول الذي سكن فيه في عزبة كفر الحما، بجزيرة محمد، حيث تسكن زوجته الأولى نبوية، التي ظهرت معلوماتها أيضًا في قسيمة الزواج على شاشة قناة ON E.
في الدور الأرضي للبيت ورشة لإطارات سيارات النقل على الطريق السريع، تنزلق قدماي من على الطريق الأسفلتي إلى أرض طينية يملؤها شجر يلف حول بيت انطفأت أنواره عدا نافذة الدور الثاني. أنادي على سعيد دون أن يستجيب أحد، أكرر المحاولة بعد تمييز صوت تليفزيون، تخرج من تلك النافذة سيدة لا تتضح معالم وجهها، أسألها عن سعيد فتقول باقتضاب "محبوس معرفش حاجة عنه" وتطلب مني الرحيل. أسألها إن كانت هي نبوية زوجته فتسألني "أنت عرفت منين أني نبوية؟".
عقب سؤالها يظهر أحد الشباب أمام المنزل يرتدي حقيبة ظهر وفي يده شنطة بلاستيكية لأحد المطاعم الشهيرة في المنطقة. اسمه محمد سعيد عبد العظيم، عاد من عملة الآن. يستقبلني بابتسامة ويسأل عن هويتي بعد أن يتأسف لي، يقول لي إن ما ظهر في الحلقة التليفزيونية صحيحًا مائة بالمائة "تزوج أبي من زبيدة، وكنت عارف موضوع الجواز دا، وتعودت أزورهم في بيتهم في شارع المنشية بمنطقة فيصل. وأعرف إن زبيدة تزوجته دون رغبة والدتها".
"مش عارف مكان أبويا" يقول محمد "ومعرفش تفاصيل أكثر من اللي ظهر في الحوار مع عمرو أديب". يجهل محمد سبب عدم إخبار زبيدة لأمها بالزواج، ويقول انه لم يشعر أن لديه الحق في سؤال والده عن عائلة زوجته لكنه يؤكد أن شقيقها كان وكيلا لها في الزواج، وانه على علم بكل التفاصيل.
أسأله عن اسم شقيق زبيدة الذي شهد على الزواج فيقول أنه لا يعلم، أخبره بتكذيب أحمد الذي ورد اسمه في القسيمة، فينفي ذلك ويؤكد انه كان وكيلها في زواجها من والده، ولكنه لم يقابله ولم يره من قبل.
"دي جوازة أبويا الثالثة" يقول محمد، مضيفا "طالما ان أبويا مقتدر ماديًا ومقصرش معاهم في شيء، وبيوفر طلبات الأسرة، ميتجوزش ليه لو عاوز. دا حقه". يتلعثم محمد عندما يفشل في تذكر عدد إخوته من أبيه.
أسأله عن المرة الأخيرة التي شاهد فيها والده، يقول ان قوة من الشرطة جاءت إليهم السبت الماضي، قبل إذاعة حوار أديب بيومين، ثم ذهبت هذه القوة لمنزل والده في حي فيصل، وأخبرهم سعيد تليفونيًا إنه قبض عليه، وبعد يومين رأوه على التليفزيون وانقطعت اتصالاتهم به من وقتها ولا يعرفون مكانه.
لم يحاول محمد توكيل محام. ذهب ليسأل عن أبيه في قسم إمبابة، لكنه كان متأكدًا أنه لن يصل إليه، ومع ذلك لا يشعر بالقلق بسبب غيابه وزبيدة والطفل، ويعتقد أن الشرطة لا تزال متحفظة عليهم جميعا لأن القضية أصبحت "رأي عام"، وهذا يجعله مطمئنًا على سلامتهم.
مع من تتكلمون
يتعارض ما فعلته أم زبيدة مع نصائح الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال افتتاح حقل ظهر في 31 يناير/كانون ثان الماضي "وأنت بتتكلم احذر، إذا كان فيه ناس بتسمعك، لما تكون بتكلم نفسك أنت حر، قاعد مع أسرتك مايجراش، قاعد مع صحابك ممكن تعدي، لكن وإنت عايز تكلم شعب.. لأ. تخلي بالك أوي".
تُلقي الشرطة القبض على أم زبيدة وتوجه لها قائمة اتهامات طويلة تتراوح بين "الإضرار بالمصالح القومية للبلاد وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر".