كشف نقيب المحامين عبد الحليم علام لـ المنصة إن بعض الدوائر بمحاكم الاستئناف قررت اليوم شطب دعاوى المواطنين المنظورة أمامها، اعتراضًا على قرار نقابة المحامين إعلان الإضراب الجزئي عن العمل أمامها اليوم، ضمن الإجراءات التصعيدية التي تتبناها النقابة في مواجهة أزمة "رسوم الميكنة".
وأعلنت نقابة المحامين، الأحد الماضي، دخول أعضائها في إضراب عن الحضور أمام جميع محاكم الاستئناف على مستوى الجمهورية، احتجاجًا على قرار مجلس محاكم الاستئناف بفرض تلك الرسوم.
وأكد علام عزم النقابة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد هذه الدوائر لعدم التزامها بحق النقابة في الإضراب رغم إثباته في محاضرها، على نحو يمثل خرقًا للمواثيق الدولية وللدستور والقوانين التي كفلت حق النقابة في تنظيم الإضرابات.
وحول مدى التزام المحامين بقرار نقابتهم، قال علام إن نسبة نجاح الإضراب فاقت نسبة الـ95% في أغلب المحاكم، مؤكدًا أنهم مستمرون حتى مساء اليوم في متابعة الأمر، نظرًا لوجود دوائر استئناف تعمل بصورة مسائية.
من ناحيته، أوضح عضو مجلس النقابة ربيع الملواني أن 4 دوائر مدنية بمحكمة شمال القاهرة، رفضت الاعتراف بقرار النقابة العامة للمحامين بالإضراب الجزئي عن العمل اليوم، إذ قررت دائرتان منهما شطب كل الدعاوى المنظورة أمامهما، فيما مضت دائرتان أخريان قدمًا في نظر الدعاوى والفصل فيها متجاهلة قرار دفاع المدعين فيها بعدم إثبات حضورهم استجابة لقرار نقابتهم.
وأشار الملواني لـ المنصة إلى أن الإجراءات القانونية المنتظر اتخاذها من قبل النقابة إزاء تلك الدوائر، ستشمل إقامة دعاوى مخاصمة تطالب ببطلان قراراتهم وتعويض المتضررين عنها.
وتحدد الأحكام القضائية الغرض من دعاوى المخاصمة، في بطلان الحكم الصادر عن القاضي أو القضاة المخاصَمين، إذ تستند تلك الدعاوى إلى قيام القاضي أو القضاة بعملٍ أو بحكمٍ مشوب بعيبٍ أو أكثر من العيوب التي تضمنتها أسباب المخاصمة، بهدف حماية المتقاضين من القاضي الذي يُخلُّ بواجبه إخلالًا جسيمًا للأحكام التي لم يشترك في إصدارها أصلًا، ولو كان عضوًا في الدائرة التي أصدرت هذه الأحكام.
وحسب الملواني، فإن أسباب دعاوى المخاصمة متوفرة في تلك الحالات "لأن قرار الإضراب تم إخطار رؤساء محاكم الاستئناف به، ولم يكتفِ المحامون بذلك بل يثبتونه في محاضر الجلسات، باعتبار الإضراب حقًا دستوريًا للاحتجاج السلمي، وطالما تم إثباته من قبل المحامين في محاضر الجلسات استجابة لقرار النقابة، فينبغي على المحاكم الاستجابة له بوصفه عملا قانونيا مكفولا دستوريًا، أما وإنها لم تستجب فيعد هذا خطأ من جانبها يستحق المخاصمة والتعويض".
ونوه الملواني إلى أنه في الوقت الذي تخوض فيه نقابة المحامين معركتها ضد هذه الرسوم دفاعًا عن حقوق المواطنين وعدم تحميلهم أعباء مالية نيلًا للعدالة، تأبى محاكم الاستئناف إلا أن تلحق الضرر بهؤلاء المواطنين والمتقاضين منهم على وجه التحديد وتشطب دعاويهم المنظورة أمامها، قائلًا "عايز تتعنت مع المحامين اعمل ده في أمر لا يخص القضاء ولا يخص المتقاضين".
ونفى الملواني أن يكون شطب الدعاوى هو الإجراء العام الذي تبنته كل المحاكم، مؤكدًا أن دوائر الجنايات كانت في قمة الاستجابة لرغبات المحامين، لافتًا إلى أنه حضر شخصيًا لإثبات قرار النقابة بمحاضر جلسات محكمتي جنايات مصر الجديدة والجمالية، وبالفعل استجابت المحكمة لطلباتهم وقررت تأجيل رول قضايا كاملًا احترامًا لقرار النقابة.
