أجرت وزارة الري تعديلات في مواعيد وكميات المياه المنصرفة من السد العالي تمهيدًا لاستقبال كميات "كبيرة" من المياه التي ستصرفها إثيوبيا من بحيرة سد النهضة استعدادًا لموسم الأمطار في يونيو/حزيران المقبل، حسب مصدر مسؤول بالوزارة لـ المنصة.
وقال المصدر، طالبًا عدم نشر اسمه، إن الوزارة اعتادت إطلاق كميات كبيرة من المياه خلال فترة الصيف لتلبية الاحتياجات المرتفعة للزراعة والشرب والأغراض المختلفة، مع تقليل الكميات المنصرفة في فصل الشتاء حيث تقل الاستخدامات.
وأشار المصدر إلى أن إثيوبيا ما زالت تحتفظ بكميات ضخمة من المياه في بحيرة التخزين بالتزامن مع تشغيل توربينات جديدة، مؤكدًا أن الوزارة تتابع من كثب تطورات المشروع وتستخدم نماذج رياضية للتنبؤ بكميات المياه المتوقع وصولها إلى بحيرة السد العالي.
وأعلنت إثيوبيا، مساء السبت، اكتمال 98.66% من سد النهضة وتشغيل 6 توربينات لتوليد الكهرباء.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي أعلن في مارس/آذار الماضي أمام برلمان بلاده أن سد النهضة الإثيوبي سيكون "حدثًا تاريخيًا" في بداية العام الإثيوبي المقبل الذي يوافق شهر سبتمبر/أيلول من كل عام، مضيفًا أنه خلال الأشهر الستة المقبلة، سيتم قص شريط افتتاح السد دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وأشارت وزارة الري، في بيان أمس ردًا على أنباء بشأن غمر أراضي زراعية بالمياه وتلف بعض المحاصيل، إلى أن تغير مواعيد إطلاق التصرفات العالية والتي نتج عنها ارتفاع مناسيب المياه وغمر أراضي طرح النهر يرجع إلى عدد من المتغيرات أهمها تغير هيدرولوجيا النهر (توقيت وكمية التصرفات الواردة من أعالي النيل) والضبابية التي تخيم على مواعيد وصول المياه وكمياتها إلى بحيرة ناصر، بالإضافة إلى التغيرات المناخية الإقليمية والمحلية وتأثيرها على ارتفاع درجات الحرارة وبالتبعيّة زيادة الطلب على المياه.
وذكرت الوزارة أن أراضي طرح النهر جزء أصيل من المجرى والسهل الفيضي لنهر النيل (أراضي لاستيعاب المياه مع زياده التصرفات)، وأن غمرها بالمياه أمر بديهي ومتعارف عليه على مدار السنوات بل العقود السابقة عند إطلاق تصرفات محددة في أوقات زمنية مختلفة على مدار العام في إطار منظومة متكاملة لإدارة المياه لضمان تحقيق الأمن المائي والاقتصادي والحفاظ على أمن وسلامة البنية التحتية للمنظومة المائية المصرية.
وأوضحت أنه نظرًا لوجود تعديات وزراعات وأحيانًا مبانِ مقامة بالمخالفة على هذه الأراضي منذ عشرات السنوات، والتي حرر محاضر مخالفات بشأنها "فمن الطبيعي أن يكون هناك حالات غمر كما يحدث كل عام عند زيادة التصرفات المائية".
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت مصر انتهاء المسارات التفاوضية بشأن سد النهضة، مؤكدة في بيان لوزارة الري أنها ستراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأنها تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حال تعرضه للضرر.
وكان وزير الري الدكتور هاني سويلم أقرّ في مارس الماضي بتأثر مصر بسد النهضة، لكنه أكد أن "الدولة المصرية قدرت تتعامل معاه بتكلفة ما"، مؤكدًا في الوقت ذاته أن "اتفاقية إعلان المبادئ بتقول لو تسبب السد في أضرار لدول المصب، فيه ثمن لازم يندفع، ولازم مصر هتطالب به في يوم من الأيام".
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال الرئيسي عبد الفتاح السيسي إن نهر النيل قضية ترتبط بحياة الشعب المصري وبقائه، كونه يشكل المصدر الرئيسي للمياه في البلاد، بنسبة تتجاوز 98%، مضيفًا أن الحفاظ على هذا المورد الحيوي هو مسألة وجود تتطلب التزامًا سياسيًا دؤوبًا وجهودًا دبلوماسية وتعاونًا مع الدول الشقيقة لضمان تحقيق الأهداف المشتركة.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أحاطت إثيوبيا، مجلس الأمن، بما وصفته بـ"تهديد مصر المتكرر باستخدام القوة" لإنهاء أزمة سد النهضة، زاعمة استعدادها لحل الخلافات من خلال مفاوضات حقيقية على أساس القانون الدولي.
جاء ذلك ردًا على خطاب وجهته مصر وقتها إلى مجلس الأمن، بشأن تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا، المتعلقة بالمرحلة الخامسة من ملء سد النهضة، وحجز كمية من مياه النيل الأزرق، مؤكدة أنها "غير مقبولة جملة وتفصيلًا".