السباب والإهانات كانت حاضرة اليوم بقوة في الاجتماع الرابع والأخير للجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب، لمناقشة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي باتت معروفة باسم "اتفاقية التنازل عن تيران وصنافير". وانتهى الاجتماع الرابع اليوم بالموافقة على إحالة الاتفاقية للعرض على الجلسة العامة.
وفي الرابعة والربع، وخلال الجلسة العامة، أعلن رئيس البرلمان علي عبد العال وصول تقرير لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالموافقة على إحالة الاتفاقية للجلسة العامة. وقال "هل توافقون على إحالتها للجنة الدفاع والأمن القومي؟ برجاء رفع اليد بصورة واضحة"، وأعلن الموافقة على إحالتها للجنة الدفاع والأمن القومي المختصة التي ستعد تقريرًا يجري بموجبه التصويت النهائي.
عبد العال ينسحب
انسحب رئيس المجلس من جلسة لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، بعد مشادة حدثت بعد دقائق من بدء الاجتماع، الذي استكمل فيه رئيس الجمعية الجغرافية السيد الحسيني دفاعه عن تبعية الجزيرتين للسعودية، مستعينا بوثائق وخرائط.
فقاطعه النائب خالد يوسف مجادلاً إياه بشأن الخرائط المعروضة، فرد عليه الحسيني: "اجلس إنت مخرج، مش متخصص"، فغضب يوسف من حديث الحسيني وتوجه ناحيته عند المنصة وتحرك معه النائب أحمد الطنطاوي، الذي قال لرئيس الجمعية الجغرافية: "حديثك كله مغلوط، وترمي علينا الافتراءات، دي أرض وتاريخ بلد" ثم ألقى الميكروفون على الأرض.
ثار عدد من نواب دعم مصر على طنطاوي ودخلوا معه في اشتباكات لفظية، كادت تتطور لاشتباكات بالأيدي. ومع استمرار حالة الفوضى تدخل رئيس البرلمان وقال لطنطاوي: "مافعلته جناية وإهدار للمال العام سأحاسبك عليه، لينسحب بعدها تاركا القاعة".
أدى انسحاب عبد العال لتطور المشادات، واشتبك أحد النواب مع النائب مصطفي كمال الدين حسين المعارض للاتفاقية، وتطور الخلاف إلى حد التشابك بالأيدي، وفصل بينهما النواب.
وتطاول النائب الوفدي محمد سليم على مصطفي كمال الدين حسين، ووجه له سباب، وهاجم النائب سعيد شبايك أعضاء المجلس رافضي الاتفاقية، وكاد أن يشتبك بالأيدي مع النائب خالد يوسف لولا تدخل النواب، وقال شبايك ليوسف: "إنت قليل الأدب".
وبعودة رئيس المجلس للمنصة انتنهت حالة الفوضى نسبيا، قبل أن يعلن عبد العال قراره بإحالة النائب أحمد الطنطاوي لهيئة المكتب والتحقيق معه، في واقعة إلقاء الميكروفون فرد نواب (25/30) "حيلنا كلنا لهيئة المكتب، حقق معانا كلنا". ووجه يوسف كلمات غاضبة لرئيس المجلس مذكرًا إياه بتلميحات التمويل والتخوين في إشارة إلى كونها اتهامات تستلزم التحقيق مع من أطلقها، فقال رئيس المجلس "جميع من في القاعة وطنيون".
نجل عبد الناصر
سمح عبد العال للنائب الوفدي "محمد مدينة" المؤيد للاتفاقية بالحديث، وقال مدينة إنه أجرى اتصالا مع نجل عبد الناصر وقال: "قال لي نجل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، إن الناس لم يفهموا مغزى الأوراق والخطابات المنسوبة إلى عبدالناصر التى تم إعلانها بشان تيران صنافير، وأنها كانت موجهة لإسرائيل".
وأضاف: "الحقيقة هي أن تيران وصنافير سعودية، وأطالب باستدعاء نجل عبد الناصر".وأضاف: "قال لي بملء فيه أنهما سعوديتان".
ثم تحدث محمد صلاح خليفة نائب حزب النور لأول مرة منذ بدء المناقشات، وقال "إن النواب حريصون على عدم التفريط في الوطن. وأيضا الأوطان عليها رد الحقوق إلى أصحابها إذا ثبت ذلك"، وطالب بالاستماع للجميع وعدم التخوين.