وأكد الملواني أن نجاح الإضراب بالنسبة التي ذكرها النقيب جاء أيضًا بسبب تبني المحامين لملحمة قوية في التمسك بقرار نقابتهم، لافتًا إلى أن بعض رؤساء الدوائر جادلوهم في موقفهم من الرسوم استنادًا إلى قرارات صدرت من رؤساء محاكم الاستئناف بتخفيضها ووضع حد أقصى لبعضها، إلا أنهم كانوا يرفضون الحضور ويصرون على التمسك بموقف نقابتهم "في استجابة لائقة وراقية".
وفي السياق ذاته، نقلت الصفحة الرسمية لنقابة المحامين مشاهد من التزام أعضائها بقرار الإضراب في محاكم الجيزة وبورسعيد والأقصر وأسيوط والمنصورة والفيوم والقاهرة الجديدة وغرب طنطا والمنيا وجنوب الدقهلية ومطروح.
وشدد الملواني على أن النقابة ماضية قدمًا في استكمال إجراءاتها التصعيدية حال مواصلة مجلس رؤساء محاكم الاستئناف في فرض هذه الرسوم غير القانونية، قائلًا "لن يرضينا إلا إلغاؤها، وبالتالي ننتظر رد فعلهم، ورد فعل الدولة إزاء ذلك الأمر".
وتابع "ننتظر أيضًا أن يبادر رئيس الجمهورية إلى التدخل ونزع فتيل هذه الأزمة، قبل أن تلجأ النقابة إلى الدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة لأعضائها الذي يتجاوز عددهم نصف مليون محامي، لحشد أكبر عدد منهم بالمقر الرئيسي للنقابة بوسط القاهرة "ودي هتبقى حدوتة كبيرة مش صغيرة، هيكون مشهد غير مألوف ولا أحد يمكنه تدارك عواقبه".
وسبق لنقابة المحامين اتخاذ إجراءات احتجاجية أخرى، في مواجهة هذه الرسوم بدأتها بوقفات احتجاجية ثم الامتناع عن تسديد الرسم بخزائن محاكم الاستئناف لمدة ثلاثة أيام، ثم الامتناع لمدة يوم عن سداد أي رسوم بكل خزائن محاكم الجمهورية، غير أنها أكدت اليوم أن إعلانها لذلك الإضراب الجزئي، يأتي ردًا على تجاهل مجلس رؤساء محاكم الاستئناف لتلك الإجراءات الرمزية التي تم اتخاذها حتى اللحظة والتي "لم تسفر عن ثمة جديد، ولم تصغِ أو تعي آذان مصدري تلك القرارات لصوت المحامين رغم عدالة مطلبهم".
بدورها، أعلنت نقابة المحامين، اليوم، توقيعها عقوبة الإنذار على 61 محاميًا لم يلتزموا بتنفيذ قراراتها بوقف توريد الرسوم إلى خزائن المحاكم، مؤكدة أن قرارها جاء حرصًا على الالتزام بالقرارات النقابية وتنفيذها بما يحقق وحدة الصف المعني.
ونوه القرار بوقف جميع الخدمات النقابية للمحامين الموقع عليهم العقوبة، مع تنبيههم باتخاذ الإجراءات التأديبية حال تكرارهم المخالفة.
وبدأت أزمة الرسوم مطلع مارس/آذار الماضي بقرار أصدره رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار محمد نصر سيد استحدث بموجبه رسمًا جديدًا بمسمى "مراجعة الحوافظ" بواقع 33 جنيهًا عن كل ورقة، كما "يغالي في رسوم خدمات إصدار الشهادات لتصل إلى 60.5 جنيه للشهادة، وخدمة الحصول على صيغة تنفيذية من الأحكام التي وصلت إلى 242 جنيهًا"، حسب تصريحات سابقة لعضو مجلس نقابة المحامين ربيع الملواني.
وفي 8 مارس الماضي، أعلن مجلس النقابة العامة للمحامين رفضه لكل هذه القرارات "لتعارضها مع المشروعية الدستورية"، ملوحًا بوقف التعامل مع كل خزائن المحاكم بكل درجاتها في عموم الجمهورية كخطوة أولى في هذا الشأن.
وأكدت النقابة في بيان لها أن "فرض تلك الرسوم خلق مشكلات عديدة تمس حق التقاضي المكفول دستوريًا للجميع وتنال من حقوق المواطنين والمحامين"، منتقدةً عدم إشراكها في حوار مجتمعي قبل إصدارها "باعتبار أن المحامي هو جزء من المجتمع وشريك للسلطة القضائية بنص الدستور والقانون ويؤدي رسالة سامية".
وشكلت النقابة لجنةً داخليةً لإدارة الأزمة التي وصفتها بـ"الأمر الجلل والأزمة التي فُرضت على المجتمع المصري وعلى المحاماة، وتنال من حق التقاضي ودون مبرر مقبول، والتي انتهى الحاضرون إلى ضرورة مواجهتها وبكل الطرق القانونية المتاحة".