وافق البرلمان نهائيًا على التعديلات التي تقدم بها زعيم الأغلبية عبد الهادي القصبي ومعه أكثر من عُشر أعضاء المجلس على قانوني مجلس النواب والشيوخ وتقسيم الدوائر، فيما رفض 5 نواب ذلك المقترح الذي يبقي على النظام الانتخابي القائم بالقائمة المغلقة والفردي.
وطالب 3 نواب خلال مناقشة التعديلات في الجلسة العامة لمجلس النواب اليوم بعودة الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، ورد عليهم وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي المستشار محمود فوزي "يا جماعة مين قال الإشراف اتلغى؟"، مضيفًا "الإشراف القضائي مستمر من خلال أعضاء الهيئات القضائية".
ويعرف الفصل الخامس من الدستور الهيئات القضائية بوصفها هيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية.
وتنص المادة 34 من قانون الهيئة الوطنية للانتخابات على انتهاء الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات بعد 10 سنوات من العمل بالدستور الذي بدأ العمل به في 18 يناير/كانون الثاني 2014، وبذلك يكون انتهى العمل به في 17 يناير 2024.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي أوصى الحكومة في مارس/آذار 2023 بإجراء تعديل تشريعي يسمح بالإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية.
وسبق أن أكدت مؤسسة دعم العدالة أن تمديد الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، وفي معزل عن الهيئة الوطنية للانتخابات، "مخالفة دستورية صريحة"، ما يعني عدم أحقية البرلمان في تعديل المادة 34 من قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، دون تعديل 3 مواد في الدستور الحالي للبلاد.
ووافق نواب حزب مستقبل وطن والشعب الجمهوري وحماة الوطن ومصر الحديثة وتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين اليوم على التعديلات التي تضمنت تغييرات محدودة في تقسيم الدوائر الفردي والقوائم المغلقة في ظل زيادة أعداد الناخبين المسجلين في الجداول الانتخابية، تطبيقًا للمادة 102 من الدستور التي تنص على التمثيل العادل طبقًا لعدد السكان.
ولم يتضمن المقترح أي زيادة في عدد أعضاء مجلس النواب أو الشيوخ، لكنه أعاد تقسيم الدوائر الانتخابية في ضوء عدد السكان، وحسب عدد الناخبين في كل محافظة.
ويبلغ عدد مقاعد مجلس النواب 568 مقعدًا، يُعيِّن الرئيس من بينهم 28 نائبًا، ويُقسَّم الباقي مناصفة بين النظام الفردي ونظام القوائم المطلقة. أما مجلس الشيوخ فيبلغ عدد أعضائه 300 يعيِّن الرئيس ثلثهم، وينتخب الثلث الثاني بالنظام الفردي، والثلث الأخير بنظام القوائم المغلقة.
وفرضت التعديلات الحالية التغيراتُ الديموغرافية المرتبطة بالزيادة السكانية، بالإضافة إلى استحداث مراكز إدارية جديدة في التقسيم الإداري لعام 2020، وذلك من أجل الالتزام بالنص الدستوري الخاص بالتمثيل العادل والمتكافئ للسكان والمحافظات في المجالس المنتخبة.
ولم يتطرق المقترح إلى النظام الانتخابي الخاص بالقوائم الانتخابية، الذي شهدت جلسات الحوار الوطني قبل سنتين خلافًا بشأنه بين المعارضة والمولاة.
وانتهت جلسات الحوار مطلع هذا العام إلى التوصية بإقرار نظام متوازن يجمع بين نظام القوائم النسبية الذي تطالب المعارضة بإقراره، ونظام القائمة المطلقة المعمول به حاليًا، ويضمن نجاح كل مرشحي القائمة التي تحصل على 50%+1 من الأصوات دون أي تمثيل من بقية القوائم، وتُصر الموالاة على استمرار العمل به.
