تصميم أحمد بلال، المنصة، 2024
حكم دستوري يلزم البرلمان بالنظر في قانون الإيجارات القديمة 9 نوفمبر 2024

لتجنب أزمة إسكان جديدة.. بيان حقوقي يقترح 4 حلول للإيجار القديم

محمد نابليون
منشور الأحد 22 يونيو 2025

حذرت 6 مراكز حقوقية وبحثية معنية بالحق في السكن من مخاطر تحرير عقود الإيجار القديم في وقت واحد، على النحو الذي يتضمنه مشروع القانون المقدم من الحكومة إلى مجلس النواب، مؤكدة أن ذلك سيُحدِث أزمة سكن جديدة وحالة كبيرة من الخلل في السوق العقارية عند اضطرار مئات الآلاف من المستأجرين، نصفهم في القاهرة الكبرى، إلى البحث عن سكن بديل سواء بالإيجار أو التمليك في آن واحد.

واعتبرت المراكز الستة التي ضمت مكتبًا للمحاماة، في بيان لها اليوم أن التحرير المتزامن لعقود الإيجار سيزيد من مخاطر انتشار الممارسات الاحتكارية في سوق السكن، لما سيترتب على ذلك من زيادة في الطلب على الوحدات السكنية بشكل كبير على المعروض من ارتفاع مجحف في الأسعار، كما حدث أخيرًا مع موجات اللاجئين، مرجحة عدم عثور عدد كبير من المستأجرين على سكن بديل.  

وتجنبًا لتلك الأزمات، قدمت المراكز 4 مقترحات اعتبرتها تُوازن بين حقوق السكن وحقوق الملكية الخاصة عبر إقرار التعامل العادل مع العقود القائمة، ووضع زيادات قانونية لقيم الإيجارات ليست سوقيةً، ومنح دعم نقدي للفئات الأكثر احتياجًا، فضلًا عن التطرق لإصلاح منظومة الإيجار ككل، القديم والجديد معًا.

لا تحرير متزامن للعقود

وأوضحت المنظمات أن مواجهة مخاطر عدم الاستقرار المحتملة، تقتضي رفض التحرير الكلي للعقود الإيجارية، بحيث يكون الأساس في مشروع القانون الذي تتبناه الحكومة هو استمرار تلك العقود، استنادًا إلى حكم المحكمة الدستورية الصادر عام 2002، فضلًا عن اكتساب نسبة كبيرة من المستأجرين لمراكز قانونية تجعل علاقتهم بتلك الوحدات مختلفة عن الحيازة الإيجارية وتعد نوعًا من أنواع حقوق الانتفاع طويلة المدى.

وأكدت أن هذه النسبة اكتسبت مراكز الاستحقاق تلك عبر تسديد مبالغ تحت مسمى "خلو الرجل"، أو تشطيب الوحدات غير المكتملة في تاريخ استئجارها، بالإضافة إلى تسديد قيم الصيانة غير الدورية للعقار، مثل إصلاح أو تركيب بنية أساسية للمياه أو الكهرباء أو الترميم، والتي عادةً ما تكون مسؤولية المالك.

وفي حالات انتفاء الغرض السكني الأساسي، الذي يتطلب الحماية والصون، اقترحت المراكز الستة أن يتم السماح للمالك بطلب وحدة واحدة للاستعمال الشخصي له أو لأحد أقاربه من الدرجة الأولى، شرط بلوغهم سن الرشد، وذلك حال ثبوت عدم امتلاك الأسرة (الزوج والزوجة والأولاد القصر أو الأقارب من الدرجة الأولى المراد استرداد الوحدة لهم) وحدة سكنية أخرى غير مؤجرة إيجارًا قديمًا.

كما اقترحت أن يكون ذلك مقابل تعويض يحصل عليه المستأجر بواقع 10% من قيمة الوحدة القانونية "حسب مؤشر الضرائب العقارية"، على أن يتم استرداد الوحدة بعد فترة انتقالية يتم تقديرها بواقع  شهر عن كل سنة سكنها المستأجر في الوحدة.

أما باقي الوحدات التي انتفى غرض السكن لها، فاقترحت المنظمات إنهاء عقودها الإيجارية مع قابلية عمل عقود إيجار جديدة لها أو استردادها خلال 12 شهرًا من إقرار القانون، وذلك في حالات محددة تتضمن ثبوت تملك المستأجر "أو الزوج أو الأولاد القصر" وحدة سكنية أخرى، أو قطعة أرض زراعية قديمة داخل الزمام الزراعي تزيد على فدان أو قطعة أرض عمرانية تزيد على 100م2.

كما اقترحت أن تحرر الوحدة خلال 6 أشهر من إقرار القانون حال ثبوت غلقها أو عدم استخدامها بشكل دائم لمدة 9 أشهر في السنة أو أقل لمدة 3 سنوات، أو عند تأجير الوحدة من الباطن.

رفع قيم الإيجار بشكل قانوني

وفيما يخص رفع القيم الإيجارية عبر إقرار زيادات سنوية عليها، اقترحت المنظمات أن يجري ذلك وفقًا لحسابات قانونية وبعيدًا عن القيم السائدة بسوق الإيجارات، على أن يتم ذلك من خلال تأسيس الحكومة مؤشرًا رسميًّا لقيم الإيجار حسب تقديرات الضريبة العقارية، يُحدَّد على مستوى كل حي.

