البنا والأعصر خضعا للتحقيق أمام نيابة أمن الدولة العُليا، يوم 15 فبراير، بدون حضور محامي، وذلك بالمخالفة للقانون. - المحامي الحقوقي محمد عيسى
بعد أسبوعين من الاختفاء المُفاجئ والغموض التام حول مصيرهما أو مكان تواجدهما، ظهر الصحفي حسن البنا والباحث مُصطفى الأعصر في نيابة أمن الدولة العُليا مطلع الأسبوع الجاري كمتهمين في القضية رقم 441 لسنة 2018 حصر أمن دولة.
وقررت نيابة أمن الدولة العُليا، اليوم الأحد، عقب جلسة لم تُجر فيها أي تحقيقات مع البنا، مُعاودته (استدعائه) لجلسة غد الاثنين من أجل استكمال التحقيقات معه، حسبما ذكر لـ"المنصّة" المحامي الحقوقي حليم حنيش.
وكانت النيابة نفسها، قررت أمس السبت، استمرار حبس مُصطفى الأعصر، الباحث بالمركز الإقليمي للحقوق والحريات، 15 يومًا على ذمة التحقيقات معه، بعد جلسة استمّرت لساعات أربع، وفقًا لما ذكره المُحامي الحقوقي مُحمد عيسى، الذي حضر جلسة التحقيق مع الأعصر.
دفاع بالصدفة
كشف عيسى لـ"المنصّة" إنه حضر جلسة الأمس مع الأعصر بالصدفة البحتة، حيث اكتشف وجوده في مقر نيابة أمن الدولة التي كان المحامي متواجدًا فيها بالأساس من أجل حضور التحقيقات مع نائب رئيس حزب مصر القوية محمد القصاص، وقال إن الأسئلة التي وُجهت للأعصر دار أغلبها حول ظروف نشأته وطبيعة عمله قبل اتخاذ قرار استمرار حبسه.
اقرأ أيضًا: "س" و"ج".. الاختفاء القسري.. جريمة كل يوم
ووفقًا للمحامي الحقوقي فإن النيابة وجّهت للبنا والأعصر تهمتي "الانضمام لجماعة محظورة أنشئت خلافًا لأحكام القانون، ونشر أخبار كاذبة عن الأوضاع بالبلاد"، وقررت حبسهما 15 يومًا على ذمة التحقيق، وذلك منذ الخميس الماضي 15 فبراير/ شباط الجاري، حين مثل كل منهما أمامها دون حضور محامي "بالمخالفة للقانون".
تُلزم المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية، جهة التحقيق بعدم استجواب المتهم إلاّ في حضور محاميه، وذلك كقاعدة عامة يُستثنى منها حالتيّ "التلبُّس، والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة".
وغير معلوم المكان الذي يقضي فيه الأعصر الحبس الاحتياطي، بينما تقرر إيداع البنا ليمان طره تحقيق، وفقًا للمحامي حليم حنيش.
وفي جلسة الأمس، طالب المحاميان بإخلاء سبيل الأعصر مع اتخاذ أي تدابير احترازية يتطلبها هذا القرار، وهو ما سيتم المُطالبة به في جلسة البنا أيضًا، وذلك "لانتفاء مبررات الحبس الاحتياطي"، وفقًا لعيسى الذي قال إنه دفع وزميله أمس ببطلان الاتهامات الموجه للمتهمين "لانتفاء الركنين المادي والمعنوي".
وكشف عيسى، وفقًا لما اطلع عليه أمس بخصوص الأعصر، أن النيابة تستند في اتهامها له على أحراز عبارة عن "لابتوب، وفلاشة"، تحفظّت عليهما بعد القبض عليه من "ميكروباص"، كان يستقله بصحبة البنا.
أسبوعا الغموض
على مدار 14 يومًا، كان الغموض هو السائد فيما يخص البنا والأعصر، منذ 4 فبراير الجاري وحتى يوم 17 من الشهر نفسه حين ظهر الأعصر في نيابة أمن الدولة العُليا.
وأمام اختفاء الصحفي والباحث، دشّن عدد من أصدقاهما حملة تدوين متواصلة على فيسبوك وتويتر، للكشف عن مصيرهما، استخدموا فيها وسوم (هاشتاجات) كان منها "حسن والأعصر فين".
وأدانت عشرة مُنظمات حقوقية اختفاء االبنا ومُبارك، وأعربت عن بالغ قلقها إزاء مصيرهما وسلامتهما، وذلك في بيان مُشترك لها أصدرته يوم الثلاثاء الماضي.
وكانت المُنظمات، في البيان الذي صدر قبل ظهور الصحفي والباحث في نيابة أمن الدولة، اتهمت الأجهزة الأمنية باحتجازهما، إذ ذكرت أنه "توفّرت معلومات أن آخر إشارة لهواتفهما المحمولة تم التقاطها من معسكر قوات الأمن بالجيزة التابع لوزارة الداخلية، وأنهما في مقر الأمن الوطني بالشيخ زايد".
اقرأ أيضًا: الاختفاء القسري.. بحث عن الحقيقة وسط أكوام الإنكار
ودأبت عدة كيانات حقوقية، محلية ودولية، على توجيه الانتقادات لمصر بسبب ملف الإخفاء القسري، ومنها منظمة العفو الدولية التي اعتبرت أنه أصبح بمثابة "ظاهرة" في مصر.
وفي الوقت نفسه، تطالب منظمات أخرى بوقف هذه "الظاهرة"، سواء بإجراءات سياسية أو أخرى تشريعية، كما كان من المفوضية المصرية للحقوق والحريات، التي طالبت في تقرير أصدرته مايو/ أيار 2017 بـ"تجريم الاختفاء القسري في قانون العقوبات المصري كجريمة لا تسقط بالتقادم، وتشديد العقوبة بما يتلاءم مع جسامة الانتهاك، وتعديل قانون العقوبات ليعتمد تعريف التعذيب الموجود في اتفاقية مناهضة التعذيب لسنة 1984، والانضمام لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998".