بين خوض المنافسة على المقاعد الفردية وتشكيل قوائم مستقلة، لا يزال موقف الحركة المدنية الديمقراطية من خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة متأرجحًا.
رغم دعوة الحركة لحضور مؤتمر صحفي بمقر حزب المحافظين في وسط العاصمة، أمس، للإعلان عن موقفها من المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، خصوصًا بعد موافقة البرلمان على تعديل قانوني مجلس النواب والشيوخ وتقسيم الدوائر، انتهى المؤتمر دون إعلان قيادات الحركة عن موقفها لإتاحة الوقت للتدارس، ما ترك الباب مفتوحًا أمام جميع الاحتمالات، بين المشاركة على عدد من مقاعد الفردي أو تشكيل قوائم انتخابية، دون تلميح إلى احتمالية المقاطعة.
ركزت كلمات المتحدثين خلال المؤتمر، وجميعهم من قادة الأحزاب المنضوية في الحركة، على رفض وانتقاد قانون الانتخابات الذي يجمع بين النظام الفردي والقائمة المغلقة المطلقة، بدعوى تعارضه مع نصوص الدستور وعصفه بالتعددية السياسية وقتله للمنافسة، في وقت أكد المشاركون وجود رغبة حقيقية لدى الحركة المدنية لخوض الاستحقاق النيابي.
التعديلات التي تضمنت تغييرات محدودة في تقسيم الدوائر الفردي والقوائم المغلقة في ظل زيادة أعداد الناخبين المسجلين في الجداول الانتخابية، تطبيقًا للمادة 102 من الدستور التي تنص على التمثيل العادل طبقًا لعدد السكان، لم تتضمن أي زيادة في عدد أعضاء مجلس النواب أو الشيوخ.
ولم يتطرق المقترح إلى النظام الانتخابي الخاص بالقوائم الانتخابية، الذي شهدت جلسات الحوار الوطني قبل سنتين خلافًا بشأنه بين المعارضة والموالاة.

جانب من مؤتمر الحركة المدنية الديمقراطية في حزب المحافظين أمسانتخابات الحصان الواحد
اعتبر رئيس حزب المحافظين أكمل قرطام قوانين الانتخابات التي مررها البرلمان "مخالفة للمبادئ الدستورية" التي تنص على أن النظام السياسي في مصر يقوم على التعددية السياسية.
وأكد أن النظام الانتخابي الذي يجمع بين الفردي والقائمة المغلقة "لا يعطي فرصةً لأي منافسة سياسية ويتيح المجال لحصان واحد يركض بمفرده في المضمار"، على حد وصفه، متهمًا السلطة بعدم الرغبة في إحداث تغيير نحو الدولة المدنية الحديثة.
أما رئيسة حزب الدستور جميلة إسماعيل فاعتبرت الانتخابات البرلمانية المقبلة "فرصة جديدة ضائعة للخروج من عنق الزجاجة"، مشيرة إلى أن الحوار الوطني كان جزءًا من هذه الفرص الضائعة نظرًا لما مثله من آمال لفتح آفاق جديدة وإتاحة الفرصة للتعددية السياسية، إلا أن الرسالة التي وصلت لهم بتمرير هذا القانون تقول إن الانتخابات ستكون أقرب إلى التعيين.
"الإصرار على إعادة المشهد بحذافيره في تشكيل البرلمان المقبل رسالة لنا ببقاء الوضع على ما هو عليه، لأن التعددية السياسية في نظر القائمين على الأمور أصبحت لعبة كراسٍ موسيقية تتم كل 5 سنوات ويحصل على كراسيها المحظوظون فقط برضا القائمين على الأمور"، قالت جميلة إسماعيل.
وانتهت جلسات الحوار الوطني مطلع هذا العام إلى التوصية بإقرار نظام متوازن يجمع بين نظام القوائم النسبية الذي تطالب المعارضة بإقراره، ونظام القائمة المطلقة المعمول به حاليًا، ويضمن نجاح كل مرشحي القائمة التي تحصل على 50%+1 من الأصوات دون أي تمثيل من بقية القوائم، وتُصر الموالاة على استمرار العمل به.
موقف من قوائم الموالاة.. واتهام للمعارضة
أكدت الحركة المدنية خلال المؤتمر على موقفها الثابت من عدم الانخراط في أي تحالفات انتخابية تقودها أحزاب الموالاة، وهو ما جاء على لسان سكرتير الحزب الشيوعي المصري صلاح عدلي، اتساقًا مع موقفها السابق بعدم الانضمام لتحالفات مشابهة في انتخابات 2020، مستبعدًا في الوقت ذاته أن تلجأ الحركة لمقاطعة الانتخابات اعتراضًا على القوانين المنظمة لها "لسنا من أنصار القطيعة وندرس كل الخيارات المتاحة أمامنا".