ونوه البيان بضرورة أن تطبق هذه الزيادات تدريجيًّا على مدار 5 سنوات تبدأ بقيمة 60% من هذا المؤشر وتزداد بنسبة 10% كل سنة حتى تصل إلى 100% من المؤشر، مع انتهاء السنوات الخمس، بعد هذه المدة، تزداد الأجرة بشكل سنوي يحدده مؤشر الإيجار الحكومي مستندًا إلى المعدل الرسمي لزيادة الأجور حسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وليس وفقًا لمعدل التضخم.

وشددت المنظمات على ضرورة أن تقدِّم الحكومة دعمًا لمحدودي ومتوسطي الدخل يساعدهم على تسديد الإيجارات الجديدة، والبقاء في الوحدات المؤجرة، مع وضع معايير خاصة لكبار السن وأصحاب المعاشات.

واقترحت أن يتم ذلك عبر تأسيس الحكومة برنامجًا لدعم إيجارات محدودي ومتوسطي الدخل، على أن يتبناه صندوق الإسكان الاجتماعي، وتكون الأولوية في الدعم للمستأجرين إيجارًا قديمًا، مع وضع معيار قانوني لنسبة الإنفاق على الإيجار من الدخل لا تتعدى 20% كحد أعلى، حسب الإحصاءات الرسمية من بحث الدخل والإنفاق، ويقوم البرنامج بدعم الفارق بين هذا الحد والإيجار القانوني الذي سيتم فرضه على الوحدات من قبل المؤشر الرسمي، مشددةً على ضرورة استمرار الدعم لفترة مفتوحة مع إعادة بحث الاستحقاق كل خمس سنوات.

إصلاح كامل للمنظومة

ولا تقف الأزمة عند تعديلات قانون الإيجار القديم وحده، بل توجد أهمية مُلِحَّة، حسب المنظمات، لإصلاح منظومة الإيجار الجديد التي ينظمها القانون المدني، التي لم يطرأ عليها أي تعديل أو تطوير منذ صدوره سنة 1948، باعتبار أن "الإيجار الجديد" هو الذي سينضم إليه نسبة كبيرة من المستأجرين القدامى حال تحرير وحداتهم أو إعادة التعاقد معهم، ورفع القيم الإيجارية للإيجار القديم على النحو الذي تضمنه حكم المحكمة الدستورية في إطار قانوني.

وطالبت المنظمات بتنظيم الأمر عبر مقترح "مؤشر الإيجار الحكومي" أيضًا، بحيث يطبق على مستوى كل حي وتتم مراجعته سنويًا، مع ضرورة وضع حد أدنى لفترات العقود لا يقل عن 5 سنوات مع قابلية طلب المالك للوحدة خلال المدة، فقط للاستعمال الشخصي على أن يتم تعويض المستأجر عن باقي المدة.

وأشارت المنظمات إلى ضرورة أن تتبنى الحكومة برامج تحفيز للإيجار لاستغلال الحجم الهائل من الوحدات المغلقة، التي تصل إلى 12 مليون وحدة حسب الإحصاءات الرسمية، من خلال إعفاء الوحدات المؤجرة لمحدودي ومتوسطي الدخل من الضريبة العقارية، وتأسيس جمعيات لفض المنازعات بين المالك والمستأجر والنص على اللجوء إليها أولًا قبل اللجوء إلى القضاء.

وحمل البيان توقيع كل من المفوضية المصرية للحقوق والحريات، وديوان العمران، ومؤسسة الإنسان والمدينة للأبحاث الإنسانية والاجتماعية، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومرصد العمران، ومكتب المحامي محمد عبد العظيم.

ومؤخرًا وافقت اللجنة البرلمانية المشتركة بمجلس النواب على تعديلات قدمتها الحكومة على قانون الإيجار القديم، وصفها النائب ضياء الدين داود بأنها "قنبلة موقوتة".

وسبق وحذر نقيبا المهندسين والأطباء من التداعيات الاجتماعية لتعديلات قانون الإيجار القديم المقترحة من الحكومة في وقت سابق، التي تتضمن إنهاء العلاقة الإيجارية بعد مرور خمس سنوات من تاريخ تطبيق القانون، معتبرين أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى "تفجير اجتماعي" يهدد استقرار ملايين المواطنين.

ومطلع مايو/أيار الماضي، حذَّرت المحامية بالنقض ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون انتصار السعيد من خطورة تداعيات مشروع قانون الإيجار القديم خصوصًا على النساء، مؤكدة لـ المنصة أنه "سيضع الساكن والمستأجر في مواجهة ويهدد السلم المجتمعي".

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا بعدم دستورية ثبات أجرة الأماكن المؤجرة لأغراض السكن الخاضعة للقانون رقم 136 سنة 1981، المعروف بقانون الإيجار القديم، وألزمت مجلس النواب بالتدخل "لإحداث التوازن في العلاقة الإيجارية".

وسبق ودعا الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2023 إلى ضرورة تحديث قانون الإيجارات القديمة، مشيرًا إلى أن مليوني وحدة "أصحابها ماتوا" فارغة وغير مستغلة بسبب هذا القانون.