بأحكام بين البراءة والسجن المُشدد، عادت إلى الضوء قضية "أحداث مجلس الوزراء"، التي انعقدت اليوم آخر جلساتها في أكاديمية الشُرطة برئاسة المُستشار ناجي شحاته، ﻹعادة مُحاكمة 145 متهمًا.
وتعود أحداث القضية التي تحمل رقم 8629 لسنة 2011 السيدة زينب، والمقيدة برقم 3528 لسنة2011 نيابة جنوب القاهرة الكلية، إلى عام الثورة حين وقعت اشتباكات بين قوات الجيش المكلفة بحراسة مجلس الوزراء ومتظاهرين معتصمين أمام مقر مجلس الوزراء، احتجاجًا على تعيين كمال الجنزوري رئيسًا للحكومة، رغم كونه أحد الوجوه البارزة لنظام الرئيس الأسبق حسني مُبارك.
ويقول المحامي الحقوقي محمود بلال، عن تلك الأحداث، إنها "شهدت انتهاكات كبيرة جدًا، من قتل عدد كبير من الشهداء وإصابة عشرات، دون محاسبة للجناة"، وهذه "الانتهاكات" يراها المحامي بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، قد امتدت لسير المحاكمات نفسها.
وقضت محكمة جنايات القاهرة، اليوم، ببراءة 92 مُتهمًا والسجن المؤبد 25 عامًا لـ43 مُتهمًا وإلزامهم بغرامة 17 مليون و684 ألف جُنيهًا، والسجن 10 سنوات لـ9 آخرين (أحداث)، و5 سنوات لمتهمة واحدة.
وأدين المتهمون بموجب هذه الأحكام، باتهامات من بينها "مقاومة السلطات، والحريق العمد لمبان ومنشآت حكومية وإتلافها، وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، وتعطيل المرافق العامة، وحيازة أسلحة بيضاء وقنابل ومولوتوف".
وعلى الرغم مما أبداه "بلال" من سعادة لبراءة متهمين "كانوا يواجهون خطر المؤبد كبقية رفاقهم في القضية"؛ إلا أنه أكد أن الأحكام الأخرى "غير مرضية على الإطلاق"، لاسيما وأنها صدرت بحق "مجني عليهم، ألقي القبض عليهم وتعرّضوا للتعذيب، في حين أن منهم من كان مارًا بالصدفة بمسرح الأحداث"، كما وصف الغرامة المالية بأن قيمتها "مُبالغ فيها"، وأنه لو صحت نية الدولة في المُصالحة، لتحملتها هي، على حد قوله.
وكانت أولى جولات القضية انتهت في فبراير/ شباط 2015، بحكم بالسجن المؤبد وغرامة 17 مليون جنيه، صدر بحق269 متهمًا، لم يحضر منهم سوى الناشط السياسي أحمد دومة، بينما كانت باقي الأحكام غيابية.
وذكرت الشبكة العربية، في تقرير أصدرته أمس بعنوان "الضحايا خلف القضبان"، عن الجولة اﻷولى للمحاكمة أن "قوات الأمن منعت عددًا كبيرًا من هؤلاء المتهمين من حضور الجلسات، استنادا لأوامر شفهية من رئيس الدائرة"، إلى أن صدر الحكم ضدهم وصاروا مطلوبين للشرطة، التي ألقت القبض على 145 متهمًا منهم.
وأشار التقرير إلى أن إعادة المحاكمة التي بدأت في مارس/ آذار 2015، تخللها "انتهاك لحقوق المتهمين في محاكمة عادلة، من قبيل استبعاد وقائع الاعتداء عليهم وقتل عدد كبير من المتظاهرين من ملف القضية، وعدم علانية الجلسات، ومثولهم أمام محاكمة استثنائية في إحدى دوائر الإرهاب، ورفض السماح لهم بالحديث خلال جلسات المحاكمة، وتجاهل طلبات الدفاع".
الحُكم الصادر اليوم عن "جنايات القاهرة" ليس نهاية المطاف، إذ تنتظر القضية جولة أخيرة أمام محكمة النقض، التي ستنظر طعنًا سيقدم لها ضد أحكام السجن، بمجرد صدور حيثياتها، ما يعني أن أمد القضية التي بدأت قبل أعوام، قد يطول لشهور وربما أكثر، خاصة لو قبلت "النقض" الطعن، وأحالت ملف القضية لدائرة جديدة.
ويُفسر "بلال"، الذي عمل على القضية في أحد مراحلها سبب طول مسارها بقوله إنها انتقلت بين دوائر عديدة بدءًا من قاضي التحقيق وحتى الدائرة الحالية، وذلك بالتوازي مع "محاولات طيلة الوقت، لفصلها عن سياق ارتكاب جرائم في حق المتظاهرين، وسقوط عشرات المصابين والشهداء".