شهدت محافظات مصر مظاهرات حاشدة، اليوم الجمعة، تؤيد حق الفلسطينين في إقامة دولتهم المستقلة، وتندد بالاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، وذلك تلبية لنداء الرئيس عبد الفتاح السيسي برفض تهجير الفلسطينيين وتأكيد ضرورة وقف العدوان على قطاع غزة.
كان السيسي، قال خلال مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس، الأربعاء، إن القضية الفلسطينية هي قضية القضايا، والرأي العام المصري والعربي يتأثر ببعضه البعض، وقال "مصر فيها 105 ملايين نسمة، وإذا استدعى الأمر أن أطلب من الشعب المصري الخروج للتعبير عن رفض هذه الفكرة، ستروا ملايين من المصريين لدعم الموقف المصري" ما أعقبه خروج مظاهرات الأربعاء لتفويض الرئيس بحماية الأمن القومي، قبل الإعلان عن تنظيم مظاهرات اليوم الجمعة.
خريطة المظاهرات
انتشرت أمس الخميس قائمة للأماكن المقرر التظاهر فيها تلبية لنداء الرئيس، تداولها مستخدمو فيسبوك ونشرتها وسائل إعلام محلية.
وحددت القائمة خريطة بالأماكن المسموح والمقرر التظاهر فيها لدعم فلسطين، وهي "الجيزة: ميدان الحصري، القاهرة: شارع النصر بمدينة نصر، الإسكندرية: ميدان محطة سيدي جابر، القليوبية: ميدان المؤسسة بشبرا الخيمة، الغربية: منطقة الاستاد، مطروح: ميدان الإسكندرية، الدقهلية: ميدان المحافظة، المنوفية: شارع الاستاد بمدينة شبين الكوم، الشرقية: ميدان المحافظة".
إضافة إلى "كفر الشيخ: ميدان النصر، البحيرة: ميدان جلال قريطم، دمياط: ميدان الساعة، بورسعيد: ميدان 3 يوليو، الإسماعيلية: ميدان الممر، شمال سيناء: ميدان الساعة، السويس: ميدان إسماعيل يس، جنوب سيناء: ميدان سوهو، الفيوم: ميدان السواقي، بني سويف: ميدان الزراعيين، المنيا: ميدان بالاس بمدينة المنيا، أسيوط: ميدان المجذوب، سوهاج: ميدان الشبان المسلمين، قنا: ميدان الساعة، الأقصر: ميدان أبو الحجاج، أسوان: ميدان المحطة، الوادي الجديد: ميدان الساحة بمدينة الخارجة".
الاستقامة خارج السيطرة
وخرجت الأمور عن السيطرة عقب صلاة الجمعة في مسجد الاستقامة بمحافظة الجيزة، حيث فرغ المئات من الصلاة ثم راوغوا الأمن الذي حاصرهم قرب نفق ميدان الجيزة، محاولًا فض التجمعات المنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة.
وردد المتظاهرون هتافات منها "واحد اتنين الجيش المصري فين، ارحل ارحل يا سيسي"، وفض الأمن المظاهرة بالتضييق على المشاركين حتى تفرقوا في الشوارع الجانبية.
"مظاهرات بجد" في الأزهر
أما في الجامع الأزهر بوسط القاهرة، فأدى المصلون صلاة الغائب على شهداء فلسطين بعد الانتهاء من آداء الجمعة، وقبل أن يخرجوا إلى محيط الجامع، وسط هتافات من بينها "تسقط تسقط إسرائيل، عيش حرية عدالة اجتماعية، مظاهرات بجد مش تفويض لحد، يا حكومات عربية جبانة، يا إما مقاومة يا إما خيانة"، وسط حضور أمني مكثف.
وشارك في المظاهرات التي غطت منطقة الأزهر، وحتى جامع البنات، وفوق الكباري، شباب وأطفال ونساء تحملن أطفالهن، وسط شكاوى من عدم توفر الأعلام التي رفض تجار العتبة بيعها، بحسب مراسلنا هناك.
وتحركت تظاهرات الأزهر نحو ميدان التحرير الذي يشهد تعزيزات أمنية مكثفة، قبل أن يتدخل الأمن ويفرقهم بسياراته في شارع عبد العزيز بالعتبة، مستخدمًا صافرات الإنذار.
"التحرير" للمتظاهرين
استقبل ميدان التحرير المتظاهرين، لأول مرة منذ سنوات، حيث وصلت مسيرة الأزهر إلى قلب الميدان، بعد محاولات من الأمن لفض مسيرتهم، وشارك في التظاهرات المحامي الحقوقي خالد علي، ورئيسة حزب الدستور جميلة إسماعيل.
وحرق المتظاهرون العلم الإسرائيلي وصورة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
النصب التذكاري.. بالقوة
وشارك مواطنون قادمون من محافظات مختلفة في التجمع أمام النصب التذكاري للجندي المجهول في مدينة نصر، حاملين أعلام فلسطين ومصر وصورًا للرئيس، مكتوبًا عليها عبارات لتفويضه.
وتجمعت عشرات الأوتوبيسات وسيارات الميكروباص في الشوارع المحيطة والجانبية لطريق النصر، وبحديث المنصة مع عدد منهم، أكدوا أنهم قادمون من محافظات مختلفة؛ الإسكندرية والشرقية والقليوبية والمنوفية، بأوتوبيسات "وفرها حزب مستقبل وطن".
وبيّن ثلاثة شباب لـ المنصة أنهم يعملون في ورشة بوسط القاهرة، وحضر لهم صباح اليوم أمين شرطة أخذ منهم أوراقهم الثبوتية "بطاقات الرقم القومي" وطالبهم بركوب ميكروباص، وقال أحدهم "أنا افتكرتهم واخدني تحري لكن لما ركبت الميكروباص لقيت شباب تانية واخدين منهم البطايق والأمين قالنا هتروح تهتفوا لفلسطين والريس وتتجمعوا هنا الساعة 5 كل واحد ياخد بطاقته".
