صفحة هيئة قناة السويس على فيسبوك
حركة الملاحة في قناة السويس، 6 أغسطس 2023

9 مليارات دولار خسائر قابلة للزيادة.. خبراء: لا أمل في استعادة إيرادات "القناة" قبل وقف حرب غزة

محمد اسماعيل
منشور الأربعاء 1 تشرين الأول/أكتوبر 2025

قدر الرئيس عبد الفتاح السيسي في تصريحات أخيرة حجم خسائر قناة السويس خلال عامين بنحو 9 مليارات دولار، ما يمثل عبئًا كبيرًا لبلد يكافح من أجل تخفيف حدة الدين الخارجي المتفاقم.

وبينما سادت أجواء من التفاؤل النسبي باستعادة حركة الملاحة في مايو/أيار الماضي، مع هدوء هجمات الحوثيين الداعمة لحماس في مواجهتها مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، يقول خبراء إن استمرار الحرب على غزة يخلق أجواء من عدم اليقين تعوق استعادة نشاط الشحن لوتيرته الطبيعية، بل إن طول أمد الحرب دفع بعض الشركات للتكيف مع المسارات البديلة.

ولم يستمر الهدوء طويلًا، ففي منتصف مايو الماضي، صعّدت إسرائيل من عملياتها العسكرية ضد جماعة الحوثي، مع شنِّها غارات جوية استهدفت ميناءي الحديدة والصليف.  

الاعتياد على الملاحة في المسارات البديلة

"رغم الحديث عن مباردات محتملة لإنهاء الحرب لا يزال التوتر مسيطرًا على المنطقة ما يجعل تغيير مسارات السفن أمرًا مستبعدًا" كما يقول رئيس مجلس إدارة شركة Clarkson Shipping Agency لخدمات الملاحة اللواء إيهاب البنان لـ المنصة.

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن قبل يومين عن خطة لوقف الحرب في غزة، وإنشاء هيئة دولية تحت مسمى "مجلس السلام" تشرف على إدارة قطاع غزة تحت رئاسته المباشرة.

ويضيف البنان أنه حتى في حال التفاؤل بقرب وقف الحرب، فإن شركات الشحن ستأخذ وقتًا حتى تعدل مسارها "شركات الشحن الدولية تلتزم بجداول إبحار محددة لما تبقى من العام الجاري".

وبدأت شركات الشحن الدولية في اتخاذ مسارات بديلة لقناة السويس مع ارتفاع تكاليف التأمين على السفن قبل عامين بسبب هجمات الحوثيين على السفن المارة في البحر الأحمر للفت الأنظار عالميًا للقضية الفلسطينية.

وحسب آخر البيانات المنشورة على موقع هيئة قناة السويس بلغ عدد السفن العابرة للقناة خلال الربع الثاني من العام الحالي 3074 سفينة مقابل 6856 سفينة في الفترة نفسها من 2023.

وبعد هدوء نسبي في هجمات الحوثيين على السفن المارة في البحر الأحمر، تسبب استهداف جديد لناقلة نفط في سبتمبر/أيلول الماضي في رفع تكاليف التأمين على العبور لأكثر من الضعف. 

طول أمد عدم الاستقرار في المسار المؤدي للقناة دفع بعض شركات الشحن الكبرى للتكيف مع مسار رأس الرجاء الصالح، كما يقول البنان، ما يمثل تحديًا كبيرًا أمام القناة لاستعادة حركة الشحن قبل السابع من أكتوبر 2023.

"الأسواق العالمية تمكنت من امتصاص تأثيرات التحول لرأس الرجاء الصالح، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الشحن وتأخر وصول البضائع لعدة أيام" كما يضيف البنان.

ورغم ارتفاع رسوم العبور من الممرات البديلة لقناة السويس فإن "عددًا من شركات النقل البحري حققت زيادة في إيراداتها بنسبة وصلت إلى 64%، بسبب توقيع عقود استراتيجية بين حكومات الدول لتكوين مخزون احتياطي من السلع والبضائع الاستراتيجية، تحسُّبًا لأي تصعيد محتمل في الأزمات الدولية خلال الفترة المقبلة".

وتشير تقارير إلى أن القناة لا تزال تعاني من ضعف حركة الملاحة خلال الأشهر الأخيرة، حيث بلغ عدد سفن الكونتينر العابرة من الممر الملاحي 133 سفينة في يوليو/تموز الماضي، وهو على الأرجح نفس معدل العبور في أغسطس/آب الماضي، مقابل نحو 500 سفينة من هذا النوع كانت تعبر الممر شهريًا قبل بدء الحرب على غزة.

وحسب آخر بيان عن ميزان المدفوعات المصري، انخفضت إيرادات قناة السويس أكثر من النصف، إلى 2.6 مليار دولار خلال الفترة من يوليو 2024 إلى مارس/آذار 2025 مقابل 5.7 مليار دولار في الفترة المناظرة من العام المالي السابق.

خفض الرسوم يعزز تنافسية القناة

"رغم التوترات الجيوسياسية، فإن شركة CMA CGM ما زالت تعتمد على قناة السويس ممرًا رئيسيًّا في عملية الشحن، واستجابت بشكل سريع للاستفادة من الحوافز والتخفيضات التي أقرتها الهيئة، بواقع 15% لسفن الحاويات التي تنقل ما يزيد على 130 ألف طن"، كما يقول المدير التنفيذي للشركة العاملة في خدمات الخط الملاحي الفرنسي طارق زغلول لـ المنصة.

كانت هيئة قناة السويس أعلنت في مايو الماضي عن تخفضيات على رسوم العبور من القناة للسفن التي تحمل حمولات ثقيلة، في محاولة لاستعادة حركة الشحن وسط أجواء الحرب، وفي يوليو قالت الهيئة إنها ستمد تطبيق هذا التخفيض حتى نهاية العام الجاري.

ويقول زغلول إن التخفيضات تعزز من تنافسية القناة، في مقابل ارتفاع تكلفة المسارات البديلة "بعض خطوط الشحن تُعاني من الاعتماد على الطرق البديلة، لا سيما أن هذه البدائل أدت إلى ارتفاع كبير في تكاليف الشحن، فضلًا عن زيادة زمن الرحلات، وتأخير تسليم البضائع إلى العملاء في مختلف الأسواق".

لكن ستظل السياسة مهيمنة على الأمر رغم التخفيضات الحالية، ويرى زغلول أن العودة لما قبل السابع من أكتوبر "يرتبط بإنهاء حالة الحرب، ووقف الهجمات البحرية رسميًا"، بالإضافة إلى رفع التصنيف الأمني للمنطقة إلى "منطقة مستقرة وآمنة للملاحة".

"الممر الملاحي المصري سيظل، على المدى الطويل، الخيار الاستراتيجي الأكثر كفاءة وجدوى، مقارنة بالطرق البديلة، مثل طريق رأس الرجاء الصالح، الذي يُضيف مسافات طويلة، وأيامًا إضافية للرحلات، فضلًا عن زيادة كبيرة في تكاليف الوقود والتشغيل" كما يقول رئيس شعبة النقل الدولي والخبير البحري مدحت القاضي لـ المنصة.

ودعا القاضي الخطوط الملاحية العالمية إلى التفاعل الإيجابي مع التطورات الأمنية الإيجابية التي تشهدها المنطقة، والنظر بجدية في خيار العودة التدريجية إلى قناة السويس، من خلال إعادة تقييم جداول الإبحار، خصوصًا في ظل الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لإنهاء الحرب في غزة خلال المرحلة الحالية.