وعند الحديث عن الحكم القضائي رد عبد العال "لا حجية لحكم مع مجلس النواب، الأحكام التي صدرت لا تخص إلا القضاء، لا يعنيني أي حكم هو والعدم سواء".
خمس ساعات متواصلة، استغرقها الاجتماع الذي عقدته لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية اليوم، لبدء مناقشة ملف اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.
الاجتماع الذي ترأسه رئيس المجلس بنفسه لم تنقطع عنه المشاجرات والمشادات بين المؤيدين والمعارضين، وبين النواب ورئيس المجلس نفسه.
لم ينته الاجتماع إلى قرار ولا نتيجة واضحة. عبد العال قرر عقد اجتماع آخر غدا الإثنين لاستكمال النقاش، لكن الظاهر من استعانة البرلمان بوجهات نظر خبراء ينظِّرون لصالح الموافقة على الاتفاقية؛ أن الاتجاه العام في المجلس لصالح تمريرها.
الحضور
ترأس علي عبد العال اجتماع اللجنة، الذي حضره نحو 200 نائبًا أغلبهم -بالطبع- من غير الأعضاء في اللجنة التشريعية. وحضر رئيس ائتلاف دعم مصر محمد السويدي، ورئيس الكتلة البرلمانية للمصريين الأحرار، علاء عابد، وقيادات من ائتلاف دعم مصر منهم حسين عيسى وعمرو غلاب ومحمد علي يوسف.
كما كثف الائتلاف تواجد نوابه في القاعة، في مقابل حضور معظم نواب تكتل 25/30 الرافضين للاتفاقية، وفي مقدمتهم خالد يوسف وهيثم الحريري وضياء الدين داوود ونادية هنري.
شارك في الاجتماع وزير الدولة لشؤون مجلس النواب، عمر مروان، ووزير الخارجية، سامح شكري، وممثلين عن "أعضاء اللجنة القومية" الذين تفاوضوا وصاغوا الاتفاقية.
كما تواجد ممثلون آخرون عن الحكومة وجهاتها المعنية بالأمر، لعرض وجهة نظر الحكومة الخاصة بالموافقة على الاتفاقية، فيما لم يستقبل المجلس أو يدعو أي من المعارضين حتى اﻵن.
وقال رئيس المجلس"حرصت على الحضور لأكون مستمع قبل كل شيء. جئت للاستماع لما يقال من الخبراء وأعضاء المجلس". وشدد على احترام جميع الآراء، وقال "جميعنا على درجة واحدة من الوطنية وحب الوطن ويجب ألا يحتكر أحد الوطنية سواء معترض أو موافق على الاتفاقية".
وأضاف "لا لأحد أن يخوِّن الآخر أو ينتقص من وطنية الآخر أيًا كانت وجهة نظره. للجميع الحق في إبداء رأيه".
وزير الخارجية استعرض ما قيل ونشر في عدة صحف عن مكاتبات ومفاوضات وخطابات متبادلة، وخطاب وزير الخارجية الأسبق عصمت عبد المجيد الذي تعتبره الحكومة إقرارا من الدولة بتبعية الجزيرتين للسعودية.
واستعرض العميد أشرف العسال رئيس شعبة المساحة البحرية بالقوات البحرية، وعضو اللجنة القومية التي صاغت الاتفاقية مع السعودية، خرائطًا وتعريفات للحدود البحرية وأسس تحديدها.
طريقة إخراج الاجتماع الأول ضمن سلسلة الاجتماعات المقررة لمناقشة الاتفاقية لم تكن جيدة، فقد أعطت مخالفة الإجراءات اللائحية فرص للشجار والمشادات بين النواب، لم تتوقف حتى انتهاء الاجتماع.
نناقش ولّا لأ
بعد كلمة افتتاحية قصيرة حاول علي عبد العال منح الكلمة لوزير شؤون مجلس النواب، وهو الأمر الذي رفضه نواب تكتل 25/30 تماما.
وقبل منح عبد العال الكلمة للحكومة، حاول النائب ضياء الدين داوود طلب الكلمة موضحا أنه يطلبها لأمر إجرائي، ولكن عبد العال لم يمنحه الكلمة، وطلب من وزير شؤون مجلس النواب الحديث، فانتفض خالد يوسف وخبط بيده على المنضده وقال "كده لأ كده لأ".