وتتجه الحركة كذلك إلى التحرك في مسار قانوني لتعطيل القانون الحالي، إذ أعلن عضو الهيئة العليا لحزب المحافظين مجدي حمدان اعتزامه التقدم بطعن على دستورية التعديلات، على حد قوله.
وأوضح حمدان "التعديلات التي وافق عليها البرلمان تتجاهل التمثيل العادل للناخبين والكتل السكانية، فحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء 2023، البدرشين والعياط عدد سكانهم 553505 نسمة ومحدد لهم 3 مقاعد، وعدد سكان الوراق ومنشأة القناطر وأوسيم 889106 نسمة ومحدد لهم 4 مقاعد، بينما عدد سكان إمبابة والمنيرة الغربية 1045248 نسمة ومحدد لهم مقعدان فقط".
وشهد المؤتمر سجالًا بشأن الموقف من الانتخابات وعدم استعداد المعارضة لخيارات الإبقاء على النظام الانتخابي المعمول به منذ 2015 رغم أن المؤشرات كانت واضحة على عدم إحداث أي تغيير في النظام الانتخابي.
وبينما ألقى ممثلون عن الأحزاب الكرة في ملعب الدولة كونها أقصت المعارضة عن المشهد السياسي ومنعت أحزابها من العمل أو المنافسة، وفرضت حصارًا أمنيًا وإعلاميًا على أنشطتها، لم ينفِ آخرون أن المعارضة تعاني من حالة ضعف ويتسم أداؤها بالبطء في التفاعل مع المتغيرات السياسية.
"المعارضة متهمة من الكل، لكننا نواجه حصارًا وتأميمًا للسياسة منذ سنوات طويلة وهذا يحد من قدراتنا على العمل والانتشار.. شاركنا في الحوار الوطني ولم نقاطع وطرحنا البدائل أمام السلطة وكان الرد علينا نريد أن يكون البرلمان متجانسًا"، حسبما قال القيادي بحزب العيش والحرية تحت التأسيس أكرم إسماعيل.
بدوره، قال عضو مجلس أمناء الحركة المدنية الدكتور مصطفى كامل السيد إن أحزاب المعارضة أظهرت رغبة حقيقية في استبدال قوانين الانتخابات خلال مناقشات الحوار الوطني، إلا أن ممثلي السلطة أصروا على النظام الحالي باعتباره الأنسب.
وأضاف السيد، الذي شغل منصب المقرر المساعد للمحور السياسى بالحوار الوطني، أن ممثلي الحركة قدموا بدائل باعتماد القائمة النسبية بديلًا عن القائمة المغلقة مناصفة مع النظام الفردي، واقترحت كذلك نظام الـ50% من المقاعد للفردي و25% للنسبية و25% للمغلقة لضمان الدستورية والتمثيل النسبي، متابعًا "صانع القرار كانت أمامه بدائل لكنه اختار النظام الانتخابي الحالي الذي نراه يهدر أصوات الناخبين ويقضي على التنافسية".
وردًا على أسئلة الصحفيين حول تأخر المعارضة، قال قرطام "النظام الانتخابي لم يكن مفأجاة لنا كنا ندرك ذلك ومن الجيد عدم زيادة عدد مقاعد البرلمان"، موضحًا أن الحركة ترى أن لها حظوظًا في تمثيلها بالبرلمان من خلال إعداد قوائم مستقلة.
وفي تصريح لـ المنصة عقب ختام المؤتمر، قال قرطام إن الحركة تدرس الآن المشاركة في جميع القوائم على دوائرها الأربعة إلى جانب دعم بعض المرشحين على المقاعد الفردية، مؤكدًا قدرة الحركة على تشكيل قوائم كبيرة قادرة على المنافسة.
وتابع "القوائم بالنسبة لنا أفضل لو توافر مناخ انتخابي جيد نخوض فيه الانتخابات، لأن المقعد الفردي يعتمد على شعبية المرشح والملاءة المالية للإنفاق، أما القائمة فهي اختيارات سياسية واضحة".
كما أعرب عن أمله في عدم موافقة رئيس الجمهورية على تعديلات قانوني الانتخابات، اتساقًا مع المرحلة الحرجة التي تعيشها مصر في ظل اضطرابات المنطقة.
ويبلغ عدد مقاعد مجلس النواب 568 مقعدًا، إضافة إلى 28 نائبًا يُعيِّنهم الرئيس، ويُقسَّم الباقي مناصفةً بين النظام الفردي ونظام القوائم المطلقة. أما مجلس الشيوخ فيبلغ عدد أعضائه 300 يعيِّن الرئيس ثلثهم، وينتخب الثلث الثاني بالنظام الفردي، والثلث الأخير بنظام القوائم المغلقة.
وسبق أن قالت الحركة المدنية في بيان قبل أيام إن "الإصرار على تطبيق النظام الذي يهدر أصوات الناخبين ويحرمهم حق التمثيل، وتوسيع الدوائر بشكل يعزز فلسفة الاحتكار، يؤكد أن العملية الانتخابية تُدار بالكامل من قبل أجهزة الدولة".