موقع أخبار الأمم المتحدة
مجلس الأمن يعتمد القرار الأمريكي بشأن غزة، 17 نوفمبر 2025

"غامض ومبهم وإن تضمن جوانب إيجابية".. خبيران يفسران قرار مجلس الأمن بشأن غزة

محمد الخولي
منشور الثلاثاء 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2025

جاء قرار مجلس الأمن باعتماد المشروع الأمريكي بشأن إنهاء الحرب في قطاع غزة حاملًا جوانب إيجابية وأخرى غامضة، حسب مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب في حديثهما لـ المنصة.

ومساء أمس الاثنين، اعتمد مجلس الأمن الدولي المشروع الأمريكي بشأن إنهاء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، بأغلبية أعضائه حيث صوت 13 عضوًا لصالحه، بينما امتنعت روسيا والصين عن التصويت.

ما يقوله القرار

وحمل القرار الأممي رقم 2803، ورحب بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المكونة من 20 بندًا، من بينها إنشاء مجلس السلام باعتباره "هيئة إدارية انتقالية ذات شخصية قانونية دولية تتولى وضع إطار العمل وتنسيق التمويل لإعادة تنمية غزة وفقًا للخطة الشاملة، ريثما تستكمل السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي بشكل مرضٍ، على النحو المبين في المقترحات المختلفة، بما في ذلك خطة السلام التي قدمها الرئيس ترامب عام 2020 والمقترح السعودي الفرنسي، ويكون بمقدورها استعادة زمام السيطرة على غزة بشكل آمن وفعال".

وأشار القرار إلى أنه بعد تنفيذ برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية بأمانة وإحراز تقدم في عملية إعادة التنمية في غزة "قد تتوافر الظروف أخيرًا لتهيئة مسار موثوق يتيح للفلسطينيين تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية".

وجاء في القرار أن أمريكا ستعمل على إقامة حوار بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على آفاق العمل السياسي بغية التعايش في سلام وازدهار.

ويأذن القرار للدول الأعضاء التي تتعاون مع مجلس السلام ولمجلس السلام "بإنشاء قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في غزة تُنشر تحت قيادة موحدة يقبلها مجلس السلام، وتتألف من قوات تساهم بها الدول المشاركة، بالتشاور والتعاون الوثيقين مع مصر وإسرائيل، وباستخدام جميع التدابير اللازمة لتنفيذ ولاية هذه القوة الدولية بما يتفق مع القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني".

وبموجب القرار ستعمل القوة الدولية على مساعدة مجلس السلام في مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة، وإبرام الترتيبات التي قد تكون ضروريةً لتحقيق أهداف الخطة الشاملة.

وتشمل مسؤوليات القوة تأمين حدود غزة، وحماية المدنيين، وتسهيل المساعدات الإنسانية، ودعم تدريب ونشر قوة شرطة فلسطينية مُعاد تشكيلها، والإشراف على التفكيك الدائم لأسلحة حماس والجماعات المسلحة الأخرى في القطاع.

ويشير النص أيضًا إلى أن القوات الإسرائيلية ستنسحب بالكامل بمجرد أن تفرض القوة سيطرتها الأمنية والعملياتية على كامل المنطقة.

ونص القرار على أن يظل الإذن الصادر لكل من مجلس السلام وأشكال الوجود المدني والأمني الدولي ساريًا حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2027، رهنًا باتخاذ مجلس الأمن إجراءات أخرى، وأن يكون أي تجديد للإذن الصادر للقوة الدولية بالتعاون والتنسيق الكاملين مع مصر وإسرائيل والدول الأعضاء الأخرى التي تواصل العمل مع القوة الدولية.

جوانب إيجابية

حسب السفير رخا أحمد حسن، يمكن تلخيص الجوانب الإيجابية في الإقرار بوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات، وإنهاء الحرب، بما يعني الانتقال للمرحلة الثانية من المفاوضات، "إذا استطاعت الولايات المتحدة إقناع الحكومة اليمينية الإسرائيلية بذلك"، وهو ما يختلف معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب، معتبرًا أنه قرار "مبهم".

وقال الرقب إن بعض المتابعين والمحللين رأوا أن الإشارة إلى مسار تفاوضي لقيام دولة فلسطينية بعد إصلاح السلطة "أمر مشجع"، لكن يبقى أن "القرار بشكل عام به الكثير من الغموض والكثير من القضايا التي تحتاج إلى تفسير"، لافتًا إلى أن القرار لا توجد به مسارات واضحة لقيام دولة فلسطينية.

