كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء الاثنين حتى فجر الثلاثاء، استهدافاته لمنازل وتجمعات مواطنين وتكية طعام وخيام للنازحين في مناطق مختلفة من قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل أكثر من 80 شخصًا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى وصول عشرات الجرحى للمستشفيات، حسبما أفاد مصدر طبي في وزارة الصحة لـ المنصة.
وقال المصدر إن المستشفيات لم يعد بإمكانها الاستمرار في العمل في ظل استنزاف الكوادر الطبية والمستلزمات الأساسية، خصوصًا بعد استهداف الاحتلال عدة مخازن للمستلزمات الطبية في الأيام الأخيرة الماضية.
وأضاف "الأطباء مع كثرة أعداد الجرحى ومحدودية القدرة على تقديم الخدمات، أصبحوا يفاضلون بين حالات الجرحى ومن سيقدمون له خدمات".
وأوضح أن الوزارة والمستشفيات لم تتلقَ أي مستلزمات طبية منذ بداية مارس/آذار الماضي بسبب إغلاق الاحتلال للمعابر.
واستهدف الاحتلال، فجر الثلاثاء، منزلًا في بلدة بيت لاهيا شمال غزة، ما أدى إلى مقتل 6 من عائلة واحدة، وعدد من المصابين.
وقال مصدر صحفي لـ المنصة إن طائرة حربية استهدفت المنزل بصاروخ والناس نيام دون سابق تحذير، ما تسبب في دمار الجزء الأكبر من المنزل فوق رؤوس سكانه. وتابع "في أطفال طلعوا من تحت الركام يسألونا إيش صار؟ بعدين تحولت أسئلتهم إلى صراخ بعد مشاهدة أشلاء وجثامين عائلتهم حولهم".
وسبق هذه الجريمة استهداف الاحتلال مجموعة من الشبان شمال غرب مدينة غزة، وقال شاهد عيان لـ المنصة إن الاحتلال أطلق صاروخًا من مُسيرة على المكان وتبعه صاروخ ثانٍ من طائرة حربية، ما أدى إلى تمزيق أجساد 4 شبان.
وأضاف "طلعنا نجري للمكان، كانت أجسادهم متقطعه، حتى إن الناس التي تواجدت بالمكان، تعرفت عليهم بصعوبة".
وكثفت قوات الاحتلال الإسرائيلية المتوغلة، شرق مدينة غزة، فجر الثلاثاء، قصفها على حيي الشجاعية والزيتون بعشرات من القذائف، حسبما أفاد مصدران صحفيان لـ المنصة، مشيرين إلى سماع دوي الانفجارات المتتالية في مختلف أرجاء المدينة بالتزامن مع سماع أصوات تحرك الآليات العسكرية داخل المناطق الشرقية بشكل واضح.
وأكد المصدران وصول ضحيتين، طفل وامرأة، وعدد من الجرحى، مساء الاثنين، إلى مستشفى المعمداني وسط غزة، جراء عدة استهدافات إسرائيلية لمنازل المواطنين بحي الشجاعية.
وقال مصدر صحفي ثالث إن 6 ضحايا وأكثر من 10 جرحى وصلوا إلى مستشفى الشفاء غرب غزة، من ثلاثة استهدافات مختلفة، من قبل مُسيرات لمواطنين في الشوارع، من بينهم الطبيب محمود أبو عمشة، أحد أطباء مستشفى كمال عدوان، الذي قتل أثناء سيره في شارع الجلاء شمال غرب المدينة.
وقتل الاحتلال شابين في قصف آخر لمجموعة من المواطنين على مفترق الأمن العام، شمال غرب غزة، كما قتل ثلاثة في استهداف آخر بحي النصر غرب المدينة.
وارتفعت وتيرة القصف الإسرائيلي واستهداف المنازل في وسط قطاع غزة مقارنة بالأيام الماضية، حيث وصل إلى مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح 19 ضحية وعدد من الجرحى، حسبما أفاد مصدر طبي بقسم الطوارئ لـ المنصة.
وقتل الاحتلال 9 من بينهم 5 أطفال إثر استهداف منزل جنوب غرب دير البلح بصاروخ، كما قتل 6 في استهداف ثانٍ لمنزل في منطقة البصّة غرب المدينة. وقال شاهد لـ المنصة إن عددًا من المفقودين لا يزالون تحت الأنقاض لم تتمكن طواقم الدفاع المدني من انتشالهم.
