صفحة المجلس القومي لحقوق الإنسان على فيسبوك
اعتماد التقرير النهائي للمراجعة الدورية الشاملة لسجل حقوق الإنسان في مصر، 2 يوليو 2025

وسط انتقادات للحكومة.. اعتماد المراجعة الدورية لحقوق الإنسان بمصر

محمد الخولي
منشور الأربعاء 2 يوليو 2025

اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اليوم، التقرير النهائي للمراجعة الدورية الشاملة لسجل حقوق الإنسان في مصر/UPR، وبينما أعلن ممثل الحكومة المصرية خلال الجلسة "قبول 281 توصية من أصل 343 قدمتها الدول الأعضاء، بينها 45 منفذة بالفعل"، قال مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت في مداخلته إن الحكومة تتحدث عن "واقعًا موازيًا".

وكانت 137 دولة تقدمت لمصر بأكثر من 370 توصية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في جلسة انعقدت في 28 يناير/كانون الثاني الماضي، ودمج التقرير النهائي للمراجعة التوصيات المتشابهة ليصبح عددها النهائي 343 توصية مجمعة.

وغطت التوصيات طائفة واسعة من القضايا، كالتعذيب وتدوير المحبوسين والاعتقال السياسي والإخفاء القسري وسن القوانين المعيبة بشأن الإجراءات الجنائية واللجوء والجمعيات وملاحقة الصحفيين والحقوقيين والانتقاص من حقوق النساء وتراجع الإنفاق الاجتماعي.

وقال الممثل الدائم لمصر لدى الأمم المتحدة في جنيف السفير علاء حجازي، خلال بث مباشر للجلسة تابعته المنصة، إن التزام مصر بحقوق الإنسان هو "امتداد طبيعي لالتزامها الوطني بمبادئ الدستور المصري"، الذي يعتبر حقوق الإنسان جزءًا لا يتجزأ من النظام القانوني للدولة.

وأوضح أن مصر قبلت 281 توصية حقوقية، أي ما يعادل حوالي 82% من إجمالي التوصيات، وأحاطت علمًا بـ62 توصية أخرى لم يتم قبولها إما لاحتوائها على معلومات غير دقيقة، أو لتعارضها مع أحكام الدستور أو الخصوصيات الثقافية الوطنية.

وأكد حجازي "الالتزام باحترام مبدأ الفصل بين السلطات، وتعزيز استقلال القضاء باعتبارهما ركنين أساسيين في تعزيز وحماية حقوق الإنسان"، مشددًا على أن النيابة العامة تعد جزءًا من القضاء وتتمتع بسلطتي التحقيق والاتهام، و"تحرص على تعزيز ضمانات المتهم في مرحلة ما قبل المحاكمة".

وقال إنه "لا يوجد في مصر أي شخص محبوس بالمخالفة لأحكام القانون أو بمخالفة للمدد المنصوص عليها أو بالمخالفة للمدد المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية المصري"، مضيفًا أن "النيابة العامة تتوسع في استخدام بدائل الحبس الاحتياطي كلما كان ذلك ممكنًا".

وطالبت نقابة الصحفيين مرارًا بتبييض السجون من سجناء الرأي والمعارضين السلميين، والمحبوسين على خلفية قضايا تتعلق بالتضامن مع فلسطين، إلى جانب الصحفيين المحبوسين احتياطيًا، والعفو عن الصادر بحقهم أحكام في قضايا مماثلة.

وتحتل مصر المرتبة السادسة على مستوى العالم من حيث عدد الصحفيين المسجونين خلال العام الماضي، إذ بلغ عددهم 24 صحفيًا، من بينهم رسام الكاريكاتير في المنصة أشرف عمر، الذي أُلقي القبض عليه من منزله يوم 22 يوليو/تموز 2024، ولا زال قيد الحبس الاحتياطي حتى الآن، بتهم "نشر وإذاعة أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون".

وفيما يتعلق بعقوبة الإعدام، شدد حجازي على أنها "تُطبق فقط في الجرائم الأشد خطورة" وبعد استنفاذ كافة ضمانات المحاكمة العادلة، مع وجود "انخفاض ملحوظ" في حالات التنفيذ الفعلي. كما أشار إلى تطوير الفلسفة العقابية عبر استحداث "مراكز للإصلاح والتأهيل" تتسق مع المعايير الدولية.

ولفت إلى "طفرة" شهدتها حقوق فئات محددة كالمرأة والطفل والأشخاص ذوي الإعاقة، مشيرًا إلى زيادة تمثيل المرأة في المناصب القيادية والقضائية، وتغليظ العقوبات ضد العنف الموجه للأطفال، ودمج حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الاستراتيجيات الوطنية.

الحكومة في "عالم موازٍ"

وفي كلمته أمام المجلس، دعا رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر السفير محمود كارم، الحكومة إلى اتخاذ خطوات جادة لتعزيز المنظومة الحقوقية، مقدمًا حزمة من التوصيات الرئيسية التي تركز على الإصلاحات التشريعية والقضائية.

وطالب ممثل المجلس بضرورة "إعادة النظر في العمل بعقوبة الإعدام"، مع حصر تطبيقها على الجرائم الأشد خطورة فقط، ومراجعة القضايا المتعلقة بها وفقًا لضمانات المحاكمة العادلة.

وشدد على أهمية "تقليص مدد الحبس الاحتياطي"، كاشفًا عن جهود المجلس في إيجاد بدائل له، وداعيًا إلى ضمان رقابة قضائية فعالة على أماكن الاحتجاز ومساءلة المسؤولين عن أي انتهاكات.