وتابع الرقب "ما يهمنا ألا تعود الحرب مرة أخرى، ألا يهجر شعبنا، وأن يعاد بناء غزة من جديد، ثم أن يكون هناك قيام دولة فلسطينية تعيش بأمان في هذه المنطقة، ونحن الفلسطينيين وافقنا مسبقًا أن تكون هذه الدولة منزوعة السلاح لأننا لسنا دعاة حرب".

ورحبت السلطة الفلسطينية بقرار مجلس الأمن، وأكدت في بيان لها ضرورة العمل فورًا على تطبيقه على الأرض "بما يضمن عودة الحياة الطبيعية، وحماية شعبنا في قطاع غزة ومنع التهجير، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال وإعادة الإعمار ووقف تقويض حل الدولتين، ومنع الضم".

وأبدت السلطة استعدادها الكامل للتعاون مع الإدارة الأمريكية، وأعضاء مجلس الأمن، والدول العربية والإسلامية، والاتحاد الأوروبي وأعضائه، والأمم المتحدة، وجميع أطراف التحالف الدولي والشركاء في إعلان نيويورك، من أجل تنفيذ القرار بما يؤدي إلى إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، والذهاب إلى المسار السياسي الذي يقود إلى تحقيق السلام والأمن والاستقرار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفق حل الدولتين المستند للقانون الدولي والشرعية الدولية.

ولكن.. 

أمام هذه الجوانب الإيجابية في القرار يرى السفير رخا أحمد حسن أن هناك الكثير من النقاط "غير واضحة وتحتاج إلى مجهود"، من بينها ما يتعلق بالقوات الدولية فهي ليست تحت إشراف الأمم المتحدة، وإنما تحت إشراف ما يسمى مجلس السلام و"هذه صورة جديدة محصلتش قبل كده في نزاعات. لأن عادةً بتبقى قوات الأمم المتحدة تبع مجلس الأمن. بمساهمة الدول طبعًا كلها، إنما بتبقى ده لضمان إنها مش مش تابعة لدولة معينة". 

وأضاف رخا أن تكليف هذه القوات بنزع سلاح حماس مهمة بالغة الصعوبة، ويطرح سؤالًا مهمًا، "مين الدول اللي هتجيب قوات وتكون عرضة للاشتباك مع الطرفين. وفي الغالب طالما إنها مع مجلس السلام اللي بيرأسه الرئيس ترامب، فهنا هيبقى موقف حرج للدول اللي هتشارك. وهنلاقي بعض الصعوبات للدول اللي هتشارك بقوات". 

من جانبه يرى الرقب أن ما يحمله القرار بين السطور "شيء خطير"، لافتًا إلى أن القرار يتحدث بشكل واضح عن صفقة القرن التي طرحها ترامب في 2020، وهذا يعني أننا نعود إلى تنفيذ ما رفضناه قبل خمس سنوات في فترة ترامب الأولى. 

ويوضح أستاذ العلوم السياسية أن الإدارة الأمريكية فيما يبدو كانت ترغب في الحصول على شرعنة من قبل مجلس الأمن وحصلت على ذلك، وكان مطلوب موافقة عربية وإسلامية وأخذت ذلك أيضًا، مضيفًا أن مهام تشكيل هذه القوة ستكون من صلاحيات هذا المجلس. وحتى إدارة قطاع غزة من خلال لجنة التكنوقراط التي سيشرف عليها المجلس أيضا.

وعن موقف حماس الرافض للقرار، قال رخا إن "موقفها محسوب من ناحيتين؛ مجلس السلام معناه وصاية أجنبية على قطاع غزة، بالإضافة إلى أنه وصاية من حليف لإسرائيل، والسبب الثاني هو قوات الاستقرار التي سيكون لها سلطة تنفيذية لنزع سلاح حماس".

ورفضت حماس إقرار مجلس الأمن الدولي لمشروع القرار الذي صاغته الولايات المتحدة. واعتبرت أن القرار "لا يرتقي إلى مستوى مطالب وحقوق شعبنا الفلسطيني، ويفرض آلية وصاية دولية على قطاع غزة، وهو ما يرفضه شعبنا وقواه وفصائله".

وقالت إن القرار لا يرتقي إلى مستوى الحقوق السياسية والإنسانية للفلسطينيين، خصوصًا في قطاع غزة، الذي عانى حرب إبادة وجرائم غير مسبوقة ما زالت آثارها مستمرة على الرغم من الإعلان عن إنهاء الحرب.

وأضافت أن "تكليف القوة الدولية بمهام وأدوار داخل قطاع غزة، منها نزع سلاح المقاومة، ينزع عنها صفة الحيادية ويحوّلها إلى طرف في الصراع لصالح الاحتلال".