شهدت مناطق وسط قطاع غزة، مساء أمس الثلاثاء، واحدة من أكثر الهجمات دموية منذ أسابيع، بعد استهداف تجمعات مدنية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما أسفر عن مقتل 35 شخصًا على الأقل بينهم المصور الصحفي يحيى برزق، وإصابة العشرات بجروح متفاوتة، وفق مصادر طبية وشهود عيان لـ المنصة.
وتأتي العمليات العسكرية والعدوان الإسرائيلي فيما تدرس حركة حماس خطة أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء أمس الأول، تستهدف إنهاء الحرب وانسحاب جيش الاحتلال ونزع سلاح الحركة الفلسطينية وتبادل المحتجزين لدى الجانبين.
وقال مصدر في مستشفى شهداء الأقصى لـ المنصة بمدينة دير البلح إن ستة قتلى، بينهم برزق، إضافة إلى أكثر من 20 جريحًا، معظمهم في حالة خطيرة، وصلوا إلى المستشفى عقب قصف استهدف تجمعًا للمواطنين أمام مقهى غرب المدينة.
وأوضح شاهد عيان أن طائرة استطلاع إسرائيلية أطلقت صاروخين متتاليين على شارع ضيق مكتظ بالمارة أمام مقهى مزدحم، ما تسبب في مقتل وإصابة العشرات بينهم أطفال كانوا يلعبون قرب منازلهم لحظة القصف.
وقال شاهد آخر كان داخل المقهى "كنا قاعدين بشكل طبيعي، والمقهى مليان ناس وفي أطفال بتلعب الشارع، فجأة شفت الدنيا تحولت لغبار وإشي ضرب بشكل قوي على رجلي ووقعت من الكرسي على الأرض، شفت ناس كانت بتضحك صارت كلها دم وناس بتصرخ وبعدين لقيت حالي بالمستشفى".
وبحسب مصدر عائلي تحدث لـ المنصة، فقد نزح المصور الصحفي قبل أربعة أيام من مدينة غزة مع زوجته وأطفاله بسبب العملية البرية الإسرائيلية، وكان يجلس في المقهى مع طفله الذي أصيب بجروح طفيفة، بينما كان يعمل على تعديل وإرسال بعض الصور الصحفية قبل أن تقتله الضربة الإسرائيلية.
وأشار إلى أن المصور كان يدير ستوديو لتصوير الأطفال قبل حرب أكتوبر 2023، ثم اتجه للتصوير الصحفي لتوثيق القصف والنزوح، متعاونًا مع وكالات عربية ودولية، وبمقتله ارتفع عدد الصحفيين الذين قضوا منذ اندلاع الحرب إلى 253 ضحية.
وقال مصدر بوزارة الصحة في غزة لـ المنصة، إن مستشفيات القطاع استقبلت 64 قتيلًا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، بينهم 35 من وسط القطاع الذي شهد القصف الأكثر كثافة.
وتركزت عمليات القصف وسط القطاع، حيث استهدف الاحتلال تجمعًا للمواطنين في سوق مخيم النصيرات للاجئين وخيمة وشقة سكنية، بالإضافة لمنزل في مخيم البريج للاجئين، بخلاف استهدافين منفصلين لخيام النازحين في بلدة الزوايدة وخيمة أخرى في دير البلح.
في مدينة غزة، واصلت قوات الاحتلال محاصرة وسط المدينة بالدبابات والآليات المتمركزة شمالًا في شوارع الجلاء وفلسطين والنصر، وجنوبًا في شارع الصناعة ومنطقة الجامعات وحي تل الهوا.
وأفاد مصدر صحفي لـ المنصة أن نيران الدبابات وصلت إلى شارع عمر المختار وسوق الرمال، فيما دمرت الطائرات الحربية أكثر من 20 مبنى سكنيًا في أحياء الصبرة والدرج ومنطقة الجامعات ومخيم الشاطئ.
كما تعرضت المناطق الغربية لحي الشجاعية والبلدة القديمة قرب مستشفى المعمداني لقصف مدفعي مكثف، أدى إلى إصابات جديدة بين النازحين المقيمين في خيام بالمنطقة.
وقال مصدر في الإسعاف بمستشفى الشفاء إن طواقمهم تمكنت من انتشال أكثر من عشرة جثامين من أحياء النصر وتل الهوا، بينما ما تزال جثث أخرى ملقاة في الشوارع بسبب استهدافها من طائرات مسيرة إسرائيلية.
وفجّرت قوات الاحتلال أربع روبوتات آلية في أحياء الصبرة وتل الهوا فجر الأربعاء، ما أدى إلى تطاير الشظايا وسقوطها على منازل المدنيين قرب سوق الرمال.
في المقابل، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، تنفيذ عملية مسلحة ضد تجمع لجنود وآليات إسرائيلية داخل مدرسة الراهبات الوردية جنوب تل الهوا، الاثنين الماضي.
وقالت إن مقاتليها أطلقوا النار من مسافة قريبة وألقوا عبوات ناسفة داخل ناقلات جند، موقِعين قتلى وجرحى. كما أشارت إلى تفجير دبابتين من نوع ميركافاه خلال اليومين الماضيين.
وأشار مصدر صحفي ثالث إلى أن طائرات مروحية إسرائيلية عملت على نقل قتلى وجرحى من محيط تل الهوا، بالتزامن مع اشتباكات عنيفة وانفجارات سُمعت مساء الثلاثاء، فيما لم تعلن حماس أو جيش الاحتلال تفاصيل الحادث أو حصيلة المواجهات بشكل رسمي.
ويشن جيش الاحتلال هجومًا بريًا وجويًا ضمن خطة أوسع "للسيطرة على مدينة غزة والقضاء على حركة حماس"، بدأها منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، ومن المقرر أن تستمر أشهرًا وفق التقديرات، ما يسبب نزوحًا متزايدًا بين المدنيين الفلسطينيين الذين يفرون جنوبًا من القصف الذي يلاحقهم في المنازل والخيام وفي الطرق المؤدية إلى الأحياء الجنوبية التي حددها الاحتلال كمناطق آمنة.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 يتواصل العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي ارتكب خلاله جيش الاحتلال مئات المجازر التي أسفرت عن مقتل أكثر من 65 ألف فلسطيني، وإصابة ما يزيد عن 164 ألفًا آخرين، وفق البيانات الرسمية لوزارة الصحة الفلسطينية، كما مارس الاحتلال سياسة التجويع بفرض حصار شديد على إدخال المساعدات ما أسفر عن وفاة 435 شخصًا بينهم 147 طفلًا نتيجة المجاعة.