وبشأن الحريات العامة، أوصى ممثل المجلس باستمرار العمل على تعزيز التشريعات المرتبطة بحرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، وضمان اتساقها مع الدستور المصري والمعايير الدولية، بالإضافة إلى تعزيز حرية العمل الصحفي في الفضاء المدني والإعلامي.

ويأتي موقع المنصة ضمن المواقع المحجوبة، وتعرض لذلك مرات عديدة، كان آخرها عقب إطلاق نسخة جديدة منه في يوليو/تموز 2022، وهذه كانت المرة الـ13 التي يُحجب فيها الموقع، ومنذ ذلك الوقت لا يزال محجوبًا.

وتضمنت التوصيات دعوة صريحة لتمديد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لتغطي الفترة من 2026 إلى 2030، مع وضع آليات تنفيذ ومؤشرات قياس واضحة بالشراكة مع جميع الأطراف، و"تعديل قانون المجلس القومي لحقوق الإنسان" لتعزيز استقلاليته.

في كلمتها أمام المجلس، قالت ممثلة الجامعة البهائية العالمية لدى الأمم المتحدة صبا حداد إن واقع البهائيين في مصر مختلف عما جاء في رد الحكومة المصرية، التي أكدت أنه لا يوجد تمييز على أساس العقيدة أو العرق أو الدين، وأن الجميع متساوون في الحقوق ويتمتعون بالحماية. 

وأكدت أن الدولة المصرية تواصل رفض الاعتراف بزواج البهائيين، مما يحرمهم من أبسط الحقوق المدنية والقانونية، مثل تلك المتعلقة بالإقامة والميراث، كما يحرم أطفالهم من حقوق أساسية كاستخراج شهادات الميلاد، والحصول على التطعيمات، والتعليم، كما تمنعهم السلطات من استخدام مقابرهم الخاصة.

وتابعت "اليوم، تواجه أم بهائية في مصر خطر الترحيل الوشيك والانفصال عن أطفالها، رغم وجود آليات متاحة للحصول على الجنسية المصرية".

وتمثل الجامعة البهائية العالمية المجتمع البهائي في أنحاء العالم، وهي منظّمة غير حكوميّة مسجلة لدى منظمة الأمم المتّحدة منذ عام 1948، وتتمتّع بالصفة الاستشاريّة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي ECOSOC، ومنظّمة الأمم المتّحدة للطفولة UNICEF.

وسبق أن أعربت في بيان أصدرته في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن قلقها إزاء ما وصفته بـ"تصعيد وتيرة سياسات اضطهاد المواطنين البهائيين في مصر"، مشيرًا إلى أن البهائيين يتعرضون للعديد من المضايقات والحرمان من الحقوق المدنية، وتفريق العائلات والمراقبة المكثفة من قبل أجهزة الأمن.

وفي كلمته، قال مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت إن معظم المصريين يودون "الانتقال للعيش في مصر التي يصفها تقرير الحكومة المصرية وردودها على توصيات المراجعة الدورية الشاملة لسجلها الحقوقي"، لافتًا إلى أن الحكومة "تصف واقعًا موازيًا، حيث تضمن حرية التنظيم والتجمع، وتحمي المدافعين عن حقوق الإنسان، وتكفل حرية التعبير في المجالين الرقمي والتقليدي".

وأضاف بهجت "تزعم الحكومة المصرية أن 43 من بين توصياتكم مُطبقة بالفعل في مصر، حيث يُجرّم التمييز والعنف ضد المرأة، بما في ذلك العنف المنزلي والاغتصاب الزوجي، وتقتصر عقوبة الإعدام على أشد الجرائم خطورة، ويتم التحقيق في حوادث التعذيب ومعاقبة مرتكبيها، ويتمتع المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالاستقلالية".

وتابع "أكثر المزاعم الحكومية فجاجة هو ادعاؤها بأن مصر خالية من السجناء السياسيين، وهو زعم يتعارض حتى مع تكرار الحكومة ذاتها الإشارة مرارًا إلى قرار رئيس الجمهورية عام 2022، تعيين لجنة العفو الرئاسي للعمل تحديدًا على ملفات عشرات الآلاف من المصريين المسجونين بتهم سياسية".

وأكد بهجت أنه "الآن صار من الضروري أن تُحوّل الحكومة المصرية هذا الخطاب الوهمي إلى أفعال حقيقية، باتخاذ خطوات عاجلة لإنهاء انتهاكاتها الجسيمة والمنهجية وواسعة النطاق، التي صارت تطال معظم قطاعات المجتمع المصري".

سبق وتقدمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بخمسة تقارير منفصلة لآلية الاستعراض الدوري الشامل قبل عقد الجلسة، تضمنت تقريرًا فرديًا قدم لمحة عامة حول تدهور الوضع الحقوقي منذ جلسة الاستعراض السابقة عام 2019، فضلًا عن تقارير جماعية شاركت فيها المبادرة مع منظمات أخرى، تناول أولها الانتهاكات المنهجية داخل منظومة العدالة الجنائية كالتعذيب والإخفاء القسري والمحاكمات غير العادلة وسوء أوضاع الاحتجاز.

فيما غطى الثاني حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان وإساءة استخدام قوانين الإرهاب لمعاقبتهم، وتطرق الثالث إلى أزمة حقوق النساء والفتيات في مصر، بينما خُصِّص الرابع لرصد انتهاكات الحريات الرقمية وحرية التعبير والإعلام. كما  أصدرت المبادرة المصرية تعليقًا على تقرير الحكومة المقدم للاستعراض الدوري الشامل حمل عنوان "الواقع الموازي".