نواب التكتل حاولوا إقناع رئيس المجلس بعدم جواز بدء مناقشة الاتفاقية، قبل تصويت نواب اللجنة التشريعية "فقط دون غيرهم" على جواز مناقشة اتفاقية أبطلها حكم المحكمة الإدارية العليا. كما أوضحوا عدم تلقيهم نسخة كاملة من نص الاتفاقية، بينما جرى توزيع تقرير الحكومة الذي يتضمن "إجابات للمتسائلين عن وضع تيران وصنافير".
وبعد أكثر من خمس دقائق من الشجار المتواصل، سمح عبد العال لضياء الدين داوود بالحديث، وبدأ النائب حديثه عن ضرورة الوفاء للعَلَم الذي يجلس عبد العال أمامه، وشدد ضياء على بطلان الاتفاقية بموجب حكم المحكمة وعدم جواز مناقشتها. واستعرض المواد القانونية التي تُلزم الدولة بتنفيذ الأحكام، وتعاقب الموظفين العمومين حال تجاهلهم تنفيذ الأحكام القضائية، وقال "وبالتالي على المجلس أن لا يناقش هذه الاتفاقية حتى حسم الأمر من المحكمة الدستورية".
وقاطعه النائب صلاح حسب الله، عضو ائتلاف دعم مصر بقوله:" إنت مش جاى تدينا محاضرة"، لينفعل بعدها نواب التكتل مرة أخرى ويقول الحريري ثائرًا "الإتفاقية باطلة وأطالب اللجنة التشريعية بالتصويت على المناقشة من عدمها".
واستكمل داوود، "اللي عنده منازعة على بيت خمسين متر، المحكمة تسمعه"، وحاول عبد العال مقاطعته فانفعل نواب التكتل، وأشار أحد النواب من الجانب المؤيد للاتفاقية الى ضرورة اختصار الكلمات، فقال خالد يوسف "إن شاء الله نقعد سنتين نتكلم ده وطن". فردت غادة عجمي النائبة في ائتلاف دعم مصر، "أنا مش عايزة أقعد سنتين".
نواب التكتل الذي لم يهدأوا مطلقًا، طالبوا بالتصويت على مناقشة الاتفاقية من عدمها، ورددت نادية هنري "الاتفاقية باطلة ومنعدمة".
انفعالات نواب التكتل قابلها لوم شديد من عبد العال الذي قال لهم "إن الإعلام يرصد ماذا تخربون".
تهديد بإخراج الصحفيين
دقائق قليلة فصلت بين الخلافات العديدة، أو ربما جاءت متلاحقة بدون فواصل، فعبد العال رفض في البداية الاستجابة لمطالب التكتل واللجوء لتصويت أعضاء اللجنة التشريعية على جواز مناقشة الاتفاقية من الأساس، وبعد إلحاح قرر الاستعانة بتصويت جميع من في القاعة فانفعل النواب أكثر وزادت حدة المشاجرات.
وهدد عبد العال باخراج النواب من القاعة، فقال أحمد الطنطاوي عضو تكتل 25 /30 هذه ليست جلسة عامة، وإخراجنا يكون بقرار من اللجنة.
ثم هدد رئيس المجلس بخروج الإعلام من القاعة، فرفض جميع نواب التكتل، فيما صفق آخرون للقرار الذي تمسك النواب المعارضون للاتفاقية برفضه، فتراجع عبد العال عنه ولم يجدد طلبه باخراج الصحفيين مرة أخرى، رغم توجه رجال الأمن إلى شرفة الصحافة محاولين إخراج المحررين البرلمانيين منها، لكن المحررين رفضوا الخروج، خاصة مع عدم تكرار عبد العال للطلب.
وفي النهاية رضخ عبد العال لطلب نواب التكتل، وطلب من نواب اللجنة التشريعية المؤيدين لمناقشة الاتفاقية رفع أيديهم، وكانت الأغلبية مع حق المجلس في المناقشة.
محاضر المفاوضات
في كلمته طالب النائب خالد يوسف أعضاء اللجنة التي قامت بالتفاوض وصياغة الاتفاقية مع السعودية بإتاحة محاضر جلساتها للنواب منذ بدء العمل على الاتفاقية سنة 2010. وقال يوسف إن الموقف المصري كان رافضًا لتسليم الجزيرتين حتى نوفمبر/ تشرين ثان 2011، ثم انقطع التفاوض وعاد عام 2015 ليشهد تحولاً تامًا في الموقف المصري، متسائلا عن الدوافع.
