وتشكلت "الدفاع عن الحريات"، بمبادرة من الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، لتوحيد الجهود الرامية إلى ضمان الحريات العامة للمصريين، وفقًا للدستور والاتفاقيات والمواثيق الدولية، وانضوى تحت لوائها عدة أحزاب سياسية ولجان نقابية ومنظمات حقوقية.
وخلال ندوة اليوم، التي انعقدت في مقر الحزب المصري، بحضور متحدثين نيابة عن جهات منضوية تحت لوائها، عددت "جبهة الدفاع عن الحريات"، وقائع جعلت من عام 2016 "أحد أسوأ الأعوام التي مرت بها مصر، منذ ثورة 25 يناير"، متعهدة بمواصلة "الزود عن الحقوق والحريات، بنضال سلمي".
عام الألم والأمل
وفي بيان حمل عنوان "عام على تأسيس جبهة الدفاع عن الحريات.. كثير من الألم، قليل من الأمل"، وألقته الدكتورة هالة فودة، عضو المكتب السياسي بالحزب المصري، عددت الجبهة وقائع شهدها 2016، أبرزها "حملات الاعتقال لمئات الشباب، وتشديد الحصار على منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتردي الأوضاع الصحية داخل السجون، والهجمات الطائفية المتصاعدة ضد الأقباط".
وبالأرقام، استعرض البيان حالات تؤشر لتصاعد حدة الهجمات الأمنية على الحقوق والحريات، خلال العام المُنقضي، ومنها "توثيق المفوضية المصرية للحقوق والحريات، لـ912 حالة اختفاء قسري بين شهري أغسطس/ آب 2015 و2016، ورصد مركز النديم لضحايا العنف والتعذيب لـ433 حالة تعذيب وسوء معاملة في أماكن الاحتجاز، وإعلان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) أن 11% أجبرن على الزواج، فضلًا عن 8 حالات اعتداء طائفي- على الأقل- ضد المسيحيين".
وعرض البيان لـ"الهجمة" التي تعرض لها الحقل الحقوقي، وتمثلت في منع ما لا يقل عن 7 حقوقيين من السفر، وتجميد أرصدة 3 منظمات وحسابات 5 حقوقيين، وتمرير مجلس النواب قانون الجمعيات الأهلية، الذي اعتبرته الجبهة بمثابة "شهادة وفاة" العمل الحقوقي، وذلك "لما به من قيود غير منطقية؛ جعلت الجمعيات تخضع لسلطة مجلس يسيطر عليه ممثلون عن المخابرات العامة ووزارتي الداخلية والدفاع، ويسمح له بحلها بناءً على مخالفات فضفاضة الصياغة".
أما "الأمل القليل" الذي لاح خلال العام الماضي، فتعكسه إيجابيات لم يغفلها البيان، ومنها تصدي "جبهة الدفاع عن الحريات" لقضية ازدراء الأديان، بعقدها مؤتمرًا في فبراير/ شباط 2016، تناولت فيه تحليلًا لمساويء المادة "98 و" من قانون العقوبات (التي تُبنى عليها قضايا ازدراء الأديان)، وطالبت مجلس النواب بإلغائها، كما طالبت بإسقاط التهم الموجهة لأطفال المنيا الذين اتهموا بـ"ازدراء الإسلام".
وذكّر البيان كذلك بمؤتمر الجبهة التضامني مع متهمي قضية "حركة 25 يناير"، والوقفة التي نظمتها خلال مثول الحقوقية مُزن حسن للتحقيق في قضية "التمويل الأجنبي"، وإعدادها قانون جديد للمجتمع المدني، وتشكيلها بالتزامن مع احتجاجات تيران وصنافير "غرفة عمليات"، لتقديم الدعم القانوني للمتظاهرين، وأدانت حملة الاعتقال العشوائية لهم.
عراقيل أمام الحرية
وخلال الندوة، أكد رئيس حزب الدستور، خالد داود، إن الجبهة واجهت ضغوطًا كبيرة خلال العام المنقضي، لكنها لم تزعزع يقينها الراسخ بأن قضية الديمقراطية والحريات تحديدًا ستظل أولوية.
