خمسة أصناف جديدة من القطن استنبطتها مصر منذ عام 2016 لتحسين الإنتاجية، ومواجهة التغيرات المناخية، لتبلغ المساحة المنزرعة منها 85.6%، بما يعادل حوالي 209 ألف فدان من جملة المساحة المقدرة بـ244 ألف فدان.
تلك الأصناف موفرة للمياه وتتكيف مع التغيرات المناخية. وبحسب مدير معهد بحوث القطن، الدكتور عبد الناصر رضوان فإن تلك الأصناف تتميز بـإنتاجيتها العالية ومقاومتها للأمراض فضلًا عن استهلاكها القليل من المياه.
ويقول أحمد محيي، الذي بدأ قبل أربع سنوات، زراعة جيزة 92 (سُجل عام 2012)، وجيزة 94 (سُجل عام 2016)؛ في أرضه الزراعية بنطاق محافظتي الدقهلية ودمياط، فإن تلك التجربة هي الأفضل "تختلف عن الأصناف التقليدية من حيث إنتاجها الغزير؛ خاصة لو اهتميت كمزارع بأرضي وريَّها في المواعيد المحددة".
وتصدر مصر أقطانها لأكثر من 20 دولة، تأتي الهند في مقدمتها بأكثر من 40 ألف طن، ثم باكستان والصين. وتستحوذ الأقطان الطويلة على النسبة الأكبر من الأقطان المصدرة بـ 80 ألف طن، ثم الأقطان فائقة الطول بنحو 6 آلاف طن.
وتقول وزارة الزراعة الأمريكية إن إن مصر باتت أكثر عتمادًا على الأقطان المحلية، مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي وصعوبة الاستيراد. كما ساهم تطبيق آلية المزاد في بيع القطن في تحسين أسعاره محليًا، وهو ما يعزز من توقعات الوزارة بالتوسع في زراعة هذا المحصول في مصر.
لكن تقارير صحفية تتحدث عن تراجع بنحو 25% في المساحة المحصولية للقطن خلال موسم 2023/2024 مقارنة بالموسم الماضي.
عن الخريطة الصنفية يقول رضوان لـ المنصة "يتم عمل خريطة صنفية كل موسم زراعي لتحديد أماكن زراعة الأصناف، وذلك من خلال التجارب التي يقوم بها المعهد لتحديد أنسب الأماكن التي يجود فيها كل صنف، ليعطي أعلى إنتاجية وأفضل صفات الجودة، كما يراعى في تحديد الخريطة الكميات المطلوبة من كل صنف، حتى يتم تحديد المساحات المطلوب زراعتها".
وبحسب حديث وكيل معهد بحوث القطن للإنتاج، الدكتور وليد محمد بسيوني، لـ المنصة؛ استنبط باحثو المعهد صنف سوبر جيزة 94، الذي تم اعتماده وتسجيله عام 2016، وهو من الأصناف طويلة التيلة عالية المحصول بالوجه البحري، بمتوسط إنتاجية تتراوح بين9 و10 قناطير للفدان، ودورته الزراعية لا تتخطى 170 يومًا، وكذلك جيزة 95، تم اعتماده وتسجيله في العام ذاته ويزرع بمحافظات الصعيد، ودورته الزراعية تتراوح بين 150 و160 يومًا بمتوسط إنتاجية 10 قناطير للفدان.
كذلك الصنف إكسترا جيزة 96، الذي سُجل في 2017، وهو من الأصناف طويلة التيلة، بطول 36.5 ملليمترًا، ومتوسط إنتاجية 9 قناطير للفدان، وتتراوح دورته الزراعية بين 170 و175 يومًا، ويزرع بمركزي فوه ومطوبس بكفر الشيخ، ويُعد من أعلى الأصناف المصرية سعرًا، وهو قطن تصدير يُنتج منسوجات فائقة الجدودة، أما الصنف سوبر جيزة 97، فتم اعتماده وتسجيله في 2017 أيضًا، ويعد من أهم الأصناف للوجه البحري، وتتراوح دورته من 155 إلى 160 يومًا، ومتوسط إنتاجيته من 10 إلى 11 قنطارًا للفدان.
أحدث الأصناف، بحسب بسيوني، هو جيزة 98، الذي سُجل في مارس/آذار 2022، ووُضع على خريطة الزراعة العامة هذا الموسم 2023 للمرة الأولى، في مساحة تقدر بـ85 فدانًا بمركز دار السلام بمحافظة سوهاج، ويصل متوسط إنتاجيته إلى 11 قنطارًا.