ورفض النائب ضياء الدين داود تعديلات قانون مجلس النواب ومجلس الشيوخ وتقسيم الدوائر، مسترجعًا دعوة الرئيس للحوار "نتكلم حول مستقبل الحياة السياسية في هذا البلد، الذي استشعر الخطر بشأنه رئيس الجمهورية فدعا في أبريل/نيسان 2022 لحوار وطني للمناقشة حول مستقبل العملية السياسية في البلاد".
واعتبر داود أن استمرار العمل بنظام القائمة المغلقة المطلقة بنسبة 50% يؤدي لجمود الحياة السياسية، وقال إن الجميع اتفق في الحوار الوطني على "مخرجات أن يتغير النظام الانتخابي لنذهب لنظام متعدد أكثر رحابة"، وسأل عن مدى قدرة النظام الحالي على تمثيل الناس وتحقيق الرضا العام، وحذر "الرضا العام هو أساس ثبات أركان هذه الدولة في ظل وضع دول وضع إقليمي ودولي".
وقال "كلنا في الشارع، الناس مش راضية، الناس حاسة بالقلق، الناس عايزة اللي يمثلها بشكل حقيقي"، وطالب بالحفاظ على الضمانة الدستورية "الناس والناخب والنائب والمرشح يطمئن كون هناك قاضي على كل صندوق".
من جانبه، أوضح وزير الشؤون النيابية أن الحوار الوطني لم يصل إلى توصية محددة بشأن النظام الانتخابي. وقال "إن النائب تكلم عن أن القائمة النسبية كانت من مخرجات الحوار الوطني، اسمح لي أوضح أن الحوار ناقش بالفعل قضية التمثيل السياسي والنظام الانتخابي الأمثل واجتمعت القوى السياسية في عدد من الجلسات وكانت قضية النظام الانتخابي قضية خلافية لم يحدث عليها توافق"، موضحًا رفع 3 توصيات لرئيس الجمهورية.
فيما دافع رئيس حزب العدل النائب عبد المنعم إمام عن أداء المعارضة ومبادرتها في الحوار الوطني بتقديم سبع مشروعات قوانين، بعدما قال نائب رئيس حزب مستقبل وطن النائب علاء عابد "كنت أتمنى أن أرى مشروع قانون آخر من المعارضة".
بينما قال النائب أحمد الشرقاوي إن التعديلات المطروحة تعلن استمرار جمود الحياة السياسية، واستنكر عدم الوصول لنتائج جديدة بعد الحوار الوطني "القوى السياسية اجتمعت وبالفعل طلعوا 3 مقترحات هل من المنطق والعقل نجري حوار وطني نخرج منه زي ما دخلنا؟".
وفي السياق، أعلن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وحزب الإصلاح والتنمية وحزب العدل عن تأسيس "تحالف الطريق الديمقراطي"، وفي بيانهم أعلنوا اعتراضهم على قانون الانتخابات "الذي تنكر لمخرجات الحوار الوطني"، كما أكدوا التمسك "بحقنا في مقاومة ما نراه ردة عن المسار الذي جسده هذا الحوار، ونؤكد على أن إحدى أهم خطوات هذه المقاومة هي المشاركة من خلال هذا التحالف الذي نعلنه اليوم في الانتخابات المقبلة، لإعلان خطاب سياسي مختلف، يقدم للرأي العام والمواطن المصري بدائل أفضل".
وحسب البيان، قرر التحالف أن يخوض الانتخابات المقبلة في مجلسي الشيوخ والنواب على كل المقاعد الفردية "وفي نفس الوقت تتدارس أحزابه الموقف من المشاركة في القوائم عبر خيارات متعددة ومفتوحة. وقد تختلف المواقف فيما بينها إزاء القوائم، لكنها ستتمسك عبر هذا التحالف أو بالتنسيق والتعاون مع أي قوى أخرى بخوض الانتخابات على المقاعد الفردية".