أُعلنت، اليوم حالة الطوارئ في العاصمة اليمنية صنعاء، التي تخضع لسيطرة جماعة الحوثي، جرّاء وفاة العشرات من مواطنيها بسبب تفشي سريع لوباء الكوليرا.
ووفقًا لما تناقلته وكالات الأنباء المحلية اليمنية والدولية، فإن وزارة الصحة التي يتولى أمرها حوثيون، رفعت الراية البيضاء أمام الوباء القاتل، بعد "تدهور" حالات المصابين به مُناشدةً المنظمات الدولية الإغاثية التدخل وتقديم المساعدة، في ظل تأكيدات وزير الصحة محمد سالم بن حفيظ، أن معدلات الإصابة تفوق قدرة القطاع الصحي على التعامل.
ما الكوليرا؟
يصيب وباء الكوليرا، الذي يعود تاريخ انتشاره الأول للقرن 19، عدد يتراوح بين 1.3 إلى 4 مليون شخصًا. ويتسبب في وفاة ما بين 21 ألف و143 ألف حالة سنويًا على مستوى العالم وفقًا لإحصاءات صدرت عام 2016 عن منظمة الصحة العالمية، والتي تُعرّفه بأنه "عدوى حادة تسبب الإسهال، وقادرة على أن تودي بحياة المُصاب بها في غضون ساعات، إن تُرِكت من دون علاج".
ويلزم علاج الحالات الوخيمة للإصابة بالكوليرا- وفقًا للمنظمة نفسها- حقن المريض بالسوائل، عن طريق الوريد وإعطائه المضادات الحيوية، أما مكافحة المرض، فتتم- في إحدى صورها- عبر لقاحات فموية.
ولماذا اليمن؟
قبل يوم واحد فقط من إعلان وزارة الصحة "الحوثية"، عجز قدراتها أمام الوباء، كانت منظمة الصليب الأحمر تحذر من أن انتشار الكوليرا في البلد الذي اشتهر قبل أيامه هذه، بلقب "اليمن السعيد"، أدى إلى وفاة 115 شخصا، في الفترة بين 27 أبريل/ نيسان و13 مايو/ أيار 2017.
وأطلق مدير عمليات الصليب الأحمر، دومينيك ستلهارت، أمس، تحذيرًا من "خطر انتشار جدي" للكوليرا، إذ أن أكثر من 8500 شخصًا، يشتبه بإصابتهم به خلال الفترة نفسها في 14 محافظة في أنحاء اليمن، مقارنة بـ2300 حالة في 10 محافظات الأسبوع الماضي.
تشير منظمة الصحة العالمية إلى توفير "المياه المأمونة"، باعتباره "أمراً حاسمًا" لمكافحة الكوليرا وغيرها من الأمراض المنقولة بالمياه الملوثة، لكن هذا الأمر - على بساطته- غير متوفر في اليمن، الذي يعاني ترديًا في البنية التحتية، منذ اندلاع الاقتتال السياسي القبلي، بعد الثورة على الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وزاد طين الأوضاع الخدمية بلّة الحرب التي تقودها السعودية على أراضيه منذ عام 2015 ضد جماعة الحوثيين ودعمًا لرئيسه الحالي عبد ربّه منصور هادي.
وعلى الرغم من أن حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، تلقي باللوم في تفشي الوباء على الحوثيين، كشف تقرير سري عن الجهود المطلوبة لإعادة بناء اليمن شاركت في إعداده منظمات دولية كبرى هي "البنك الدولي، والأمم المتحدة، والبنك الإسلامي للتنمية، والاتحاد الأوروبي" أن ما لحق باليمن من أضرار في البنية التحتية وخسائر اقتصادية جرّاء الحرب، تتجاوز 14 مليار دولار.
وتضمن التقرير السري، الذي أخرجته وكالة "رويترز" للعلن في أغسطس/ آب 2016، إحصائية نقلاً عن وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية تقول إن 900 بين 3652 منشأة تقدم خدمات التطعيم ضد الأمراض لم تكن تعمل في مطلع 2016. وهو ما تسبب في ترك 2.6 مليون طفل تحت عمر 15 سنه عرضة للإصابة بالحصبة.
تحذيرات متكررة
وهذه هي المرة الثانية التي تنتشر فيها الكوليرا، خلال أقل من عام في اليمن، إذ كانت أولى المرتين في أكتوبر/ تشرين أول 2016.
وسبق انتشار الكوليرا الحالي، إعلان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جويتريس، خلال مؤتمر انعقد في جنيف، يوم 25 أبريل/ نيسان الماضي، أن 17 مليون يمنيًا يعانون انعدام الأمن الغذائي، و 14.4 مليون في البلد نفسه، لا يتمكنوا من الحصول على مياه الشرب والصرف الصحي، وأن سنتين من الحرب، كانتا كفيلتان بتقليص عدد مرافق الرعاية الصحيّة العاملة في البلد إلى أقل من النصف؛ ما زاد من خطر الإصابة بأمراض كثيرة.
وقبل حديث "جويتريس"، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة والأمومة "يونيسيف"، في ديسمبر/ كانون أول 2016، عن أن كل 10 دقائق يموت طفلاً يمنيًا واحدًا -على الأقل- بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، لتبين أن الأمر لا يقتصر على الكوليرا، بل يمتد إلى أمراض أبسط وغير وبائية، مثل "الإسهال، وسوء التغذية، والتهاب الجهاز التنفسي".