وعلى المنصة التي نصبت أمام نادي الزهور ظهر مؤسسا حركة تمرد سابقا وعضوا مجلس النواب محمود بدر ومحمد عبد العزيز، وقادا الهتافات والتي تركزت حول تأييد الرئيس ورفض تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
في الإسكندرية: قلوبنا مع فلسطين.. ولكن "مش بنفوض حد"
جاب مئات من المتظاهرين كورنيش الإسكندرية، في مسيرات لدعم قطاع غزة ضد العدوان الإسرائيلي، تهتف بنصرة القضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه رفع بعض المتظاهرين لافتات ترفض دعوة الرئيس السيسي لتفويضه للدفاع عن الأمن القومي لمصر.
الجيش المصري فين؟
وبهتافات "واحد اتنين الجيش المصري فين، مش هنخاف مش هنطاطي إحنا كرهنا الصوت الواطي، افتحولنا الحدود واحنا نخلص ع اليهود"، تظاهر المئات في ميدان المؤسسة بمنطقة شبرا الخيمة، في محافظة القليوبية بالقرب من محافظة القاهرة.
ورسم الشباب المشاركون في المظاهرة علم إسرائيل على الأسفلت، قبل أن يشعلوا النيران فيه، وسط هتافات منددة بجرائم الاحتلال.
نصف ساعة
ولم تستمر وقفة اتحاد المهن الطبية برئاسة نقيب الأطباء أسامة عبدالحي نصف ساعة، بعد انقسام المشاركين من 4 نقابات "الأطباء والصيادلة والأسنان والبيطريين"، إذ أصر كلا من عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العالمي للصيادلة وائل علي، ونقيب البيطريين خالد سليم، على تفويض الرئيس، مما أدى إلى انتهاء الوقفة، فيما استكمل عدد من اﻷطباء وقفتهم داخل مقر دار الحكمة.
بأمر "العمدة"
وفي أسيوط، تجمع العشرات في ميدان المجذوب، حيث تولت سيارات أجرة نقلهم من مراكز المحافظة إلى الميدان المخصص للتظاهر بوسط المدينة، ونصب حزبا مستقبل وطن وحماة وطن منصتين منفصلتين في الميدان وبدا لكل منهما هتافاته المختلفة، التي تنوعت ما بين دعم الرئيس والتنديد بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ومع انتهاء صلاة الجمعة، زادت أعداد المتظاهرين بصورة ملحوظة أجبرت الأجهزة الأمنية على غلق الميدان بالسياج الحديدية وتحويل حركة المرور إلى شوارعه الجانبية.
وفي تلك الاثناء أكد بعض المشاركين أنهم حضروا استجابة لدعوات وجهها إليهم العُمد ومشايخ البلاد، لتفويض الرئيس في الدفاع عن سيناء، وقال أحمد العمدة، من أبناء قرية عرب القصير التابعة لمركز القوصية، وأحد المشاركين في التظاهرات لـ المنصة، إن الأجهزة الأمنية بمديرية أمن أسيوط شاركت في الحشد للمظاهرات عبر تكليف عُمد القرى ومشايخ البلاد والمتقدمين لشغل تلك الوظائف بحشد أكبر عدد من أبناء قراهم.
وردد المشاركون هتافات من بينها "يا حماس يا حماس.. أنتي مدفع وإحنا رصاص، يا قسام ياحبيب.. اضرب دمر تل أبيب، يا إسرائيل يا إسرائيل.. لا لا للتهجير".
الفيوم تطالب بإسقاط إسرائيل
ومن الفيوم انطلقت مظاهرات حاشدة في ميدان السواقي، قدر مراسل المنصة عدد المشاركين فيها بالمئات، بينما يرددون هتافات لدعم غزة ضد العدوان الإسرائيلي، من بينها "الشعب يريد إسقاط إسرائيل"، في الوقت الذي حملوا فيه لافتات تأييد للرئيس عبد الفتاح السيسي، يظهر أنها أعدت لدعمه في سباق الانتخابات الرئاسية المقبلة، وسط كثافة تنظيمية من الأحزاب الموالية للحكومة أبرزها حزب مستقبل وطن ذو الأغلبية البرلمانية.
التفويض الثاني
ووافق مجلس الشيوخ، في جلسته الطارئة، الأربعاء، على تفويض السيسي في اتخاذ ما يلزم من إجراءات لدعم ومساندة القضية الفلسطينية وحماية الأمن القومي المصري، فيما توالت إقرارات تفويض الرئيس عبد الفتاح السيسي على فيسبوك، ودعوات التظاهر الجمعة المقبل لـ"الاصطفاف خلف الرئيس ودعم الشعب الفلسطيي".
كما قرر مجلس النواب إرسال برقية تأييد للرئيس عبد الفتاح السيسي، لتأكيد دعم المجلس الكامل وتأييده للقوات المسلحة في كل ما يُتخذ من خطوات لتأمين الأمن القومي، وذلك خلال في نهاية جلسته الطارئة، أمس الخميس، التي شهدت أيضًا قيام نائب بتمزيق اتفاقية السلام مع إسرائيل.
وفي 2013، سبق أن طالب السيسي وقت أن كان وزيرًا للدفاع "الشعب المصري بالنزول إلى الشوارع لمنح الجيش والشرطة تفويضًا شعبيًا لمواجهة العنف والإرهاب"، عقب مظاهرات 30 يونيو 2013، والتي أطاحت بجماعة الإخوان المسلمين من الحكم.