عن عمر يُناهز 79 عامًا، وفي أحد السجون الأمريكية، توفى الشيخ عُمَر عبد الرحمن، الزعيم الروحي والمنظر الأبرز لـ "الجماعة الإسلامية" الجهادية، بعد تردي حالته الصحية، وفقًا لما أعلنه أبناؤه أول أمس السبت.
وأثار "عبد الرحمن" على مدار اليومين الماضيين، جدلًا لم يدُر مثيل له والرجل حيًا، بين فريقين أحدهما تبنى فكرة الإفراج الصحي عنه، لاعتبارات السن والمرض، وفريق آخر يرفض هذه الفكرة، باعتبار الشيخ الراحل تمتع بحقوقه كاملة في المحاكمة العادلة والرعاية الصحية.
وهناك فريق ثالث لا يعرف الكثير عن "عبد الرحمن"، الذي كانت سيرته شبه غائبة، إلا عن أنصار الجماعة الإسلامية، والمتهمين بشأن الحركات الجهادية، تقدم "المنصّة" تعريفًا بالجهادي الراحل.
* من هو؟
عُمر أحمد علي عبد الرحمن، مواليد 3 مايو/ آيار عام 1938، لعائلة من المزارعين، بمركز الجمالية بمحافظة الدقهلية (شمال بالقاهرة). فقد بصره منذ كان رضيعًا في الشهر العاشر من عمره، إثر إصابته بمرض السكري.
وهو أب لكل من "محمد، وأحمد، وعاصم، وعبد الله، وأسماء"، ويعرف في الأوساط الغربية بلقب "الشيخ الضرير".
* ما تعليمه؟
أتم حفظ القرآن في الحادية عشر، بطريقة "برايل"، وحصل على درجة الماجستير في التكنولوجيا، عام 1965 من جامعة القاهرة، والدكتواره في علوم القرآن من جامعة الأزهر، بين عامي 1971- 1972.
* ما انتماؤه الفكري؟
متأثرًا بكتابات المُنظّر الأبرز لجماعة الإخوان المسلمين، سيد قُطب، اشتهر "عبد الرحمن" بنشر وتزكية الفكر "الجهادي التفكيري"، ودعم الفتاوى القائلة بقتل "العُصاة" ولو مُسلمين، وهو المُنظِّر والزعيم الروحي لـ "الجماعة الإسلامية".
* ما أبرز محطاته المهنية؟
عمل إمامًا لإحدى مساجد محافظة الفيوم (جنوب القاهرة)، حيث بدأ ينشر الفكر "الجهادي التكفيري"، لكنه فُصِل من عمله عام 1969، بسبب انتقاداته المتكررة لأعضاء الحكومة، من ذوي الفكر العِلماني.
وعمل مُدرّسًا لمادة التربية الدينية، في مدرسة للبنات بمحافظة أسيوط (جنوب القاهرة)، ولكنه في سبتمبر/ أيلول 1970، جاهر بمطالبة المصريين بعدم الصلاة على جثمان الرئيس جمال عبد الناصر، لأنه "كافر"؛ ففُصل من عمله، وألقي القبض عليه في أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه، وظل حبيس سجن القلعة لثمانية أشهر.
وحتى العام 1973، ظل "عبد الرحمن" بلا عمل، إلى أن تم تعيينه في جامعة أسيوط.
* ما مشكلاته مع النظام المصري؟
بدأت مشكلاته منذ عقود مضت، إذ كان بعد خلافاته مع "عبد الناصر"، بين مَن وُجِهَت لهم أصابع الاتهام في القضية العسكرية رقم 7 لسنة 1981، الخاصة باغتيال أنور السادات، كما أن مرتكبي الحادث كانوا من أتباعه، لكن تم تبرئته عام 1984 من القضية، لنقص الأدلة التي تثبت ارتباطه ومنفذي الاغتيال تنظيميًا، كما اتهم بالتخطيط لمحاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسني مبارك.
* ما أبرز فتاويه؟
أفتى بقتل الحاكم "الذي لا يحكم وفقًا لشرع الله"، وهي سَنَد التنظيم في عملية اغتيال السادات، كما كانت إحدى فتاويه مرجعية قاتل المُفَكر فرج فودة.