وكرر يوسف مطالبته بإتاحة محاضر جلسات التفاوض بين الجانبين، بالإضافة لمحاضر اجتماع اللجنة باعتبارها ضرورية لتقديم نظرة شاملة على الموقف المصري وتحولاته تجاه الاتفاقية.
حلايب وشلاتين
قال أحد الممثلين عن الحكومة – لم يذكر اسمه، ولم يتسن للصحفيين معرفة هويته- إن "الإدارة لفترة طويلة لا تعطينا حق التمسك بالسيادة؛ إذا كنت تعتبر اكتساب مصر السيادة لمجرد وضع يدها فترة من الزمن على الجزيرتين ستصطدم بحلايب وشلاتين التي كانت تحت يد السودان فترة". فقاطعه النائب أحمد الطنطاوي "اديهالهم، اديهالهم هي كمان".
ثم طالب طنطاوي بحذف العبارة من المضبطة، وهو المطلب الذي أيده خالد يوسف وضياء داوود، وقال هيثم الحريري "أًصرّ على أن يُحذف من المضبطة لأنه ممكن يستخدم ضدنا".
انتقائية المستندات
تحدث عضو ائتلاف دعم مصر، النائب إيهاب غطاطي عن مكاتبات تثبت أحقية مصر في جزيرتي تيران وصنافير، واستعرض غطاطي المُعارض للاتفاقية أحد الخطابات.
وعقب وزير الخارجية، سامح شكري موضحا وجود مراسلات أخرى تنفي ذلك واتهم النائب بالانتقائية، فانفعل النواب، وقال الطنطاوي : "الحكومة هي التي تنتقي وليس النواب".
وبدأ علي عبد العال في تلاوة خطاب تستند إليه الحكومة في إثبات تبعية الجزيرتين للسعودية، فثار نواب 30/25 ، وقال النائب أحمد الطنطاوي "بتدافع عن الحكومة ليه؟ بتتكلم باسمها ليه".
رفع هيثم الحريري أوراقا قال إنها من كتاب أعدته" قواتنا الباسلة عمود الخيمة"، فطلب منه عبد العال تقديم المستند لتشتعل بعدها مشادة جديدة بين قيادات تكتل 30/25 ورئيس المجلس.
إذ قال الحريري الحكومة هي التي تقدم الدليل، ورد عبد العال الأوراق والمستندات على الإنترنت مزورة، وأضاف "من حارب من أجل الأرض لا يمكن أن يُفرِّط في الأرض"، ووجه حديثه لضياء داوود قائلا "البينة على من ادعى، أنت محامي وتعرف ان البينة على من ادعى"، ليصيح عدد من نواب التكتل "الكلام ده في المحكمة".
وهدد عبد العال بإخراج ضياء داوود من القاعة، فرد داوود "صوَّت على إخراجي من القاعة"، ليعقب خالد يوسف "مش خارجين".
على هامش المشادات
- عند الحديث عن الحكم القضائي رد عبد العال "لا حجية لحكم مع مجلس النواب، الأحكام التي صدرت لا تخص إلا القضاء، لا يعنيني أي حكم هو والعدم سواء".
- قال النائب أحمد الطنطاوي لممثل الحكومة: "هو حضرتك سعودي".
-مزق النائب محمد العتماني نسخته من الاتفاقية فور توزيعها على النواب.
-نشبت مشادة حادة بين النائبة مي محمود عضو ائتلاف دعم مصر، وهيثم الحريري، وقالت صارخة "عايزين نسمع خلونا نسمع، مصر مش بتاعتك لوحدك يا هيثم". وبعدها لم تتوقف المشادات بين عضو ائتلاف دعم مصر ونواب25/30، وقالت لهم عدة مرات مش هنسمعكم.
-وسط المشاجرات مع رئيس المجلس تحرك هيثم الحريري من مكانه ووقف في بداية القاعة، فثار عبد العال وقال "دي مش وقفة في مجلس نواب، واقف حاطط إيدك في جيوبك؟"
-طالب النائب مصطفى بكري بتشكيل لجنة مصغرة تزور الرئيس السابق مبارك وتطلب شهادته عن الجزيرتين.