تصوير محمد نابليون، المنصة
جانب من احتجاجات المحامين ضد نظام الفاتورة الإلكترونية، 5 ديسمبر 2022

"تسعيرة أوراق القضايا" تثير غضب المحامين.. ولقاء مرتقب لبحث الأزمة

محمد نابليون
منشور الاثنين 3 مارس 2025

توالت منذ الأمس ردود الأفعال الغاضبة من قبل المحامين على قرار رئيس محكمة استئناف القاهرة إقرار رسوم جديدة مقابل بعض الخدمات التي تقدمها المحكمة، ومنها مراجعة حوافظ المستندات المقدمة من الخصوم، فضلًا عن إقرار زيادات على رسوم خدمات الميكنة التي كانت مقررة سلفًا، ما دفع نقابة المحامين للدخول على خط الأزمة بطلب نقيبها عبد الحليم علام لقاء رئيس المحكمة، حسبما قال عضو مجلس النقابة ربيع الملواني لـ المنصة.

ووفق الملواني، يستحدث القرار الجديد رسمًا جديدًا بمسمى "مراجعة الحوافظ" بواقع 22 جنيهًا عن كل ورقة، كما "يغالي في رسوم خدمات إصدار الشهادات من واقع الجدول التي زادت رسومها إلى 60.5 جنيه للشهادة، وخدمة الحصول على صيغة تنفيذية من الأحكام والتي وصلت إلى 242 جنيهًا".

وأشار الملواني إلى أن رسم المراجعة لم يكن موجودًا من قبل بالأساس، قائلًا "لما أنا أقدم في قضية حافظتين مستندات أو تلاتة فيهم 30 أو 40 ورقة، وألاقي رسم المراجعة حوالي 800 أو 1000 جنيه، ليصبح ذلك الرسم أعلى من رسم قيد الدعوى نفسه، وبالتالي فهذا محور رفضنا لتلك الرسوم".

ولا يرى الملواني مبررًا لاستحداث هذه الرسوم بقوله "مش لازم القاضي لما ييجي يُصدر الحكم يلاقي الحافظة تمت مراجعتها ورقة ورقة يعني، اللي بيحصل في المراجعة دي إن الموظف بيختم على الحافظة وبس"، لافتًا إلى أنه لا يرى داعيًا لإقرار تلك الرسوم سوى أن "وزارة العدل أفلست".

واعتبر الملواني جميع القرارات التي يصدرها رؤساء محاكم الاستئناف على مستوى الجمهورية بإقرار رسوم على إجراءات التقاضي، هي "قرارات تخالف وتتعارض مع نصوص القانون ومن الواجب عدم الاعتداد بها لأنها والعدم سواء، استنادًا إلى المبدأ الدستوري الخاص بعدم فرض الرسوم إلا بقانون".

وأشار الملواني إلى أن غضب المحامين من تلك الرسوم وصل إلى تلويح بعضهم بالامتناع عن الحضور أمام المحاكم "وليهم حق، هحضر ليه لما مجرد إجراء زي مراجعة الحافظة هدفع عليه 1000 جنيه، إيه المنطق اللي يخليني أحضر؟".

وأبدى الملواني تمسك النقابة بخيار الطعن على قرار فرض تلك الرسوم أمام محكمة القضاء الإداري، حال عدم حل الأزمة بالطرق التفاوضية.

وعلى خلاف ذلك الموقف، قلل المحامي الحقوقي وائل عبد الملاك، الذي سبق له الحصول على حكم بإلغاء رسوم قضائية مماثلة أقرتها محكمة المنصورة، من فاعلية خيار التقاضي في حل الأزمة، مؤكدًا أن الحكم الذي سبق له الحصول عليه رغم تأييده من المحكمة الإدارية العليا بصورة جعلته نهائيًا وباتًا وغير قابل للطعن، لم تنفذه محكمة المنصورة حتى الآن ومستمرة في فرض تلك الرسوم، رغم تسليم الصيغة التنفيذية للحكم لوزارة العدل قبل سنتين.

وعوضًا عن موقف وزارة العدل بشأن عدم تنفيذ تلك الأحكام، يرى عبد الملاك أن الباب قد أغلق أيضًا أمام صدور أحكام مماثلة بإلغاء تلك الرسوم من محاكم مجلس الدولة التي قررت في اتجاه حديث من أحكامها عدم اختصاصها ولائيًا بنظر الطعون على تلك الرسوم "وبالتالي أصبح من حق أي رئيس محكمة أن يحدد تسعيرة للأوراق وفق ما يتراءى له دون رقيب أو حسيب".

ونوه عبد الملاك لأن محكمة القضاء الإداري قضت بعدم قبول 26 دعوى قضائية أخرى طعنوا فيها على رسوم أقرتها محكمة المنصورة مقابل خدمات الميكنة، معتبرة أنها قرارات قضائية  لا تخضع لرقابة المحكمة وليست قرارات إدارية، وهو ما قال عبد الملاك إنه يجعل المبدأ الدستوري الخاص بعدم فرض رسوم إلا بقوانين في "طيّ النسيان".

وفي موقف آخر رافض لتلك الرسوم، طالب المحامي طارق العوضي، عضو لجنة العفو الرئاسي، بإلغاء القرار فورًا "لما فيه من مخالفة دستورية وقانونية صريحة"، مؤكدًا على "مبدأ مجانية مراجعة المستندات باعتباره جزءاً لا يتجزأ من حق التقاضي والدفاع".

وقال العوضي، في بوست على فيسبوك، إن ذلك القرار سيؤدي إلى عرقلة سير العدالة وتعطيل الفصل في القضايا "حيث سيضطر المحامون والمتقاضون إلى الامتناع عن مراجعة المستندات بسبب ارتفاع الرسوم، مما يؤثر سلبًا على جودة الدفاع وحق الأطراف في محاكمة عادلة".

وأكد العوضي أن من شأن القرار أن يزعزع ثقة المواطنين في مرفق القضاء ويخلق انطباعًا سلبيًا عن العدالة في مصر، خاصة وأن العدالة يجب أن تكون ميسرة وفي متناول الجميع دون عوائق مادية مبالغ فيها.

وحذر مما وصفه بـ"التداعيات الخطيرة" لاستمرار هذا القرار ومنها تراكم القضايا وتأخير الفصل فيها بسبب عجز الأطراف عن الاطلاع على المستندات، فضلًا عن احتمالية لجوء المحامين والمتقاضين إلى طرق التفافية قد تؤثر على نزاهة التقاضي.