أقام عدد من السياسيين والأكاديميين، مساء أمس الثلاثاء، دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، طالبوا فيها بإلزام رئيس الجمهورية بطرح استمرار العمل باتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام الموقعتين بين مصر وإسرائيل على الاستفتاء الشعبي.
ومن جانبها حددت محكمة القضاء الإداري جلسة الاثنين المقبل للبدء في نظر الدعوى، التي تضمنت قائمة المدعين فيها رئيس حزب الوفاق القومي الناصري محمد الرفاعي، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس جمال زهران.
وطالبت الدعوى التي حملت رقم 7312 لسنة 78 قضائية، بإعمال نص المادة 157 من الدستور، التي تتيح لرئيس الجمهورية أن يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل التي تتصل بمصالح البلاد العليا، وذلك في ضوء ما وصفته الدعوى بـ"التعدي الواقع على السيادة المصرية والشروع في طرح مشروع توطين شعبنا العربي الفلسطيني في غزة على الأرض المصرية وتنامي موجات الغضب والسخط الرافض لتلك الاتفاقية من كل قطاعات الشعب المصري، إضافة إلى قصف مواقع مصرية".
وذكرت الدعوى أن الأمن القومي للبلاد يعلو على أي اتفاقية، مؤكدة أن "مصالح البلاد وأمنها القومي بات مهدددًا بالخطر جراء طرح مشروع إقامة وطن قومي للفلسطينيين على أرض سيناء ودعوة سكان شمال قطاع غزة لمغادرته للجنوب تمهيدًا لترحيلهم لسيناء، وهو ما اعترف به رئيس الجمهورية بشخصه وحذر منه" بحسب الدعوى.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي جدد رفض مصر ما يتردد عن تهجير سكان قطاع غزة إلى صحراء سيناء، معتبرًا أن "ذلك يعني تصفية القضية الفلسطينية"، وقال "إننا نرى أن ما يحدث في غزة الآن ليس فقط حرص إسرائيل على توجيه عمل عسكري ضد حماس، إنما محاولة لدفع المدنيين إلى اللجوء والهجرة لمصر".
وأكد السيسي، خلال مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس، 18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن "مصر دولة ذات سيادة، ونقل المواطنين من غزة إلى سيناء يعني نقل المقاومة من الأراضي الفلسطينية إلى مصر، وبالتالي تصبح سيناء قاعدة للانطلاق بعمليات ضد إسرائيل، وفي الحالة دي هيبقى من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها تقوم في إطار رد فعلها تتعامل مع مصر وتقوم بتوجيه ضربات إلى الأراضي المصرية ومصر دولة كبيرة حرصت على السلام بإخلاص، بالتالي محتاجين إن كلنا نساهم أن الاستثمار الكبير اللى عملناه في هذا السلام لا يتم تبديده بفكرة غير قابلة للتنفيذ".
وعن معاهدة السلام، قال السيسي إن مصر "حرصت خلال السنوات الماضية منذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل على أن يكون هذا المسار خيارًا استراتيجيًا نحرص عليه وننميه، ونسعى أيضًا على أن يكون هذا المسار داعم لدول أخرى للانضمام إليه".
"إسرائيل نفسها لم تلتزم حتى اليوم بما تضمنته اتفاقية كامب ديفيد من إنشاء حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة تنفيذًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الصادر في أعقاب 5 يونيو 1967، وفق ما جاء الدعوى القضائية.
وشددت الدعوى على أن الاتفاقيتين "ليستا قدرًا لا فكاك منه وليس لهما من القداسة إلا بقدر احترام الكيان الصهيوني لنصوصها، مؤكدة أنهما تحتاجان للمراجعة ليس من جانب السلطة وإنما من جانب الشعب المصري صاحب الحق في تحديد مصيرهما، سواء الإبقاء عليهما أو إلغائهما"، منوهة إلى أن الثابت أنه لا يوجد حزب أو جماعة أو نقابة أو أي شكل جماعي يمثل الشعب "أقدم على تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، منذ توقيع الاتفاقيتين وحتى اﻵن".
وتابعت الدعوى "هنا يقع التزام على القيادة السياسية بتقييم الموقف والاستماع إلى رأي الشعب عبر استفتاء يخيره بين الاستمرار في العمل بالاتفاقية أو إلغائها".
وفي 26 آذار/مارس 1979 أبرمت مصر وإسرائيل معاهدة السلام، في حفل أشرف عليه الرئيس الأميركي جيمي كارتر، لتنهي ثلاثة عقود من الحرب والنزاع بين الدولتين الجارتين، ولا تزال المعاهدة سارية حتى الآن، ومع تفاقم العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، برزت عدة مطالبات بإعادة النظر في اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.
وتبنى إحدى المطالبات بإلغاء الاتفاقية رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع النائب عاطف مغاوري، الذي طالب بإلغائها على غرار إلغاء معاهدة 1936 بين مصر وبريطانيا، عندما قال رئيس وزراء مصر حينها، مصطفى النحاس إنه عقد تلك الاتفاقية من أجل مصر وألغاها من أجل مصر، مؤكدًا أن مبررات الاتفاقية انتفت "مع عدم التزام الكيان الصهيوني بها"، واستمرار اعتداءه على الشعب الفلسطيني وتهديده الأمن القومي المصري.