صورة متداولة على إكس
افتتح سد النهضة الإثيوبي، 9 سبتمبر 2025

إثيوبيا تفتتح سد النهضة.. ومصر تعترض لدى مجلس الأمن: لن نسمح بهيمنة أديس أبابا

محمد سليمان
منشور الثلاثاء 9 أيلول/سبتمبر 2025

افتتحت أديس أبابا سد النهضة على نهر النيل الأزرق، اليوم، بحضور عدد من الرؤساء الأفارقة، وذلك من دون التوصل إلى اتفاق مُلزم مع مصر والسودان بشأن قواعد الملء والتشغيل، فيما وجهت القاهرة خطابًا إلى رئيس مجلس الأمن إزاء انتهاء ملء وتشغيل السد الذي وصفته بـ"المخالف للقانون الدولي".

شارك في مراسم الافتتاح رؤساء كينيا وجنوب السودان والصومال وجيبوتي بجانب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة، بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين بارزين، وفقًا لوكالة الأنباء الإثيوبية إينا.

وخلال مراسم افتتاح السد، أعلن رئيسا جنوب السودان وكينيا اعتزامهما توقيع اتفاقية لشراء الكهرباء من سد النهضة.

وقال رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، إن سد النهضة لن يكون مهددًا أو سببًا للخوف لدى الإخوة في الدول المجاروة، مضيفًا أن أديس أبابا "لن تضيع حق الجار، ولن تأخذ حقوق غيرها، ولا توجد أي رغبة للإضرار بالآخرين".

وأضاف "إذا كانت هناك مجاعة في مصر أو مجاعة في السودان أو مجاعة في دول صديقة، فإن إثيوبيا ستكون معهم، ستتقاسم مواردها معهم وسيتقاسمون الموارد معًا".

من ناحيته، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في خطاب إلى مجلس الأمن، إن مصر لديها موقف ثابت في رفض الإجراءات الأحادية الإثيوبية كافة في نهر النيل وعدم الاعتداد بها أو القبول بتبعاتها على المصالح الوجودية لشعوب دولتي المصب مصر والسودان.

وأكد الخطاب أن مصر مارست أقصى درجات ضبط النفس واختارت اللجوء للدبلوماسية والمنظمات الدولية، ليس لعدم قدرتها على الدفاع عن مصالحها الوجودية، وإنما انطلاقًا من اقتناعها الراسخ بأهمية تعزيز التعاون وتحقيق المصلحة المشتركة بين شعوب دول حوض النيل.

وتابع: في المقابل، تبنت أديس بابا مواقف متعنتة وسعت للتسويف في المفاوضات وفرض الأمر الواقع، مدفوعة في ذلك بأجندة سياسية وليست احتياجات تنموية لحشد الداخل الإثيوبي ضد عدو وهمي، متذرعة بدعاوى زائفة حول السيادة على نهر النيل الذي يمثل ملكية مشتركة لدوله المتشاطئة.

وشددت مصر على أن أي تصورات مغلوطة بأن القاهرة قد تغض الطرف عن مصالحها الوجودية في نهر النيل هي محض أوهام، وأن مصر متمسكة بإعمال القانون الدولي في نهر النيل، ولن تسمح للمساعي الإثيوبية للهيمنة على إدارة الموارد المادية بصورة أحادية، وتحتفظ بحقها في اتخاذ التدابير كافة المكفولة بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن المصالح الوجودية لشعبها.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، أعلنت مصر انتهاء المسارات التفاوضية بشأن سد النهضة، مؤكدة في بيان لوزارة الري أنها ستراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأنها تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حال تعرضه للضرر.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن نهر النيل قضية ترتبط بحياة الشعب المصري وبقائه، كونه يشكل المصدر الرئيسي للمياه في البلاد، بنسبة تتجاوز 98%، مضيفًا أن الحفاظ على هذا المورد الحيوي هو "مسألة وجود".

وفي مارس/آذار 2024 أقرّ وزير الري هاني سويلم بتأثر مصر بسد النهضة، لكنه أكد أن "الدولة المصرية قدرت تتعامل معاه بتكلفة ما"، مؤكدًا في الوقت ذاته أن "اتفاقية إعلان المبادئ بتقول لو تسبب السد في أضرار لدول المصب، فيه ثمن لازم يندفع، ولازم مصر هتطالب به في يوم من الأيام".

واليوم، قال مصدر مطلع على ملف سد النهضة بوزارة الري، لـ المنصة، إن مصر ترصد أولًا بأول تطورات سد النهضة، وكميات المياه المتوقع وصولها إلى السد العالي، مضيفًا أن جميع الإنشاءات في السد اكتملت، لكن تركيب وتشغيل توربينات توليد الكهرباء لم تنتهِ.

وأشار المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى تشغيل 8 توربينات مما مجموعه 13 توربينة لتوليد الكهرباء من السد الإثيوبي، موضحًا أن التوربينات إلى جانب الفتحات داخل السد والمفيض العلوي جميعها منافذ لخروج المياه إلى السودان ثم مصر.

وأكد المصدر تمسك مصر بإبرام اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد التشغيل وكذلك إعادة الملء، موضحًا أن حالات الجفاف والجفاف الممتد، الذي قد تطول إلى 7 أو 10 سنوات أهم ما يشغل مصر.

وأضاف أن الإدارة الرشيدة للسد العالي مع وجود فيضانات مرتفعة خلال سنوات الملء الأول، ساهمت في عدم وصول الضرر إلى المواطنين، وأن التخوف يظل عند الجفاف حين يفرغ خزانا السد العالي وسد النهضة.

كما وصف مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير محمد حجازي، افتتاح السد الإثيوبي دون تنسيق مع دولتي المصب بأنه "عمل أحادي وعدائي وغير مسؤول"، مضيفًا أن هذه الخطوة "إضرار غير مسؤول بالأمن الإقليمي".

وقال حجازي لـ المنصة، إن استمرار النهج الأحادي الإثيوبي يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن والاستقرار في المنطقة، ويعرض مصالح وحقوق أكثر من 150 مليون مواطن مصري وسوداني يعتمدون على نهر النيل كمصدر رئيسي للحياة.