وبلغت المساحة المزروعة بالقطن هذا الموسم حتى 22 يونيو/حزيران 2023 حوالي 244 ألف فدان على مستوى الجمهورية، بحسب رضوان، ويمثل سوبر جيزة 94 المساحة الأكبر بنسبة 69% تقريبًا، أما سوبر جيزة 97 فهو مزروع في 4167 فدانًا، وإكسترا جيزة 92 بمساحة 7892 فدانًا، وإكسترا جيزة 96 بمساحة 10915 فدانًا، وسوبر جيزة 86 بمساحة 27426 فدانًا، وجيزة 95 بمساحة 26355 فدانًا، أما جيزة 98 فنصيبه 85 فدانًا فقط، وهو يُزرع للمرة الأولى هذا الموسم، تمهيدًا لزيادة المساحة في المواسم التالية.
بحسب بسيوني، فتلك الأصناف المستنبطة حديثًا موفرة للمياه إلى حد كبير، كما تتراوح مدة زراعتها من 56 لـ 170 يومًا ويعد صنف جيزة 95 من الأصناف الموفرة للمياه بنسبة تتراوح من 15 إلى 20%، فيما يعد جيزة 98 من الأصناف قصيرة العمر الموفرة للمياه.
وهنا يوضح وكيل معهد بحوث القطن أن من أسباب الاتجاه لزراعة هذه الأصناف ترشيد استهلاك المياه، مقارنة بالأصناف القديمة التي كانت دورتها الزراعية تصل إلى 210 أيام، أي أن الأصناف الجديدة توفر من 30 إلى 40 يومًا، ما يوفر نحو 800 متر مكعب مياه للفدان.
مواجهة التغيرات المناخية
توفير المياه ليس الميزة الوحيدة لهذه الأصناف، بل مقاومة التغيرات المناخية أيضًا. في قرية قاي بمحافظة بني سويف زرع 450 فدانًا بقطن جيزة 95 كأحد الأصناف المستنبطة حديثًا ذات الإنتاجية العالية.
وفي هذا السياق يتحدث عصام فتحي، مهندس الإرشاد الزراعي وأحد مزارعي القطن، لـ المنصة "منذ عامين بدأت استزراع هذا الصنف المتكيف مع التغيرات المناخية، لأزرع 5 أفدنة بمتوسط إنتاجية 10 قناطير"، ويضيف "نزرع هذا الصنف في محافظات وجه قبلي لتحمله درجات الحرارة المرتفعة ومقاومته الآفات والحشائش وقصر دورته الزراعية".
بحسب وكيل معهد بحوث القطن، فإن الأصناف المستنبطة حديثًا تتكيف إلى حد كبير مع التغيرات المناخية، فصنف جيزة 95 يُزرع ليغذي الصناعة المحلية، والمسطح الخضري له منخفض مما يُقلل من عمليات البخر والنتح، بفعل درجات الحرارة المرتفعة، ويزيد من قدرة النبات على الاحتفاظ بالمياه، إلى جانب أشعة الشمس التي تتخلل النبات مما يقلل إصابة لوزة القطن بالتعفن، ويساعد على تفتحها صحيًا.
ويوضح بسيوني أن هذا الصنف زُرعَ هذا العام في محافظات الفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج.
وبحسب بسيوني فالصنف إكسترا جيزة 96 يتحمل الظروف غير المواتية كالملوحة والجفاف، فيما يتحمل جيزة 98 درجات الحرارة المرتفعة، حتى 55 درجة، كما أن مسطحه الخضري منخفض مما يقلل النتح والبخر، ويتحمل الملوحة والجفاف، مايجعله مثاليًا للصعيد.
كيف تجري الأمور؟
بحسب مدير معهد بحوث القطن تقوم خطة استنباط وزراعة أصناف القطن على برنامج التربية بالتهجين والانتخاب بطريقة سجلات النسب التي تصل إلى 15 سنة من العمل المستمر المتواصل لإنتاج صنف القطن الجديد، الذي يجب أن يلبي احتياجات المزارع من الإنتاجية، وأن يكون مبكر النضج، لتعظيم الاستفادة من الرقعة الزراعية.
"أما تاجر القطن فيحتاج لنسبة تصافي (معدل الحلج) مرتفع، فكلما ارتفعت زادت رغبة الشركات في شراء القطن، إلى جانب شركات الغزل التي تبحث عن متانة الغزل والنعومة والطول والتجانس، وغيرها من الصفات التكنولوجية"، يتابع عبد الناصر.
وحلج القطن يقصد به فصل شعيرات القطن عن البذور، مع المحافظة على خصائصه التقنية بعد إجراء مجموعة عمليات حرارية وميكانيكية.
وبحسب عبد الناصر، يعقد المعهد تجارب لتقييم كل التراكيب الوراثية المتاحة في الأراضي المستصلحة الجديدة في الفرافرة وسيناء وبورسعيد والإسماعيلية والضبعة وتوشكى والعوينات، وغيرها. وذلك لتحديد أفضل التراكيب الوراثية التي يمكنها تحمل هذه الظروف، إلى جانب الحصول على أفضل إنتاجية دون التأثير في صفات الجودة.