واحترقت أجساد ثلاثة مواطنين من عائلة واحدة جراء قصف الاحتلال منزلهم غرب المدينة، وأفاد المصدر الطبي في مستشفى الأقصى بوصول الجثامين الثلاثة متفحمةً بالكامل.
وفي استهداف آخر لتجمع مواطنين في منطقة أبو العجين، جنوب شرق دير البلح، قتل الاحتلال شابًا وأصاب آخرين بجراح متفاوتة.
التكية والمقهى أهداف إسرائيلية
وفي جنوب قطاع غزة، وصل مُجمع ناصر الطبي 25 ضحية وعدد من الإصابات حتى فجر الثلاثاء، جراء استهدافات إسرائيلية بمدينتي خانيونس ورفح، حسبما أفاد مصدر طبي لـ المنصة.
واستهدف الاحتلال تكية طعام في المواصي غرب خانيونس بالتزامن مع وجود عشرات النازحين للحصول على وجبتهم اليومية، ما تسبب في مقتل 8 وإصابة أكثر من 30 شخصًا، غالبيتهم من الأطفال.
وقال شاهد لـ المنصة "كنا واقفين في طابور التكية وفجأة شفت أجساد بطير بالجو وناس مصابة بتنزف دم".
وقالت امرأة فقدت طفلها الذي كان يقف في طابور التكية لـ المنصة "راح إللي كان كل يوم يوقف بالطابور عشان ناكل، راح ابني بدون ذنب، طيب يا عالم إحنا إيش نعمل ووين نروح، وين في أمان، وين بدنا نخبي ولادنا إللي بنفقدهم واحد واحد كل يوم بالقصف".
وأوضحت أنها كانت تجلس في الخيمة مع إخوته في انتظار عودته عندما سمعت صوت انفجار قريب، لتسمع بعدها أحد الجيران يصرخ "قصفوا التكية"، مضيفة "حكولي يمكن متصاوب ونقلوه للمستشفى، إجيت لقيته شهيد، ابني حبيبي شهيد".
وقتل الاحتلال شابين في قصف استهدف مقهى بمدينة أصداء غرب خانيونس، فيما قتلت امرأة باستهداف خيمة نازحين بالمواصي.
كذلك قتل الاحتلال 5 مواطنين جراء استهدافات لتجمعات مواطنين وسط وشرق خانيونس، وقال مصدر صحفي لـ المنصة إن الدفاع المدني تمكن من انتشال 3 ضحايا من تحت الأنقاض.
وفي رفح، انتشلت طواقم الإسعاف مُسنًا وشابًا، إضافة إلى امرأة وزوجها الذي تعرض لإصابة خطيرة جراء استهداف الاحتلال خيمة في المواصي.
وما زال الوسطاء في مصر وقطر وأمريكا غير قادرين على إحراز تقدم في استكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد إتمام المرحلة الأولى منه بإطلاق حماس سراح 33 محتجزًا بينهم 8 قتلى، فيما أفرجت إسرائيل عن 1800 معتقل فلسطيني في سجونها.
وكان مقررًا أن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق بعد انسحاب إسرائيل من محور فيلادلفيا، لكن إسرائيل لم تنسحب ورفضت الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية وطالبت بتمديد المرحلة الأولى لتجنب الانسحاب، حتى جددت عملياتها العسكرية المكثفة في أنحاء غزة في 18 مارس/آذار الماضي.
ومؤخرًا، وافق مجلس الوزراء السياسي الأمني الإسرائيلي على اقتراح جيش الاحتلال بإنشاء وكالة عبور طوعي لسكان غزة "الذين يعربون عن اهتمامهم بالخروج إلى دول ثالثة، مع مراعاة أحكام القانون الإسرائيلي والدولي ووفقًا لرؤية ترامب".
وتُجبر هذه الخطوة، التي بدأت بالفعل، المدنيين الفلسطينيين الذين عادوا إلى منازلهم في شمال وجنوب قطاع غزة بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني الماضي على النزوح مرة أخرى.
وأصدر جيش الاحتلال، الاثنين الماضي، أوامر إخلاء لسكان مدينة رفح بالكامل، بالإضافة إلى بعض الأحياء جنوب شرق مدينة خانيونس، معلنًا المدينة بكل أحيائها منطقة قتال، ما تبعه موجة نزوح جديدة نحو منطقة المواصي.