وفي الثمانينيات أفتى بـ"الجهاد" ضد السوفييت في أفغانستان. أما الأبرز، فكانت الفتوى المُسربة من محبسه عام 1998، بـ"محاربة الأمريكيين وتدمير اقتصادهم وحرق ممتلكاتهم، وإغراق سفنهم"، والتي كانت السند الجهادي لأحداث 11 سبتمبر 2001.
* ما هي وجهاته؟
السعودية: فرّ إليها عام 1977، بعد ملاحقات من الأمن المصري، وعمل بالتدريس في إحدى كليات عاصمتها الرياض، حتى عام 1980، حين عاد إلى مصر من جديد.
أفغانستان: زارها منتصف عام 1980، والتقى فيها عبد الله عزّام، أحد شركاء أسامة بن لادن في تكوين ميليشيا مقاتلة للسوفييت، وإلى جانبه قاتل عُمَر عبد الرحمن.
السودان: سافر إليها في أوائل التسعينات، خشية تعرضه للسجن مرّة أخرى، ولقي منها ترحيبًا.
الولايات المتحدة الأمريكية: توجه من السودان إليها، عام 1991 بتأشيرة سياحية، وأقام في مدينة بروكلين، حيث كان هدفه كسب المال والمؤيدين لدعم فكره، المعادي للاثنين الولايات المتحدة والرئيس المصري حسني مبارك.
* مَن هم أتباعه وتلاميذه ومناصروه؟
وثيق الارتباط بالجماعة الإسلامية (ذات الفكر الجهادي المتشدد)، في السبعينات، حتى صار القائد الأبرز بها في الثمانينيات، وقت كانت خاضعة لقيادة أيمن الظواهري، وصار "عبد الرحمن" زعيمها الروحي فيما بعد، والذي نعته الجماعة ووصفته بـ"العالم الربّاني".
وهو المُعلم والدليل لزعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن.
* ما أبرز الجهات التي تعاون معها؟
كان زعيمًا وقائدًا روحيًا للجماعة الإسلامية بمصر، كما تعاون منذ منتصف الثمانينات مع أسامة بن لادن في أفغانستان، و"مكتب الخدمات"، وهو جهة عسكرية كانت معنية باستقدام الشباب العربي للقتال في أفغانستان وكانت الأساس لظهور تنظيم القاعدة عام 1988.
* كيف تحرّك داخل الولايات المتحدة الأمريكية؟
عمل واعظًا في 3 مساجد بنيوجيرسي ونيويورك، وكان يُحرّض في خطبه ودروسه على العنف، بعبارات استهدف بها "من يقفون في طريق الإسلام"، ومن يعارضون شريعة الله من "الصليبيين"، مناديًا بإقامة الحدود مثل "قطع يد السارق، ورجم الزاني وغيرهما".
* ما سبب سجنه في الولايات المتحدة؟
كان "عبد الرحمن" على قوائم الإرهابيين، حتى قبل وصوله الأراضي الأمريكية، لكنه، ووفقًا لعضو سابق في فريق العمل المشترك لمكافحة الإرهاب، "كان الرجل الأكثر مسؤولية عن قدوم الإرهاب إلى الولايات المتحدة".
وألقي القبض عليه عام 1993، وحكم عليه بالسجن المؤبد، بتهمة التحريض على تفجير مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك، رغم تبرئه من الهجوم.
* مَن هم أبرز المطالبين بحريته؟
بجانب أسرته التي قدمت عدّة مطالب للإفراج عنه "لدواعٍ صحية"، كان الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، أحد أبرز من طالبوا بإطلاق سراحه، بل ووعد بالعمل على تحقيق هذا الأمر، خلال أول خطاب له بعد فوزه بالانتخابات، في يونيو/ حزيران 2012، ومن قبله أنصار الشيخ الذين اعتصموا عام 2011 أمام السفارة الأمريكية، للمطالبة بالإفراج عنه.
موقع discover the network
موقع the blaze