من جهته قال النائب سيد فليفل: "عُثر على أثار مصرية في الصين والمكسيك، ومصر وصلت لجنوب أفريقيا، هل هذا يرتب لمصر استعادة الصين والمكسيك وجنوب أفريقيا؟" وأضاف: "الدولة مارست الوجود الفعلي في عهد الفاطميين والمماليك والعثمانيين على الحجاز هل هذا يعيدنا إلى الحجاز مرة أخرى". وتابع "الدولة المصرية في العهد العثماني كان في ولايتها (الحبش) [التي] تضم جدة والساحل الإريتري هل هذا يرتب العودة لهذه المناطق؟"
وكرر فليفل ما قالته الحكومة من أن الجزيرتين كانتا تحت حماية مصر بعد ظهور إسرائيل، وأن الملك عبد العزيز طلب من الملك فاروق حمايتها وأنه أرسل خطابًا لفاروق يقول فيه "إن الجزيرتين في عهدة ملكين جليلين".
وأشار الى الخطابات المتبادلة بين عصمت عبد المجيد وسعود الفيصل ، وقال من منا يشكك فيه؟ فقاطعه خالد يوسف "أنا أطعن فيه".
الخلاف الأشد
المشاجرة الأقوى والأشد كانت بعد مقاطعة يوسف لفليفل، ودخول النواب في مشادات مع بعضهم البعض. واعترضت النائبة مي محمود من تكتل دعم مصر المؤيد للاتفاقية، على ما رأته وصفًا لنائبة أخرى بألفاظ غير لائقة، من قبل النائب خالد شعبان، وقالت له "عيب يا خالد عيب يا خالد"، وصاح شعبان: "اقعدي اقعدي".
وتدخل النائب ضياء الدين داوود وقال "برافو يا مي"، وهو يشير بيديه إلى كتفه في إشارة إلى علامة الشرطة، في اتهام واضح للنائبة.
فردت مي محمود وهي تشير بيدها "برافو عليكم الفلوس"، فرد هيثم الحريري "فلوس ايه يا أم فلوس"، فردت "إنت بالذات ما تتكلمش، انت مالكش عين تتكلم؛ بتتكلم ليه". وكاد الحريري يشتبك معها وخلع جاكيت بدلته ، وفصل النواب بينه وبينها وقالت مي "أنا مش هسيب حقي".
إغلاق النقاش
بعد تلك المشادة طالب النائب كمال أحمد بإغلاق باب المناقشة، قائلاً لرئيس المجلس: "الخبراء قالوا كل شيء، واستمعنا لوجهات النظر كلها ولن يقال جديد". فاعترض النواب الرافضون للاتفاقية وطلبوا استمرار المناقشة.
لكن عبد العال لم يلتفت لهم وطرح الاقتراح للتصويت، ووافق بعض النواب وثار آخرون، وأعلن رئيس المجلس الموافقة على إغلاق النقاش. ومع استمرار ثورة النواب طلب عبد العال من غير أعضاء التشريعية الخروج، لكنهم تمسكوا بالبقاء في اللجنة التي ستبدأ التصويت على إحالة الاتفاقية للجلسة العامة. لكن نوابًا آخرين تدخلوا مع موظفين المجلس للتفاوض وانتهى الأمر بخروج النواب المعارضين من القاعة ومعهم النواب من غير أعضاء لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية.
ارتباك ما قبل الموافقة
حاول نواب 25/30 الحديث قبل التصويت، وطلبوا الكلمة. فرد عبد العال "لن تفرضوا طريقتكم على المجلس؛ الموضوع انتهى"
وأعلن عبد العال إجراء اللجنة التصويت بشكل سري، بحيث يُنادى على الإسم فيذهب النائب لتسجيل موقفه أمام أمين السر. وقف ضياء داوود بجانبه فطلب منه عبد العال الجلوس فقال داوود " لا هفضل هنا هاطّلع على التصويت"، وقال أحمد الشرقاوي "التصويت سري ليه؟ اللي خايف من موقفه يسيب اللجنة".
وبعد مشادات أجرى عبد العال التصويت برفع اليد، واعترض 8 أعضاء فقط ووافق 35 نائبًا على إحالة الاتفاقية للجلسة العامة وفقا لنص المادة 151 من الدستور.
وبعد دقائق، وفي الجلسة العامة، أعلن عبد العال إحالة الاتفاقية للجنة المختصة وهي لجنة الدفاع والأمن القومي، التي ينتظر منها أن تعد تقريرًا يعرض على الجلسة العامة العامة للبرلمان تمهيدًا للتصويت على الاتفاقية ثم سريانها بعد تصديق رئيس لجمهورية على قرار المجلس.