أطلقت وحدة الإنذار المبكر التابعة لوزارة الري السودانية تحذيرًا يشير إلى مستوى خطورة مرتفع من فيضانات متوقعة على امتداد الشريط النيلي تشمل ولايات النيل الأزرق، سنار، الخرطوم، نهر النيل، النيل الأبيض، في وقت أكد أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة عباس شراقي أن منسوب السد العالي ارتفع بنحو مترين خلال سبتمبر/أيلول الحالي، بما لا يقل عن 15 مليار متر مكعب.
وأوضحت وحدة الإنذار المبكر السودانية في بيان أمس الأحد أن مناسيب النيلين الأبيض والأزرق تشهد ارتفاعًا ملحوظًا، ما قد يؤدي إلى تدفق المياه نحو الحقول الزراعية والمناطق المنخفضة، مهددًا بذلك الطرق الحيوية والبنى التحتية في المناطق الواقعة على ضفاف النهر.
وأكدت أن هذا الارتفاع يشكل خطرًا مباشرًا على الممتلكات العامة والخاصة، ويستدعي اتخاذ إجراءات وقائية عاجلة من قبل السكان والسلطات المحلية لتقليل حجم الأضرار المحتملة.
وحول الأسباب، قال وزير الري السوداني الأسبق عثمان التوم للعربية إن السلطات الإثيوبية رفعت منسوب بحيرة سد النهضة فوق الحد الأقصى المعتاد لأغراض احتفالية، ما تسبب في زيادة تدفق المياه إلى نحو 730 مليون متر مكعب يوميًا خلال الأيام الأربعة الماضية.
وأضاف التوم أن هذه الزيادة غير المسبوقة تتزامن مع قرب نهاية موسم الفيضان في سبتمبر/ أيلول، ما يجعل السيطرة على مناسيب النيل أكثر تعقيدًا ويضع السودان أمام "تهديد كارثي محتمل".
وحذر التوم من أن الوضع يتطلب تنسيقًا فوريًا مع السلطات الإثيوبية لضبط تصريف سد النهضة ضمن الحدود الطبيعية لمعدلات الوارد اليومية.
وحول تأثير ذلك على جنوب مصر، قال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة عباس شراقي، في تصريحات إعلامية، أمس الأحد، "كان زمان أسوان وجنوب مصر غارقة مثلها مثل السودان بالضبط إذا لم يكن لدينا السد العالي".
وأضاف أن منسوب السد العالي ارتفع بنحو مترين خلال سبتمبر/ أيلول بما لا يقل عن 15 مليار متر مكعب "هذه المياه كانت ستغرق مصر لو لم يكن هناك السد العالي، لأن أكثر من 95% من الشعب المصري يعيشون في الوادي والدلتا ومجرى النيل".
وخلال الشهر الحالي، افتتحت أديس أبابا سد النهضة على نهر النيل الأزرق دون التوصل إلى اتفاق مُلزم مع مصر والسودان بشأن قواعد الملء والتشغيل، فيما وجهت القاهرة خطابًا إلى رئيس مجلس الأمن إزاء انتهاء ملء وتشغيل السد الذي وصفته بـ"المخالف للقانون الدولي".
وزعم رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد خلال الافتتاح أن سد النهضة لن يكون مهددًا أو سببًا للخوف لدى الأخوة في الدول المجاروة، مضيفًا أن أديس أبابا "لن تضيع حق الجار، ولن تأخذ حقوق غيرها، ولا توجد أي رغبة للإضرار بالآخرين".
والسبت الماضي، قال وزير الخارجية بدر عبد العاطي إن "إثيوبيا أرادت مخالفة القانون الدولي وفرض الأمر الواقع ضمن سياساتها الأحادية المزعزعة للاستقرار في القرن الإفريقي وحوض النيل الشرقي، وأعلنت انتهاء سدها وأن ما مضى قد مضى".
وقال وزير الخارجية في كلمة مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الثمانين في نيويورك، إن مصر "لن تتهاون في حماية حقوقها وإننا قادرون على ذلك، ولن تقبل بسياسات أحادية تهدد حياة ملايين البشر في دولتي المصب"، وشدد على أن ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي "يكفلان لمصر ولشعوب المنطقة حماية مصالحها الوجودية في نهر النيل".
وهو ما أكده كذلك وزير الري هاني سويلم، قائلًا خلال تصريحات إعلامية أمس إن "هذا السد غير شرعي وسيظل كذلك، وعلى الأجيال الحالية والقادمة ألا تتطبع مع هذا السد وألا تتعامل معه كأمر طبيعي؛ إلا إذا تم التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لجميع الأطراف".
وعلق على النوايا الإثيوبية بإنشاء سدّين آخرين، قائلًا إن الدولة المصرية لديها سيناريوهات للتعامل مع الحالات المختلفة.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، أعلنت مصر انتهاء المسارات التفاوضية بشأن سد النهضة، مؤكدة في بيان لوزارة الري أنها ستراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأنها تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حال تعرضه للضرر.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن نهر النيل قضية ترتبط بحياة الشعب المصري وبقائه، كونه يشكل المصدر الرئيسي للمياه في البلاد، بنسبة تتجاوز 98%، مضيفًا أن الحفاظ على هذا المورد الحيوي هو "مسألة وجود".
وفي مارس/آذار 2024 أقرّ وزير الري بتأثر مصر بسد النهضة، لكنه أكد أن "الدولة المصرية قدرت تتعامل معاه بتكلفة ما"، مؤكدًا في الوقت ذاته أن "اتفاقية إعلان المبادئ بتقول لو تسبب السد في أضرار لدول المصب، فيه ثمن لازم يندفع، ولازم مصر هتطالب به في يوم من الأيام".