وقال رئيس حزب الدستور، عن تأثير المُناخ السياسي على العمل الحزبي "إحنا كأحزاب بدل ما نقدم برامج بديلة وروئ، مقضيين الوقت في الجري ورا شبابنا وبناتنا في السجون، وبيرهقونا بغرامات مالية أولى بنا ننفقها على برامج الأحزاب، خاصة وأنها ليست غنية وقائمة بمجهود ذاتي، لكن واضح إن دي سياسة لتخويفنا، ورغم هذا عندي ثقة في الشباب، وإن ماحدش هيرجعنا لورا".
وقالت الدكتورة هالة فودة "هناك ظاهرة تتمثل في تحول الكفالات إلى إتاوات، تفرض على كل متهم جراء قانون التجمهر أو التظاهر، وفي إطار قضية معتقلي الأرض، كان هناك 47 متهم بلغت قيمة كفالتهم 4 مليون و700 ألف جنيه، أصبحت كفالات وإتاوات لكل متهم بقضية حرية رأي وتعبير، في حين أن شخص كالضابط المتهم بقتل مجدي مكين أخد إخلاء سبيل بلا ضمانات، ما يعكس تناقضًا وتعسفًا".
وندد "داود" بعودة وسائل قمعية، كانت مختفية بعد الثورة، وضرب عليها مثالاً بالحبس الاحتياطي، قائلًا "كان ذلك الإجراء يتخذ بكثرة وقت قانون الطوارئ في عهد مبارك، وأحد إنجازات الثورة هو التخلص من ذلك القانون، لكنهم طلعولنا بقانون الحبس الاحتياطي بدلا منه، والمصور شوكان هو أبرز حالة استخدم معها هذا القانون، وهو أحد أشكال التحايل لمد فترة حبس الشباب على ذمة قضايا".
ثقافة الاحتلال
وفي سياق الحديث عن قضايا الحريات، تحدث مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، محمد زارع، عن القانون رقم 10 لسنة 1914، "قانون التجمهر"، الذي أقام المركز دعوى، الأسبوع الماضي، للمطالبة بنشر قرار إلغائه الصادر عام 1928 في الجريدة الرسمية، كي يُصبح ساريًا.
وقال: "زارع" عن القانون "وضع الاحتلال البريطاني قانون التجمهر، ليحد من مطالبات الاستقلال، واستخدمته السطات المصرية في أبريل/ نيسان 2016 لمواجهة المدافعين عن مصرية جزيرتي تيران وصنافير"، معقّبًا بقوله "فللمفارقة، بعد الاستقلال والثورات، تم استخدام القانون بنفس طريقة الاحتلال. والسؤال هنا، هل مصر استقلت؟ عن الاحتلال نعم، لكن ثقافة الاحتلال لاتزال تحكم مصر".
وأوضح المحامي الحقوقي أن "قانون التظاهر" الصادر عام 2013، مبني على قانون التجمهر الصادر عام 1914، مشيرًا إلى أن الاحتلال البريطاني أكد في ديباجة القانون ذاك أنه "استثنائي ولحظي بسبب ظروف الحرب العالمية الأولى"، وأن مضابط مجلس النواب المصري والمراسلات البريطانية ووثائقها، تؤكد حقيقة أن هذا القانون تم إلغائه، ورغم هذا ما زال الآلاف يُحبَسُون بسببه.
وطالب "زارع" المدافعين عن الحريات، بالانضمام إلى عريضة دعوى المركز ضد قانون التجمهر، مؤكدًا أنه بعيدًا عن المسار القضائي، فإن من صلاحيات رئيس الجمهورية نشر قرار إلغاء القانون، كما أنه من صلاحيات القضاة والنيابة عدم المحاكمة أو الإحالة بموجب القانون.
واختتم المحامي الحقوقي بقوله إن قانون التجمهر، الذي كان التهمة الرئيسية في أغلب قضايا الرأي "تم استخدامه لقمع مظاهرات الطبة، ومظاهرات 1977، وللأسف ما زال يُستخدَم لقمع كل مظاهرات الحريات، لكنه لم يحمي الاحتلال ولا الملكية ولا من انتفاضة الخبز ولا من ثورة 25 يناير".